رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد سقوط داعش.. كيف ساهم الإرهابيون في نشر الإلحاد؟ (تفاعلى)

جريدة الدستور

تُشير القاعدة الشعبية المتعارف عليها أن السبب الرئيسي للتطرف هو السلوك الحاد بين اليمين واليسار عبر التعمق الكامل بالبعد أو القُرب للدين، والذي يتحول بلا محالة إلى تغير أفكار الأشخاص وصولا إلى " الإلحاد". تدين ظاهري وسطحي، أقوال بعكس الأفعال ينشأ عنها نزاع فكري يتسبب في اللبس العقائدي وصولاً إلى الإلحاد بسبب اتخاذ الدين كوسيلة للوصول لأهداف شيطانية ترفضها البشرية والإنسانية، القتل هو المقصد الأول للوصول لأهداف تحكمية واستبدادية بإسم الدين الإسلامي، في حين أن الإسلام نشر السلام والتسامح بين الأمم ونبذ العنف، بعد انحسار دور داعش وتقويدهم ومُطاردتهم والقضاء عليهم من قِبل الجيش المصري في سيناء، أصبحت أماكنهم خاوية من تلك العقيدة الإجرامية التي كانوا يفرضونها بطرق مباشرة وغير مباشرة بنشر أفكارهم لمن حولهم، ومع ذلك الخلط بين الصحيح والخاطىء، ومع التخبط الفكري والتأثر النفسي بالأحداث أصبحت سيناء بيئة خصبة لإنتشار الأفكار الإلحادية التي ترفض الدين الإسلامي، وذلك بعد إستغلال "الدواعش" في نشر صورة ذهنية لشكل الإسلام من ملبس وتصرفات وفرض للقيود وقوانين مع تحليل بعض الآيات القرآنية بشكل خاطئ، وشرح والأحاديث الشريفة والاستناد على الضعيف منها وربطها بتعاليم الدين الإسلامي وهو برىء منهم ومن دمائهم. انتشار أفكار إلحادية في سيناء تستند معلومات انتشار " الأفكار الإلحادية" في أماكن اختفاء داعش، إلى دراسة لمرصد الأزهر بعنوان " أين ذهبت عناصر داعش؟"، والذي رصد أماكن سقوط التنظيم الإرهابي وأعدادهم التقريبية في الدول الآسيوية والأفريقية ومن ضمنها شبه جزيرة سيناء، إذ قامت بعض الجماعات الإسلامية المُتشددة بمُبايعة التنظيم الإرهابي والتي بدأت تتفكك مع الضربات الواسعة للقوات المسلحة المصرية، وعلى النقيض تماماً انتشر الإلحاد بين الشباب في المنطقة بعد القضاء على "داعش" في سيناء. ورجحت الدراسة، أن من أسباب انتشار الإلحاد بين الناس في المناطق التي كانت تسيطر عليها داعش إلى ضعف الوازع الديني بين الشباب وعدم التماسك أمام الظواهر الإرهابية المُرتبطة كذباً بالدين الإسلامي. "إن انتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم" يقول الإمام أبو حامد الغزالي، كما شرحه وفسره الشيخ أحمد كُريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، وذلك بالإستناد إلى الدراسة الاستقرائية الميدانية لمرصد الأزهر بشأن انتشار الإلحاد في المناطق التي تواجد بها داعش في سيناء. "أسوأ مثال على فهم الدين" يصف كُريمة هؤلاء الأشخاص الذين نشروا الدين الإسلامي بأفكار مُختلفة، قائلاً "التحريف والتجريف لصحيح الإسلام من الأشخاص الذي نشروا أنواع مُختلفة من الرؤى التي تتصل بالدين الإسلامي من فكر سلفي ودعوي وجهادي وإخواني وولاة الشيعة ومن يُسمون أنفسهم بالجهاديين، كانوا الأسوأ في التطبيق، في الوقت ذاته نجد أن هناك انتشارا للأمية الدينية بين الشباب، وعلى طبيعة الحال يقيس هؤلاء الأميون الدين على تصرفات هؤلاء الناس، رغم أنه من المفترض أن يُقاس الدين على المرجعية وليس البشر". "السبب في زيادة الإلحاد، ما يُشاهده هؤلاء الشباب من انتهاك أعراض وإتلاف أموال، وصول الشباب للنقطة الفاصلة قبل اتخاذهم قرارًا بأن يكونوا ضمن صفوف المُلحدين، فحدثت لديهم شكوك وردة عن الدين، هذا يُعطي إنذارًا على ضرورة غل أيادي المتطفلين والأدعياء عن الأعمال الدعوية".يُعلل استاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر. التدين الظاهري ونشر صورة سيئة عن الإسلام " تطوير الخطاب الديني وتأهيل أئمة جُدد لإستقبال هؤلاء الشباب، هو الحل الآن "هكذا يقول السيد حسين الباحث في الشؤون الإسلامية، ويُعلل أن سبب انتشار الإلحاد هو التدين الظاهري، وأن صفة الإلحاد ذُكرت في سورة الحج، والملحد لديه قُدرة على التأثير على من ليست لديه ثقافة دينية أو وعي كامل بالدين، ويرتبط انتشار الإلحاد في الأماكن التي انتشر بها "داعش" في سيناء إلى الصورة السيئة التي عرضتها "داعش" عن الإسلام ومفهوم الدين. مُحسن عبادي أستاذ في كلية الآداب قسم الإجتماع والنفس بجامعة قنا، أن أسباب انتشار الإلحاد يعود إلى نفور بعض الناس من الإسلام بعد نشر مُعتقدات خاطئة والتأثر بمشاهد اباحة القتل، وهي بعكس ما ترتبط به الأديان السماوية من سماحة ونشر السلام وذلك اختلافاً مع مُدعيها الذين يرتكبوا تلك الأفعال بعُنف وبشكل سادي. خريطة انتشار الإلحاد في مصر: وفقاً للمعلومات المتواردة فإن أغلب الأماكن التي انتشر بها الإلحاد في شبه جزيرة سيناء بمناطق "جنوب الشيخ زويد، العريش، وشمال وجنوب رفح" وهي نفس المناطق التي تواجدت بها داعش، وفقاً لخريطة التوزيع الآتية: في عام 2011 تسرب الفكر الجهادي على يد بقايا تنظيم التوحيد والجهاد وذلك في مناطق جنوب الشيخ زويد، جنوب رفح، ومزارع مطار العريش وشمال. في عام 2013 انتشرت العناصر المُسلحة الإرهابية في جنوب الشيخ زويد في قُرى حدودية يقطن أغلبها قبيلة السواركة وذلك في مناطق " التومة، الجورة، الفيتات، الظهير". في عام 2016 تجمعت العناصر المُسلحة الإرهابية في مناطق الظهير الصحراوي بالقرب من رفح والشيخ زويد والعريش، ويقطنها قبائل السواركة والرميلات. في عام 2017 انتشرت العناصر الإرهابية " داعش" في مناطق مزارع الزيتون وبئر العبد، وجنوب العريش. انتشرت قضايا الخلع بسبب انتشار الإلحاد في مصر، إذ وصلت في عام 2015 إلى 6500 قضية، ووصلت إلى عدد 8450 قضية في عام 2016.