رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أصحاب المعاشات يصرخون.. من ينصفنا؟


أصبحت هذه الجريمة تتردد كثيرًا بين بعض شعوب العالم.. لكنها تختلف من حيث الشكل من مكان إلى آخر.. حيث أصبحت من أهم الجرائم التى ترتكب ضد الشعوب.. فهى محددة الأركان.. أى فئة من فئات الشعب تتعرض لحصار أو تجويع مقصود أو تعجز عن شراء الدواء والعلاج.. هنا يمكن وصف هذه الجريمة بأنها «جريمة ضد الإنسانية».. إننا أصحاب المعاشات.. نمتلك تحويشة عمرنا والمقدرة بالحسابات والفوائد الحقيقية بقيمة «تريليون جنيه».. لا أحد يستطيع أن يكذب هذا الرقم.. بل يصمتون عنه.. وعندما يتحدثون عن الرقم يعلنون دائمًا أنه «634 مليارًا».. وأحيانًا يشيعون أنه «684 مليار جنيه».. متجاهلين تمامًا الفوائد التى أسقطوها عن نصف هذه القيمة لمدة عشر سنوات متتالية.

فنحن أصحاب المعاشات الذين نمتلك «التريليون جنيه».. أصبحنا نُقدر بالأرقام 9 ملايين أسرة فى عدد يقترب من 40% من الشعب المصرى.. هكذا أصبحنا نحن أصحاب «التريليون».. 5 ملايين أسرة منا يتقاضون مبلغًا ما بين 2000 جنيه و1000 جنيه و500 جنيه.. بل أقل من ذلك.. وخلال الشهور الماضية انخفضت القيمة الشرائية للجنيه إلى أقل من 50 قرشًا.. أى أصبحت هذه الأرقام أقل من النصف.. بسبب مباشر وهو الارتفاع غير المسبوق فى التضخم.. والذى لم نتعرض له منذ سبعين عامًا، بحسب اعترافات الحكومة.. والتى تبرر موقفها وضعفها على «جشع التجار».. ولكن الحقيقة غير ذلك تمامًا.. إن انخفاض العملة هو السبب الوحيد الذى جعلنا نعيش هكذا.

فهل يمكن لأسرة تتكون من 4 أفراد أن تعيش بألف جنيه شهريًا طبقًا للقيمة الحقيقية للجنيه الآن؟؟.. وهل يمكن أن تعيش أسرة بقيمة 500 جنيه أو أقل؟!.. إننا تخطينا من العمر الـ60 عامًا وأصبحنا أكثر من ذلك بكثير.. أصبح الدواء والعلاج أهم لنا من الطعام نفسه.. إننا نتعرض الآن لسياسة تجويع ممنهج ومقصود.. وعجز دائم عن شراء الدواء والعلاج.. سألنى بعض أصحاب المعاشات: إننا نستطيع الحصول على رغيف العيش الحاف من أى مكان.. لكننا لا نستطيع الحصول على الدواء والعلاج من أى مكان.. فكيف نستمر فى الحياة؟!

إننا أصحاب «التريليون» كيف نتعرض لهذا الحصار الدائم والمستمر لهذه السياسة دون أن يكون لدينا أمل فى حاضر أو مستقبل؟!.. ما السبب الحقيقى لاستمرار هذه الجريمة ضدنا؟!.. الحقيقة المؤكدة أن كل الحكومات السابقة وحتى الحالية اشتركت معًا فى الاستيلاء على كامل أموالنا.. أى.. «التريليون».. لأننا كنا الأضعف واستغلوا فينا كبر سننا.. ولم نجد من يحمينا.. بل طمعوا فى أموالنا.. فعندما تواجههم مشكلة فى العجز المالى.. فلا يجدون أمامهم سوى أموالنا كطريق وحيد لسد هذا العجز دون مراعاة لأصحاب هذه الأموال.. لتأكدهم من عدم قدرتنا على المقاومة.. لذا فقد تخلى عنا الجميع وتركونا نتعرض لجريمة العصر.. الغريب أن من تسببوا فيما يحدث لنا الآن.. هم بأنفسهم وأسمائهم ومواقعهم يديرون شئوننا الآن داخل وزارتى: المالية والتضامن.. وتحديدًا «الخزانة العامة وهيئة التأمينات».. فلا يمكن لأى مسئول مهما كان أن يعرف الطريق إلى الحقيقة.. نعم حقيقة إبادة أموالنا وما حدث لها.. حتى الأجهزة الرقابية والأمنية تعجز عن فك رموز هذه الطلاسم.

