رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إنت.. أخبار سمعتك إيه؟


«اعتن جيدًًا بسمعتك.. لأنها ستعيش أكثر منك». صدقت يا شكسيبر.. فأفعالك بالأمس هى سمعتك اليوم.. وأفعالك اليوم هى سمعتك غدًا.. فالسمعة لا تورث وليست وليدة اللحظة، إنما تكتسبها على مر الأيام والسنين لأنها تحتاج لكثير من الوقت لبنائها.. وإن السمعة هى التى ستبقى بعد رحيلك.

السمعة الحسنة لا تأتى بسهولة وبسرعة، بل تأتى بعد العديد من المواقف وبمرور الوقت.. السمعة الحسنة هى نتاج الصدق، الأمانة، الاحترام، حسن الخلق، الكرم، الشرف، عفة اليد واللسان.. حتى شفيعك وشفيعى محمد، صلى الله عليه وسلم، ساعدت سمعته الطيبة والحسنة على انتشار الإسلام.. فلا تنس كلمات «هرقل»، ملك الروم، لأبى سفيان عندما سأله: «هل عهدتم عليه كذبا»؟.. فقال أبوسفيان: «لم نعهد عليه كذبًًا».. فقال هرقل: «إنه لم يكن ليدع الكذب على الناس، ثم يذهب ليكذب على الله».. هذه هى سمعة نبيك!!!.

تغير الزمان.. تغيرت الأماكن.. وأصبح أهل هذا الزمان لا يهتمون «بسمعتهم».. فكل الاهتمام بـ«المال والثروة، المنصب، الشهرة».. ومن أجل الوصول إلى تلك الأهداف يبررون لأنفسهم الرشوة، السرقة، الكذب، النفاق.. تناسى أهل هذا الزمان أن «السمعة قوة.. إما أن تعليك، وإما أن تدنيك».. وإنه لابد أن يكون من بين أهدافك الحفاظ على السمعة الحسنة.. لأنك إذا خسرتها فلن تستطيع استعادتها مهما فعلت.. تناسى مسئول هذا الزمان أن يحرص على سمعته الطيبة، وأنه يجب عليه عدم استخدام أو مخالطة أو اختيار إلا أصحاب السمعة الحسنة أيضًا.

السمعة المبنية على أفعال، مهارات، إنجازات، شرف وأمانة، خبرة فى مجاله، تميز، عدل، حزم، رحمة، حسن خلق، قدرة على التطوير والإبداع وحل المشاكل وليس خلقها، يتمتع بأفكار خارج الصندوق، صاحب موهبة علم الإدارة، يتميز برجاحة العقل، بالحكمة.. وإلا لن يقتنع الناس بهذا المسئول أو الوزير أو رئيس الوزراء أو بأى أحد من رجاله لأنه محاط دائما برجال عليهم علامات الاستفهام!!.

أصدقاؤك، معاونوك، رفاقك هم عنوانك وجزء من سمعتك.. حتى الدول لها سمعة يجب المحافظة عليها.. فقد خسرت ألمانيا الحرب ولكنها لم تخسر سمعتها.. ولا ننسى كلمة أحد الألمان عندما حاول أحد مواطنيه أن يسبقه فى الطابور فقال له: «نعم.. لقد خسرت ألمانيا الحرب.. ولكننا لن نسمح أبدا بأن يخسر الشعب الألمانى سمعته فى أنه شعب يحترم النظام».. ولا ننسى الجنرال «ليانج»، ملك الصين، الذى اشتهر بدهائه وشجاعته ومكره فذاعت سمعته بأنه أقوى أهل الأرض.. وفى أحد الأيام، بعث الملك بكل جيوشه إلى معسكر بعيد وبقى معه عدد من الخدم، فانتهز أحد أعدائه فرصة ذهبية وهى وجود جيشه خارج البلاد وقرر الهجوم عليه.. وعند اقتراب الأعداء من سور المملكة، طلب «ليانج» منهم أن يرفعوه إلى أعلى جزء من سور المملكة وأن يختبئوا جميعًا.. وأمسك عودًا وأخذ يضرب على أوتاره مغنيًا ومدندنًا.. فما كان من قائد أعدائه إلا أن أمر أتباعه بالانسحاب بعد أن شاهد صلابة الرجل.. ثم تراجع ظنًا منه أن جيش الملك قد عاد إلى البلاد.. فانتصرت سمعة الملك القوى على جيش عدوه دون أن تراق قطرة دم واحدة.

والآن.. إذا أراد الجميع النجاح فى معركة بناء مصر وإعادة سمعتها كبلد «مهد الحضارات» و«الأصالة والعراقة».. فعلى الجميع بداية من القمة إلى أصغر موظف أن يسأل نفسه: «أخبار سمعتى إيه»؟.. موعدنا الإثنين المقبل إن شاء الله