رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طارق إمام يبحث عن مفهوم الهوية في «الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس»

طارق إمام
طارق إمام

في لقائه مع الروائي الشاب طارق إمام مؤلف رواية الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس٬ يسأله الفنان حسين فهمي٬ حول اختياره لشخصية كفافي لروايته٬ فيجيبه إمام: هناك سبب مهم جدًا بالنسبة لي٬ وهو أن شخصيات عندما نكتب عنهم٬ في الحقيقة لا نكون نكتب عنهم هم بمفردهم٬ فمن الممكن أن نكتب عند مدينة بأكملها مثل الأسكندرية٬ أو عن وطن أو حقبة تاريخية.

كل هذه الأشياء متوافرة في شخصية "قسطنطين كفافيس"خاصة وأنه عاش في الأسكندرية سبعين سنة من تاريخها.

وأضاف إمام: علاقة كفافي بالأسكندرية٬ علاقة مركبة٬ فهي المدينة الوحيدة التي يستطيع العيش فيها٬ لكنه كان طول الوقت في قصائده كان لديه مشكلة أيضا أنه لا يستطيع أن يغادرها٬ أي أن علاقته بالمدينة لم تكن دائما علاقة تصالح. كما أن التحولات التي شهدتها الأسكندرية وعاشها كفافي بدوره٬ شكلت له قطبين فلا يستطيع مغادرتها لأنها مكانه الوحيد٬ ولا يستطيع في الوقت نفسه البقاء فيها.

وحول مسحة الكآبة التي صبغت أشعار كفافي٬ يستطرد إمام: مشاعر الوحدة كانت تسيطر طوال الوقت علي كفافي٬ وتصبغ قصائده٬ بالإضافة إلي مشاعر اللإنتماء٬ فهو في النهاية يكتب باليونانية ولم يكتب حرفا بالعربية التي لم يكن يجيدها أصلاً، كما أنه بدأ يفقد أسرته فردا فردًا٬ حتي أصبح شخص وحيد جدًا٬ فأسرته جزء منها كان موجود في إنجلترا٬ وجزء في الأستانة٬ وجزء موجود في اليونان٬ حتي أصبح هو الشخص الوحيد الباق في هذه الأسرة العريقة.

فوالده "بيتر جون" كان يمتلك شركة ضخمة جدا لتصدير الأقطان والغلال٬ وقلد بنيشان من الخديوي إسماعيل باشا الذي كان من الأشخاص الذين يدخلون بيت كفافيس في طفولته٬ فجأة هذا الرجل خسر كل أمواله في البورصة وتوفي٬ وكفافيس سنه صغيرة فقد كان يبلغ السابعة من عمره٬ بل وبدأ حاله في التدهور حتي صار شخصا فقيرا.

الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس٬ والصادرة عن دار العين٬ رواية تستعيد حياة الشاعر السكندري اليوناني "قسطنطين كفافيس" (1863 ـ 1933) والذي ولد ومات بالإسكندرية وقضى بها حياته كلها.

وترصد الرواية نحو 70 عامًا عاشها الشاعر، راسمةً في الوقت نفسه صورة واسعة لمدينة الإسكندرية "الكوزموبوليتانية" بين أواسط القرن التاسع عشر إلى العقد الثالث من القرن العشرين، كما تقترب الرواية من كفافيس المتخيل بقدر ما تعيد استقراء ومراجعة سيرته الذاتية المعقدة والغامضة في الكثير من جوانبها٬ طامحة في طرح قراءة مراوحة بين الواقع والخيال، وبين التأريخ ووهم التأريخ.

وتطرح الرواية العديد من الأسئلة حول مفهوم "الهوية" متخذة من الشاعر الشهير والمثير للجدل نموذجاً لقدر غير قليل من الأسئلة المعقدة، منها طبيعة علاقته كمغترب، بالمفهوم الثقافي الأشمل الذي يحوي بدوره أكثر من منحى يعمق ذلك الاغتراب، منها مثليته وطبيعة أفكاره واختلافه حتى في سياق القصيدة اليونانية التي كانت تكتب في وطنه الأم أثناء حياته، وعلاقة كل ذلك بحياته في مدينة جنوب المتوسط متشعبة الطبقات، المتجاوزة لحدودها الجغرافية على المستوى الثقافي، والقلقة بدورها في الوقوف على ملمح يمنحها هويتها، التي ظلت دائماً غير المستقرة، ومستقطبة، بين أوروبيتها ومصريتها، وبالتوازي بين كفافيس والإسكندرية يتحرك السرد كاشفاً عن العلاقة الملتبسة بين الفرد والمكان، مع حضور لعدد غير قليل من الشخصيات، مختلفة الجنسيات والأطياف والمعتقدات، والكاشفة لعدد من جوانب كفافيس وإسكندريته في نفس الوقت.