رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجزرة.. البيضة.. وحبة القهوة


يُحكى أن «ابنة» قد لجأت لـ«أبيها الحكيم» لتشتكى إليه من متاعب الحياة ومن صعابها، ومن خوفها من الاستسلام لليأس.. فاصطحبها «والدها» إلى المطبخ وملأ ثلاثة أوان بالماء.. وضع «جزرة» فى الإناء الأول.. و«بيضة» فى الإناء الثانى.. و«حبة قهوة» فى الإناء الثالث.. ثم وضع الثلاثة أوان على النار.

أخذت «الابنة» تنظر إلى الأوانى وإلى «والدها» وهى لا تفهم ما يحدث!!.. بعد دقائق، أطفأ الأب النار.. وطلب من ابنته أن تتحسس «الجزرة» فلاحظت أنها صارت ناضجة وطرية.. فطلب منها أن تنزع «قشرة البيضة»، فلاحظت أن «البيضة» باتت صلبة!.. وأخيرًا طلب منها أن ترتشف القهوة!!.. فسألته الفتاة: «والدى.. ماذا تعنى؟».. فقال الأب الحكيم: البيضة والجزرة والبن قد واجهت الخصم نفسه وهو «المياه المغلية».. لكن كلًا منها قد تفاعل معها على نحو مختلف!!.

لقد كانت «الجزرة» قوية وصلبة، ولكنها سرعان ما لانت عند تعرضها للمياه المغلية!!.. أما «البيضة» فقد حمتها القشرة الخارجية لكن سرعان ما تصلبت عند تعرضها لحرارة المياه المغلية!!.. أما «حبة القهوة» فهى التى أثرت فى المياه وتمكنت من تغيير مذاقها ولونها!!.

وقال الأب: ابنتى.. هذه هى مصاعب الحياة ومعاركها.. فهل أنت «الجزرة» التى تبدو صلبة، ولكنها تصبح «طرية» عندما تتعرض للمصاعب؟.. أم أنت «البيضة» ذات القلب الرخو ولكنها تتبدل إذا واجهت المشاكل فتصبح قوية وصلبة؟.. أم أنت «البن المطحون» الذى يؤثر فى عدوه «الماء المغلى» ويجعله ذا طعم أفضل؟.. وأضاف الأب: ابنتى.. عليك أنت وحدك تحديد طريقة مواجهتك للصعاب والمشاكل والمعارك التى تواجهينها.

صدقت يا حكيم.. هذه هى الحياة.. عزيزى القارئ.. عليك أن تتعلم أن كل مياه البحر لا تستطيع إغراق سفينة إلا إذا تسلل الماء إلى داخلها.. كذلك الفشل.. لا يستطيع أن يسيطر عليك إلا إذا تسلل اليأس والتشاؤم إلى نفسك.

عليك أن تثق بنفسك.. وأن تربط حياتك بأهداف.. لأن الصعوبات لا تراها إلا عندما ترفع نظرك عن هدفك.. وأن تقاوم «القلق» لأنه مثل الكرسى الهزاز.. يجعلك تتحرك دائمًا فى مكانك ولا يقف بك ثابتا لحظة.

عليك أن تتعلم أن الحياة مدرسة أستاذها هو «الزمن» وأن المعلم الأول فيها هو «التجارب»، فمن لم يشرب من بحر التجربة يمت عطشان فى صحراء الحياة.. عليك أن تتعلم.. أن الأمل يجب ألا يختفى من حياتك أبدًا.. وأن التفاؤل وقت الفشل هو المحرك الأول للنجاح.. وأن الذكاء والثقة بالنفس وقت اليأس.. هما طريقك للنجاح.. وأن العقل هو الأساس والركيزة التى ترتكز عليها.. قال الإمام على بن أبى طالب - رضى الله عنه: «إذا أتم العقل، نقص الكلام».. فتعلم أن تفكر كثيرًا وأن تتكلم قليلًا.. لأن المشكلة لا تصبح مشكلة كبيرة، إلا إذا كان عقلك أصغر من الحل.. عليك أن تختار حياتك.. وتختار طريقتك فى مواجهة مشاكلك.. فيا ترى.. أيهما ستختار أن تكون «الجزرة؟ أم حبة القهوة؟ أم البيضة؟».