رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أخطر شهادة لقيادى سابق عن الجثة التى لا تهدأ

عمر عبدالرحمن صنم الجماعة الإسلامية المدنس

عمر عبدالرحمن
عمر عبدالرحمن

ما إن أعلنت وفاة عمر عبدالرحمن، مفتى الجماعة الإسلامية، داخل السجون الأمريكية، حتى تعالت ردود الفعل فى القاهرة، بعضها بالدعاء عليه والشماتة فيه باعتباره نبى الدعوة إلى سفك الدماء، والبعض الآخر بالدعاء له باعتباره سجن ظلمًا فى الولايات المتحدة.


مات عمر عبدالرحمن «3 مايو 1938 – 17 فبراير 2017» ولا شماتة فى الموت ولكن عبرة وعظة.


مات عمر والآلاف ممن تلظوا بنار فتاواه يرجمونه.. ويصبون عليه جام غضبهم، فكم من أسرة ترملت وفقدت عائلها برصاص واحد من الذين يدينون له بالسمع والطاعة أو أسرة فقدت ابنها بعد أن غيبته فتاوى عمر، فدفع حياته ثمن تطبيق تلك الفتاوى وكأنها قرآن منزل من السماء.


وعلى الجانب الآخر يقوم أتباعه بإسباغ هالات من التقديس عليه وتفسير مواقفه بالطريقة التى تساعد فى جعله أيقونة من الأيقونات التى يتغنى بها ما يسمى تيار الإسلام السياسى لاستمرار جذب المزيد من الأنصار، فهو العالم الربانى.. ما بين هؤلاء وهؤلاء أقف لأتساءل:

ما الظروف والمواقف والشخصيات التى صنعت شخصيته؟


وهل لاتزال تلك الظروف قائمة لتصنع لنا جيلاً جديدا من عمر يدخل البلاد فى دوامة العنف والدم؟ أم هذه الظروف انتهت؟ وهل يستحق الرجم أم التقديس؟


فى هذه السطور أستعرض محطات فى حياته محاولًا الإجابة عن هذه الأسئلة، وأنا هنا لن أتناول محطات حياته بالتفصيل، ولا أتناول عبادته وصومه وقراءته القرآن وصبره على سجنه وذهاب بصره ومرضه، فتلك أشياء بينه وبين ربه وقد أفضى إلى ما قدم وما يهمنا ما تركه للناس من فتاوى.

 



«الشيخ الضرير».. يٌكفِّر عبدالناصر ويحِّرم الخروج فى جنازته

بعد وفاة جمال عبدالناصر أصدر عمر المعيد فى كلية أصول الدين بالأزهر الشريف فتوى بتكفيره وبعدم جواز صلاة الجنازة عليه.. اعتقل على إثرها فى 13 أكتوبر1970 لمدة تسعة أشهر. لم يكن إصداره تلك الفتوى سوى ترديد لأفكار جماعة الإخوان التى غسلوا بها أدمغة أتباعهم فاعتقدوا جميعاً «أن أى اضطهاد للإخوان هو اضطهاد للدين ذاته».


وبنظرة سريعة لما كتبه جابر رزق فى كتابه «مذابح الإخوان فى سجون ناصر»:

«ومنذ عرف أعداء الإسلام حقيقة دعوة الإخوان وأدركوا مراميها وأهدافها وهم يتصدون لها فى خصومة شديدة وعداوة قاسية وحقد أسود ويضعون فى طريقها العراقيل ويصدون أمامها كل الأبواب، واستعانوا فى ذلك بالرؤساء والزعماء وذوى السلطة، وجندوا لذلك كل الحكومات فى محاولات يائسة للحد من نشاط الجماعة وتعطيل مسيرة الدعوة، وأنزلت بالإخوان المحن فأعدموا وسجنوا واعتقلوا وشردوا وصودرت أموالهم، وعطلت أعمالهم، وفتشت بيوتهم، وطالت بهم المحن ربع قرن من الزمان». نتبين بوضوح أن هذه الفتوى لم تصدر سوى تحت تأثير جماعة الإخوان الطاغى على أتباعها وعلى كل أفراد وجماعات ما يسمى التيار الإسلامى، فهى كما تطلق على نفسها بحق «الجماعة الأم»، فمن العبث الاستهانة بتلك الجماعة وبآلتها الإعلامية الجبارة. 


