رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد العسيري يكتب: هشام الشريف.. وزير القهاوي


أكاد أكون أول شخص فى مصر فرح باختيار هشام الشريف وزيرًا للتنمية المحلية.. وكتبت ذلك فى هذه الصحيفة.. ويومها قلت إن من أهم أسباب فرحى أنه رجل مُولع بالمعلومات.. وأن مَن يعرف يستطيع أن يشخص جيدًا.. ويستطيع بعدها أن «يحل» - يعنى اللى يعرف «العقدة» يملك الحل - ويومها برضه حذرت الوزير من «الغرق» فى «بحر التفاصيل» وأعشاش المحليات المليئة بالثعابين.. والحيَّات.. ويبدو أنه غرق فعلًا.. فالذى أسمعه وأراه لا ينبئ بالذى كنا ومازلنا ننتظره من هذا الوزير.



من كام يوم.. ما كانش فيه سيرة فى الأوساط الشعبية سوى قرار الوزير بتقنين الكافيهات والمقاهى غير المرخصة.. وفى اليوم التالى كان اجتماع الوزير مع عدد من المحافظين ورجال الرقابة الإدارية وعدد من المسئولين لبحث الأمر ذاته.. لمدة ست ساعات.. انتهى إلى البحث عن «تشريع».. يعنى هيروحوا البرلمان.. وبعدين نعمل قانون نطرحه للحوار المجتمعى.. وبعدين ناس تتخانق فى الفضائيات.. وبعدين.. إيه بعدين؟!

من أولها كده.. أقولكم إنى مع الوزير مش ضده.. فيه أمر واقع بيقول إن ملايين المحال تم تحويلها إلى مقاهٍ.. وفيه مشاكل لرب السما مع السكان فى كل حتة.. وفيه ناس بتاكل عيش.. وإحنا مش حِمل بلطجية جداد.. وبطالة جديدة.. والأهم أن بتوع الأحياء شغالين «الله ينور» على أصحاب القهاوى.. الموجودة غصب عنى وعنك وعن الوزير.. يعنى الدولة مش مستفيدة «حاجة».. حتى أصحاب القهاوى نفسهم لو سألتهم هيقولولك الدولة تاخد اللى عايزاه بس ترخص لنا.

طيب.. إحنا مش مختلفين.. أُوَّمال بتقول الوزير ماله؟!.. «أقولك يا سيدى»!

معالى الوزير، هل لدينا حصد بهذه المقاهى.. عددها.. أماكنها.. حالة كل مقهى.. هل لدينا تخطيط ومعلومات لأى شىء «وإنت الراجل صاحب المعلومات»؟.. أقولك ومن الآخر.. لأ.

لو كنت تريد إنهاء هذا الأمر فعلًا.. وإنجاز شىء حقيقى على الأرض.. الأمر لا يتعلق بالمقاهى.. الأمر يتعلق بالأحوزة العمرانية يا معالى الوزير.. الأمر يتعلق بالتنظيم.. إيه اللى متنظم من أحياء مصر.. وإيه اللى مش داخل.. ومش داخل ليه.. ومنين.. وممكن نخلصه إمتى.

عد إلى قواعدك.. يا معالى الوزير.. وانفد بجلدك من عشوائية التفاصيل.. والأعمال المجانية التى لا تنتج شيئًا فى النهاية سوى التصريحات.. وخلينا فى المهم بمناسبة التصريحات.

لقد قلت سيادتكم من يومين فى مؤتمر للاتصالات إن نص الصعيد فقير.. وإن كل اتنين صعايدة فيهم واحد تحت خط الفقر.. وإن ده لازم يتغيَّر.. حلو الكلام.. طب لما حضرتك تقوله.. مين اللى هينفذ بقى؟!.. مين يا معالى الوزير اللى هيخطط لده؟!.. ومين اللى هينفذ.. إحنا؟!.. ولا السادة الحضور لوقائع المؤتمر اللى حضرتك كنت شاركت فيه؟!

يعنى الكلام الحلو اللى حضرتك قلته - وهو صحيح قطعًا - مين اللى هيتعامل معاه.. هل الفقراء فى الصعيد مثلًا.. هما اللى هيروحوا يغيروا حالهم يعنى.. ولا مجلس الحكماء اللى حضرتك شاغل نفسك بيه هو اللى هيغير.

عمرك فى الوزارة لا يزال قصيرًا أعرف ذلك.. لكن الأسعار التى تأكل الناس فى الشوارع لن تنتظر يا معالى الوزير.. حتى يتم تشكيل مجالس حكماء.. لن تنتج شيئًا سوى «الحكمة» والكلام فى الفاضى والمليان.

الكلام اللى سعادتك قلته.. له مكان واحد.. وطريق واحد.. وأى شوشرة فارغة ما عدا ذلك.. هى مجرد طق حنك.. وهذا ما لا أعرفه عنك.. ولا أريدك أن تنشغل به.. سواء فى علاج مشكلة المقاهى.. أو علاج مشكلة الفقر فى الصعيد.. حضرتك مش هتحلها وحدك.. بس اللى عندهم الحل.. طريقهم معروف.. ومش محتاجين مؤتمرات.. ولا تصريحات صحفية.. محتاجين خطة.. حضرتك تقعد تناقشها فى مجلس الوزراء.. وتطلعولنا بقرارات.. حضراتكم تنفذوها.. والناس تساعد - ده لو تقدر - لكن هرى المؤتمرات يا معالى الوزير هو بداية الطريق إلى الخراب المستعجل.. فأرجوك استعجل.. وعد إلى قواعدك.

قواعد العلم.. والمعلومات.. والأعمال الحقيقية..

حتى ولو كانت مجرد ترخيص قهوة.