رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوسف زيدان .. زرادشت نبيا .. والمعراج حق ..

علاء أبوحقه
علاء أبوحقه


ليس كل مثقف مفكر وليس كل مفكر حكيم .. فالحكمة نور منه يهدي إليه .. ومن الحكمة أن نضع الفلسفات والأقوال القديمة تحت مظلة الدين .. لا أن نضع الدين تحت مظلة الفلسفات والأقوال القديمة لنحكم من خلالها على أمور ديننا .. إنما نحكم على كل الفلسفات والأقوال القديمة من خلال ديننا ..
فعندما وضع الدكتور يوسف زيدان أمورنا الدينية تحت مظلة الفلسفة والأقوال القديمة فقد نفي معراج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بل رآه إسرائيليات و قصص فارسية قديمة أو كما قال : ( قصة المعراج روجها القصاصين في القرون الأولى ودول ناس كانوا بيقعدوا ع القهاوي ويحكوا حاجات أغلبها إسرائيليات ومن التراث الفارسي ، وفيه قصة معراج زرادشت ) كما نشر في الصحف منذ ساعات .. اليوم 6 مارس ..
الدكتور يوسف لم يأتي بجديد .. فقد سبقه بني إسرائيل والملحدين في إنكار معراج النبي بزعمهم أيضا أنه فكرة سبقها إليها زرادشت في بلاد فارس وقد كررها محمد بعد قرون في الجزيرة العربية ..
و هيهات أن يستقر فكر الدكتور يوسف .. وهيهات هيهات أن يستقر فكر بني إسرائيل والملحدين في أذهاننا بعدما تواتر عن رسول الله أنه عرج به إلى السماوات .. وفتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة .. فكلمه ربه سبحانه بما أراد .. وفرض عليه الصلوات الخمس وكان سبحانه فرضها أولا خمسين صلاة .. فلم يزل نبينا محمد يسأله التخفيف حتى جعلها خمسا .. و علماؤنا أهل السنة والجماعة تناولوا أمر معراج النبي وأثبتوه .. فلا داعي للنقل والتكرار ..
إنما الداعي هو وضع تعاليم زرادشت تحت مظلة ديننا الحنيف .. لمعرفة إذا ما كانت تتوافق مع أمور شريعتنا الغراء أم تخالفها منذ وجودها قبل ميلاد عيسى عليه السلام بستة قرون ونصف .. ففي هذه الفترة أخبر زرادشت الناس في منطقة بلاد فارس أنه نبيا مرسلا من الإله الواحد .. وأخبر الناس أن الإله الواحد قال عن نفسه: ( أنا الحافظ .. أنا البديع .. أنا العليم الخبير .. مانح الصحة .. ( أهورا ) الرب ( مزدا ) المحيط بكل علم .. القدوس الجليل .. الملك الذي لا راد لقضائه .. الأحد الذي لا يخيب مؤمله .. الذي لا يمكر به .. القاهر لكل شيء العظيم .. النور .. الحكيم .. خير الحاكمين ) وهذا ما جاء في المخطوطات وفي الكتب والتي من أهمها كتاب تعاليم زرادشت للإنجليزي الدكتور س.أ. كاپاديا S.A. Kapadia ..

وتلك التعالم التي تتوافق مع تعاليم ديننا جاءت عقب معراج زرادشت المتشابه مع معراج خير خلق الله .. فزرادشت أثناء اعتكافه في جبل سابلان ظهر له ( فوهو مانو ) كبير الملائكة وأخبره أنه مرسل إليه كي يصطحبه إلى السماء ليعرف ( آهورا مزدا ) الله الواحد .. وفي معراجه رأي العرش .. وثواب الصالحين في الجنة .. وعقاب الظالمين في جهنم .. ووصف ذلك وما رأي من نور الأنبياء وصفا دقيقا مطولا .. ثم قال أنه سمع صوت يقول له : ( العبد الأمين اذهب إلى العالم المادي وتكلم بالحق للخلائق حسب ما رأيت وعرفت وتخبر الحكماء.. ولما قال ـ ذلك ـ .. وقفت باهتا لأنني رأيت نورا ولم أرى جسما وسمعت صوتا وعرفت إن هذا هو الإله )

