رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما لن يُنشر عن قضية شيخ الأزهر مع الصحافة إلا هنا«3»

محمد الباز يكتب: طنطاوي أمام المحكمة: أنا الأزهر.. والأزهر أنا

عادل حمودة - د. محمد
عادل حمودة - د. محمد الباز

وزارة الخارجية أرسلت خطابًا إلى شيخ الأزهر بتأجيل زيارته إلى الفاتيكان لكنه نفى أمام المحكمة
- قلت لشيخ الأزهر: هل الإساءة للزى الأزهرى تمثل إساءة للأزهر؟.. لكن القاضى قطع الحديث
- شيخ الأزهر رفض كل الوساطات من أجل الصلح بل طالب بمحاسبتنا أمام نقابة الصحفيين
- د. طنطاوى كان يريد إخضاع الصحافة بالترهيب مستخدمًا سلاح القانون


لم نكن نتوقع أبدًا أن يقبل الدكتور محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر الأسبق، المواجهة المباشرة معنا فى المحكمة، كان طلبنا أن يأتى بنفسه ومحاولة للالتفاف حوله وإحراجه، ووضعه فى «خانة إليك»، فحتمًا سيرفض.
كنا نعتقد أنه ليس معقولًا أن يُضحى الإمام الأكبر شيخ الأزهر بمكانه ومكانته من أجل أن يربح فى معركة فرضها هو علينا، لكنه خالف ظنوننا جميعًا، وضرب بتوقعاتنا عرض الحائط.
فى صباح الجلسة ١٦ سبتمبر ٢٠٠٨، وكانت فى أحد أيام شهر رمضان، جاء قبل الجميع، وكأنه يقول لنا: أنا معكم فى هذه المعركة حتى النهاية، ولن أترك لكم ساحة المحكمة أبدًا.
كان استقبال المستشار محمود سامى، رئيس المحكمة، لطلبنا بحضور شيخ الأزهر لمواجهته مقلقًا بعض الشىء، حيث قال: لا يمكن أن نطلب الإمام إلى المحكمة، فما هكذا يجب أن نتعامل مع رموزنا الدينية، وهو رمز دينى كبير وله حق التقدير والاحترام.
تمسكنا بموقفنا، فطلب القاضى من وكيل شيخ الأزهر أن يتصل بالإمام الأكبر تليفونيًا، ويسأله عن إمكانية مثوله أمام المحكمة لسماع شهادته، ولما جاءت الإجابة بنعم، قال القاضى نصًا إنه شرف لهيئة المحكمة أن يمثل أمامها شيخ الأزهر بنفسه ويتحدث اليها وتستمع منه.
اعتقدنا أن المستشار سامى يعلن بذلك هَواه واتجاهه فى القضية، وكان هذا تحديدًا سببًا من أسباب رد المحكمة الذى لم يُقبل، لكن ما جرى كان عكس ذلك تمامًا، حيث أدار القاضى الجلسة بحرفية واحترافية شديدة، وبدا وهو على المنصة واحدًا من أساطين القضاء الكبار، الذين يعملون على تأكيد حيادية المنظومة القضائية فى مصر ونزاهتها.
تابعت تقارير الصحف عن الجلسة فى اليوم التالى، فأسفت على ما وصلنا إليه، فلم يهتم أحد بتسجيل المباراة التى قام بها القاضى فى مواجهة شيخ الأزهر.
استمع المستشار محمود سامى إلى كل ما قاله الدكتور طنطاوى عن دوافعه فى تقديم البلاغ ضدنا، كان شيخ الأزهر غاضبًا بسبب ما رأى أنه مساس بهيبة المؤسسة الدينية التى يدافع عنها، وأنه لم يتقدم بالبلاغ إلا ليحافظ على وقار المؤسسة التى يريد الجميع أن ينالوا منها، ولم يُخف غضبه الشديد لأننا ألبسناه زِيًّا عليه المسيح مصلوبًا، وتناثرت عليه مجموعة من الصلبان، إذا إن هذا لا يليق برجل دين مسلم.
سجل كاتب المحكمة كل ما قاله الدكتور طنطاوى باهتمام، وبدأ القاضى فى عمله الذى جعلنى أطمئن إلى أنه لا ينحاز لأحد، ولا يميل هواه لجهة.
