رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مواجهة العنف ضد النساء.. ضرورة حتمية


العنف من الظواهر المتواجدة منذ بدء الخليقة، وقد ارتبط وما زال بالبيئة الاجتماعية التى يعيش فيها الإنسان والوسط الذى يتأثر به، ومع التقدم العلمى بدأ يظهر تقسيم مختلف للعنف، حيث تعددت أشكاله وبأنواع جديدة فأصبح منها: السياسى، الدينى، والأسرى الذى انقسم هو أيضًا إلى: أسرى ضد المرأة، أسرى ضد الأطفال، أسرى ضد المسنين.. والعنف هو ذلك السلوك المقترن باستخدام القوة الفيزيائية المضرة حسيًا أو معنويًا.. ويقول العلماء إن «العنف يكتسب مع الوقت».. مدللين على ذلك بأن «الإنسان عندما ولد لم يكن عنيفا بطبعه، ولكن مشكلات الحياة اليومية وعنف الآباء هى التى تغرس فى خلايا المخ موروثات تجعل العنف أحيانًا لدى الإنسان منهجًا ووسيلة لمواجهة الآخرين».



ومع التطور الزمنى الحادث.. قسم علماء الاجتماع العنف إلى ثلاثة أنواع هى: لفظى، نفسى، وجسدى.. وقالوا إنه إحدى صور القصور الذهنى حيال موقف، ودليل من دلائل النفس غير المطمئنة وصورة للخوف من الطرف الآخر مهما تعددت أشكال ذلك الخوف، وكذلك انعكاس للقلق وعدم الصبر والتوازن، ووجه من وجوه ضيق الصدر وقلة الحيلة ويعد مؤشرًا لضعف الشخصية ونقصانًا فى رباطة الجأش وتوازن السلوك.

وأيًا ما تكون العلة الفسيولوجية أو البيئية.. فالعنف مرفوض حضاريًا وأخلاقيًا وسلوكيًا واجتماعيًا.. فالنظرة الدونية للمرأة هى نتاج ثقافة متخلفة ليس لها أى أساس دينى..فالإسلام كرم المرأة وأعطاها من الحقوق الإنسانية ما لم تكن تحلم به.. والمرأة فى الإسلام لها مكانة اجتماعية مرموقة وشأنها كبير فى الحياة العامة والخاصة.. وقد كفل لها الإسلام حقوقها وأقر مساواتها بالرجل لقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «النساء شقائق الرجال لهن ما لهم وعليهن ما عليهم».. ولا يختلف اثنان فى كون العنف ضد النساء متفشيًا فى المجتمع.. ومن هذا المنطلق اهتمت مؤسسات المجتمع المدنى فى اليمن بقضايا المرأة، وهى بلا شك قضية أساسية ومحورية لدولة ناشئة تتطلع إلى التنمية الاجتماعية.

فمؤسسات المجتمع المدنى الحكومية وغير الحكومية لا تألو جهدًا فى القضاء على السلبيات التى تؤثر على مكانة المرأة فى الأسرة والمجتمع وتشجيع الرأى العام والمؤسسات العامة على تدعيم قضايا المرأة من منظور اجتماعى متقدم يعزز من مكانتها فى المجتمع اليمنى وفى المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية تحقيقًا للتنمية الشاملة التى تدفع بالمجتمع اليمنى نحو التقدم والرخاء... كما أن الإسلام نظم العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع كافة، وقد كان السباق فى مواجهة أى شكل للأذى والعنف يمكن أن تتعرض له المرأة والطفل على حد سواء، حيث جاء فى القرآن الكريم «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة» والآية الكريمة «وإذا الموءودة سئلت بأى ذنب قتلت»... كما وردت أحاديث للنبى صلى الله عليه وسلم «إن النساء شقائق الرجال» وقوله «استوصوا بالنساء خيرًا» وكذلك «ما أعزهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم».. وكلها رسائل عظيمة تعزز رسالة الإسلام فى تقدير المرأة واحترامها. مواءمة القوانين لمبدأ الترابط بين التدخل وتحميل الجانى المسئولية وضرورة تأهيله مع مراعاة المصلحة الفضلى للأسرة، ويعرف العنف الأسرى بأنه نوع من الإيذاء النفسى أو الجسدى يمارسه أحد أفراد الأسرة على المتضرر ينتج عنه فقدان الأمان والراحة.