ليعود زرادشت بعد ذلك يتحدث الإله .. وعن نور محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم من خلال إخباره أن الله خلق من نوره أول رجل .. لينتقل هذا النور بالتتابع من واحد إلى آخر .. وتحدث زرادشت عن الحور العين .. و عنهن تحدث تابعيه القدماء بلفظ ( الهور ) قائلين أنهن لمن يظهر البسالة في الحروب ويقتلون فيها ( أي الشهداء ) .. ذلك بجانب التحدث عن قصه عزازيل ( ذات أسم رواية الدكتور يوسف زيدان ) وعزازيل عند تابعي زاردشت القدماء هو إبليس والذي قالوا أنه كان يعبد الله .. وهذا التوافق لم يكن في أمر إبليس وحور العين والشهداء والنور المحمدي فقط .. لكنه توافق أيضا في أمور أخرى منها الجن والذاريات ..

والأمر المهم أيضا هو دعوة زاردشت إلى الصراط المستقيم للنجاة من جهنم .. والذي ورد في كتاب بلغة بهلوية يسمى دينكرت وفيه نصا قال : ( إني أهرب من الخطايا الكثيرة أحافظ على نقاوة وطهارة سلوكي ... حسب إرادتك يا مسبب الأعمال الصالحة العظيم وإني أؤدي عبادتك بعدالة بحسن الفكر والقول والعمل لأستمر في الطريق الباهية لكي لا أعاقب بعقاب جهنم الصارم بل أعبر على جينود ـ الصراط ـ وأصل إلى ذلك المسكن المبارك ) .. ليحض الناس في تعاليمه إلى أفعال الخير بترنيمته 2/5 وفيها قال : ( أن الرب الحكيم بالغ العظمة له العرش .. وبهذا القول في أفواهنا سنحول البشر من فرائس للشر إلى كائنات خيرة ) ..

وفي دراسة للباحث الإسلامي الدكتور الشفيع الماحي أحمد بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك سعود قد انتهي فيها إلى أن زرادشت كان نبيا .. وقد تحرفت تعاليمه إلى المجوسية اليوم .. وذلك بعد مطابقة مذهلة بين خير خلق الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبين النبي زرادشت .. وشرح تلك المطابقة في أمور منها الإسراء والمعراج .. وقضية شق الصدر .. بالإضافة إلى رؤيا أم زرادشت لملاك يخبرها بولاتها نبي وقد خرج منها نور ملأ بيتها وقت الولادة .. بجانب أمور أخرى من أبرزها الشهادة لكل من اعتنق دين النبي المرسل بقوله: ( أشهد بأني مؤمن بالله الخير الغني وأتبع زرادشت رسوله الكريم )

فكون زرادشت أتي بهذه التعاليم وأبلغها فذلك يعفيه من مسئولية تحريف المجوس لتعاليمه بعد قرون بعبادتهم النار اتقاء لشرها وإشراكهم بالله .. فالله يحكم بينهم .. فقد ذكر سبحانه أمر المجوس ذكرا مباشرا في قوله تعالي : ( ِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ..
فإذا كان بني إسرائيل والملحدين كذبوا بتعاليم النبي زرادشت وكذبوا بمعراج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معتبرين أنه أخذ هذه الفكرة من زرادشت وقالها في الجزيرة العربية نقلا عن سلمان الفارسي رضي الله عنه .. وإذا كان الدكتور يوسف زيدان نفي أيضا معراج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورآه أيضا من التراث الفارسي .. فإن وضع تعاليم زرادشت تحت مظلة تعاليم ديننا أثبتت أنها تتوافق و ديننا الحنيف وتكذب زعم بني إسرائيل والملحدين بعدما أثبت علماؤه تواتر أمر معراج النبي .. ولذا نقول .. يوسف زيدان .. زرادشت نبيا .. والمعراج حق ..

باحث إسلامي علاء أبوحقه