رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

٣ شباب بالجماعة يروون لأول مرة تفاصيل ما جرى أمام «الاتحادية»

اعترافات عناصر بـ«الجناح العسكرى» لـ«الإخوان»

أحداث الاتحادية
أحداث الاتحادية

«الأمن قد ينسحب من أمام الاتحادية فى أى وقت، وأنتم تمثلون جهاز الأمن البديل، وإلا ستسقط الجماعة والرئيس».. جملها نقلتها قيادات جماعة الإخوان إلى كوادرها من الشباب المنخرط فيما يسمى «التنظيم المسلح»، توضح إلى أى مدى كانت الجماعة تعول عليهم فى حماية الكيان من السقوط، وقتما كان اقتحام الاتحادية وشيكا.

تفتح «الدستور» ملف التنظيم الخاص أو «المسلح»، الذى لعب الدور الأهم والأخطر منذ تولى جماعة الإخوان حكم مصر فى عام 2012 وحتى سقوطهم، حيث اعتمدت عليه الجماعة كجهاز أمن بديل يعمل لخدمة مصالحهم الخاصة ويحميها، وألقت عليه المهام المتعلقة بالتعامل مع المعارضين والتظاهرات. 

فى السطور التالية شهادات لشباب شاركوا فى العمليات الخاصة، كشفوا فيها عن تفاصيل لكواليس ما دار داخل الغرف المغلقة بمكتب الإرشاد، والأوامر التى خرجت من «غرفة 2»، حيث يجلس نائب المرشد الأول، ومسئول التنظيم الخاص محمود عزت، مؤكدين أن الجماعة ضحت بالشباب من أجل أهداف شخصية، وأن نائب المرشد خيرت الشاطر دعمهم بالسلاح لقتل المتظاهرين.


إبراهيم: الشاطر كلف أسامة ياسين وعمرو زكى بإدارة العمليات أمام قصر الرئاسة
محمد إبراهيم، أحد أبرز شباب الإخوان الذين شاركوا فى العمليات قال لـ«الدستور»، إنه أحد أعضاء التنظيم الخاص، وكان من المقربين من المهندس خيرت الشاطر، فوالده كان من قيادات الجماعة فى محافظة كفر الشيخ.

يستعيد «إبراهيم» تفاصيل أحداث الاتحادية، قائلًا إن المشهد كان مرتبكا داخل مكتب الإرشاد، والأحداث كانت تتصاعد بصورة خيالية، واتصالات الجماعة بالأمن لا تنقطع، لكن القيادات، خاصة الشاطر وعزت، كانوا يشعرون بأن الأمن لن يتحرك أو ينفذ طلباتهم فى حال الثورة على مرسى وجماعتهم، فاعتمدوا بشكل كامل على عناصر التنظيم الخاص، موضحًا أن الجماعة كانت أعلنت حالة التأهب منذ منتصف 2011، تحسبًا لأى طوارئ، وكثفت التدريبات الخاصة بعناصر النظام الخاص، وأبلغت المكاتب الإدارية فى المحافظات أن جميع العناصر تحت الاستعداد والطلب وقد يتم استدعاؤهم إلى القاهرة فى أى وقت. 

وتابع: «عندما وقعت أحداث الاتحادية الأولى فى ديسمبر 2012 قرر المهندس خيرت الشاطر، النائب الثانى للمرشد العام للجماعة، تحريك عناصر التنظيم الخاص من الشباب، نحو قصر الاتحادية لفض المظاهرات الغاضبة هناك، وتم استدعاء عدد من الإخوة من المحافظات، والقيادات منهم حضروا اجتماعًا طارئًا فى مكتب الإرشاد قبل التحرك نحو الاتحادية للتعرف على التعليمات وخطة التحرك، وحضر معهم وقتها لأول مرة الدكتور محمود عزت، وتم إبلاغهم بأن الموضوع خطير جدًا، وأن مهمة تأمين القصر والرئيس تقع على عاتقهم بشكل كامل، وأن الأمن قد ينسحب من أمام القصر فى أى وقت، وهم يمثلون جهاز الأمن البديل وإلا ستسقط الجماعة والرئيس».

وأضاف «إبراهيم» أن «الشاطر أصدر أوامره إلى القياديين بالتنظيم، أسامة ياسين، الذى كان وزيرا للشباب وقتها، وعمرو زكى، عضو مجلس النواب عن دائرة حدائق القبة، ابن عم زوجة محمد مرسى، لإدارة الموقف ونقل جميع الأوامر والمستجدات للشباب وتلقى الطلبات الخاصة بهم، فكانا حلقة الوصل بيننا وبينه، وبعد انتهاء الاجتماع انصرفت القيادات الشبابية مع ياسين وزكى إلى مقر تواجد أعضاء الجماعة بالقرب من الاتحادية، وكان معظمهم موجودين بمسجد الرحمن الرحيم بصلاح سالم، وأبلغوا الشباب وقتها بأن الدكتور محمود عزت نائب المرشد وزعيم التنظيم الخاص، هو المشرف على جميع العمليات، التى تحدث على الأرض، وأن الأمر خطير ولا مجال للخطأ، وكان ذلك نوعا من التحفيز لهم، لأن عزت بالنسبة للقواعد قيادى كبير ومنزلته تصل إلى حد التقديس، ومجرد قراءة أو سماع أى كلام له وتنفيذه شرف كبير لا يرقى له إلا الإخوة الملتزمون».  