قال القاضى للدكتور طنطاوى: ما هى العبارات التى وردت فى مقال محمد الباز وشعرت منها بأنها تمثل إهانة لمؤسسة الأزهر؟
لم يبتلع الشيخ ريقه، وبدأ يُردد بعض العبارات التى وردت فى المقال وكان منها:
■ منذ سنوات طويلة، وأنا أطالب بعزل شيخ الأزهر د. طنطاوى، فهو دون غيره أفقد المنصب هيبته والعمامة قامتها.
■ هو دون غيره الذى تدنى بدور الأزهر واقتصر على دور الرقيب الذى يطارد الأدباء والمفكرين ويصطاد الأفكار ليكفر أصحابها.
■ هو دون غيره الذى جعل من الأزهر مطيّة يركبها الحاكم فى الوقت الذى يشاء وبالشكل الذى يريد.
■ إنه رجل لا يعرف أبدًا كلمة «لا» ليقولها فى وجه سلطان جائر، لكنه يقول نعم دائمًا وأبدًا.
■ إنه مستعد دائمًا لإصدار أى فتوى فى أى وقت إذا كانت سترضى عنه من بأيديهم مقاليد الأمور، وقد أدرك العاملون مع شيخ الأزهر كل ذلك، علموا أنه هان على نفسه فهان عليهم.
■ لم أصدق أحد العاملين فى المشيخة عندما قال لى إنهم يطلقون على الإمام الأكبر الدكتور طنطاوى اسم «سيد الترزى»، ولما استنكرت: قال: لا إن هذا هو الاسم الكودى له.
فوجئت بالقاضى يسأل الدكتور طنطاوى سؤالًا محددًا: يا مولانا إن هذ الكلام الذى قلته فى حقك أنت، وليس فى حق المؤسسة؟
فردّ الدكتور طنطاوى بما مثّل صاعقة للجميع، قال: لقد أساء إلى شخصى، وبالتالى فهو يسىء إلى مؤسسة الأزهر كلها، لأننى أنا الأزهر.
قرأت علامات الدهشة ترتسم بسرعة على ملامح القاضى، وعلى ملامح الموجودين فى القاعة باستثناء عدد من موظفى المشيخة الذين اصطحبوا الشيخ، فقدا بدا عليهم الاقتناع التام بما يقوله عن نفسه وعن المؤسسة.
رد فعل القاضى كان مطمئنًا لى على الأقل من الناحية القانونية، فقد تأكدت أنه ليس مقتنعًا بتهمة إهانة مؤسسة الأزهر، وعرفت لحظتها وكانت هذه الجلسة قبل الأخيرة فى القضية أننا سنواجه تهمة السب والقذف على أقصى تقدير.
كنت قد عرفت أن وزارة الخارجية أرسلت خطابًا إلى مشيخة الأزهر، بعد نشر مقالى بأيام، تطلب فيه من الدكتور طنطاوى أن يؤجل زيارته إلى بابا الفاتيكان لوقت لاحق، لأن الظروف غير مناسبة، وأنه استجاب لذلك.
أخبرت الأستاذ عادل حمودة بأمر الخطاب وما فيه، وحاولنا أن نحصل على نسخة منه لكننا فشلنا تمامًا.
وجود هذا الخطاب كان مفيدًا لنا من وجهة نظرنا على الأقل، فهو يعزز أن ما كتبته كان يصب فى المصلحة العامة، وأنه لم يكن هناك أى استهداف من أى نوع للدكتور محمد سيد طنطاوى بشخصه، وقد أخبرنا القاضى بهذه المعلومة، على أمل أن يضعها فى اعتباره ونحن نتحدث عن حسن نيتنا فيما فعلناه.
المفاجأة هذه المرة كانت من القاضى، وجدته يقول للدكتور طنطاوى: وما قولك يا مولانا فى أن وزارة الخارجية أرسلت لك خطابًا تطالبك بتأجيل الزيارة، وأنك استجبت؟.
دون أن يفكر قال الدكتور طنطاوى: لا لم يحدث هذا على الإطلاق، وأنا لا أتلقى أوامر من أحد، ولو جاءنى هذا الخطاب لرفضته.
