رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماتيس فى القاهرة.. ما هى الأبعاد؟


فى إطار الجولة التى يقوم بها وزير الدفاع الأمريكى جيمس ماتيس إلى الدول الحليفة لواشنطن فى الشرق الأوسط، كان أول لقاء له فى مصر مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، وذلك يوم الخميس 20/4/2017 قادمًا من الرياض، حيث استقبله وزير الدفاع المصرى الذى توجه به إلى قصر الاتحادية الرئاسى، ووزير الدفاع الأمريكى ليس غريبًا عن الشرق الأوسط، لهذا، فإن زيارته ليست استطلاعية، بل كانت تشاورية، فقد كان وزير الدفاع الأمريكى قائدًا للقوات الأمريكية فى الشرق الأوسط.


فى أعقاب لقائه مع الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، أشاد بقوة التعاون العسكرى القائم بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، كما شدد على العلاقات الخاصة التى تربط وزارتى الدفاع المصرية والأمريكية، وأكد حرص الولايات المتحدة على تفعيل العلاقات ودفعها إلى آفاق أوسع.

أما الرئيس المصرى، فقد أكد، خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الأمريكى، متانة العلاقات المصرية والأمريكية، وما تتميز به من طابع استراتيجى، كما أشار بيان الرئاسة المصرية إلى صمود هذه العلاقات أمام الكثير من التحديات الصعبة خلال السنوات الماضية، مؤكدًا حرص مصر على أن تشهد العلاقات الثنائية انطلاقه قوية فى ظل الإدارة الأمريكية الجديدة.

كان على رأس أولويات اللقاء المشترك بين المسئولين من البلدين، أن الأمريكيين يتابعون عن قرب الوضع فى سيناء، حيث تواجه مصر فرعًا مصريا لتنظيم داعش، كما تتابع أمريكا باهتمام تأمين الحدود مع ليبيا، خشية تسلل عناصر من داعش من خلال الحدود الغربية.

وزير الدفاع الأمريكى أكد أن جولته تهدف إلى الاستماع للمسئولين فى المنطقة، فى الوقت الذى تحدد فيه الإدارة الأمريكية الجديدة رؤيتها السياسية والعسكرية فى الشرق الأوسط، والمعروف أن الولايات المتحدة تقدم لمصر منحة قدرها 1.5 مليار دولار كمساعدات سنوية معظمها عسكرية، ورغم أن الولايات المتحدة تتجه نحو خفض المساعدات الخارجية بنسبة كبيرة، إلا أنها استبقت المساعدة لمصر، وكانت الإدارة الأمريكية السابقة قد جمدت مساعداتها العسكرية لمصر عام 2013م بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسى، لكن الولايات المتحدة نظرت إلى مصر عام 2015 وما تعانيه من حرب ضد الإرهاب، فقررت تعديل سياستها، لكن العلاقات ظلت أقل سخونة.

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى قد طلب من وزير الدفاع الأمريكى توجيه رسالة حاسمه إلى دول لم يحددها بالاسم تدعم الإرهاب، داعيا المجتمع الدولى إلى معاقبتها، كما تلقى الوزير الأمريكى دعوة مصرية واضحة لاستعادة الحضور الأمريكى الفاعل لحل أزمات المنطقة، ودعم جهد مكافحة الإرهاب.

فزيارة الوزير الأمريكى لمصر كانت معظمها استكشافية لمساحة التعاون بين القاهرة وواشنطن، لكن الرئيس المصرى لم يتطرق، خلال اللقاء، إلى تفاصيل الدعم المطلوب للجيش المصرى، واكتفى بالتأكيد على استراتيجية العلاقات بين البلدين، والحرص على تعزيز التعاون خلال المرحلة المقبلة، لكن الوزير الأمريكى أكد خلال اللقاء تطلع بلاده نحو تعزيز العلاقات الثنائية مع مصر، خلال المرحلة القادمة فى مواجهة تحديات غير مسبوقة فى المنطقة والعالم، وأكد دعم مصر فى مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار فى المنطقة وتسوية الأزمات.