ومن نتائج العنف الأسرى تفكك الروابط الأسرية وانعدام الثقة وتلاشى الأحاسيس بالأمان وتهديد كيان المجتمع... إن المرأة والرجل قد يرتكبان أخطاء، والرجل قد يكون لديه نوايا حسنة ولكنه يحتاج إلى تطوير السلوك والأداء، والمرأة أيضا تحتاج إلى أن تتعرف إلى ما يؤدى إلى تأزم العلاقة مع الزوج والمحيطين بها من أب وأخ ويساعد فى ذلك الخبراء والإخصائيون دينيًا وطبيًا لإنقاذهما من خلال برامج، مثل برنامج وئام، كأولوية تحول دون قهر أحد أفراد الأسرة والعمل بعدالة وتنحاز للمظلوم دون الوصول للقهر ووجود قدرة على حل الخطأ... كما أن العنف ضد المرأة يشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ويعوق أو يلغى تمتع المرأة بهذه الحقوق والحريات الأساسية، وإذ يقلقها الإخفاق منذ أمد بعيد، فى حماية وتعزيز تلك الحقوق والحريات فى حالات العنف ضد المرأة. وإذ تدرك أن العنف ضد المرأة هو مظهر لعلاقات قوى غير متكافئة بين الرجل والمرأة عبر التاريخ، أدت إلى مشاكل بين الطرفين مطلوب معالجتها... وقد حظى العنف الأسرى بالاهتمام والدراسة نتيجة عِظم دور الأسرة.. كما أنه نمط لسلوك عدوانى يظهر فيه القوى سلطته وقوته على الضعيف بهدف تسخيره فى تحقيق أهداف وأغراض خاصة.. مستخدما بذلك كل وسائل العنف، سواءً أكان ذلك جسديًا أم لفظيًا أو معنويًا، وليس بالضرورة أن يكون الممارس للعنف هو أحد الأبوين، وإنما الأقوى فى الأسرة، ولا نستغرب أن يكون الممارس ضده العنف هو أحد الوالدين إذا وصل لمرحلة العجز وكبر السن.. وعلى ذلك فإن العنف الأسرى هو أحد أنواع الاعتداء اللفظى والصادر من قبل الأقوى فى الأسرة ضد فرد أو الأفراد الآخرين وهم يمثلون الفئة الأضعف، مما تترتب عليه أضرار بدنية أو نفسية أو اجتماعية... فكلما ارتفع مستوى ثقافة المجتمع ودرجة وعيه.. قل مقدار العنف الأسرى، وعلى العكس كلما انحدر الوعى والثقافة داخل مجتمع ما ارتفع مقدار هذا النوع من العنف.

وجدير بالذكر أن هناك بعض أفراد المجتمع المؤمن بثقافة العنف لا يؤمنون بتلك العادات والتقاليد السيئة.. ومع ذلك يقعون فيها تحت وطأة الضغوط الاجتماعية.. ويعتبر الدافع الاقتصادى فى كثير من المجتمعات مسئولًا إلى حد كبير عن العنف الأسرى؛ فالفقر والبطالة ينتج عنهما نقص الموارد المادية مما يخلق شعورا بالقلق والخوف، وهو الأمر الذى يؤدى إلى الزوج الذى يتعرض للمعاناة والصراعات فى مجاله لفقدانه الشعور بمكانته وقوته فى التحكم فى عمله أو التعامل مع زملائه أو أى عنصر أو عناصر أخرى فى البيئة الخارجية لكنه عندما يعود إلى منزله يمارس القوة على أفراد الأسرة.