كانت هناك مفاجأة كبرى، مدّ القاضى يده فى الملف الذى أمامه، وأخرج منه ورقة، وقال للدكتور طنطاوى: لكن يا مولانا هذا هو نص الخطاب الذى أرسلته وزارة الخارجية، وجدته بين مستندات الحافظة التى أرسلتها المشيخة.
تنفست بعمق، فالدليل الذى كنا نبحث عنه ولم نجده، ساقته الأقدار فى طريقنا، وكانت المشيخة هى التى قدّمته بنفسها ضمن المستندات التى أرادت أن تديننا بها.
توقعت أن يتراجع شيخ الأزهر عما قاله، أو على الأقل يعلل ما قاله بأنه جاء على سبيل السهو والنسيان الذى لا يؤاخذنا الله عليهما، نظر إلى معاونيه، وقال: أنا لا أعرف شيئًا عن هذا الخطاب، وهذه أول مرة أراه فيها، وهو ما قدّره المستشار محمود سامى، فلم يلحّ على الدكتور طنطاوى أكثر من هذا.
لم تكن هذه هى الورطة الوحيدة التى وجد شيخ الأزهر نفسه فيها، فقد جاء دور المواجهة، وأعتقد أنه لم يخرج منها رابحًا.
سأل القاضى الأستاذ عادل حمودة: هل تريد أن تسأل الإمام الأكبر سؤالًا؟
تقدم عادل حاملًا معه بعض الأوراق التى لاحظت أنه يمسك بها من بداية الجلسة، وقال للشيخ: سوف أسألك سؤالًا وأريدك أن تجيبنى عنه بصراحة: هل صحيح أن هناك بعض الموظفين فى المشيخة ارتكبوا مخالفات مالية وإدارية الأسبوع الماضى وأنك لم تقدمهم للنيابة.. أنا عندى الوقائع كاملة وبالمستندات ومستعد لتقديمها إلى المحكمة؟.
تدخل القاضى على عجل، وقال: السؤال مرفوض، لكن الدكتور طنطاوى لم يصمت، وقال بصعيديته التى كان يعتز بها: يه يه يه، إنت جَى تلبسنى قضية تانية كمان؟
كان الأستاذ عادل يخطط لإحراج شيخ الأزهر، ورغم أن الوقائع التى سردها كانت صحيحة، فإنها كانت خارج سياق القضية، ولذلك لم يستمع إليها أحد، وحتى الآن لا أعرف مراده ومقصده من هذا السؤال، وهل استشار فيه محاميه، أم أنه أقدم على ذلك من نفسه؟.
جاء دورى، سألنى القاضى السؤال نفسه: هل تريد أن توجه سؤالًا للإمام الأكبر؟
تقدمت من المنصة، ليدور بيننا حوار سريع جدًا، أنهاه القاضى بنفس الطريقة: السؤال مرفوض.
أنا: يا مولانا ما هذا الزِّى الذى ترتديه؟
طنطاوى بتأفف واضح على ملامح وجهه: ده الزِّى الأزهرى يا سيدى... ليه؟
أنا: هل هناك آية فى القرآن الكريم أو حديث شريف صحيح يحددان ملامح الزِّى الأزهرى الذى ترتديه؟
طنطاوى مواصلًا تأففه: لا مفيش.
أنا: هو إذن ليس إلا زيًّا اجتماعيًا وأى حديث عنه لا يمثل إساءة إلى الأزهر أو الإسلام... أليس كذلك؟
استوقفنى القاضى منهيًا هذا الحوار الذى أردت منه التأكيد أن الزِّى الأزهرى ليس مقدسًا، وأنه لا توجد آية ولا حديث يتحدث عنه، وعليه فلا داعى من الأساس لتهمة إهانة المؤسسة أو إهانة الإسلام التى بدأت تتسرب بين كلمات مناصرى شيخ الأزهر.
بحضور شيخ الأزهر إلى المحكمة كان القاضى قد استجاب لكل طلباتنا ولم يعد لنا إلا مرافعة الدفاع، وهو ما استدعى تأجيل الجلسة إلى يوم ١٢ أكتوبر ٢٠٠٨.
خرجنا من دار القضاء العالى، وبعد دقائق عرفنا خبر سقوط صخرة الدويقة، ووفاة عدد كبير من سكان المنطقة، كان الحادث مؤسفًا ومزعجًا جدًا، لكننى توقفت أمام ما قاله أحد الذين حضروا المحاكمة، تعليقًا على الحادث.
