رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» تنشر نص مذكرة عدم دستورية «الخدمة المدنية»

 عبد العال وشريف
عبد العال وشريف اسماعيل

حصلت «الدستور» على نسخة من مذكرة الدفاع المقدمة لهيئة المفوضين بمحكمة القضاء الإدارى، بشأن عدم دستورية قانون الخدمة المدنية.

وتطالب المذكرة بإلزام مجلسى الوزراء والنواب، بتقديم مضابط لجنة القوى العاملة بمجلس النواب بشأن القانون، والمكاتبات المتبادلة بين اللجنة وبين قسم التشريع بمجلس الدولة، وصورة طبق الأصل من توصيات قسم التشريع بشأنه، وبيان تاريخ بداية ونهاية دور الانعقاد الأول الذى عرض فيه مشروع القانون، وميعاد تقديم مشروع القانون فى هذا الدور، وميعاد إقراره فى الدور الثانى.
وطالب الطعن المقام من المحامى على أيوب، المسجل برقم «68448 لسنة 70 قضائية» بوقف تنفيذ قرار المطعون ضده الأول بإحالة مشروع قانون الخدمة المدنية إلى اللجان النوعية المختصة بمجلس النواب، لمخالفته صراحة نص المادة 122 فقرة أخيرة من الدستور.
 وجاء فى المذكرة أن المادة ٢٦ من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، تنص على أن الناس جميعًا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أى تمييز بحق متساو فى التمتع بحمايته، وفى هذا الصدد يجب أن يحظر القانون أى تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأى سبب، العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأى سياسيًا أو غير سياسى، أو الأصل القومى أو الاجتماعى، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.

وأضافت المذكرة أن قانون الخدمة المدنية جاء مخالفا لمواد الدستور والمواثيق الدولية التى صدقت عليها مصر واعتبرت جزءا من تشريعاتها الداخلية بموجب نص المادة 151 من الدستور المصرى، وتشكل تلك النصوص الدستورية حماية للمواطنين وقيدًا على السلطة أيا كانت طبيعتها فى ممارسة أعمالها ، فهى من زاوية تشكل قيدًا على السلطة التشريعية عند تشريع القوانين، حيث يجب أن تلتزم وتراعى عدم مخالفة تلك النصوص الدستورية، ومن زاوية أخرى تشكل قيدًا على السلطة التنفيذية (أو جهة الإدارة) أثناء تنفيذها القوانين واللوائح، وعند إصدارها القرارات الإدارية.

ولما كان قرار المدعى عليه الأول والقاضى بإحالة مشروع قانون الخدمة المدنية إلى اللجان النوعية المختصة بمجلس النواب يعد معيبًا دستوريًا لمخالفته صراحة نص المادة 122 فقرة أخيرة من الدستور، فالقانون قد خالف وأهدر تلك النصوص جميعًا، حيث إن الطاعنة قد شكل القانون الطعين بالنسبة لها انتهاكًا لحقوقها المكفولة بنصوص الدستور المصرى والتى اعتبرت المحكمة الدستورية الالتزام بها هى الحد الأدنى الواجب توافره فى الدول الديمقراطية، الأمر الذى يجعل القانون مخالفًا للدستور المصرى مستوجبًا الطعن عليه بعدم الدستورية.

وأحال مجلس النواب مشروع قانون الخدمة المدنية إلى مجلس الدولة بعد مناقشة جميع بنوده والموافقة عليه مبدئيا، رغم اعتراضات الموظفين ورفض النقابات المستقلة، ورفض البرلمان القانون فى يناير الماضى مضمنا رفضه فى 20 سببًا، مؤكدة المذكرة أن تلك الأسباب لم تتغير ومع ذلك وافق المجلس عليه فى نفس دور الانعقاد .

وأكدت المذكرة، أن الدستور يقر بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، لكن قانون الخدمة المدنية يستثنى بعض الجهات والهيئات من التطبيق ومنها هيئات قناة السويس والنقل العام والسكك الحديدية واتحاد الإذاعة والتليفزيون ومثيلاتها، وتقول الحكومة إن الجهات والهيئات المستثناة من قانون الخدمة المدنية هى التى لها لوائح خاصة تنظم شئونها.

ويتضمن القانون كذلك، بحسب المذكرة «إفراطًا» فى منح السلطة المختصة حق التحقيق أو توقيع الجزاءات على الموظفين أو الفصل من العمل دون الإحالة للمحكمة التأديبية، وينص القانون على أن الموظف الذى يصدر بشأنه تقريران سنويان متتاليان بتقدير ضعيف، يتعرض لسلسلة متدرجة من الإجراءات التى قد تنتهى بإصدار توصية بفصله من قبل لجنة الموارد البشرية بالجهة التى يعمل بها، وكما هو الحال فى توقيع الجزاءات نص القانون الجديد على «حق السلطة المختصة فى تقرير مكافآت تشجيعية للموظفين»، ويقصد القانون بتعبير السلطة المختصة الوزير أو المحافظ أو رئيس الهيئة.