فإذا حاول أى مسئول أن يبحث عن الحقيقة.. فمَن مِن هؤلاء سيقدمها له؟!.. إن ما يُقدَّم للمسئولين من معلومات أو الأجهزة الرقابية والأمنية.. يأتى من خلال من تسببوا فيما نحن فيه الآن.. فهل من ارتكبوا هذه الجريمة سيقدمون ما يجعلهم يدينون أنفسهم؟!.. إننا نقدم رقمًا واحدًا من عدة أرقام.. وهو أشهر الأرقام المالية فى تاريخ الشعب المصرى كله.. إن هناك الرقم الخفى والمخفى والأشهر.. 162 مليار جنيه.. يكفى أن أموالنا «التائهة» أصبحت تسمى «الديون غير المثبتة بالخزانة العامة»!!.. إنها أموال التأمينات الاجتماعية.. لقد استمر هذا الرقم عشر سنوات دون فوائد على الإطلاق.. فلا أحد- مهما كان من المسئولين أو الأجهزة الرقابية- يستطيع اختراق هذا الرقم حتى تظهر حقيقة من استولوا على أموالنا.. وكيف تم صرفها دون فوائد.. أو حتى معرفة.

إن من يملكون المعلومات حول هذا الرقم.. هم أنفسهم الذين يقدمون الرد على هذه الأسئلة.. يكشف تقرير صادر من وزارة المالية نفسها أن «ديون أموال التأمينات لدى الخزانة العامة من عام 1996 حتى عام 2006.. كان 8 مليارات فقط.. ومن عام 2006 حتى 2013 ارتفع هذا الرقم المجنون إلى 162 مليار جنيه».. هكذا تؤكد الوثائق والمستندات.. واستمر حتى الآن هذا الرقم يتعرض للإخفاء والاختفاء.. ومؤخرًا يعلن رئيس الحكومة ووزيرة التضامن ووزير المالية فى اجتماعهم بيانًا يدعون فيه الموافقة على فض الاشتباك وإنهاء التشابك بين المالية والتأمينات.. وبعد عدة شهور يعلنون نفس البيان ونفس الأسماء والأرقام.. وهكذا يتكرر الأمر عدة مرات.. وفى كل مرة يحركون أوراقًا مكان أوراق أخرى.. لكن الرقم الذى يمثل الجريمة سيبقى دائمًا إدانة لمن يعرفون أين ذهب وفيما تم إنفاقه.

فهذا الرقم أصبح الآن بالحسابات والفوائد.. نصف تريليون.. فهل لا يوجد مسئول أو جهاز رقابى يتحرك وفقًا لهذا الرقم؟!.. إننا نتعرض الآن لجريمة تجويع ممنهجة ومقصودة.. ونعلن صراحة أننا لم نعد نستطيع شراء «الدواء والعلاج».. بل هناك حقيقة هى «أننا نتعرض الآن لموت محقق من استمرار هذه السياسة»..

إنها الجريمة الوحشية التى تُرتكب ضد الملايين من أصحاب المعاشات.. ومن ارتكبوها هم الذين يديرون شئوننا الآن.. لن نتوقف عن الدفاع عن أنفسنا فى مواجهة هذه الجريمة الوحشية.. ومهما كانت ضلمة الليل المستمر.. سيأتى حتمًا نهار يكشف تلك الحقيقة.. ولن يستطيع أحد مهما كان أن يطفئ نور الشمس.. إن صرخات الملايين الآن فى أركان ربوع الوطن كله.. لن يستطيع أحد أن يسكتها.. نعم سنقاوم بكل الطرق.. وسننتصر- إن شاء الله- فى النهاية ضد الجرائم التى ارتكبوها ضدنا دون أن نجد أحدًا من أصحاب القرار ينصفنا حتى الآن.