رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أوراق التفاوض بين القاهرة وواشنطن


الولايات المتحدة تحتاج إلى مصر فى هزيمة «داعش» وإنهاء الحرب الأهلية بليبيا والتسوية بسوريا

ترامب يعتمد على دعم السيسى فى أى محاولة للتفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين

نشرت المجلة التخصصية مقالا لافتا بتاريخ 3 أبريل فى ذات التوقيت الذى كان فيه الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى بالعاصمة واشنطن، وعلى مسافة ساعات من زيارة البيت الأبيض وبدء جدول لقاءاته بأركان الإدارة الأمريكية الجديدة، قام بكتابة المقال التحليلى «فرانك وايزنر» الدبلوماسى المخضرم، السفير الأمريكى السابق لدى القاهرة «1986 - 1991»، بعنوان «مصر وأمريكا بحاجة لبعضهما البعض» يتناول فيه نظرة مستقبلية لآفاق العلاقة ما بين البلدين، مقدما للإدارة الأمريكية ما يشبه الروشتة المتكاملة للعناوين التى يمكن العمل على توثيقها مع الجانب المصرى، مشددا كما هو ظاهر من عنوان المقال على أهمية تلك العلاقة حيث يراها ركيزة رئيسية للسياسة الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط.

تشير زيارة الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى للرئيس ترامب، إلى عودة العلاقات الأمريكية المصرية الوثيقة، التى كانت ركيزة أساسية للسياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط منذ أربعة عقود ونصف.

تتفق الولايات المتحدة ومصر على ضرورة هزيمة الإرهاب، والدفع من أجل نهج إسلامى أكثر اعتدالا، وإنهاء الحروب الأهلية بمنطقة الشرق الأوسط، ومساعدة الدول الفاشلة على النهوض، والحد من الحروب بالوكالة العابرة للحدود. ويتفهم الزعيمان الحاجة الملحة إلى زيادة النمو الاقتصادى وخلق فرص للعمل. كما اتفقا فى وجهة النظر التى تقوم على ضرورة إحراز تقدم حقيقى فى عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

فيما يتعلق بمجالات الاختلاف، من الطبيعى أن ترى العاصمتان العالم وأولوياتهما الخاصة من خلال عدسات مختلفة. حيث تنتقد الولايات المتحدة سجل الحكومة المصرية فى مجال إرساء الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتنتقد القاهرة أى تدخل خارجى فى الشئون الداخلية المصرية، لكنها تنتقد بشكل حاد انحراف واشنطن بعيدا عن حل الدولتين فيما بين إسرائيل وفلسطين، وتبدى قلقًا بالغًا من خطر نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

ولذلك بالنظر إلى أهمية العلاقة ما بين البلدين، ينبغى أن تشمل مجالات التعاون القوى فيما بينهما مايلى:

أولا، مصر حليف رئيسى فى الحرب على الإرهاب، ويجب التأكيد مجددا على التعاون بين المؤسسات العسكرية ومكافحة الإرهاب والاستخبارات فى البلدين. الولايات المتحدة لديها مصلحة فى مساعدة مصر على هزيمة تهديد داعش فى شمال سيناء، مع الحد من الخسائر فى صفوف المدنيين، كما أن لديها مصلحة فى مساعدة مصرعلى تأمين قناة السويس، والحفاظ على الأمن البحرى الشامل فى البحرالأحمر. كما فى المقابل مصر يمكن أن تكون حليفًا قويًا للولايات المتحدة لهزيمة داعش والقاعدة فى مناطق أخرى بالمنطقة.

ثانيا، يجب على الولايات المتحدة ومصر الانخراط دبلوماسيا على أعلى المستويات للعمل من أجل الاستقرار الإقليمى، يمكن لمصر باعتبارها أكبر دولة عربية ومقرًا لجامعة الدول العربية، أن تلعب دورًا مهمًا فى المساعدة على إيجاد حل للحرب الأهلية وفشل الدولة المجاورة لها فى ليبيا، وفى المساعدة على إيجاد طريقة سياسية للمضى قدما بين النظام والمعارضة فى الحرب الأهلية المدمرة فى سوريا، كما يمكن أن تلعب دورا فى العمل على إقامة علاقة أقل صراعًا بين إيران وجيرانها العرب، استنادا إلى مبادئ السيادة، وسحب الدعم الإيرانى المقدم إلى الجماعات المسلحة ضد الدول، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للبلدان الأخرى.

ثالثا، ستحتاج الولايات المتحدة إلى القاهرة فى أى محاولة للتفاوض بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ولاتزال القاهرة لاعبا رئيسيًا فى تجنب الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، وستكون القاهرة حريصة على إيجاد سبل للمضى قدما فى عمليات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، والإسرائيلية العربية المتوقفة. حيث تتمتع مصر بمكانة خاصة فى تل أبيب ورام الله.

رابعا، يجب على الولايات المتحدة ومصرتعزيز التعاون الاقتصادى بينهما. إن إحياء وتنشيط الاقتصاد المصرى هو مفتاح تلبية حاجة مصر إلى المزيد من فرص العمل. فقد اضطلعت حكومة الرئيس السيسى بإصلاحات اقتصادية مؤلمة ولكنها ضرورية فى العام الماضى، كجزء من اتفاقية قرض لبلاده البالغة قيمته 12 مليار دولار مع صندوق النقدالدولى. من المتوقع أن يصل النمولعام 2017 إلى 4.2 فى المئة، وهنا يجب على الولايات المتحدة أن تحافظ على دعمها للإصلاح الاقتصادى المصرى والتنمية، من خلال دعمها فى صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، وعلى المستوى الثنائى. ويجب على كل من الرئيس ترامب والوزير ريكستيلرسون كقادة أعمال، إيجاد سبل لتشجيع المزيد من الشركات الأمريكية على المشاركة والاستثمار فى مصر، وتشجيع عودة السياحة الأمريكية والدولية مرة أخرى لها.

مصر، مثل العديد من دول المنطقة، ومثل الولايات المتحدة نفسها، تواجه مجموعة معقدة من التحديات الاقتصادية والأمنية والسياسية. قد يتم مواجهتها بطريقة تحتمل الصواب والخطأ من الجانبين، فى القاهرة وواشنطن، لكن مفتاح نجاح العلاقات الأمريكية المصرية هو الحفاظ على الاحترام المتبادل، وهو أمر كان مفقودًا فى السنوات الأخيرة، ودفع البلدين إلى الانفصال. إن الدولتين اللتين يمكن وصفهما بأنهما الأقدم والأصغر سنا على هذا الكوكب، لهما مصلحة فى تعزيز الروابط بين شعبيهما، والعمل معًا على التصدى للتهديدات والتحديات المشتركة، والتعاون على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بين البلدين.