ومن العبث أن يخرج أحدهم ويقول إن عمر كان مؤيدًا لثورة 30 يونيو.



«داعية الدم» دكتوراه فى تكفير المخالفين.. وترسيخ قيم التطرف

حصل على الـدكتوراه، وكان موضوعها، «موقف القرآن من خصومه كما تصوره سورة التوبة» تناول فيها علاقة المسلمين بخصومهم من المشركين وأهل الكتاب والمنافقين فى ضوء ما تصوره سورة التوبة.


لم يستطع فى رسالته للدكتوراه أن ينشر الفهم الصحيح، ويزيل عن الإسلام ما شابه من فهم خاطئ وتصرفات مسيئة.. بل استمر ككثير من الفقهاء فى ترسيخ الممارسات الفقهية الخاطئة التى ترسخت عبر قرون ليظنها الناس دينًا.


مثال ذلك آية السيف، وهى الآية الخامسة من سورة براءة «فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم».


وهذه الآية نزلت فى السنة التاسعة من الهجرة لتعالج ظرفا محليا خاصا بالجماعة المسلمة والتى كانت فى حالة حرب مع بعض القبائل المناوئة وهناك اتفاقات محددة الأجل مع بعضها واتفاقات غير محددة الأجل.


والمعنى الواضح كما يقول عبدالجواد يس «إن الآية تتعامل مع مسألة محددة وهى العهود المبرمة مع القبائل العربية فى إطار العنوان العام لحالة الحرب القائمة منذ سنوات، أى تواجه موقفاً ظرفياً محلياً خاصاً تشير مفرداته إلى مدد محددة»، «أربعة أشهر تبدأ من الإبلاغ يوم الحج الأكبر، أو خمسين يومًا تنتهى بالمحرم آخر الأشهر الحرم المعروفة» وإلى قبائل معينة مثل خزاعة وبنى مدلج، الذين وفوا بعهدهم واستثنتهم الآيات من الأجل المضروب»؟


وإلى أماكن خاصة «عند المسجد الحرام وعرفة» ولم تكن تواجه موقفًا تشريعيًا عامًا أو مجردًا.


إلا أنه قد ساير كثير من الفقهاء الذين نحو بهذه الآية منحىً مغايرًا وأخرجوها عن سياقها ودلالاتها.


وانظر إلى ابن العربى وهو يقول هذه الآية تقتضى «نسخ كل عفو وصفح وإعراض وترك حيث ورد فى القرآن» الناسخ والمنسوخ ص190.


وانظر لابن خزيمة ويعدد فى الناسخ والمنسوخ ما نسخته آية السيف فيقول نسخت:

قوله تعالى «وقولوا للناس حسنا» البقرة 98.

وقوله «ولاتعتدوا إن الله لا يحب المعتدين» البقرة 190.

وقوله «لا إكراه فى الدين» البقرة 256.

وقوله «وما على الرسول إلا البلاغ» المائدة 99.

وقوله «وما أنت عليهم بوكيل» الأنعام 107.

وقوله «ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم» الأنعام 108.

وقوله «وجادلهم بالتى هى أحسن» النحل 125.

وقوله «وإذاخاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا» الفرقان 63.

وقوله «لكم دينكم ولى دين» الكافرون 6.

وقوله «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين» الممتحنة 8.

والمعنى الذى يقتضيه قول هؤلاء الفقهاء أنه بعد هذة الآية لا تسامح ولا صفح وسلام وإنما حالة حرب مع العالم حتى يدخل فى دين الله أفواجًا.


هذا الفهم الخاطئ الذى ترسخ عبر قرون طويلة وسايره عمر فى رسالته هو ذلك الرباط الذى وثق العرى بينه وبين الجماعات الجهادية لتنصبه أميراً عليها فى 1980.


