رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما يرتكب ضد المعاشات حرام


خلال شهر واحد فقط.. انخفضت القيمة الشرائية لمعاشاتنا إلى أكثر من 50%.. طبعاً بسبب القرارات والإجراءات الاقتصادية الأخيرة.. وأعتقد أن هذا «الخفض» سيتوالى بصفة مستمرة خلال الأيام المقبلة.

كما أعتقد أننا سنتعرض لارتفاع خطير فى التضخم.. بالإضافة إلى جنون الأسعار المسعور.. كل هذا موجه إلى جيوبنا الخالية أصلاً.. وبطوننا الأكثر خواءً!!.



أصبحنا الآن ومن قبل الشريحة الوحيدة-وهى كبرى شرائح المجتمع فئوية وطبقية- التى تتعرض لأعمال التنكيل الإنسانى والاجتماعى يومياً دون شفقة أو رحمة..لقد استغلوا فينا كبر سننا.. بل استغلوا أيضًا أن نسبة كبيرة بيننا من المرضى غير القادرين على الحركة.

كل هذا لأننا كنا ومازلنا نسابق الزمن ونقف فى طوابير ما بعد الفجر كى نأتى بدستور للبلاد ورئيس يحمينا مما هو آتٍ لنا.. كنا فى طلائع المجتمع.. نقاتل من أجل أن يأتى فجر جديد ونهار يحمينا من ظلمة الليل.

وجاءت الأيام بعكس ما كنا نتمنى.. وعصفت بنا أهوال الجوع والرعب الاجتماعى.. وأصبح الظلم هو ما نرتوى منه يومياً.. هذه هى حياتنا خلال الأيام الماضية.. إننا نعلم أن ما سوف يأتى سيكون أسوأ من السيئ الذى نعيشه الآن.. لقد علمتنا الأيام والليالى أن ندفع الفاتورة كاملة من صحتنا العليلة وراحتنا غير الكاملة.. وأصبح غيرنا ينعم بأموالنا دون أى رقابة أو حماية.. لقد تركونا على الأرصفة بعد أن استولوا على كل ما نملك.. لقد استعملوا معنا القوة.. رغم أننا الآن بلا قوة.. لكنها تلك الأيام..!!.

إن ما يُرتكب ضدنا الآن يندرج تحت مظلة «الحرام بعينه»!!.. إننا لم نكن نعلم بأننا سنعيش تلك الأيام.. لكننا فعلاً عشناها ولامسنا وأحسسنا الجحيم الاجتماعى بعينه.. نحن أصحاب المعاشات نمتلك من الأموال الكثير.. دفعناها عبر عشرات السنين من عمرنا.. لكن أين هذه الأموال الآن؟!.. إن تحويشة عمرنا ينعم بها غيرنا بعدما استخدموا معنا القوة ونزعوا منا حقوقنا القانونية والدستورية.. وأصبحنا لا نجد من يسأل عنا ويهتم بنا أو حتى يسمعنا.

إننا نمتلك «تريليون جنيه» بكل الحسابات.. فهل من حقنا أن نسأل عمن عبثوا بهذه الأموال وبددوها وتنازلوا عن فوائدها وأصبحوا يعيشون الآن فى نعيمها؟!..إننا أصحاب التريليون.. يتساقط منا الملايين يومياً.. حيث يطبقون علينا سياسة التجويع الممنهج والمقصود.. بل أعجزونا حتى عن شراء الدواء لتسكن أمراضنا.. إن من تسببوا فيما نحن فيه الآن.. أصبحوا هم بأنفسهم وبأسمائهم يديرون شئوننا فى وزارتى المالية والتضامن!!.

ويا خسارة ثورتين ودستور يحدثنا عن عدالة كانت اجتماعية.. من يصدق أننا أصحاب التريليون بيننا أكثر من 5 ملايين أسرة تعيش تحت خط الموت.. وليس الفقر.. إن المعايير الدولية قد حددت 2 دولار للفرد الواحد يومياً كى يعيش تحت خط الفقر.. لكن الملايين منا يتقاضى الفرد فيهم أقل من ربع دولار.. أى أن الـ«5 ملايين» أسرة أصبحوا يعيشون تحت خط الموت كما أشرنا وفقًا للمعايير الدولية.. فهل هذا حلال.. أم حرام ؟!.

إن أصحاب التريليون أصبحوا يدفعون وحدهم دون غيرهم فاتورة الألم الموجعة وفقًا لسياسة الإصلاح الاقتصادى.. وهنا نطرح السؤال التالى لأى أستاذ جامعى: هل يمكن أن تعيش أسرة – أى أسرة - بمبلغ ألف جنيه شهرياً وفقاً لسياسة التضخم والأسعار الحالية؟!.. وهل يمكن لكل محاسبى العالم أن يجعلوا الأسرة المكونة من 4 أفراد فقط أن تعيش بهذا المبلغ الضئيل؟!.. أجيبونا يا سادة: هل هذا ممكن؟!.

لقد تحول اسم العدالة الاجتماعية.. إلى اسم وارد لنا من مصطلحات صندوق «النكد الدولى».. أى «العدالة الاقتصادية».. هل هناك ولو مصرى واحد سمع من قبل اسم «العدالة الاقتصادية».. بدلًا من «العدالة الاجتماعية» الواردة بالدستور؟!.. لقد خسرنا ثورتين ودماء طاهرة سالت.. حتى مواد الدستور التى تحمينا منحوها إجازة مفتوحة!!.

إننا أصحاب التريليون أصبحنا مثل حقل التجارب لمن يجيدون القوة والبطش ضدنا لمنع أصواتنا حتى من الصراخ!!.. لذا فلم يعد هناك من نطلب منه حمايتنا ويعيد لنا حقوقنا المسلوبة.. ومع ذلك مازال الأمل بداخلنا حتى يأتى اليوم الذى يُباد فيه خفافيش الظلام.. وأظنه قريبًا جدًا إن شاء الله تعالى.