وتابع القيادى الشاب: «تلقى طلاب الجماعة، بجامعتى عين شمس والأزهر، رسائل هاتفية تأمرهم بالتحرك فورًا إلى قصر الاتحادية والتمركز بمسجد الرحمن الرحيم، وكان نص الرسالة «الرئيس والشرعية فى خطر.. وعليكم التحرك لحمايته فورًا».

صاحب «جبنة نستو يا معفنين»: القيادات ضحت بأرواح الشباب
يقول غفران صالح، صاحب فيديو «جبنة نستو يا معفنين»، بطل واقعة الاتحادية الأولى التى وقعت فى 5 ديسمبر 2012: «كنت أدرس فى كلية طب عين شمس، وتم إبلاغى أن الأمور تأزمت أمام قصر الاتحادية، وأن الرئيس فى خطر لأن عدد المتظاهرين بدأ يتزايد بشكل كبير ويهددون باقتحام القصر، وترددت أنباء أن الحرس الجمهورى سينسحب ويترك الأمر للمتظاهرين، وقبلها بأيام كانت الجماعة أعلنت حالة الطوارئ، وكان الشباب على استعداد للمشاركة فى أى تظاهرات لدعم الشرعية، لكن لم يكن من المتوقع أن يصل المتظاهرون إلى القصر، وعندما سأل عمرو فراج، مؤسس شبكة رصد، المهندس خيرت الشاطر عن نظرته للأمور وقتها، قال له إن التظاهرات مجرد «هوجة» وستنتهى وأن الأمور تحت السيطرة وهناك خطة بديلة لتحرك الإخوة فى حال حدوث أى أمر غير متوقع، وتم نقل هذا الحديث إلينا لطمأنتنا، لكن المفاجأة حدثت ووصل المتظاهرون إلى مقر إقامة مرسى ونصبوا الخيام أمام القصر، وأصبح ذلك يمثل خطرًا على الشرعية».

وأضاف «غفران»: «تحركت مسرعًا إلى قصر الاتحادية مع مجموعة من الإخوة من جامعة عين شمس، وتجمعنا عند مسجد الرحمن الرحيم القريب من الاتحادية، فى انتظار تعليمات القيادات، التى كان ينقلها لنا عمرو زكى نائب مجلس الشورى، وأبلغنا المهندس أسامة ياسين أن الدكتور محمود عزت يدير العملية بنفسه ويراقب الأحداث وأنه لا مجال للخطأ».

وتابع «غفران»، المقيم فى السعودية حاليًا: «انتظرنا الأمر من القيادات من صلاة العصر إلى بعد صلاة المغرب، وبدأ الإخوة يتوافدون على المسجد من الجامعات الأخرى، وبعضهم وصل من المحافظات القريبة إلى القاهرة، حتى تم إبلاغنا بالتوجه إلى قصر الاتحادية والتعامل مع المظاهرات وفض الاعتصام بالقوة، وبالفعل تحركنا وحدثت اشتباكات بيننا وبين المتظاهرين وتم اقتلاع الخيام والتعامل معهم».

واستطرد: «فوجئنا خارج المسجد بتوافد أعضاء من حركة حازمون والسلفيين، وعندما أبلغنا القيادات بذلك قالوا لنا الأمر مدروس وكل شىء تحت السيطرة». 

وأضاف غفران: «كانت مهمتنا فض الاعتصام أمام الاتحادية، والقيادات أكدت لنا أن الموضوع سيتم دون أى خسائر بشرية، وعندما سقط قتلى من صفوفنا قررنا الانسحاب من المشهد نهائيًا، وبعد الفض استقال عشرات الإخوان، واعتبروا موقف القيادات متخاذلًا، وأنهم ضحوا بهم من أجل إنهاء الاعتصام، وتم استخدامهم لتنفيذ أغراض قيادات مكتب الإرشاد دون اعتبار للأرواح التى سقطت».

مصعب: الأسلحة كانت فى مكتب الشاطر.. والأوامر: أطلقوا النيران
مصعب خليفة، أحد قيادات التنظيم الخاص، شارك فى أحداث ما أُطلق عليه أحداث الاتحادية الثانية، ويقيم الآن فى تركيا، قال لـ«الدستور» إنه شارك فى الأحداث مع مجموعة من كوادر التنظيم الخاص من أبناء محافظته الإسكندرية، وكانت هناك مستويات للتعامل مع المتظاهرين بعد تصاعد الأحداث فى اليوم الثانى، من بينها استخدام السلاح.

وأضاف أن القيادات وفرت لنا أسلحة بمخازن قريبة من قصر الاتحادية، وداخل مكتب خيرت الشاطر بمدينة نصر وبعض الشقق المملوكة له، موضحًا أن تيارات إسلامية شاركت الإخوان فى هذا الوقت بالاتفاق مع القيادات.

وأوضح مصعب أن التنظيم الخاص كان مسئولًا عن مهام عدة وقت حكم الجماعة، أهمها تأمين القيادات، وكانت هناك عناصر مدربة تحمى المرشد محمد بديع، وخيرت الشاطر وكل قيادات مكتب الإرشاد، وكان هناك جزء مختص بتأمين منازل ومكاتب وشركات القيادات المهددين، وأبرزها الممتلكات الخاصة بالشاطر وحسن مالك، وكان هناك جناح مختص بحماية مكتب الإرشاد، وهو الذى تعامل مع المظاهرات التى حاولت اقتحامه فى 22 مارس 2013، مشيرًا إلى أن الأوامر كانت التعامل مع أى عنصر يحاول اقتحام مكتب الإرشاد وعدم الاعتماد على قوات الأمن المتواجدة هناك، واستخدام السلاح فى حال انسحاب الأمن.