رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

درس قصائد «هيجو» و«المتنبي».. نجيب الريحاني أديبًا

نجيب الريحاني
نجيب الريحاني

في بحثه عن مذكرات «نجيب الريحاني»، اكتشف الباحث علي غريب بهيج، أن الريحاني كان أديبًا، مستشهدًا بفقرات من هذه المذكرات، إلى درجة أن يقول أن الريحاني لو لم يكن فنانًا كبيرًا لكان من المحتمل أن يكون كاتبًا وأديبًا عظيمًا من أدباء الفكاهة مثل البشري والمازني وغيرهما.

والريحاني في هذه المذكرات أديبًا بمعني الكلمة، في الأسلوب وعناصر التشويق، واختيار الألفاظ الموحية، إلى غير ذلك، وأسلوبه لا يقل روعة عن أسلوب أي أديب متخصص، كما يقول بهيج، ولكي نتعرف على هذا الأسلوب نسوق طرفًا من هذه المذكرات عن سيرته الذاتية بقلمه.

يقول الريحاني: «أظن أن لا حاجة إلى الجمهور في أن أعود بالذاكرة إلى التاريخ الذي تلقفتني فيه كف العالم، فأقول مثلًا: أنني ولدت لخمس خلون من شهر كذا عام كذا.. أو أن ولادتي اقترنت بظهور كوكب دري في الأفق اعتبره أهلي طالع يمن وإقبال.. أو.. أو مما لا أرى فيه فائدة للقراء، ويكفي أن أقفز بهم إلى سن السادسة عشرة حين غادرت مدرسة الفرير بالخرنفش بعد أن تزودت بالمؤونة الكافية من تعلم وخبرة».

ويستطرد الريحاني مبينًا ولعه منذ الصبا، بالأدب، فيقول: «كنت في عهدي هذا أميل إلى دراسة آداب اللغة العربية، وأتوسع في الحصول على أكبر قسط من فنونها، ولاسيما الشعر وتاريخ الشعراء، ولم أكتف إذ ذاك بما كنت أتلقى في المدرسة، فجيء لي بمدرس خاص اسمه الشيخ بحر، كان يسر كثيرًا حين كنت ألقي بعض المحفوظات بصوت جهوري ونبرات تمثيلية وإشارات تفسيرية، وما إلى ذلك مما كان يعتبره الشيخ بحر نبوغا وعبقرية».

ويستأنف الريحاني مذكراته موضحًا توزع اهتمامه بين التمثيل والأدب، فيقول: «كانت المدرسة تكلف طلبتها بين وقت وآخر بتمثيل بعض الروايات على مسرحها، وكثيرًا ما كنت أندب لتمثيل الأدوار الهامة في هذه الروايات، وحين هجرت المدرسة اندمجت في سلك موظفي البنك الزراعي بالقاهرة، وتشاء المصادفات الغريبة أن يكون بين موظفي البنك الأستاذ عزيز عيد، الذي لم يكن عمله هذا يمنعه من موالاة التمثيل، وكانت أول رواية اشتركت في تمثيلها هي رواية (الملك يلهو)، وكان قد ترجمها أديب اسمه أحمد كمال رياض. ولم أكن في هذا الوقت أميل لـ(الكوميدي)، وكانت هوايتي منصبة على (الدراما) وحدها».

ويضيف الريحاني: «وكم كنت أستظهر قصائد (هيجو) وأشعار المتنبي، ولزوميات أبي العلاء المعري، ثم أخلو إلى نفسي في المنزل (وهات يا إلقاء) و(خد يا تمثيل)، حتى ضجت والدتي، وكاد (يهج) من في البيت كل إخوتي.. ومع ذلك لم أكن أعبأ بمثل هذه العراقيل».