رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أصحاب التريليون.. والاحتجاج حتى الموت


نمتلك -نحن أصحاب المعاشات- مبلغًا يُقدّر بـ«تريليون» جنيه، يمثل تحويشة عمرنا كله.. كنا نعتقد أن «القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود».. كان هذا المثل أمامنا ونحن نعمل طوال رحلة عمرنا.. لكن هذا الرقم تسبّب فى طمع كل الحكومات، بما فيها هذه الحكومة، فينا وفى أموالنا.. هكذا أصبح «التريليون» جنيه الذى نملكه هو السبب فيما نحن فيه الآن.. خرجنا فى خمسة احتجاجات متتالية.. لكن بلا فائدة.. سمع صوتنا شعبنا كله.. لكن لم يسمعنا مسئول واحد.. بل أرادوا ألاّ يسمعونا.. نحن ملاك «التريليون» نعلن أننا سنستمر فى الاحتجاج.. مهما كان الثمن.. ولن يستطيع أحد أن يمنعنا ونحن نصرخ ونطالب بالحياة فقط.. لكن ما سبب هذا كله!!.



كنا نعتقد أنه بعد ثورتين وما حدث فيهما ستكون حياتنا أفضل لنستمر فيها.. لكننا -للأسف الشديد- أصبحنا نعلم ونرى أن كل أحلامنا كانت أحلامًا فقط.. أصبحنا نعيش على كابوس اسمه ثورتان.. بل دستور يتحدث عن العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، بل حق المواطن.. لكن الحياة والواقع وما واجهناه أكدت لنا أن الثورتين مثلتا لنا «ضربتين» جعلتنا نترنّح بدلاً من أن نقف على أقدامنا.

فمن يصدق أن أكثر جرائم العصر وحشية هى التى ارتُكبت ضدنا نحن الملايين من أصحاب المعاشات.. وكذلك أموالنا «تحويشة عمرنا».. تكمُن الجريمة فى تفاصيل أموالنا، وكما يقولون إن الشيطان يسكن دائماً فى التفاصيل!!.. فهناك مئات المليارات بفائدة 8% ومنذ سنوات طويلة.. لكنها صكوك غير قابلة للتداول: فهل هناك فائدة بهذه القيمة الآن؟!.

ولماذا تلك الفائدة على أموالنا فقط؟!.. هناك أيضًا المليارات تحت مسمى سندات بفائدة 9%.. مع أن فوائد سندات الخزانة تتجاوز ذلك.. بل وصلت إلى 16%.. لكن لماذا أموالنا بالذات؟!.. وهناك الرقم الأشهر 162 مليار جنيه.. وهو الرقم اليتيم بلا فوائد على الإطلاق.. والغريب أن تعلن وزيرة التضامن دائماً وأبداً وفى جدية غريبة أنها تستثمر 119 مليار جنيه فى الشركات والبنوك الاستثمارية.. ومع ذلك فهى لا تريد الحديث عن أن مكافآت الأرباح يحصل عليها أنصارها ومن يؤيدون سياستها!!.. هكذا نعيش نحن ملاك «التريليون».. لقد استغلوا فينا كِبَر سننا وضعف قدرتنا على المقاومة والأمراض التى تفتك بجسدنا بعد رحلة العمر الطويل.

لكن -للأسف الشديد- فقدوا قدرتهم على معرفة ما هو مخزون فى صدورنا من وطنية اكتسبناها عبر تاريخ طويل من الدفاع عن هذا الوطن والانتماء إليه.. هذا هو السر الذى لا يريدون معرفته.. لكننا نعلمه وهو الحقيقة الوحيدة المؤكدة داخل صدورنا.. بل إن هذا السر أصبح يمثل لنا القدرة الحقيقية على الدفاع عن أنفسنا.. كما أصبح المخزون الوطنى فى صدورنا هو درع القوة الذى جعلنا نخرج فى احتجاجات غير مسبوقة.. نعلن رفضنا لسياسة التجويع المقصودة والعجز الدائم لاستمرارنا فى الحياة.. إننا ملاك «التريليون» لن يستطيع أحد أن يُسكتنا رغم ضعف جسدنا وقدرتنا التى مر عليها زمن طويل.. كنا نعتقد أن هذا «الكابوس» لن يأتى بعد كل ما قدمنا لهذا الوطن بكل مراحله.

لقد طرقنا كل أبواب المسئولين بلا استثناء.. فلم يسمعنا أحد.. بل سمعوا واستمعوا إلى من بدّدوا أموالنا.. بل لمن اعتدوا علينا وعلى أموالنا؟!.

إننا ملاك «التريليون» أخطأنا فى فهمنا.. كنا نعتقد أن هناك دستوراً يحمينا وقانوناً يدافع عنا.. لكن للأسف طبق علينا العكس.. رفعنا راية المقاومة للدفاع عن أنفسنا فكانت النتيجة وحشية وظالمة.. تعرضنا للتحقيقات.. بل ذهبنا إلى كل درجات المحاكم من الجنح والاستئناف.. حتى الجنايات.. فمن يصدق هذا ؟!.. ما هى الجريمة التى ارتكبناها حتى يحدث لنا ذلك ؟.. وهل أصبح الدفاع عن أنفسنا وأموالنا بعد رحلة عمرنا الطويل جريمة أيضاً؟!.

هل نصمت أو نسكت؟.. ونحن نتعرّض للموت مع سبق الإصرار والترصد بسبب سياسة التجويع والتوزيع غير العادل للفقر والظلم؟!.. لقد حصلنا على كروت ذكية تمنحنا الفقر والمرض شهريًا ويسمون هذا عدالة توزيع الفقر!!.. إننا ملاك «التريليون» سنقاوم حتى الموت.. نعم سنقاوم من أجل الحياة نفسها.. أى أننا مُصرّون على الموت دفاعًا عن أنفسنا.. سنقف الآن أمام ميدان العدالة كى تحكم لنا المحكمة باستعادة 80% من العلاوات الخمس الاجتماعية السابقة على خروج كل منا إلى المعاش.. كما ننتظر حكم المحكمة الدستورية العليا فى الحد الأدنى، بحسب ما ورد فى الدستور.. أى أننا لم ولن نتوقف عن الاحتجاج والخروج إلى الميدان، رغم كل ما نقابله من محاولات المنع والقهر.

إن الذين اعتدوا على أموالنا وعلينا يستغلون الأوضاع السياسية للبلاد حتى يخفوا ويتخفوا خلفها.. وحتى لا يحاسبهم أو يسألهم أحد.. كما أن الذين اعتدوا علينا وعلى أموالنا أصبحوا الآن تحت الحماية والحصانة.. وهم بذلك يعتقدون أنهم حققوا الانتصار علينا.. وللأسف الشديد لم يسألهم أحد عما ارتكبوه بحقنا.. بل أصبحوا فوق الحساب نفسه.. إننا سنقاوم وسنتحدى الهزيمة حتى ننتصر، مع التأكيد على رفضنا التام للتوقيع على أى شروط للتسليّم.. وسيأتى يوم يُحاسب فيه كل من اعتدوا علينا.. مهما طال الزمن.. أخيراً ندعو كل الرموز الوطنية الشريفة لأن تشارك فى الدفاع عنا كأصحاب معاشات نتعرض الآن لاعتداء وحشى.