رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يعنى إيه رجل شرقي؟.. التحليل النفسى لـ«أحمد فهمي» واللي زيه

أحمد فهمي
أحمد فهمي

«أنا رجل شرقى».. عبارة يرددها أغلب الرجال لتبرير غيرتهم الزائدة على زوجاتهم، أو لتمرير تصرفات قد تبدو شاذة فى نظر المرأة، أو تحمل صورًا من التحكمات وفرض الهيمنة على حياتها، تلك العبارة ربما نقبلها من رجل عادى، لكن أن تأتى على لسان مطرب وممثل، مثل أحمد فهمى، فقد يبدو الأمر غريبًا، باعتباره فنانًا من المفترض أن يكون فى الصفوف الأولى للمدافعين عن حرية المرأة. «فهمى» تعرض لهجوم من «السوشيال ميديا» بعدما صرح برفضه عمل زوجته، كمغنية، باعتبار أن ذلك يتنافى مع كونه «رجلًا شرقيًا»، وقال نصًا: «لازم نحط سقف طموح للست.. مينفعش نسيب الست تمرح»، لذلك سألت «الدستور» إخصائيين نفسيين، عن معنى مفهوم «الرجل الشرقى» وهل يعنى أن يتحكم الرجل فى المرأة؟

عبدالهادى: القوامة لا تعنى اعتبار حواء بلا وجود
الدكتور مدحت عبدالهادى، استشارى الصحة النفسية والعلاقات الزوجية، قال إن «الرجل الشرقى» هو الذى يقدر حجم المرأة فى المجتمع، باعتبارها المسئولة عن تنشئة الأجيال، ولا يعنى هذا المصطلح إطلاقًا التحكم فى الزوجة، وفرض سيطرته عليها، ومنعها من العمل، فلا بد أن يدرك أن هناك الآن طرقا عدة يمكن من خلالها للمرأة الانفصال عن زوجها.
وشدد «عبدالهادى» على أن «القوامة» ليس معناها أن الرجل يعامل المرأة وكأنها كرسى فى المنزل، بل تعنى أن يحتويها ويتحمل مسئولياته، بالإنفاق عليها وعلى أطفاله، وتنشئة الأبناء على معانى الرجولة، وأن الزواج شراكة تحكمها المودة والرحمة.
وقال استشارى الصحة النفسية إن هذا التفكير الذى يسيطر على بعض من الرجال هو السبب فى انتشار فكرة الرغبة فى الإنجاب دون زواج وسط العديد من الفتيات، التى ناقشها مسلسل «سابع جار»، خاصة إذا كانت المرأة تملك منزلًا خاصًا بها، وعملًا يوفر لها دخلًا ثابتًا، مضيفًا: «لذا علينا أن نربى فى أولادنا قيمة احترام ذات الآخر مهما كان جنسه».
علاء النجار، المحاضر الدولى المتخصص فى العلاقات الزوجية، رأى أن مفهوم «الرجل الشرقى» هو ذلك الشخص «مزدوج الشخصية»، فهو يقبل على نفسه أن ينظر لامرأة ترتدى ملابس قصيرة ولا يسمح لزوجته بالتفكير فى ذلك، ويزداد الأمر سوءًا بالتربية التى تتلقاها الفتاة منذ طفولتها، فتعتاد على الخوف، وعدم التعبير عن نفسها، لذا بمجرد أن يعمل الزوج على الحد من طموحها لا تجد ردًا سوى الموافقة.
وأضاف «النجار» أن من يتخذ ذريعة «الرجل الشرقى» لتبرير تصرفاته، يقدم نفسه باعتباره يحافظ على التقاليد، لكنه فى الحقيقة يحد من طموح المرأة، ويبدو متناقضًا إلى حد كبير، فالبعض منهم تعجبه المرأة العاملة، لكنه لا يفضل أن تعمل زوجته، مستدركًا: «الكثير من الرجال يفكرون بذلك المنطق العجيب».
وتابع: «الأمر فى الأساس يعود إلى تخلف مجتمعنا، مقارنة بمجتمعات أخرى، فنجد المرأة فى أمريكا والصين، على سبيل المثال، تقود القطار الذى يُطلق عليه (الصاروخ) وتقود الأتوبيس، فالمرأة هى نفس عقلية الرجل، بل إنها تستطيع أن تفعل أشياء كثيرة فى آن واحد بالمقارنة بالرجل فإنه لا يستطيع فعل ذلك».
واستكمل: «لكى نعمل على تغيير الفكر العقيم الذى يحمله بعض الرجال، علينا أن نغير من ثقافتنا بشكل جذرى، خاصة فى المدارس، لنعمل على تربية نشء قادر على التعامل مع المرأة دون أن يحمل أفكارًا عقيمة».
الدكتورة منى رضا، استشارى الطب النفسى، قالت إنه لا يمكن الحكم على تفكير الرجل الشرقى تجاه حقوق زوجته من خلال تفكير رجل واحد، فكل رجل تختلف طريقة تفكيره وفقًا لتنشئته وتربيته وظروفه، فهناك رجل يوافق على عمل المرأة تمامًا ويدعمها، لأنه نشأ فى أسرة تقدس قيمة العمل، ووالدته تعمل، فبالتالى يزيد دعمه للمرأة كلما شعر بعائد عملها على الأسرة من حيث الاستقلالية وتحسين الوضع المادى.
وأضافت: «هناك رجل يتفق هو وزوجته على أن تعمل لكن بشرط أن تكون للأسرة الأولوية، وإذا تعارض العمل مع الأسرة قد تترك العمل لفترات تربية الأبناء إذا كان عملها يسبب لها الإجهاد النفسى أو البدنى، وهناك نوع يرفض عمل المرأة إذا كان فى مجال قد يعرضها للتحرش مثل المجالات العامة والفنية، والتى تكون فيها عرضة للأضواء، فالمجتمع للأسف لا يميز بين الفرد ومهنته، ما يحد من حريته الشخصية فى بعض الأحيان».
وتابعت: «هناك بعض المجتمعات التى ليس من عرفها خروج المرأة يوميًا للعمل، ولهم كل الاحترام، طالما يسمحون للمرأة بتطوير نفسها أو العمل من المنزل، وذلك لأن عمل المرأة ينعكس على أبنائها، بما يتيحه لها من مواكبة للأحداث، وبما يضيفه من خبرات حياتية»، مختتمة: كلما زاد إحساس الرجل الشخصى بقوته، منح المرأة حريات أكثر لأنه يشعر أنه غير مهدد».

