رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الصرخة" الأغلى فى العالم.. ثمنها 120 مليون دولار

الصرخة
الصرخة

هل جربت يوما أن تحلل لوحة فنية، وتستوحي منها فكرة لقصة قصيرة، أو جربت أن تتأمل لوحة ما، لتجد نفسك أسيرها، وتتوحد معها وتخلق قصيدة.

في كتاب "قصيدة وصورة" للراحل عبد الغفار مكاوي (1930-2012)، يستعرض عددًا من اللوحات العالمية التي شكلت مصدر إلهام للعديد من شعراء العالم في كتابة قصائدهم، مثل اللوحة الشهيرة "العميان" للفنان العالمي بيتر بروجيل الأول، التي ألهمت الشاعر الألماني فالتر باور، فكتب قصيدة حملت نفس اسم اللوحة.

كذلك لوحة "الموناليزا"، التي رسمها أشهر فناني عصر النهضة ليوناردو دافنشي، والتي كانت مصدرًا لإلهام عشرات الشعراء في كتابة قصائدهم، أمثال الأيرلندي إدواد دودن، والإنجليزي والتر هور اشيو باتر، وغيرها من اللوحات التي استدعت حواس الشعراء للكتابة.

أما ما يعنينا هنا "الصرخة"، اللوحة الأشهر للفنان النرويجي، وأحد رواد الحركة التعبيرية إدفارد مونش، رسمها عام 1893م، وهي من أغلى 10 لوحات في العالم، إذ بيعت عام 2012 بمزاد علني، بمبلغ 120 مليون دولار.

و"الصرخة" لمن يتأملها صورة لشخصية معذبة تصرخ خوفا ورعبا واكتئاب واضحة فوق جسر، وهي تصور ذلك الألم الخاص بالحياة الحديثة، وقد أصبحت أيقونة دالة على الخوف الإنساني، إذ تخلق السماء الحمراء شعورًا بالقلق والخوف وتكون الشخصية المحورية فيها أشبه بالتجسيد الشبحيّ للقلق.

تأثرت الشاعرة مارجوت شاربنبرج، المولودة في كولونيا سنة 1924 م، باللوحة إلى حد بعيد، دفعها إلى الاستغراق فيها، وتأملها بطريقة خلقت معها قصيدة جديدة إلى الحياة حاملة الاسم ذاته، ونفس الإحساس، ضمن ديوانها "آثار"، الذي أصدرته دار النشر جيليس وفرانكه في مدينة دويسبورج سنة 1973م.

وتقول في القصيدة:

"غناء.. فوق الماء.. وموسيقى الماء.. لا تطفئها إلا النار.. غناء فوق الجسر.. وصراخ عذاري.. لم يتغن به إنسان.. من أجل الصمّ.. عبّر عنه الفنان.. كي لا يهووا.. في جوف الصورة.. كالعميان.. الصرخة.. كالشلال.. تطلق بأصابع يد.. توغل في البعد.. إلى أميال.. تشبه قبضة حجر.. فوق الجلد.. الطبلة.. فاغرة الفم".

وهكذا تنسجم الشاعرة مع اللوحة، وتعبر عن افتنانها بها، وعن عبقرية مونش، الذي قال عنه الدكتور شاكر عبد الحميد، أستاذ علم الإبداع النفسي، في كتابه الفن والغرابة: "من بين كل الفنانين الذين عبروا عن معاناتهم بالصراخ كان «إدفارد مونش» 1863-1944 الذي أنتج صورة واحدة شهيرة اخترقت الطبيعة كلها، ونفذت إلى قلبها من خلال صرخة مفاجئة تتردد أصداؤها في الأفق ولا يمكن مقاومة الإحساس بالفزع واليأس الذي تحمله، حيث يسهم كل عنصر في التكوين في خلق الحالة الانفعالية"