وهذا الفهم الخاطئ لنصوص القرآن وإخراجها عن سياقها وإفراغها من مضمونها ودلالاتها أدى إلى نتائج خطيرة:


أولاها: أن الدعوة إلى الله لهداية الخلائق بكل ما تحمله الدعوة من معان عظيمة وقيم كلية نبيلة إنما هو مرتبط بمرحلة استضعاف المسلمين حين يواجهون خصمًا قويًا أو يعانوا من قلة عدد.


أما حال القوة وتغير الموازين فى صالح المسلمين فلا مجال للدعوة، فالطريق لهداية الخلائق هو الجهاد.


ثانيتها: تقسيم العالم إلى قسمين دار إسلام ودار حرب وإنزال أحكام ما أنزل الله بها من سلطان.


ثالثها: إلغاء الدعوة الإسلامية

يقول ابن العربى، فى تعليقه على آية السيف «واقعدوا لهم كل مرصد»، قال علماؤنا يقصد المالكية فى هذا دليل على جواز اغتيالهم من قبل الدعوة.


أى قبل أن تدعو إلى الإسلام من ليس على الإسلام يجوز لك قتله وهذا معنى جد خطير أن تمنع نفسك من الدعوة إلى الله وتكتم الدعوة وتقتل من لم تبلغه تلك الدعوة أو بلغته غير صحيحة، فهذا منع للرحمة وأى مسلم هذا؟


إنه لا يحمل بين طياته شفقة أو رحمة للناس وما يؤمن به ليس هداية للعالمين وإنما يحمل بين جوانحه نفسا مجرمة فهو قاتل فى زى مسلم.. لا يحمل هداية للناس.


وما يقوله هو أمر متناقض مع النص المكى الصريح فى النهى عن ِإكراه الناس للدخول فى الإسلام انطلاقاً من الطبيعة الاختيارية للإيمان «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» يونس 99، وكذلك مع النص الدنى «لا إكراه فى الدين».


وتصحيح هذه المفاهيم الخاطئة المترسخة عبر قرون هو حقيقة تجديد الخطاب الدينى الذى أن يتبناه الأزهر.



«مفتى اللصوص» أجاز استحلال دماء المسيحيين للحصول على ذهبهم
كانت احتياجات التنظيم المسلح بقيادة عمر للمال الكثير لا تنقطع وأكبر مما يملكون، ولم تف أموال التجارة لسد متطلبات التنظيم، فسنحت لهم فرصة، فقرروا استغلالها وأعطى عمر لهم الشرعية بفتواه.


يقول على الشريف، عضو مجلس شورى الجماعة «وذلك أن النصارى قاموا بالاعتداء على بعض المسلمين فى الزاوية الحمراء، وحدث ما يسمى الفتنة الطائفية، واجتمع مجلس الشورى كعادته فى حدوث أى أمر جلل، وكان النقاش يدور حول كيفية الرد على النصارى، ولابد أن نقتل عددًا كبيرًا منهم كما قتلوا فى الزاوية الحمراء عدة أفراد مسلمين، وحتى لا يتجرأ النصارى مرة أخرى على المسلمين، وكاد النقاش يستقر على اقتحام كنيسةمن كبرى كنائس النصارى يوم الأحد وقتل أكبر عدد منهم بالسلاح الآلى والقنابل اليدوية.


وقبل أن نأخذ التصويت على هذا الرأى عرضت على المجلس فكرة جديدة وهى أن نقوم باقتحام عدة محلات للذهب التابعة للنصارى ونقتل أفرادها انتقامًا لقتلى المسلمين فى الزاوية الحمراء، ونأخذ الذهب لكى نتمكن من شـراء السلاح والسيارات والإنفاق على معسكرات التدريب لأن التنظيم المسلح يحتاج إلى أموال طائلة ونحن لا نملك إلا المال القليل.


فعاد النقاش مرة أخرى ليدور حول هذا الاقتراح مكاسبه ومفاسده ونتائجه واحتمالاته، وأفتى الشيخ عمر بحل أموال النصارى الذين يتعاونون مع الكنيسة أو يحاربون الإسلام أو يعادونه فاستقر الرأى أخيرًا على الموافقة على هذا الاقتراح وتم تكليفى بالتنفيذ.