مواطنون: من حق الست تمرح بشرط الاتفاق.. والثقة بين الزوجين أهم معيار
منذ أصدر أحمد فهمى تصريحه المثير للجدل، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى بالجدل بين مؤيد ومعارض، ودارت نقاشات حول «التحرر، وحقوق الزوجة، ورؤية الرجل الشرقى لحقوق المرأة، وكيفية تحقيق التوازن فى الأسرة».
ورغم أن البعض وصف «فهمى» بـ«الشرقى المحافظ»، واتهمه آخرون بـ«الرجعية والتناقض»، إلا أن المثير فى الأمر أنها ليست المرة الأولى التى يفصح فنان عن عدم ارتياحه لدخول زوجته المجال الفنى.
فالفنان تامر حسنى قرر أن تتفرغ زوجته بسمة بوسيل لبيتها وأسرتها، وعدم استمرارها بالغناء، وبرر ذلك بأنه يخشى عليها من التعب، كما كان هناك تصريح للزعيم عادل إمام قال فيه من قبل فى ٢٠١٥ إنه يرفض احتراف ابنته للتمثيل خوفًا من «التقبيل».
واستطلعت «الدستور» آراء مجموعة من الجمهور، حول تلك الأزمة، وكانت البداية بـ«أحمد شقير» الذى قال: «حقوق المرأة بالنسبة لى هى ما أعطاه الله لها فى القرآن، ولا يصح أن أضع لطموحاتها سقفًا، فهذا ليس حقى، ومستحيل أن أقرر تدمير طموحاتها، بدعوى استقرار الأسرة».
وأضاف: «لو مراتى تريد الغناء سأدعمها إذا كان صوتها حلوًا، ولن أضع لها حدودًا معينة أو خطوطًا حمراء، فهى لو كانت تحبّنى ستراعى مشاعرى وحدودى المعروفة دون أن أطلب ذلك»، وعلق على تصريح أحمد فهمى تحديدًا بقوله: «حر هو وزوجته، وهذه حياتهما الخاصة».
واتفق معه رحيم أحمد، بقوله: «من حق الست تمرح وتطمح لأى درجة بلا حدود، وحدودها الوحيدة هى الثقة، وهو معيار منطقى لأى شخصين عاقلين ناضجين، كما أن الحب يجعل المرأة وفية وقلبها محصنًا أينما ذهبت، لكن التحكم الأعمى هو سمة أشباه الرجال ولا تقبله سوى النساء اللائى يكون أقصى أحلامهن هو الجلوس بالمنزل فقط والتنازل عن طموحاتهن».
وعارض بشدة تصريح «فهمى» وقال: «يعبر عن شخص محدود يروج لنمط حياة مناسب تمامًا لحياة الطحالب وبرمائيات العصر الجوراسى بكامل أحافيرها.. قالك الستات ماينفعش تمرح؟!!.. أمال لو الستات ما تمرحش مين هيمرح؟.. الستات خلقت لكى تمرح ونحن كرجال نعمل ونتعب من أجل مرحهن، ونابليون قال: (ما فائدة النصر إذا لم تقدمه لامرأة تحبها)».
ووضع حسام ورد لذلك «المرح» حدودًا: «من حق الست تمرح، ولا حدود لطموحها، بشرط ألا يتعارض ذلك مع استقرار الأسرة، وطالما لم تكن أنانية ومهملة للأبناء من أجل نفسها فقط.. لو زوجتى تريد الغناء سأكون سعيدًا لرؤيتها ناجحة، ولكن سيكون لدىّ بعض التحفظات على ملابسها، ورأيى فى تصريح أحمد فهمى أنه متأثر جدًا بالعادات والتقاليد الشرقية، لكن لدرجة قد تفقد المرأة هويتها الحقيقية».
ياسر عودة بدوره، قال: «أنا مع حرية المرأة، ولا يحق للزوج وضع حدود لها، فهى كائن مستقل تمامًا، لكنى لا أعتبر نفسى مقياسًا، لأنى سافرت منذ الصغر كثيرًا وهذا أعاد تشكيل ثقافتى، وبالطبع ليس لدى مانع أن تغنى زوجتى طالما كان غناءً محترمًا مثل شيرين وأصالة وفيروز».
وأضاف: «وبناءً عليه.. أحمد فهمى مثل الغالبية من الناس، ثقافة المجتمع عبر العقود رسخت لديهم فكرة أن الذكر أفضل وأقوم على النساء، وبالتالى يمنح نفسه الحق فى منعها من الغناء ومن أى شىء».