رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد العسيري يكتب: إسرائيل والإخوان.. إيد واحدة


أغرب ما يمكن أن تلحظه وأنت تتابع قنوات إسرائيل وصحفها.. ومواقع وقنوات الإخوان.. أن تجد الشماتة فى عيون وألسنة الإعلاميين فى «مذابح الإخوة الأقباط يوم عيدهم». حالة من التناص العجيب استوقفتنى، أمس، وأنا أتابع تلك القنوات وبرامجها.. ففيما رأت معظم قنوات وصحف الكيان الصهيونى أن المكان الوحيد الآمن للأقباط هو تل أبيب.. رأت قنوات الإخوان أن أقباط مصر «يستاهلوا» لمساندتهم النظام الحاكم.

الغريب أن الإخوان يزعمون أنهم «براءة» من الدم المصرى الذى سال فى طنطا والإسكندرية، ويؤكدون أن «داعش يكفرهم».. وأنه لا علاقة لتنظيمهم «صاحب التاريخ الحنين»!! بداعش!!

وهذا إقرار منهم بأن داعش من فعلها، فى الوقت نفسه يزعمون أن «المؤامرة على الأقباط» صنعها النظام نفسه.. وبالمرة «جابوا سيرة عبدالناصر».. أهى فرصة برضه للانتقام من سيرة الرجل.

الصحف الإسرائيلية.. ربطت أيضًا بين الإسلام كدين وبين منفذى تلك العمليات الإرهابية، وحذرت المسيحيين فى أوروبا بأن الدور عليهم!!

ولم ينقصها سوى مطالبتهم بالهجرة إلى «بنى صهيون» ودينهم.

أفهم أن يشمت الصهاينة فى أى مصرى.. مهما كانت ديانته - حتى لو يهودى - فمصر كانت وستظل عدوهم الأول.. وأى لحظة استفاقة حتمًا ليست فى صالحهم.. وأى «وعكة» فى صالح اقتصادهم.. وجيشهم.. وإعلامهم.. ومستقبلهم أيضًا.

الصحف الأمريكية ورغم سيطرة كيانات «يهودية الفكر والعقيدة عليها» إلا أنها كانت أكثر حيادية وتوازنًا.. وربطت بين زيارة مرتقبة لبابا الفاتيكان إلى مصر.. وبين ما جرى بالأمس.

هل فقد العالم إنسانيته؟!.. يبدو أنه كذلك، والواضح أننا لن نخرج من هذه المتاهة فى سنوات قليلة.

منذ سنوات طويلة.. استقر فى يقينى أن كل شىء يجرى فى الشرق الأوسط.. هو لصالح إسرائيل حتمًا.. فهل من قبيل المصادفة أن يلتقى الإخوان والصهاينة فى مركب واحد؟! وهل من المصادفة أن تستقبل الأراضى السورية الصواريخ والدواعش معًا فى نفس الوقت الذى يحاول البعض فيه إثارة أقباط مصر وتحريضهم ضد بلادهم وإخوتهم من المسلمين؟!.

لا يوجد شىء صدفة فى هذا العالم.. وفى عالم السياسة الذى اختلط بالثقافة بالإعلام بالاقتصاد.. لا شىء يأتى صدفة على الإطلاق.. ومصلحة ذلك التنظيم الفاشى الفاشل فى «إظهار» مصر واقتصادها وجيشها وشرطتها فى حالة ضعف..وعدم قدرة على حماية المنشآت والأفراد.. ومن مصلحة الصهاينة أيضًا.

لم يعد الأمر سرًا.. يحتاج إلى سنوات حتى يتم الإفراج عن «وثائق الساسة».. فما كتبوه فى بداية سبعينيات القرن الماضى.. واستلهموا فيه «سفر التثنية».. الذى يقر بأنه وحتى يحققوا حلمهم بأرض «الميعاد» «ستدوسون على بشر أفضل منكم».. يعرفون أننا الأفضل.. لكنهم ماضون فى طريق تحقيق حلمهم.. وللأسف يستخدمون بنى جلدتنا فى ذلك.

لم أتعود أن أصف الناس حسب «معتقداتهم».. أو اعتقادهم.. لكن بعض الحنق والغضب الذى يشعر به الأقباط فى مصر.. لم يكن وليد حادث أمس الأول.. هناك جهات وبعضها رسمية للأسف تساعد على هذا التحريض والتمييز الطائفى.. وكذلك يتم تدريسه ليس فى الأزهر فقط.. ولكن فى مقررات التربية والتعليم أيضًا يحتاج إلى تدخل جراحى عاجل.. وما يجرى فى مدارسنا من تدمير منذ سنوات طويلة.. لا يقل خطورة عما تبثه تلك الشاشات المناوئة.. وفكرة «غلق المجال» الإعلامى.. أصبحت من عاشر المستحيلات.. العقول الخربة يسهل التأثير فيها وهى الصيد الأسهل والأقل تكلفة لتلك المواقع والقنوات.

لقد أذاعت إحدى القنوات الليبية - اسمها النبأ - قبل أيام «تسريبًا» لحشود.. قالت إنها من داعش.. تعبر حدود مصر الغربية.. وسواء كان التقرير مفبركًا.. أو به قدر من الحقيقة.. فهو أمر يؤكد حقيقة استهدافنا من الشرق.. حيث عدونا الذى سيظل- الأهم - ومن الغرب حيث «فتاوى وجنود أحفاد حسن البنا».

مصر بين فكى رحى.. وعدم قدرتنا على مواجهة عدونا الذى صرنا نعرفه جيدًا بكل الوسائل - الأمن ليس وحده قطعًا - تعنى خسارات متتالية.. ليس فى أرواح الأقباط فقط.. ولكن فى «روح مصر».. التى نثق بأن الله يحفظها.. وأن أبناءها لن يتركوها لكلاب السكك مها حدث.