رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالتفاصيل والوقائع.. الإخوان والنور «ترانزيت» الإرهابيين لـ«داعش»

جريدة الدستور

تواصل «الدستور» نشر أوراق تحقيقات نيابتى أمن الدولة العليا، وشرق القاهرة العسكرية، فى القضية رقم 672 لسنة 2015 حصر أمن دولة عليا، والمقيدة برقم 247 لسنة 2016 جنايات عسكرية، والمتهم فيها 170 بالانتماء إلى جماعة إرهابية.

وبينت الحلقات الأولى والثانية والثالثة، التى نشرناها، تشكيل المتهمين مجموعة من الخلايا العنقودية فى عدد من المحافظات، وأبرز ما خططوا لارتكابه من عمليات إرهابية، فضلا عن طرق الاتصال فيما بينهم، وأهم التكليفات التى تلقوها، التى بينت رحلة صناعة الإرهابى بداية من الاستقطاب حتى تنفيذ العمليات الإرهابية.

وننشر فى الجزء الرابع نص اعترافات المتهمين محمد عيد عبدالتواب المتهم رقم 112 فى القضية، والمتهم عرفة حسين، والتى كشفت الكثير من أسرار التنظيمات الإرهابية.



المتهم الأول

تكشف اعترافات «محمد عيد عبدالتواب»، الطالب بالفرقة الثالثة بالمعهد العالى للحاسب الآلى للدراسات النوعية بالهرم، رحلة صناعة الإرهابيين عبر مواقع التواصل، وبداية تعرفه على شباب من جماعة الإخوان، واكتشافه بعد ذلك انضمامهم لجماعات مسلحة فى سوريا، وسعيهم للسفر إلى الخارج، ثم اشتراكهم فى تنفيذ عمليات إرهابية ضد الشرطة.

اشتركت فى مظاهرات الجماعة بعد «رابعة»

حكى «عبدالتواب» عن بدايات استقطابه، فقال إنه من مواليد 15 يونيو 1992 فى مدينة نصر، وكان والده يعمل حارس عقار، وتوفى وتركه وهو لم يكمل 8 سنوات، وبعدما أنهى الثانوية العامة التحق بالمعهد العالى للدراسات النوعية، ووقتها لم يكن ملتزما دينيا، حتى تعرف على صديقين بالمعهد، وائل سليمان ومعاذ عيد، وكانا من شباب جماعة الإخوان، وكانت العلاقة معهما عادية، حتى وقع فض اعتصام رابعة فبدآ يتحدثان معه عن كون محمد مرسى هو الرئيس الشرعى، وأن الحزب الوطنى وحملة تمرد هما من سعيا لإفشاله.

وقال «عبدالتواب»، فى نص التحقيقات، إن صديقيه أثرا عليه بذكر من قتلوا أثناء فض الاعتصام، خاصة أن صديقا له اسمه عبدالله أبوبكر، قتل فى الفض، فاقتنع بكلامها، وبضرورة المشاركة فى المظاهرات التابعة لجماعة الإخوان فى القرية، وكانت المظاهرة الأولى بعد أحداث رابعة بأسبوع، وفضتها الشرطة، ومظاهرة أخرى لم يتذكر تاريخها، مشيرا إلى أنه كان يردد هتافات بعودة مرسى.

وأضاف: «أنا كنت فاتح محل عندنا فى البلد لخدمات الكمبيوتر ومعاذ كان شريكى فيه، وكنت ساعات بشيل فى المحل بوستات عليها علامة رابعة وصور للرئيس مرسى، وكان من ضمن الناس اللى بتنزل مظاهرات دى واحد اسمه علاء، وانا ماعرفش اسمه بالكامل بس هو كان من القرية اللى جنبنا اسمها مناشى الخطيب، وواحد تانى اسمه أسامة محمد، ودا كان من قرية جنبنا برضه وبعد ما نزلت مع الإخوان بفترة بدأت أبعد عنهم، لأنى شفت أنهم بيقطعوا الطرق وبيخربوا خطوط الكهرباء، وانا مكنتش موافق على الكلام دا، وبدأت أبعد عن وائل ومعاذ».

شباب تنظيمات العنف يستغلون مظاهرات الإخوان غطاء لنشاطهم

أما عن بداية تعرفه على التنظيمات المسلحة فيحكى «عبدالتواب» أن صديقه علاء عندما لاحظ ابتعاده عنهم، بدأ يتحدث إليه، ويؤكد له أنه فى الأساس لا ينتمى إلى الإخوان ولا يقتنع بهم، وأنه كان فقط يستخدم مظاهراتهم كغطاء لنشاطه، موضحا أنه كان يستخدم «فرد» يطلق منه الخرطوش فى المظاهرات، ومن هنا بدأ الحديث عن المنظمات المسلحة، وكيف أنهم يطبقون شرع الله، وتحدث عن انتصاراتهم فى سوريا والعراق واستيلائهم على أراض، وشاهد مقاطع فيديو لهم، منها مقطع اسمه «خير أمة»، وكان يظهر فيه أشخاص يتركون محالهم مفتوحة ويصلون، وآخرون يتحدثون عن الأمان الذى يعيشونه فى ظل حكم التنظيم الإرهابى، وشاهد أيضا فيديوهات ظهر فيها التنظيم وهو يطبق الحدود والأمر بالمعروف فى الصلاة.