فكانت عملية نجع حمادى. يقول على الشريف «وقمت على الفور بإبلاغ مجلس الشورى والشيخ عمر بتمام العملية».


وبعد أسبوع تقريبًا ذهبت إلى مكان الذهب، وأخذته، وأرسلته إلى الشيخ كرم، حيث قمنا ببيعه وشـراء عدة سيارات وموتوسيكلات وعدة بنادق آلية وطبنجات، واشترينا حاجيات المعسكر من بطاطين وأطعمة وأدوات مطبخ وغيرها.


وكانت حصيلة القتلى والجرحى من النصارى ثمانية قتلى وجريحين ومقدار الذهب خمسة كيلو ونصف الكيلو وعدة كيلوجرامات من الفضة».


بعد أن نجحت عملية نجع حمادى انفتحت شهية التنظيم فى القاهرة إلى أموال الأقباط. لقد كان الفقر محركهم للسـرقة، فالفقر مبيد الأخلاق، ولكنهم أرادوا غطاءً شـرعيًا يستر سوءتهم، وقد أعطاهم عمر عبدالرحمن بفتواه هذا الغطاء فهم لصوص بثياب شرعية بفضل فتوى عمر.

فكانت عملية شبرا.


وفى تحقيقات النيابة العسكرية فى قضية اغتيال الرئيس السادات التفاصيل الكاملة


المحقق: وما مصادر تمويلكم؟

عبود الزمر: ليست لنا مصادر تمويل من الخارج.. والذى حدث أن الجماعة قامت بتنفيذ عملية «غنيمة» على محل ذهب يملكه نصـرانى فى منطقة شبرا الخيمة، وأخذت الجماعة نحو نصف كيلو ذهب، لأن الخزانة كانت مقفولة وبيع هذا الذهب بما يزيد على أربعة آلاف جنيه، وقد حدث ذلك فى وقت الإفطار فى رمضان الماضى «1981»، وقام بالعملية نبيل المغربى ومعه أفراد من الجماعة، لا أذكر أسماءهم، وقد وضعت بنفسى خطة مهاجمة محل الذهب، الذى نسيت اسم صاحبه الآن، وكانت الخطة تتلخص فى اقتحامه بنحو ستة أفراد، ثلاثة فى الداخل واثنان أمام الباب للتأمين، وفرد فى العربة، وكان التسليح طبنجات ورشاشًا قصيرًا، وقد أطلقت بعض الأعيرة النارية فى الخارج لتخويف الناس ومنعهم من التجمهر.


وكنت أنتظرهم بغرض أخذ الذهب والتحرك فى اتجاه مضاد معاكس لهم بعد انتهاء العملية، حتى إذا حدثت مطاردة لهم أكون أنا فى اتجاه مخالف ولكنهم لم يعطونى شيئا لأنهم جروا فى اتجاه خلافا للمتفق عليه.


المحقق: ما الدليل الشـرعى الذى استندتم إليه فى عملية سـرقة الذهب التى تسميها «غنيمة»؟

عبود الزمر: هذه فتوى الدكتور عمر عبدالرحمن، وقد نقلت إلينا عن طريق أحد الإخوة من الصعيد، قال: إن الدكتور عمر أفتى بأن مال النصارى حرام بصفة عامة وأنه لا يكون حلالًا إلا بالنسبة إلى من يثبت أنه محارب للإسلام، أو مظهر العداء له أو معاون للكنيسة.


ومن يومها وكل الذين يسرقون أموال الأقباط ويقتلونهم يستندون لفتوى عمر.


