رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نعم.. إننا مجرمون حتى النهاية


المعاشات.. مليون سائق ومعاق يتعرضون لمجاعة.. هل هذا يعقل؟!.. وقف المئات من المعاقين أمام مبنى وزيرة التضامن.. يعلنون استنكارهم الشديد.. وهم على كراسى متحركة.. وبعضهم تحمل أجسادهم «عكاكيز» يتحملون عليها.. والباقى كان فى حالة وقوف دون حركة.. كانت صرخاتهم مدوية قوية جعلت عموم المارة يبكون.. لكن.. ما هى جريمة المعاقين؟.



تعالوا معى أعزائى القراء نتعرف عن قرب على القوانين التى صدرت منذ سنوات طويلة لمنح هؤلاء المعاقين تسهيلات جمركية فى الحصول على سيارة تعينهم وتعوضهم عن الإعاقة والعجز.. وهذه التسهيلات عبارة عن تخفيضات الرسوم الجمركية وسيارات رفع عنها الحظر باعتبارها من طراز قديم.

ومع عدم القدرة على دفع تكاليف هذه السيارات.. قام بعضهم ببيعها.. بعد انتهاء فترة الحظر من عدم البيع.. كنت واحدًا من أعضاء مجلس الشعب الذين وافقوا على هذا القانون.. إنه قانون إنسانى لمساعدة إنسان معاق غير قادر على الحركة.. أو ممارسة حياته الطبيعية.

اعتبرت وزيرة التضامن- للأسف الشديد- أن هؤلاء المعاقين من الفئات الغنية المالكة للسيارات.. كما اعتبرتهم أيضًا أنهم ليسوا فى حاجة إلى «المعاش».. ولا ندرى كيف نزعت بالقوة معاش المعاقين الذين يمتلكون سيارات الإعاقة.. مع أن الأغلبية منهم سبق لها أن باعت هذه السيارات!!.

لقد فقد المعاقون بذلك حتى المعاش.. كما فقد أصحاب المعاشات أنفسهم من غير المعاقين حقوقهم القانونية والدستورية.. أى لا مواطن سليم نافع.. ولا معاق أيضًا رضيت عنه الوزيرة!!.

والغريب.. وما لا يعلمه الكثيرون.. أن معاشات التكافل والكرامة.. للسليم والمعاق.. تأتى ضمن المنح الأجنبية الخاصة للبنك الدولى.. لذا اسألوا وزيرة التضامن: كم تحصلين لنفسك من مكافآت وبدلات من إشرافك على معاشات المعاقين؟!.. اسألوها لعلها تجيب.. عما تحصل عليه بالجنيه المصرى بلاش بالدولار!!.

نحن يا سادة نعيش الآن فى زمن الخسارة.. نعم والله زمن الخسارة والبهدلة، سواء أكان ذلك للمعاق أو للسليم، على حد سواء.. وللأسف الشديد نجد أن من حققوا المكاسب.. هم أنفسهم من يديرون شئوننا الآن.. فهل يعقل هذا الوضع الذى لا يبشر بأى خير على الإطلاق؟!.

فإذا جلست مع أصحاب المعاشات أو المعاقين لتستمع إلى شكواهم وأنينهم من غلاء المعيشة وحالة «الغلب» التى يعيشونها.. فسيقولون لك: «كان يوم أسود عندما سمعنا عن شىء اسمه ثورة.. ثم.. ثورتين!!.. أما الكارثة الكبرى فقد وقعت على السائقين- كل السائقين- من كافة درجات الرخص والتراخيص.. أى أنها الرخص المهنية.. فهذه المهنة يعمل أصحابها ليلًا ونهارًا فى جميع وسائل النقل.. فى نقل الأفراد والبضائع.. هؤلاء أيضًا لم يسلموا من الظلم.. فقد تعرضوا جميعا لكارثة عندما قررت وزيرة التضامن تخفيض معاشاتهم إلى أقل من النصف.. مع العلم أن بعضهم سبق أن حصلوا على قروض لشراء سيارات أجرة يتعيشون منها أو غير ذلك.

والمعروف أن معاشات السائقين لا تتجاوز الـ500 جنيه.. وذلك بعد اشتراكهم فى التأمينات لمدة أكثر من 36 عامًا.. وهؤلاء جميعًا سائقون من فئة كبار السن.. أى أنهم يعملون- كما سبق وقلنا- ليلًا ونهارًا من أجل مواجهة رعب الحياة وهمومها التى قهرت أمثالهم قهرًا لم يتعرضوا له طوال حياتهم.

إذن نحن الآن فى مواجهة حقيقية مع مليون سائق ومعاق.. يتعرضون أيضًا لمجاعة لم تحدث لهم عبر تاريخهم كله.. والسؤال: إلى من نوجه كلامنا أو شكوانا فى ظل هذه المآسى التى فاقت وتعدت كل الحدود؟!.. أفيدونا أفادكم الله بعد أن سئمنا من عدم اهتمام كل المسئولين بهمومنا ومشاكلنا.. أفيدونا أو حتى خصصوا أحدكم ليرد على ما نكتبه ويبرر ما ترتكبونه من جرائم بحقنا!!.. أفيدونا لأن وضعنا الحالى أصبح لا يحتمل.. نعم والله لا يحتمل.. فالملايين من أصحاب المعاشات يتعرضون الآن لمجاعة حقيقية.. هذا غير أنهم أصبحوا عاجزين عن شراء حتى الدواء والعلاج.. فماذا نقول لهم أو نبرر ما يتعرضون له.. هل يكفى أن يسمعوا منا كلمات: «اصبروا وتحملوا فقط لا غير»؟!.

يا سادة.. إن هذه الشريحة.. سواء من أصحاب المعاشات أو المعاقين قد أضنتهم الحياة وسحقت هاماتهم رغم وجود ما يحميهم فى مواد القانون والدستور.. فكيف نطالبهم فى ظل معاناتهم بأن يتحملوا أعباء زائدة نتيجة سياسات خاطئة لعدد من المسئولين عنهم؟!.

إن كل الكلمات التى نسمعها الآن عن محدود الدخل من هذه الوزيرة أو من غيرها.. ما هى– بحسب ما أثبتته الوقائع- إلا كلمات للإعلان ولا مجال لتطبيقها!!.. كما أن العدالة الاجتماعية أصبحت هى الأخرى الآن مجرد كلمات فى الدستور والخطب السياسية.. وفى الواقع نُزعت منها تمامًا حقوق المواطنين الذين يستحقون هذه العدالة.. الآن انضم إلى صفوفنا مليون سائق مهنى.. فضلًا عما يحدث للمعاقين.