رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد العسيري يكتب: "ويعمل م الفسيخ شربات"


كنت كلما سمعت رائعة عمنا سيد حجاب وبليغ حمدى «اللى بنى مصر».. أتوقف طويلاً أمام «كان فى الأصل حلوانى».. يعنى إيه.. فهلوى يعنى.. أونطجى يعنى.. ثم يسرقنى بليغ كالعادة.. «هيلاهوب شايل.. حمولها ويعدل المايل..!!»

المصرى.. أيوه المصرى.. اللى اخترع الإيقاع.. إيقاع الحياة.. إيقاع الكون.. هو اللى قادر يعدل ميزانُه.. آه والله.. المصرى اللى مش عاجبكم وشايفينه سطحى.. وجاهل.. وغبى... وعبيط.. قادر يعدل المايلة.. ويعدل ميزان الكون.. لو أراد.



التاريخ بيقول ده.. هتقولى طز فى التاريخ.. التاريخ يكتبه الأقوياء والمنتصرون.. ونحن فى أسفل سافلين.. لا أقوياء.. ولا منتصرون.. ده صحيح.. بس التاريخ مش يوم.. مش مجرد نغمة.. فى «مازورة» الدنيا.. التاريخ فعل وإيقاع مستمر..

المهم خلينى أفتكر معاكم إن اختراع الإيقاع لم يكتشفه المصريون بأن جلسوا على مصاطب المعابد وقعدوا ينشدوا: تعالوا «نخترع الإيقاع»!!

أبدًا والله.. يقول الراوى.. يا سادة يا كرام.. إن المواشى النافقة كانت تمر فى النيل العظيم.. ومرة تحدف يمين.. على شط.. ومرة تحدف شمال.. ولما كانت الشمس تضرب جلد الجواميس النافقة.. كانت «بتشدها».. فيقوم المصريون على الشط «بحدفها بالطوب.. عشان تبعد».. علشان الريحة - المصريون كانوا ذواقة.. وعندهم حاسة شم.. ياللى ما بتشموش.. فلما الطوبة كانت تخبط فى الجلد.. كان يطلع صوت «يرن».. واحدة.. ورا التانية.. طوبة ورا التانية.. عرفوا سر «الجلد الذى شدته الشمس.. فأضافوا النار.. جنب الشمس.. فعرفوا الدباغة.. بالملح.. وعرفوا يسخنوا الجلد بالشمس والنار.. من هنا تأتى فكرة شد الطبلة بالنار».. ومن هنا جاء الإيقاع.. وعرفوا إن لكل إنسان.. خطوة.. ولكل خطوة إيقاع..

ونفس الملح.. اللى شد جلد «البهيمة الميتة».. علشان يحفظها.. ويستخدموها «فرش وغطا».. هو نفسه الملح... اللى استخدموه فى حفظ الأسماك.. لما كانت «مواسم الدميره».. مواسم فيضان النيل تغرق البيوت وخزائنها.. فالناس مايتبقاش عندها أكل غير خزين «البلح».. من هنا اخترعوا عرق البلح.. وخزين السمك المملح.. «الملوحة يعنى».. ومن بعده الفسيخ.. الذى احترت طويلاً.. كيف يحوله المصرى إلى «شربات».. والشربات كما تعرفون - لا يقوم فرح فى بلادى إلا بوجوده - حتى أفراح الناس الكبار فى فنادق السبع نجوم مازالت تصر على مشهد وضع أكواب الشربات فى يد العريس والعروسة «كل واحد ياخد بق»..

كيف إذن سيتحول ذلك السمك المملح.. الميت.. إلى شربات.. إلى «بهجة وفرح».. هكذا يفعل «الحلوانى» وهذا سره.. سر المصرى.. المتفرد.. القادر.. أيوه «قادر ويعملها».. وهذه بوابته.. «بوابة الحلوانى».. التى تنتظر كل صباح أحد أبنائها.. «يدقدق عليها».. وهو يصرخ «قومى.. افتحى.. لولادك الطيبين.. قومى..».

نعم.. نحن طيبون.. وحلوانية.. ولهذا ضحكت علينا الدنيا.. وسرقت بهجتنا.. وحاول الفهلوية من «جلبة التاريخ والمصنوعين زورًا» إقناعنا.. بأننا جهلاء.. ومتعصبون.. وقتلة.. ودواعش..

لسنا كذلك.. ولن يستطيع سارق المعيز الأمريكى ومن خلفه سارق التاريخ «الصهيونى».. سارق الأرض.. والوعد.. ومن معهم من «نواقص التاريخ والعقل».. من الوهابيين وزبانيتهم.. لن يستطيع أحدهم.. أو جميعهم.. أن «يصنع من الفسيخ شربات».. لأنهم «مكن».. مجرد مكنة.. آلة.. تصنع الورق.. والدمار.. أما نحن - المصريين.. واللى مش عاجبه يخبط راسه فى حيط أقرب معبد يقابله - إحنا الحلوانية.. والمصرى.. اسمه على بوابتها.. نزل.. ولا زايل.. أزل.. ولا زايل.