«أمير الصعاليك».. قاد أبناء العائلات الصغيرة بحثًا عن السلطة

اتفقت الجماعة الإسلامية فى الصعيد بقيادة كرم زهدى مع جماعة الجهاد فى القاهرة والوجه البحرى بقيادة محمد عبدالسلام فرج «صاحب كتاب الفريضة الغائبة» على الاتحاد فى تنظيم واحد، وفشلوا فى أن يتنازل أحدهم للآخر عن رئاسة التنظيم أو أن يندمج أحد التنظيمين فى الآخر فاتفقوا على حل وسط أن يقودهما عالم أزهرى، فعرضوا الأمر على عمر عبدالرحمن، أستاذ التفسير بكية أصول الدين بالأزهر، فوافق على رئاسة هذا التنظيم الجديد، وكان من ضمن تنظيم الجهاد بالقاهرة عبود الزمر الضابط فى المخابرات الحربية. كانت موافقة عمر رغبة منه فى نشر ما يظنه دينا.. بينما أراد من عرضوا عليه الإمارة جعله مجرد رمز أزهرى جذاب فقط دون أن يقود فعليًا وهذا ما أخفوه عنه ولكن أظهرته الأيام.


كان هدف أعضاء الجماعة فى صعيد مصـر من الاتحاد مزيدا من الترقى الاجتماعى والحماية والنفوذ، حيث العائلات الكبيرة فى الصعيد تسبغ على أفرادها الحماية، وتمنحهم النفوذ، أما العائلات الصغيرة فلا تستطيع حماية أفرادها أو أن تمنحهم النفوذ.


لذلك لا تكاد تجد أحدًا فى الجماعة فى الصعيد من أبناء العائلات الكبيرة سوى النزر القليل، وحالات تعد على أصابع اليد الواحدة فقط، فكل أعضاء الجماعة من أبناء العائلات الصغيرة ممن يبحثون عن الحماية والنفوذ. أما هدف تنظيم الجهاد من الاتحاد فهو الصعود نحو سدة الحكم، ويقود هذا الهدف عبود الزمر الطامح إلى الجلوس على كرسى الرئاسة أو على الأقل الحصول على كرسى وزير الدفاع كخطوة أولى نحو تحقيق حلمه بحكم مصر.



«إمام الإرهابيين».. أجاز صوم الكفارة عن قتل المدنيين فى «مذبحة أسيوط»

بعد نجاح جريمة اغتيال السادات، قرر مجلس شورى التنظيم بدء الهجوم على النظام المصـرى، وتم كليف عبود الزمر بوضع خطة العمليات التى سوف تحدث فى القاهرة، ووضع خطة للاستيلاء على مدينة أسيوط، ثم استخدام مكبرات الصوت فى جميع مساجد أسيوط لحث الجماهير على الانضمام للثورة الإسلامية، ثم تعبئة هذه الجماهير بعد إعطائها السلاح، والخروج بها إلى المحافظات المجاورة للاستيلاء عليها.


ووقع الاختيار على أسيوط لسببين: الأول هو الأعداد الكبيرة للجماعة بها، والثانى هو أنها تقع وسط الصعيد، فيسهل الانتقال منها شمالًا إلى المنيا، وجنوبًا إلى سوهاج وقنا، وبهم أعداد كبيرة من أعضاء الجماعة.


وتحدد لبدء التنفيذ يوم الثامن من أكتوبر بعد مقتل السادات بيومين، يوم عيد الأضحى، أثناء وجود الناس فى المساجد لصلاة العيد.


وتم تقسيم المجموعات المهاجمة إلى أربع مجموعات وكانت النتيجة مائة وعشرين قتيلاً، فلما التقى بهم د. عمر عبدالرحمن فى السجن سألهم: ما دليلكم الشـرعى عما ارتكبتموه فى أسيوط؟ وبأى حق سفكت هذه الدماء؟ فلم يجيبوه. فأمرهم بصيام شهرين متتابعين كفارة قتل خطأ، فصام جميعًا كل من شارك فى هذه الأحداث، وقد أصيب فيها من المهاجمين: عصام دربالة، انفجرت قنبلة فى يده اليمنى فقطعت، وأصيب عاصم عبدالماجد فى ساقه، فلم تنثن مرة أخرى، وأصيب ناجح إبراهيم فى قدمه.


وهى فتوى عجيبة من عمر عبدالرحمن فكل واحد من هؤلاء قتل أكثر من خمسة جنود، فكيف يصوم شهرين متتابعين؟ كيف تجزئ كفارة واحدة عن جرائم متعددة؟ ثم هذا قتل عمد.