قال: طبيعى جدًا أن تسقط الصخرة على رءوس الناس، ولا يقول لى أحد إنه ابتلاء من الله، هو غضب كامل، فكيف يرضى الله عن بلد شيخ الأزهر فيه يكذب وهو تحت القَسم.
أمسك الموجودون فى المحكمة بنفى شيخ الأزهر لخطاب الخارجية الذى واجهه به القاضى، واعتبروا ما قاله كذبًا واضحًا، والجريمة الكبرى أنه فعل ذلك وهو تحت القَسم... والله العظيم أقول الحق ولا شىء غير الحق.
تحرك المجتمع الصحفى كله معلنًا التضامن معنا.
عقد الزميل والصديق محمد عبدالقدوس مؤتمرًا فى نقابة الصحفيين معلنًا تضامنه معنا كرئيس للجنة الحريات بالنقابة، ويومها تحدث كثيرون: عبدالله السناوى، ووائل الإبراشى، وإبراهيم عيسى، وعادل حمودة.
كانت هناك محاولات للصلح، وكان شيخ الأزهر يتعزز ويتعالى على الموقف كله، ويومها فى نقابة الصحفيين قلت موقفى، بأننى لن أقبل بالصلح أبدًا، فنحن لسنا فى خلاف مع شيخ الأزهر على ميراث، ولكن القضية ترتبط بحرية الصحافة، ثم إننا على استعداد تام لأن ندفع ثمن مواقفنا.
أنهيت كلمتى وذهبت إلى مقعدى الذى كان إلى جوار الأستاذ عادل حمودة على المنصة، فابتسم وقال لى: مفيش فايدة فيك... تمن إيه اللى انت عاوزنا ندفعه؟!، فقلت له: الراجل عمره ما هيتصالح، ومفيش داعى نتعامل مع الموقف برفق، على الأقل نقول الكلام اللى يحفظ ماء وجهنا وكرامتنا، يعنى هيبقى موت وخراب ديار يا أستاذ عادل.
لم يتأخر الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد الذى كان وقتها نقيبًا للصحفيين عن بذل ما يستطيعه من جهد لإنهاء الأزمة، ذهب ومعه مجلس النقابة كاملًا، وطرح على الدكتور طنطاوى الصلح بينه وبين الجريدة، وعرض عليه أن تنشر الجريدة اعتذارًا وافيًا له، وبعد أخذ ورد، أصر الدكتور طنطاوى على موقفه، فقد قرر أن يصل بنا إلى النهاية، خاصة أنه كان مدعومًا من جهات كثيرة، أقنعته بأن مصيرنا سيكون حتمًا إلى السجن، ويبدو أنه كان يريد أن يسجل لنفسه فضل الدفاع عن هيبة الأزهر، وتلقين الصحفيين درسًا لن ينسوه، حتى لا يجرؤ أحد على الاقتراب من المؤسسة بعد ذلك.
نشرت الصحف تقارير عن لقاء وفد نقابة الصحفيين الدكتور طنطاوى، فقد عرض نقيب الصحفيين على الإمام الأكبر كل الضمانات اللازمة لتحقيق الصلح، منها إحالة القضية إلى مجلس النقابة الذى يضم لجنتين للتحقيق والتأديب، على غرار قيام العديد من الجهات بإحالة شكواها من الصحف إلى النقابة.
عرض وفد النقابة أيضًا على الدكتور طنطاوى حلًا آخر، قالوا له: من حقك أن ترد على ما ذكرته جريدة الفجر، وسنُلزمها بنشره بحيث تكون المساحة ضعف مساحة التحقيق «ما نشرته كان مقالًا ولم يكن تحقيقًا»، لكن شيخ الأزهر رفض المصالحة تمامًا، وطالب النقابة بوضوح بمحاسبة الصحفيين والجريدة، لكن وفد النقابة قال له بصراحة: لا يمكن أن نحاسب الصحفيين مرتين على تهمة واحدة.