يضيف «عبدالتواب» أنه بعد ذلك، بدأ صديقه علاء يتحدث معه عن كونه واحدا من التنظيم الذى يكفر كل الأنظمة لعدم تطبيقها الشريعة الإسلامية، وكان يصف الانتخابات والديمقراطية بالكفر، وأن نظام الحكم كافر ويجب قتاله، ثم تحدث معه عن وجوب الهجرة إلى الدولة الإسلامية حتى اقتنع بفكرة السفر للانضمام إلى التنظيم، لكن منعه من تنفيذ مخططه والسفر عدم حصوله على موقفه من التجنيد.

ويتابع المتهم خلال اعترافاته: «فى الوقت دا أسامة محمد كان خرج من السجن بعدما كان اتقبض عليه من المظاهرات فى عين شمس، وقابلته وعرفت أنه انضم إلى تنظيم مسلح، وانا قلتله إنى أنا بعدت عن الإخوان وبقيت تبع تنظيم تانى، وأن علاء برضه معايا، وأسامة كان عايز يسافر سوريا علشان يجاهد هناك، بس مكانش فيه وسيلة للسفر، وقعد فى مصر».

حاولنا سرقة رجل أعمال سعودى لشراء أسلحة واستهداف إعلاميين

تحدث المتهم عن شخص يدعى أسامة كمال عبدالصمد، وكيف أنه كان متعاطفا مع الإخوان ويشاركهم فى مظاهراتهم إلى أن أصيب بطلقة تسببت فى شلله، فلم يسأل عنه أحد من الجماعة، فاعتنق الفكر الإرهابى، وكان دائما ما يقول إن شقيقه إسلام يستطيع الوصول إلى الإعلاميين؛ بسبب عمله فى المقاولات، ومعرفته الأماكن التى يعملون بها فى 6 أكتوبر، وكان الاتفاق أن يتم استهداف أحد الإعلاميين، لكنه لم يحدد أسماء محددة، مشيرا إلى أن الأزمة كانت فى كيفية الحصول على السلاح بسعر مناسب. يضيف المتهم: «رجعنا تانى على شقة إسلام فى أكتوبر، وفى الطريق قابلنا راجل أعمال سعودى عنده شقة فى أكتوبر، واتفقنا أن احنا نسرقه وناخد منه الفلوس نجيب بيها سلاح، وإسلام قال إنه هو يعرف يجيب سلاح من أكتوبر.

طالب بكلية الهندسة يتولى صناعة المتفجرات

يقول المتهم محمد عيد عبدالتواب، فى اعترافاته، إنه بعدما فشل مخطط السفر إلى الخارج، بدأوا يفكرون فى تنفيذ عمليات فى مصر، وكانت العملية الأولى هجوما على خفير نظامى، سرقوا منه دراجته البخارية وسلاحه لاستخدامهما فى عمليات أخرى، وأخبره صديقه «علاء» بعد شهر رمضان الماضى، أنه عائد إلى بنى سويف هو وآخرون تابعون للتنظيم الإرهابى، لتنفيذ عملية، حيث استهدفوا ضابطا وقتلوه، مشيرا إلى أنه خلال تلك الفترة التى كانوا يخططون لعمليات إرهابية، كان يدخل على الإنترنت ويتواصل مع أفراد ينتمون للتنظيم الإرهابى، ويتابع أخبارهم، وتواصل مع شخص اسمه «عبد الشافى» كان فى مصر ويعتنق الأفكار الجهادية، وكان له مجموعة على «فيس بوك» اسمها «جنود الرحمن»، تنشر أخبارا عن التنظيمات الإرهابية بالخارج.

يواصل المتهم اعترافاته، ويوضح أنه حكى لتلك الفتاة التى تدعى «جهاد» عن أحد أصدقائه، اسمه أحمد إبراهيم العشرى، وكان طالبا بكلية الهندسة ويعرف كيفية عمل المتفجرات، وأنه عرف من الحديث معه الطريقة والمواد المستخدمة، وأنه بعد تفجير أمن الدولة فى شبرا الخيمة قال له إن مسئول المتفجرات فُصل لعدم التزامه بالتعليمات وتنفيذه عملية أخرى خارج المجموعة، مشيرًا إلى أن «جهاد» طلبت منه أن يعرفها على صديقه طالب الهندسة حتى يصبح مسئول المتفجرات عندهم، وأنه بالفعل أخبره بذلك، فرد عليه بأنه «يعرف يعمل المتفجرات الصغيرة علشان هى بتحتاج لباور ضعيف من الموبايل بس مايعرفش يعمل السيارات المفخخة علشان بتحتاج لـtnt» وبعدها تم القبض عليه ولا يعلم ما حدث بعد ذلك.