«خومينى مصر».. الجماعة خططت لاستخدامه فى تكرار سيناريو الثورة الإيرانية

بعد قيام انقلاب البشير- الترابى فى 30 يونيو 1989 اعتمد النظام السودانى سياسة احتواء وإيواء كل العناصر الجهادية فى كل العالم على أرض السودان، تمهيدًا لغزو العالم وإعادة فتحه مرة أخرى.


يقول حسن الترابى: «فحيثما تمكن نظام إسلامى عن ثورة جهاد فى قُطر معين، كان لزامًا أن ينجر لاجتياح الحدود وتوحيد أرض المسلمين من حوله، فمنهج التوحيد من منهج التمكين».


فكان السودان ملجأ لعمر ومأوى له، ولكنه لم يستمر، فكان التخطيط له أن يذهب إلى أمريكا ليحاكى نموذج الخومينى فى فرنسا ويخاطب الإعلام من هناك ليعود لمصر منتصرًا كما عاد الخومينى لإيران فى فبراير 1979.


دخل عمر عبدالرحمن إلى الولايات المتحدة بتأشيرة سياحية صيف 1990 ولم تعتقله السلطات الأمريكية على الرغم من أن مسئولين فى وزارة الخارجية الأمريكية اعترفوا «بأن اسم عبدالرحمن يندرج على لائحة الأشخاص المشتبه بقيامهم بأعمال إرهابية».


 وقد حققت السلطات الأمريكية أكثر من مرة مع عبدالرحمن، لأسباب مختلفة، لكنها لم تتخذ قرارًا بإبعاده.


كان هناك تحت أضواء الميديا، مما سبب حرجًا شديدًا للرئيس مبارك، خاصة عندما استبق عمر زيارة مبارك لأمريكا وطلب عمل مناظرة علنية بينهما، لم يستطع عمر الحفاظ على المكانة التى وصل إليها فى أمريكا ولم يستطع تطبيق نموذج الخومينى فارتكب هو ومعاونوه سلسلة من الأخطاء، دفع ثمنها بقاءه خلف الأسوار مدى الحياة.


من أهم هذه الأخطاء تعامله مع أمريكا بذات العقلية والأسلوب الذى تعامل به مع الدولة المصرية.


ففى مصر كان يهرب من رقابة الأمن له بوجود شبيه له يرتدى الزى الأزهرى، يخرج قبله من المسجد ويتجه إلى اتجاه، ثم يخرج بعدها عمر بفترة من المسجد فى اتجاه آخر، وقد فعلها فى أمريكا واكتشفها الإعلام، فكان عمر تحت الأضواء طيلة الوقت فسهل اكتشاف أخطائه ورصدها.


كان خطأ عمر الأكبر هو كم التصريحات التى أطلقها والفتاوى التى أباحت مهاجمة السائحين الأجانب فى مصر ومهاجمة الأماكن الأمريكية، وتم تسجيل هذه الفتاوى وكان حادث محاولة تفجير برج التجارة العالمى فى 1993 بمثابة طلاق بينه وبين أمريكا.


ولم يعبأ عمر ولا أنصاره بمحاكمته فى أمريكا، ظنًا أنه سيخرج منها مبرأً كما حدث فى محاكمة مذبحة أسيوط 1981، فكان الحكم بالسجن مدى الحياة.


ولم تسع الجماعة بعد 25 يناير بجدية إلى الضغط من أجل الإفراج عن عمر، وإنما ذهبوا فى تحالفهم مع الإخوان إلى حصد الغنائم السياسية والبرلمانية وكانت مطالبتهم بالإفراج عن عمر هى ذرًا للرماد فى العيون فقط.


«الرمز المقدس».. استخدمه قيادات التنظيم فى السيطرة على عقول المغيبين

كان قادة التنظيم يرون عمر مجرد رمز أزهرى يجذب مزيدا من المغيبين إلى الجماعة أرادوا منه فتاويه التى تؤيد آراءهم فقط.. أما الفتاوى التى تخالف آراءهم فهم لا يعترفون بها.