كانت هناك محاولات من البعض لتصوير الأمر على أن شيخ الأزهر يستهدف عادل حمودة وحده، وأنه لا يفعل ذلك من تلقاء نفسه، حيث هناك من يحرضه، وكان هناك من يقول إن الشيخ يستهدفنى أنا، وإنه كان يشكو من استهدافى له سنوات طويلة بمقالات كان بعضها أكثر حدة من مقال «شيخ الفاتيكان الأكبر»، لكنه استطاع أن يصطادنى بالصورة التى نشرتها الجريدة مع المقال.
سألت الزميلة عبير سعدى التى كانت عضو مجلس نقابة الصحفيين وقتها، وهى بالمناسبة دفعتى فى كلية الإعلام – تخرجنا فى نفس الدفعة ١٩٩٧ – عما جرى فى الاجتماع ولم ينشر، فضحكت وقالت: الراجل شايلكم الحقيقة على دماغه، وكان حادًا جدًا لما اتكلم عنك أنت والأستاذ عادل.
أحد أعضاء مجلس النقابة تطوع وقال لشيخ الأزهر، إن محمد الباز ليس عضوًا بنقابة الصحفيين ولذلك لن نستطيع أن نطبق عليه لوائح القانون الخاصة بالأعضاء، فأمسك الدكتور طنطاوى بالكلمة، وقال: يا سلام يعنى مش صحفى كمان، فردت عبير سعدى: لا يا مولانا هو ليس صحفيًا فقط، ولكنه يدرس الصحافة فى كلية الإعلام جامعة القاهرة، فهزّ الشيخ رأسه وقال: يعنى أستاذ جامعة كمان.
الغريب فى هذا اللقاء ما قاله شيخ الأزهر عنّى، ونقلت لى جانبًا منه عبير سعدى، فقد قال لهم: أنا دخلت المحكمة وكان محمد الباز واقف جنبى وكتفه فى كتفى، ولم يسلم على وتجاهلنى تمامًا، وكان عجيبًا أن أسمع هذا الكلام، فالشيخ جاء المحكمة ليبذل جهدًا مضاعفًا ليدخلنى أنا وأستاذى عادل حمودة السجن، فهل كان ينتظر منّى أن أرحب به، أو حتى أسلم عليه؟!!!
من بين محاولات تكسير الأرض تحت قدمى شيخ الأزهر، كان الحوار الذى أجراه معه وائل الإبراشى فى برنامجه «الحقيقة»، وهو الحوار الذى حظى بنسبة مشاهدة عالية، فقد كانت القضية بالفعل محل اهتمام الجميع، ورغم أننى لم أستمع لهذا الحوار ولم أهتم به، فأنا لم أكن أصدق الرجل أبدًا، إلا أننى عرفت أن الإبراشى حاول توريط الإمام الأكبر أكثر من مرة.
وقع شيخ الأزهر فى فخ الإبراشى بالفعل، هاجمنا بشدة وطالب بتوقيع أشد العقوبات علينا، وهو ما كان مبررًا لنا لنقاضيه بتهمة التأثير فى هيئة المحكمة، وبالفعل تقدمنا ببلاغ إلى النائب العام بهذا المعنى، لكن لم يلتفت أحد إليه، ربما لأن الجهات القضائية كانت تعرف أن مساحة الكيد السياسى فى القضية من الطرفين بلغت درجة لا يمكن احتمالها.
كانت القضية التى ملأت الدنيا وشغلت الناس معروفة ومحددة الملامح، صراع بين المؤسسة الدينية والصحافة.
رأس المؤسسة الدينية يريد إخضاع الصحافة بالترهيب مستخدمًا سلاح القانون، وهذا حقه تمامًا لا يستطيع أحد أن ينازعه فيه.
والصحافة ممثلة فى بعض أبنائها الذين يريدون لها أن تتنفس، وتمارس دورها الذى منحه لها القانون أيضًا، دون أن يعترف لها أحد به، وأعتقد أن الصحافة انتصرت فى كل مراحل هذه القضية، وكان الانتصار الكبير الساحق فى الجلسة الأخيرة رغم أننا خرجنا بعد أن دفعنا غرامة ١٦٠ ألف جنيه، وهى الغرامة الكبرى فى تاريخ قضايا النشر فى مصر.
أمّا كيف انتصرنا فى هذه المعركة؟
فهذه قصة كاملة جرى فيها ما جرى.