رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تمثال المطرية».. ولادة قيصرية أجهضت التاريخ تنتهى باكتشاف «لص فرعونى»

تمثال المطرية
تمثال المطرية

«لولا عثرتم على.. لكنت معززا مكرما في باطن الأرض».. كلمات كاد أن ينطق بها «تمثال المطرية»، الذي أعلن عنه مؤخرا خلال الكشف الأثري الأخير للبعثة المصرية الألمانية بمنطقة سوق الخميس، بحي المطرية، بعد أن عانى الأمرين خلال رحلة شاقة وطويلة استمرت لأيام عجاف ما بين ولادة قيصرية مجحفة أجهضت التاريخ، ارتكب خلالها جارحو الآثار أخطاء فادحة بحق الحضارة الفرعوينة، وما بين اندثار هوية صاحبه والتي لم تستطع وزارة الآثار الكشف عنها حتى الآن بعد تخبطها بين رمسيس الثاني وبسماتيك الأول، إذ أكد وزيرها الدكتور خالد العناني أنه لا يستطيع الجزم بهويته لحين العثور على باقي القطع الأثرية في موقع الحفر.

«تمثال المطرية»، هكذا أُطلق عليه، بين أوساط الرأي العام وكذلك الساحتين السياسية والإعلامية، والتي أثارت طريقة استخراجه بمنطقة سوق الخميس، باستخدام المعدات الثقيلة «اللودر» و«الونش»، مرورا بلعب الأطفال به أثناء تركه في العراء، ثم تغطيته بالبطاطين، وعملية نقله إلى المتحف المصري بميدان التحرير، وانتهاء باكتشاف مفاجأة حول نسبه، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي فأصبح المولود الجديد حديث «السوشيال ميديا» خلال الأيام الماضية.

واجتاحت موجة من السخرية و«الكوميديا السوداء» مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب طريقة استخراج التمثال الأثري مجهول الهوية بالمطرية، بعد استخدام فريق البحث معدات ثقيلة وحفارا في استخراج التمثال، وتركه في العراء ليلهو به الأطفال ويقيموا بجواره «حفلات السيلفي».

لم تقف سخرية مواقع التواصل الاجتماعي من طريقة استخراج التمثال، وكيفية التعامل مع كشف أثري لا يقدر بثمن، إلى هذا الحد، بل امتدت لتطال معظم برامج التوك شو الحوارية، حيث شن مذيعوها هجوما حادا على مسئولي الوزارة الذين لم يستخدموا الأساليب العلمية الحديثة في استخراج الآثار وفقا لما رآه البعض، خاصة بعد استخراج التمثال على شكل قطع.

الاستخراج بالمعدات الثقيلة

بدأت معاناة التمثال باستخراج البعثة الأثرية لـ«رأسه» من باطن الأرض بمعدات ثقيلة «البلدوزر» و«الونش»، وهو ما أثار جدلاً ليس فقط في وسائل الإعلام المحلية، ولكن في الصحف العالمية، باعتبار أن هذه لم تكن الطريقة المثلى لاستخراج كشف أثري جديد.

في حين بررت البعثة الأثرية الأمر، بأن استخدام المعدات الثقيلة كان ضروريا، لأن وزن رأس التمثال وصل إلى 4 أطنان ونصف الطن.


وسيلة ترفيه للأطفال
لم تقف المعاناة عند هذا الحد، بل بعد استخراج رأس التمثال ترك ملقى على الأرض، دون حراسة، أو تغطية، وهو ما جعل أطفال المطرية يتخذونه وسيلة للتسلية والترفيه؛ بالصعود أعلاه والقفز من فوقه، وهو ما دفع البعض إلى تغطيته بـ«بطانية سبايدر مان» لحمايته من لهو الأطفال.

مجهول الهوية
وبعد انتشال التمثال بشكل كامل من الأرض، ونقله إلى المتحف المصري، الخميس الماضي، تمهيدا لعرضه بحديقة المتحف؛ فجر وزير الآثار خالد العناني، مفاجأة حول التمثال، بأنه ليس كما تم ترويجه يعود للملك رمسيس الثاني، مشيرًا إلى أنه تم اكتشاف "رموز على ظهر التمثال" أكدت أنه لشخص آخر سيتم الإعلان عنه في مؤتمر صحفي تعقده الوزارة في السادسة مساء نفس اليوم.


وبعد أن أعلن وزير الآثار الدكتور خالد العناني، عن نسب تمثال المطرية خلال المؤتمر، موضحا أنه يعود إلى الملك بسماتيك الأول، ألمح في كلمات مقتضبه، لم يعيرها الحضور اهتماما، إلى وجود احتمالية أن يكون التمثال ليس لـ«بسماتيك الأول» ويكون لرمسيس الثاني، مشيراً إلى أنه لم يتم حسم هل كان التمثال لـ«بسماتيك» أم كان لرمسيس وقام بوضعه باسمتك، لافتًا إلى أن الاسم الثالث في النص المكتوب مكسور.

وأشار إلى أن الملك الوحيد الذي حصل على اسم نبعق المحفور على ظهر التمثال، هو بسماتيك الأول، مضيفًا: «لن نجزم بشيء، هناك احتمالية كبرى من خلال الاسم أن يكون بسماتيك الأول، والأكيد أنه واضع التمثال واسمه كتب عليه، لكننا ننتظر أن نجد باقي الأجزاء ونعرف من باقي النصوص أشياء أخرى».


وأطل علينا الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، ليصرح أن السمات الفنية لتمثال المطرية ترجع إلى عصر الملك رمسيس الثاني.

وأضاف خلال مداخلة هاتفية، أجراها مع الإعلامي محمد الغيطي، مقدم برنامج «صح النوم»، المذاع عبر فضائية «إل تي سي»: أن احتمال أن يكون الملك بسماتيك أخذ التمثال ووضع اسمه عليه ليقدمه قربان للإله رع، خاصة وأن والد بسماتيك كان يعمل بوظيفة دينية لدى إله الشمس في هيلوبوليس، في إشارة إلى أن بسماتيك «لص» سرق ميراث رمسيس الثاني.

وتابع «حواس»: لا يمكن لأحد في الأسرة الـ26، أن يقوم بصنع تمثال بهذه الضخامة، والحفاري المستقبلية ستؤكد أن التمثال ملك لرمسيس الثاني، ليبقى نسب تمثال المطرية المكتشف مجهول حتى إيجاد باقي القطع الأثرية.