رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أصحاب المعاشات يؤذنون في مالطا.. فمن يسمعهم؟


منذ مئات السنين.. لم يكن فى مالطا مسلمون أو مساجد.. وخرج المثل الشعبى «بيأذن فى مالطا».. يعنى ببساطة كده.. بنتكلم و مفيش حد- أى حد- سامعنا!!. ومنذ سنوات تم بناء مسجد فى مالطا بعد أن تواجد المسلمون فيها.. وأصبح هناك أذان ومسلمون يسمعون الأذان ويتوجهون للصلاة.. لكننا هنا فى مصر.. لم يسمعنا أحد رغم أننا كنا ومازلنا نصرخ.. وفى بعض الأحيان نستغيث.. ورغم ذلك لم يسمعنا أحد!!.


قامت كل الحكومات السابقة وحتى الحالية بالاستيلاء على أموالنا.. استغلوا فينا كبر سننا وأمراض تفتك بأجسادنا ولا يوجد من يحمينا ويدافع عنا.. لذا فكان الاستيلاء على أموالنا سهلا ولا يحتاج إلى أى صعوبة.. نعم كانت أموالنا ومازالت بلا حُراس وبدون حراسة.. لذلك تم الاستيلاء عليها بقرارات أو بدون!!.. من يُصدق.. نحن مُلاك «التريليون جنيه» بالحسابات والفوائد وبدون لف أو دوران.. ورغم ذلك أصبحنا نعيش آلاما مُبرحة من تطبيق سياسة التجويع ضدنا.. استخدموا معنا تلك السياسة حتى «عجزونا» عن شراء الدواء والعلاج.. فأصبحنا الآن بلا غطاء اجتماعى أو صحى رغم كل الاحتجاجات والتظاهر ومخاطبة كافة المسئولين بلا استثناء.. ورغم ذلك لم يسمعنا أحد.. ولو من باب جبر الخاطر بكلمة حتى طيبة!!.

الملايين منا أصبحوا فى حالة لم يروها من قبل.. بل نتعرض لقسوة مدعومة بقوة رغم ضعفنا الشديد من كثرة ما تعرضنا له منذ سنوات.. لقد انخفضت القيمة الشرائية للجنيه مع ثبات ما نتقاضاه من معاشات إلى 50%.. أى أن الجنيه أصبح 50 قرشًا.. وذلك عقب صدور قرارات سموها «الإصلاح الاقتصادى».. فتم بذلك إغراق الجنيه فى بحر يعوم الدولار فقط..!!. كنا ومازلنا نتمنى أن يسمعنا أحد.. لكن فى ظل التضييق على الحرية لم يعد هناك من يسمعنا.. ندرك جيدًا ونعلم تمامًا ما يتعرض له الوطن من أخطار فى الداخل والخارج.. لكن هل وحدنا ندفع الفاتورة دون غيرنا؟.

نحن ملاك «التريليون جنيه».. لم يعد فى مقدورنا الاستمرار فى هذه الحياة بعد أن أصبحت الضربات توجه لنا يوميًا وبلا توقف.. ارتفع التضخم.. أى الزيادة المجنونة للأسعار.. تم التهام القيمة الشرائية لمعاشاتنا.. الملايين منا تخطت مرحلة العيش فى أزمة إلى العيش فى كارثة لم تمر علينا خلال رحلة عمرنا.

فهل يمكن لأسرة تعيش، فى ظل جنون الأسعار، بمعاش قدره 500 جنيه.. وأحيانا أقل من ذلك؟!.. نحن نتقاضى معاشاتنا من إيرادات التأمينات التى يدفعها الملايين التى تعمل الآن فى كل مؤسسات الدولة العامة والخاصة.. وأيضا فوائد أموالنا.. لكن الضربة كانت قوية وعنيفة بعد أن تم الاستيلاء على كامل أموالنا.. وأصبحت الفوائد تأتينا محدودة.. بل إن نسبة كبيرة من تحويشة عمرنا استمرت سنوات طويلة بدون فوائد.. وتسبب كل هذا فى حياة انتحارية نتعرض لها دون انتحار.. أى بـ«الموت البطىء».. والحقيقة أن الموت السريع أرحم لنا من هذا الموت البطىء.

نحن مُلاك «التريليون جنيه» نصرخ.. ولم يسمع صراخنا أحد.. نستغيث ولم يسمعوا صوت استغاثتنا.. طرقنا كل الأبواب.. ولم نجد ولو مسئولا واحدا حتى «يعبرنا أو يرد علينا».. كنا نتمنى أن نكون مخطئين.. لكن للأسف كنا صادقين!!.. نعم كنا ومازلنا صادقين وهم يعلمون أننا أصحاب حق.. وبعضهم أصحاب باطل..! ومع ذلك: هل يمكن استمرار هذه الحالة.. هل يمكن أن نستمر طويلًا فى الحديث عن قضيتنا وهم لا يسمعون.. وكأننا نعيش فى وطن آخر!!.

لن نصمت على هذا الظلم فى حقنا.. شاء من شاء.. وأبى من أبى.. سوف نجعلهم يسمعوننا.. ولن يستمر خداعنا وتكميم أفواهنا وتضليلنا طويلا.. فلم يعد لدينا فى الحياة بقية.. نحن يا سادة نتساقط الآن من التجويع الممنهج والمقصود: فهل تريدون التخلص منا حتى يتسنى لكم ابتلاع أموالنا؟!.. لقد وهبنا عمرنا كله دفاعًا عن هذا الوطن.. كما دفعنا نسبة كبيرة من أجورنا أثناء العمل حتى نعيش بقية حياتنا فى أمن وأمان.. لكن جاءت الرياح على غير ما يشتهى أصحاب المعاشات!!.. لذا فإننا نطالب بالتحقيق الجنائى لما حدث لتحويشة عمرنا ضد كل من تسببوا فيما نحن فيه الآن.. أى أننا نطالب بكشف الحقيقة فقط.. فهل هذا بكثير علينا؟!.

وهل يمكن تشكيل لجنة قضائية مستقلة تحقق معنا ومعهم.. فإذا كنا مخطئين.. حاكمونا.. وإذا كان من تسببوا فيما نحن فيه الآن هم المخطئون فحاكموهم.. لكن استمرار هذا التجاهل.. يجعلنا متأكدين أن هناك جريمة وقعت علينا وعلى أموالنا.. كما أن الذين يرفضون سماعنا الآن.. سوف يندمون على ذلك.. فالجريمة التى وقعت على أموالنا لم ولن تسقط بالتقادم طبقا لـ«المادة 17 من الدستور».. نعم.. صحيح أنهم يستغلون تقلبات الحياة السياسية التى تمر بها البلاد الآن ويحتمون خلفها.. ونحن ندفع الثمن.. لكن هذا الوضع لن يستمر طويلًا.. وسوف نجعلهم نحن يسمعوننا مهما كانت مناصبهم أو الحماية التى يتمتعون بها!.