رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نص كلمة البابا تواضروس في مؤتمر «الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل»

صورة من  الحدث
صورة من الحدث

شارك البابا "تواضروس الثاني"، صباح اليوم الثلاثاء، في المؤتمر الدولي «الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل»، والذي ينظمه الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين، برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.


ورحب البابا، في بداية كلمته، بجميع الحضور، مشيدا بالصورة الجميلة للمؤتمر، والتي تحتضن كل الأديان في محبة وإخاء.

وأشار إلى حاجة العالم إلى المحبة العملية والسلام الحقيقي، مضيفا: لقد عانت مصر والمنطقة العربية كلها - ومازالت - من الفكر المتطرف الناتج عن الفهم الخاطئ للدين. والذى أدى إلى ما نواجهه اليوم من عنف وإجرام وإرهاب، والذي يعد من أخطر تحديات العيش المشترك.

وفي رؤيته للمشكلة، طرح البابا ثلاثة محاور، قائلا إنها ترصد أساس المشكلة، وتضع مداخلا للحل، أولها الفكر المتشدد والمتطرف والعنف الناتج عنه، سواء كان إرهابا بدنيا، أو فكريا، أو معنويا. مرجعا هذا التطرف إلى التربية الأحادية القائمة على الرأي الواحد.


وبحسب البابا، فيتمثل المحور الثاني في غياب ثقافة احترام الآخر، فيكون الشخص أشبه بمن ينظر فى مرآة لا يرى فيها إلا نفسه، أما المحور الثالث فهو الجهل بالآخر. مضيفا: هذه نقطة غاية في الأهمية، والمقصود بها العقلية المتطرفة التي تخلق لها أعداءً من صنع الخيال.

 

ورأى البابا أن الحل يكمن في ثلاثة أبعاد، الأول: تقديم البعد الديني بصور مستنيرة وعصرية، والثاني، في التنوع. مضيفا: التنوع غنى الإنسانية، وإذا غاب التنوع عن الإنسان صار فقيرًا، أما الثالث فهو بناء القيم الإنسانية النبيلة.


وأردف البابا خلال كلمته، قائلا إن المتطرف يعالج بالفكر المستنير فلا يمكن قتل وجهة نظر أو سجنها لذلك لابد من مواجهته بإرساء خطاب بنائي مستنير وليس خطاب إنشائي.


وأوضح أن الدين حل للمشكلة لا جزء منها، فالجهل بالتعاليم الدينية هو العامل الرئيسي الذي يقف وراء تبني بعض الآراء المتشددة المتطرفة.


وناشد البابا رجال الدين الاضطلاع بمهامهم، قائلا: نحن كرجال دين علينا مسئولية كبرى فى إرساء هذا الخطاب العصري المستنير، فنحن نعيش في القرن 21، والذي له أدواته ومعطياته وأساليبه. وقد نختلف فى الهوية الدينية، لكن لا نختلف في الهوية الوطنية.


وأضاف قائلا إن منهج الصراع هو الاختلاف، والذي ينشئ خلافًا، ثم صراعًا، ثم استبدادًا، ثم انقسامًا. أما المنهج الحضاري العصري والذي تنشده كل شعوب الأرض، أن التنوع ينشئ الحوار والحوار يدور في دائرة التعارف والتسامح والعيش المشترك.


ولوحدة الوطن هناك ثقافة الحوار وهناك ثقافة الشجار وهناك ثقافة الجدار. الجدار تعني أنه لا يستجيب لأي حوار. نحن نشجع ثقافة الحوار الدائمة مثلما في هذا المؤتمر الكريم.


وتابع: نريد أن تكون مجتمعاتنا تؤكد دائما على قيمة الاختلاف والتنوع واحترام الآخر واحترام التعددية الدينية، والتي هي أساسًا أمر شخصي يخص الإنسان في قلبه ويقابل به ربه بعد نهاية حياته. ونؤكد على نشر ثقافة التسامح والتعايش المشترك وحب الحياة والخير والجمال.


وأكد على قبول حق التعبير وتشجيع الحوار بصورة إنسانية وبصورة حضارية نحتاج كثيرًا أن نبني الإنسان الذي يبني هذا الزمن، ونأخذ من الأديان المبادئ والقيم الإنسانية الأساسية التي تتيح له أن يفهم وجوده وقصد الله في خلقته نحتاج أن يكون العقل منفتحًا.


وشدد قائلا: نحتاج إلى بناء الوعي الإنساني باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي. والأساليب الإعلامية الجديدة، في ترسيخ المفاهيم الصحيحة، كما نحتاج أن ندعم دور المرأة في التوعية خاصة في مجال الأسرة والتربية والطفل.

 

ودعا إلى الاهتمام بالأسرة بشكل خاص، باعتبار أنها الأساس والركيزة، وأنها هي التي تبدأ العمل مع الإنسان في صغره وفي نموه وفي حياته والإنسان عندما يشبع في أسرته من الحب يستطيع أن يواجه المجتمع، ويستطيع هذا الحب أن يحفظه من كل تطرف. مستشهدا  بآية من الإنجيل تقول: "اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ" (أم 27 : 7).

 

وواصل: النفس الشبعانة من الحب تستطيع أن تدوس العسل، عسل الإغراءات والتطرف وكل هذه الأعمال التي نراها في زمننا هذا.

 

واختتم البابا كلمته قائلا: نود أن نؤكد أننا في تعايش أبناء الوطن الواحد في إطار القيم الإنسانية المشتركة، وعلى أساس الاحترام المتبادل بين الجميع، فإن هذا يؤدي بالحقيقة إلى الاستقرار والتقدم، بما يضمن دائمًا أفضل السبل لحياة أوطاننا والعالم أجمع، ونصلي أن يبارك الله كل هذه الجهود المخلصة فى بناء أوطاننا وبناء الإنسان في هذه المنطقة الغالية التي شهدت ولادة الأديان، ونصلي أن يحفظ الله بلادنا من كل شر وأن يسود السلام ربوع العالم، والمجد لله دائما.