لذا قام قادة الجماعة بتأليف كتاب «قتال الطائفة الممتنعة» للرد على سؤال عمرهم: لماذا سفكتم هذه الدماء؟


فقالوا: إن أى طائفة تمتنع عن تطبيق شـريـعة واحدة من شـرائع الإسلام تقاتل على هذه الشـريـعة حتى تطبقها، وقالوا إنه إذا لم يستطع أن يخلص إلى أحد من الطائفة الممتنعة إلا بقتل أحد من معصومى الدم معه قتلناه، ويُبعث على نيته يوم القيامة، وهكذا بكل بساطة، تقوم مجموعة تدّعى الإسلام بتفجير يقتل عشـرات من المواطنين، ثم تقول بكل أريحية: «يُبعثون على نياتهم».


وعرضوا هذا الكتاب ليقرأوه على د. عمر فرفض، وقال لهم: ما حدث فى أسيوط من سفك دماء لا يصح أن يحكم فيه عالم واحد، وإنما يجب أن يعرض على مجموعة من العلماء، فطلبوا منه أن يستمع إليه كبحث فقهى، فلما استمع إليه، قال: هو بحث جيد، ولكن لا ينطبق على واقع مصـر.


وتم إخفاء رأى عمر لمدة عشـرين عامًا، ودرس هذا الكتاب على أعضاء الجماعة، وكان هذا الكتاب هو سند كل من رفع السلاح فى مصـر وسند كل من اشترك فى عمليات العنف فى مصـر، وقالوا: إن الدكتور عمر أجازه.


وبعد سنوات طويلة فى عام 2001م بعد تفعيل مبادرة وقف العنف قال قيادات الجماعة: إن هذا الكتاب خطأ، وذكروا رأى عمر فيه.


هذه هى الخدعة الكبرى التى تعرض لها شباب الجماعة من قبل القيادات الذين جعلوا عمر مجرد رمز يعطيهم الشرعية فقط.


ويقول حمدى عبدالرحمن، أحد القيادات التاريخية للجماعة:

«يوجد كتاب بعنوان: قتال الطائفة الممتنعة عن شـريـعة من شـرائع الإسلام، قام بتأليفه عصام دربالة وناجح إبراهيم، وربما تكون المفاجأة عندما تعلم أن الشيخ عمر عبدالرحمن كان رافضًا لهذا البحث، ورفض تطبيق الحكم الوارد فيه على أحداث أسيوط، بل وأمر بعض المشاركين فى أحداث أسيوط بصيام شهرين تكفيرًا عن قيامهم بقتل الجنود».


وعندما أطلقوا المبادرة أرسلوا إليه فى 1997 فأيدهم وأيد توجههم فأعلنوا ذلك، أما عندما سحب دعمه للمبادرة فى عام 2000 فلم يعلنوا رأيه، لأنه بالنسبة لهم مجرد رمز يعطى أفعالهم الشرعية فقط.


أما باقى أفراد التنظيم فكان ينظرون إليه بتبجيل شديد وتقديس بالغ، فهو لديهم وفى مخيلتهم لا ينطق عن الهوى.. يقدسون كلامه وكأنه قرآن واجب التطبيق، وانظر إلى عملية اغتيال نجيب محفوظ كان المبرر الشرعى لها مجرد كلمة تناقلت لهم عن عمر بكُفر نجيب.


«المتهم الأول».. وثّق مرافعته فى «قضية الجهاد الكبرى» عبر كتاب «كلمة حق»

حوكم تنظيم الجماعة المشترك فى مذبحة أسيوط فى القضية رقم 462 لسنة 1981 جنايات أمن دولة عليا طوارئ والمسماة إعلاميًا «قضية الجهاد الكبرى» وكان المتهم الأول فيها عمر عبدالرحمن.


والمفارقة أنه رغم مقتل مائة وعشـرين من الشـرطة- على حد تعبير على الشريـف «تساقطوا وهم لا يدرون ماذا يحدث؟ ومن الذى يضـربهم؟ ولماذا؟.


لم يحكم على أحد منهم بالإعدام، وحكم على بعضهم بالأشغال الشاقة ما بين ثلاث وخمس وسبع وعشـر سنوات وخمس عشـرة سنة ومؤبد، وقضـى ببراءة الباقين، وعلى رأسهم عمر.


