رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أصحاب المعاشات يدعمون الخزانة العامة.. هل يُعقل؟


إنهم أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم.. يمتلكون تحويشة عمرهم التى تقدر بـ«تريليون جنيه» بالحسابات والفوائد.. رغم أن وزيرة التضامن تعترف رسميا بديون قيمتها 634 مليار.. ثم تتوالى الاعترافات حتى وصلت الديون إلى 684 مليار جنيه!!.. مع العلم أن هذه الأرقام منزوع منها 50% من الفوائد خلال السنوات العشر الماضية وحتى الآن.. أى أننا نمتلك التريليون جنيه بالحسابات والفوائد.. وأيضا بـ«بشرع الله».. لكن: أين هى أموالنا الآن؟!.. للأسف الشديد.. مئات المليارات منها صكوك غير قابلة للتداول وبفائدة 8%.. مع العلم أنه لا توجد أى فائدة بنكية الآن بنسبة هذه الفائدة.. لسبب بسيط جدا.. وهو أن أموالنا لا يوجد من يحميها أو يدافع عنها سوى من بددوها وأهدروها ونهلوا منها.

والسؤال: كيف يمكن أن يحموها؟!.. نضيف إلى ذلك أن هناك أيضا مئات المليارات من الجنيهات بفائدة 9% تحت مسمى سندات.. وهى أقل فائدة تُمنح للسندات رغم أن الحكومة تحصل على سندات بنكية تصل إلى 16%!!.. أى أن أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم يدعمون ماديا الخزانة العامة.. ويدفعون وحدهم فاتورة هذا الدعم من صحتهم وحياتهم.. مما جعلهم الآن فى أسوأ حالاتهم عبر تاريخهم كله.. وهذا يعنى أننا نقدم الدعم للخزانة العامة من بطوننا الجائعة وصحتنا المتدهورة.. نعم والله صحتنا المتدهورة بسبب عجزنا عن شراء الدواء والعلاج.. أى أننا دعمنا الخزانة العامة من أموالنا!!

مع العلم أن الخزانة العامة نفسها دعمتنا بالجوع والفقر والمرض!!.. وهنا نسأل: من هذا الذى يدعى أن الخزانة العامة تدعمنا ؟!.. إن العلاوات الاجتماعية تتحملها الخزانة العامة لكل العاملين فى الدولة.. أى العاملين فى الحكومة والقطاع العام والأعمال على السواء.. وهى تُقدم ذلك منذ سنوات طويلة لمواجهة هذا التضخم والارتفاع المجنون فى الأسعار.. أى أن ما نحصل عليه ليس دعما كما يُقال.. بل تعويضًا عما نتعرض له من أعمال بسبب السياسات الخاطئة.. وبمعنى أوضح ليس دعما لرفع مستوى معيشتنا.

إننا نتقاضى معاشاتنا من إيرادات التأمينات.. يدفعها كل الملايين الذين يعملون الآن فى الحكومة والقطاع العام والأعمال والقطاع الخاص.. وذلك من إيرادات هؤلاء فنحن نحصل على معاشاتنا الشهرية.. وهناك نسبة محدودة من فوائد أموالنا لدى الخزانة العامة.. أما باقى الفوائد فهى فى ذمة التاريخ.. حيث رفضت وزيرة التضامن تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا بأحقية كل صاحب معاش فى 80% من العلاوات الخمس الاجتماعية التى كانت تُصرف عندما كنا فى العمل.. وعند خروجنا إلى المعاش نزعت منا.. مع أنها صادرة بقانون ولا يجوز منعها أيضا إلا بقانون.

وزيرة التضامن تدعى دائما عدم وجود أموال لديها لتنفيذ الحكم.. ومن يُرد حقه فعليه أن يذهب إلى المحاكم.. أى المطلوب من 9 ملايين من أصحاب المعاشات أن يتوجهوا إلى المحاكم بصفة فردية.. مع لفت الانتباه إلى أن هناك من حصلوا على أحكام نهائية تؤكد حقهم فى صرف أموالهم؟.. إذن فأين أموالنا؟!.. كما أن وزيرة التضامن تعلن أنه ليس لديها أموال!!.. وبعد ذلك يخرج علينا مسئول الخزانة العامة ليعلن أنه يُقدم دعما بـ52 مليار جنيه لأصحاب المعاشات!!.. وللأسف الشديد لم يُعلن عن إصلاحات اقتصادية أو يتحدث عن تعويم الجنيه الذى هو فى الحقيقة إغراقه وليس تعويمه.. حيث يتضح ذلك فى أن قيمة الجنيه الواحد أصبحت أقل من 50 قرشا.. أى أن أصحاب المعاشات انخفضت معاشاتهم خلال الشهور الماضية إلى أقل من النصف من حيث القيمة الشرائية.. وهذا هو ما يزيد من معاناتهم وتعرضهم للخطر الآن.. بل إن حياتهم نفسها أصبحت تتعرض لهذا الخطر.. ونقولها صريحة للجميع: «لقد تخلى عنا الجميع.. ولم نجد ولو مسئولا واحدا يحاول معرفة ما تم ارتكابه ضد أموالنا من جرائم.. وحتى الأحزاب والقوى السياسية والكُتاب.. أصبحوا- للأسف الشديد- يتهربون من التصدى لأزمة أصحاب المعاشات الـ9 ملايين أسرة!!.. والتى أصبحت أموالهم عبارة عن حزمة ورق داخل الخزانة العامة ولا أحد يريد أن يقترب من هذا الملف الأسود.. فمن الملاحظ بعد استخدام القوة ضدنا فى أسوأ معانيها- أصبح الحوار معنا ممنوعا.. بل من المحرمات إلى حين!!.