المتهم الثانى

عرفة حسين: «رؤيا» حولتنى من مستهتر إلى خطيب مسجد

يدلى المتهم الثانى «عرفة عرفة حسين مراد» باعترافاته ويقول: «أنا من مواليد 83 ، بمركز إبشواى، محافظة الفيوم، والدى فلاح، وتاجر، وأمى ربة منزل، ونحن من أسرة أقل من متوسطة، توفى والدى فى التسعينيات، أما والدتى فتوفيت فى عام 2009، ولدى 7 أشقاء ذكور، وأخت واحدة، وأنا أصغر الجميع».

يضيف: «فى صغرى، تم اعتقال 4 من إخوتى، لأنهم كانوا شوقيين، ويعتنقون الفكر التكفيرى، لكنى لم أكن كذلك، وتمكنت من الحصول على دبلوم صناعى، وفى سنة 2000، كنت أنزل القاهرة، لأعمل فى أى شىء، وكنت أحيا حياة مستهترة تماما، وأدخن السجائر، وأصاحب البنات، ولم يكن الدين من اهتماماتى فى هذه الفترة».

فى سنة 2003، رأى «عرفة» كما يقول، رؤيا فى المنام غيرت حياته: «رأيت أن المساجد كلها تذيع مجموعة من الأغانى العاطفية، وحكيت القصة للعائلة، فقالت لى زوجة أخى التكفيرى إن الرؤيا هى تحذير من الله لأننى لا أصلى. من وقتها، بدأت فى الالتزام الدينى، والصلاة فى المسجد، وحفظ القرآن، والاستماع لشرائط المشايخ مثل محمد حسان، وأبو إسحاق الحوينى، ومحمد حسين يعقوب، ومسعد أنور، والتحقت بعدها بمعهد القراءات فى 2006، وتخرجت فيه بعد سنتين، وتوليت إمامة مسجد اسمه المدينة المنورة فى المرج، وكنت أخطب فيه».

يقول عرفة بعد ثورة يناير، عدت لبلدتى فى الفيوم، واشتغلت فى معهد دينى، كمحفظ للقرآن، ومع تزايد الانفلات الأمنى، لاحظت أن الفكر التكفيرى بدأ ينتشر بقوة، وبدأ كثيرون يجاهرون به، وتعرفت على كثير منهم بحكم إخوتى الأربعة المنتمين إلى تيار «الشوقيين» التكفيرى. وبعد أشهر قليلة، بدأ التيار التكفيرى فى بناء مساجد مخصصة لفكرهم، وإلقاء دروس دعوية لإقناع الناس بفكرهم، وفى البداية لم أقتنع بفكرهم، لكن وجودهم حولى دفعنى للتفكير فيما يقولون والبحث عن كتبهم وقراءتها، وكان هدفى هو التصدى لفكرهم.

بعد الاطلاع على كتب الحاكمية، والردود عليها، بدأت أكون فكرة، فى أنه يجوز الخروج على الحاكم، لكن مع وجود ضوابط لذلك، وأن الحاكم يكفَّر إذا عطل معلومًا من الدين بالضرورة، مثل الصلاة والصوم، ويكون ظالما إذا لم يحكم بالشريعة كاملة.

انضممت إلى «النور» ودعمت «أبو إسماعيل» ومرسى كفرنى بالسياسة

يقول المتهم إن «التكفيريين لم ينجحوا فى إقناعى بشكل كامل، فانضممت لحزب النور واستخرجت كارنيه الحزب، وكنت مقتنعا بالفكر السلفى، ودعوت عددًا من المشايخ إلى قريتى لمواجهة الفكر الذى انتشر فيها، مثل الدكتور وجيه الشبكى، ومحمد عبدالله عسر، والشيخ عمرو عبدالسلام، والشيخ محمود زغلول».

ويضيف: «مع الوقت، لاحظت أن الشيخ السلفى محمود زغلول بدأ من جانبه فى اعتناق الفكر التكفيرى، وأصبح يفتى بكفر من يرتكب بعض الأفعال المخالفة، وأصبح هناك جدل حول القتل للمخالفين، وهل هو حلال أم حرام، مما دفعنى سنة 2013 للانقطاع بعد قليل عن جلساته».

ويتابع: «فى الانتخابات، بدأت أتولى دورا أكبر، فى اجتماعات حزب النور فى الفيوم، وكنت أقوم بالتنسيق أثناء انتخابات الشعب والشورى، وأقوم بإقناع أهالى القرية بانتخاب مرشحى حزب النور، وكنت أجمع الأهالى فى أتوبيسات للذهاب للتصويت». ويستكمل: «فى انتخابات الرئاسة، كنت متحمسا لانتخاب حازم أبو إسماعيل، وبعد استبعاده قررت الوقوف مع مرسى، لأننى كنت مقتنعا به، ولأنه رجل متدين، بالإضافة إلى أنه كان هناك قرار داخل فى الحزب بالوقوف معه فى الإعادة».

ويختتم: «بعد نجاح مرسى أصابنى الإحباط، فالرجل لم يفعل أى شىء مما توقعناه منه، وبعد إسقاطه فى ثورة يونيو، أصابتنى أحداث رابعة بالإحباط، وشعرت بعدها أن العمل بالسياسة حرام، مما دفعنى لاعتزال الجميع».