والقاضى الذى أصدر هذا الحكم الغريب هو المستشار عبدالغفار محمد، وهو نفسه رئيس 

هيئة الدفاع عن أعضاء الجماعة الذين قتلوا الدكتور رفعت المحجوب غدرًا.


وللمصادفة أيضًا أنهم لم يُحكَم على أيٍّ منهم بالإعدام رغم مقتل الدكتور المحجوب وقائد الحرس عمرو سعد الشـربينى!! واعتراف قادة الجماعة بمسئولية الجماعة عن هذه الجريمة.


كانت تجربة المحاكمة التى استمرت لمدة ثلاث سنوات فرصة لأن يشرح عمر فكره ويؤصله عبر كتابه المسمى «كلمة حق»، وهو نص مرافعته عن نفسه فى المحكمة.


وظن عمر أن كل محاكمة سيتعرض لها بعد ذلك سيقضى له فيها بالبراءة.


«صديق الصهاينة».. اعترف بحق إسرائيل فى الوجود ما لم ترتكب عدوانًا

فى حوار لمراسل مجلة الوسط اللندنية، إيان وليامز، فى نيويورك الذى التقى الشيخ عمر فى شقته فى مدينة جيرسى لمدة ساعتين، كان هذا الاعتراف:


المراسل: هل تعترف بوجود إسرائيل؟

الشيخ: مع أننى قلت إننى لست رجل سياسة، وأنا أمثل قضية محددة، فإننى أود أن أقول إنه يجب معاقبة كل معتد على عدوانه».


المراسل: هل يحق لإسرائيل أن تبقى كدولة؟.

 الشيخ: إذا أرادت إسرائيل أن تبقى، فإن عليها ألا ترتكب العدوان ضد الآخرين. فهل يمكن لدولة أن تبقى بالقضاء على دولة أخرى؟ إن فى وسع إسرائيل أن تبقى ما طاب لها، ولكن عليها ألا ترتكب العدوان ضد جيرانها». لقد منع قادة الجماعة هذه المجلة من أن تصل ليد أعضاء الجماعة حتى لا تتساقط هالات القداسة عن رمزهم المقدس.



«الشيخ المنسى».. لماذا التزمت الجماعة الصمت بعد رحيله؟

حينما توفى عصام دربالة، رئيس مجلس شورى الجماعة فى السجون المصرية، سارعت الجماعة وحزبها البناء والتنمية إلى نعيه، واتهمت الدولة المصرية بـ«القتل العمد»، وقالت صراحة «ما حدث مع دربالة هو اغتيال»، وطالبت بإجراء تحقيق دولى فى الوفاة.


وهدد طارق الزمر بأنه لن يسكت بعد اليوم، وأن الأحرار سيستكملون مسيرة الحرية والجهاد فى مصر، بينما خرج عاصم عبدالماجد مبشرًا ما سماهم قتلة دربالة بالنار.


هذا ما حدث عندما مات دربالة فى السجون المصرية، أما عندما مات عمر عبدالرحمن فى السجون الأمريكية لم تنعه الجماعة إلا بعد وفاته بما يقارب الـ10 ساعات، وحين نعته لم تطالب بتحقيق دولى ولم تتهم السلطات الأمريكية بالقتل العمد أو بالاغتيال، ولم تدعُ للثأر أو استكمال مسيرة الحرية والجهاد، ولم يخرج صوت عاصم عبدالماجد أو طارق الزمر من قطر لينعياه.


بينما قال أحمد الإسكندرانى، المتحدث باسم الحزب، إن تأخر نشر نعى الدكتور عمر على الموقع الرسمى كان بسبب عطل فنى.


ولم تكن تلك هى الحقيقة ولكن خوف الجماعة من عصا ترامب الغليظة التى تستطيع أن تصل إليهم فى أماكن تواجدهم الآمنة لو تحركت شفاههم بلفظة تحريض واحدة ضد أمريكا، هى التى جعلتهم يبتلعون ألسنتهم ويصيبهم الخرس.