كانت الزيارة لحلفاء أمريكا فى الشرق الأوسط، فالولايات المتحدة وهى ترسم خططها المستقبلية، قد اختارت هذه الدول الخمس «مصر، السعودية، قطر، إسرائيل، جيبوتى»، لتكون المرتكز الأساس فى توجهاتها المستقبلية نحو الشرق الأوسط، فى دعم الاستقرار وتسوية الأزمات، وهذا يتطلب مواجهة التحديات التى ألمَّت بالشرق الأوسط فى الأيام الماضية، من إرهاب انتشر فى المنطقة، وامتد إلى كثير من دول العالم، وعدم الاستقرار الذى أحدثته دولُ فى المنطقة لبسط نفوذها على الدول الأخرى، وربيع زائف ظاهره الرحمة وباطنه من قبله العذاب، أحدث أزمات وحروبًا تهدد الأمن العربى والعالمى.

فهذه الزيارات تحت غرض التشاور مع هذه الدول، والاستماع إلى وجهات النظر حيال إعادة الاستقرار إلى المنطقة، وتعزيز العلاقة البينية مع هذه الدول، والتعرف على احتياجاتها العسكرية، والاقتصادية، والسياسية.

فهذه الزيارات، استمع فيها الوزير الأمريكى إلى وجهة النظر لكل دولة من الدول الخمس، فوجد فيها إصرارًا على الوقوف بقوة فى مواجهة الإرهاب ومواجهة الدول التى ترعى الإرهاب، وشد أزر دول المنطقة فى مواجهة التحديات الخاصة والمشاركة فى مواجهة التحديات التى تواجه منطقة الشرق الأوسط بأسرها.

وهناك من يعتقد أن الناتو الخليجى قد طُرح فى المحادثات وكذلك الناتو العربى، وسواء طُرح الناتو أم لم يطرح، إلا أنه من الزاوية الاستراتيجية يعتبر عملًا مقبولاً، لأن التجربة الأوروبية كانت مثمرة، إذ إن الناتو حقق الاستقرار فى أوروبا بعد حروب بينية دامت مئات السنين كانت فى بدايتها دينية، ثم تحولت إلى قومية، وكان من نتائج الناتو الأوروبى، أن توقفت تلك النزاعات، وازدهرت أوروبا، واستطاعت أن تواجه التحديات.

لكن الناتو الخليجى والناتو العربى، لن يقبلا بمشاركة إسرائيلية محتلة، كما لا يرضى بدخول دولة أجنبية، فالدول العربية قادرة على حماية نفسها وترتيب بيتها إذا اتحدت كلمتها، لكنها قد تتعاون مع أصدقائها.

لقد سبق هذه الزيارة هجوم بالصواريخ الأمريكية توماهوك على المطار الذى انطلقت منه الطائرات لتضرب الشعب السورى بالغاز السام، لقد دمر الهجوم خلال ثلاث دقائق 20% من الطائرات السورية، التى كانت تقصف بالبراميل والغاز والقنابل الشعب السورى، فحققت بذلك مفاجأة استراتيجية، وأرادت الولايات المتحدة فى ظل هذه المفاجأة، استثمار النجاح، ومن هذا الاستثمار كانت زيارة الوزير الأمريكى إلى الدول الحليفة فى المنطقة، لهذا كانت الزيارة ناجحة بسبب الثقة التى كونها الهجوم بالصواريخ.

إن هذه الزيارة بددت الأوهام التى كانت تعشعش فى عقول بعض المفكرين العرب، معتمدين على دراسات غير مقبولة، أعدها لويس برنار، تبرأ منها مركز الدراسات الذى قدم بحثه فيها، أن العالم العربى لن يكون كما كان من قبل، لأن العدو لن يصل إليك إلا إذا سمحت له بذلك.