بالإضافة إلى تشجيع القانون للخروج المبكر على المعاش، وبالتالى سَتتحمل التأمينات أعباءً مالية كبيرة من المفترض أن تتحملها الدولة وليست المعاشات، لافتة إلى أن «تحميل المعاشات تلك الأعباء المالية سيعرض ميزانيتها للنضوب السريع وسنجد أجيالا لا تتقاضى معاشات».

ورأت أن تجميد المكافآت والبدلات والحوافز «أمر كارثى» على مستوى معيشة الموظفين بالجهاز الإدارى للدولة، خاصة فى ظل ارتفاع سعر الدولار وضعف القوة الشرائية للجنيه المصرى، وجَمدت الموازنة العامة للعام المالى 2016-2017 المكافآت والبدلات والحوافز «الأجر المُكمل» لكبح جماح النمو فى الإنفاق على الأجور الحكومية.

فضلًا أيضًا عن «عدم ضم خدمة سنة أقدمية لحملة الماجستير والدكتوراه والاكتفاء بعلاوة التميز العلمى»، ورفع القانون الجديد نسبة حافز التميز العلمى من 2.5% إلى 7%، لكن النسبة لا تزال غير مُرضية للموظفين المعترضين عليه.

وتابعت أن القانون استثنى بعض الهيئات ما أثار غضب الموظفين لمخالفة ذلك للدستور، ولم تقم الحكومة بمراعاة ذلك فى مشروع قانونها الجديد، حيث نص فى المادة الأولى منه على «يعمل بأحكام القانون المرفق فى شأن الخدمة المدنية، وتسرى أحكامه على الوظائف فى الوزارات ومصالحها والأجهزة الحكومية ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة، وذلك ما لم تنص قوانين أو قرارات إنشائها على ما يخالف ذلك»، وتفتح الجملة الأخيرة المجال أمام استثناء فئات من تطبيق القانون مثلما حدث قبل ذلك وأثار ضجة وغضب عدد كبير من الفئات المطبق القانون عليها.

وأنشأ القانون مجلسًا للخدمة المدنية دون صلاحيات، وأقر فى المادة الثالثة منه على إنشاء مجلس للخدمة المدنية، وهو مجلس استشارى لا سلطة له فى تنفيذ أو اتخاذ أى قرارات للارتقاء بمستوى العمل الإدارى، ويتوقف دوره على إبداء الرأى فيما يطرح من قضايا الخدمة المدنية والقوانين المطروحة، وتقديم المقترحات حول برامج التدريب والأخلاقيات المهنية للموظفين .

وشرحت المذكرة، أن مشروع قانون الخدمة المدنية سيترتب عليه مشاكل عملية خطيرة فى مجال المساءلة التأديبية على المخالفات المالية، فقد أغفل بيان مدى سريانه على العاملين ذوى «الكادرات الخاصة»، الذين تنظم شئونهم وتوظفهم قوانين خاصة، فيما لم تنص عليه هذه القوانين الخاصة، وذلك قصور يتنافى وطبيعة قانون الوظيفة العامة.

وأغفل ضم مستشار من النيابة الإدارية إلى عضوية لجنة الخدمة المدنية، رغم أن إبداء الرأى فى القضايا المتعلقة بأخلاقيات موظفى الخدمة المدنية من بين اختصاصات اللجنة، كما بينتها المادة ٣ من مشروع القانون، وهو ما يرتبط ارتباطًا مباشرًا بما تكشف عنه التحقيقات الإدارية عن التزام الموظفين بواجبات وظائفهم من عدمه، بما لا يتأتى العلم به إلا للمتخصصين من الهيئة القضائية المنوط بها دستوريا التحقيق فى المخالفات التأديبية، بما يستوجب أن يتضمن تشكيل اللجنة أحد نواب رئيس هيئة النيابة الإدارية.

وذكرت أن القانون ابتدع معيارًا جديدًا لتحديد المخالفات المالية التى تختص النيابة الإدارية وجوبيا بالتحقيق فيها، وهى المخالفات التى يترتب عليها ضرر مالى يتعذر اقتضاؤه من الموظف، وذلك بهدف تقليص اختصاص النيابة الإدارية فى هذا الصدد، دون مبرر مقبول، كما أن تقليص العبء على النيابة الإدارية فى التحقيقات غير مطلوب، فمنذ عام ١٩٨٣ وتصل نسبة إنجازها للقضايا إلى ٩٦٪ سنويا، الأمر الذى يلقى بالكثير من الشكوك حول دواعى هذا التعديل والرغبة الحقيقية من ورائه.

وأغفل كذلك النص على غل يد جهة الإدارة عن مباشرة التحقيق فى ذات المخالفات التى تباشر النيابة الإدارية التحقيق فيها، على النحو المنصوص عليه فى قانون العاملين المدنيين بالدولة الحالى لمنع ازدواج التحقيقات بين النيابة الإدارية وجهة الإدارة، وهى ضرورة عملية لا مناص من النص عليها لمنع ازدواج التحقيقات وتكرارها.