رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأسطورة فى تل أبيب


محمد رمضان، الآن، ومنذ الإثنين 9 يناير، جندى فى الجيش المصرى، وفى التاسعة مساء أمس الأول الأحد 22 يناير، بدأت القناة 33، التابعة للتليفزيون الرسمى الإسرائيلى، عرض المسلسل السعودى «الأسطورة» الذى يقوم ببطولته، مصحوباً بالترجمة العبرية!
ليست تلك هى المرة الأولى (ولن تكون الأخيرة) التى تعرض فيها قناة تليفزيونية إسرائيلية أفلامًا أو مسلسلات عربية، لكن المتوقع أن يزيد الاهتمام هذه المرة، نظرًا لحالة الجدل التى أحدثها المسلسل وقت عرضه (رمضان الماضى) وتعرضه (وتعرض بطله) لهجوم حاد، قابلته نسبة مشاهدة عالية. وربما يربط البعض بين الحدثين: التحاق رمضان بالجيش المصرى وعرض مسلسله فى التليفزيون الإسرائيلى!
«الأسطورة» مسلسل سعودى، صنعه مصريون.
ومن الأخطاء الشائعة، التى يقع فيها كثيرون، منح الأفلام والمسلسلات جنسية مخرجيها أو أبطالها، لا جنسية جهة الإنتاج، التى هى جنسية العمل الحقيقية والمعترف بها فى المهرجانات الدولية.
ولو عدت إلى تيترات المسلسل ستجد أنه من إنتاج شركة «O3 مصر» وقبل أن تعتقد أنها مصرية، أوضّح أن شركة O3، بفروعها الثلاثة (دبى، تركيا، مصر) تابعة لمجموعة قنوات mbc التى يملكها وليد الإبراهيم، نسيب الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز. وأن 50% من أرباحها تذهب إلى الأمير عبد العزيز بن فهد، وهو الابن الأصغر للملك الراحل. والمعلومة قالها مسئول بالمجموعة لمسئول بالسفارة الأمريكية فى الرياض، وتضمنتها مذكرة سربها موقع «ويكيليكس» حملت عنوان «الاتجاهات الأيديولوجية والملكية فى الصحافة السعودية»، وكشفت أهمية الدور الذى تلعبه برامج ومسلسلات قنوات «mbc» فى تغيير توجهات وثقافة المجتمع السعودى والعربى، بطريقة عجزت عنها الدعاية المباشرة التى تنتهجها قناة الحرة وغيرها من ماكينات الدعاية الأمريكية. وكان لافتًا أن تشير المذكرة المسرّبة إلى دعم الحكومة السعودية لهذا الاتجاه!
ربما تأتى مناسبة لتناول تلك المذكرة بشكل أكثر تفصيلًا، أما ما يعنينا، الآن، فهو أن مجموعة mbc السعودية نفت، فى بيان، حدوث أى تعاون مع التليفزيون الإسرائيلى، ووصفت عرض المسلسل بأنه عملية قرصنة.
لو صح ذلك، يكون بإمكان المجموعة أن تتقدم بشكوى إلى جهاز تسوية المنازعاتِ التابع لمنظمة التجارة العالمية، لمخالفة القناة الإسرائيلية اتفاقية تريبس (TRIPS) التى تحمى حقوق الملكية الفكرية. لكن المتوقع أو الأرجح هو أن تتجاهل mbc الأمر وألا تتخذ أى إجراء قانونى.
قضية ملاحقة القرصنة الإسرائيلية لمصنفات عربية (أعمال فنية أو كتب)، سبق أن أثيرت أكثر من مرة، ودارت حولها وبشأنها نقاشات طويلة، بين مثقفين مصريين، انتهت فى معظمها إلى شبه اتفاق على أن المطالبة بالحقوق هى نوع من التطبيع، لأن الإسرائيليين، كما يتوقع كثيرون، لن يمانعوا فى دفع أى مقابل مادى للحصول على شرعية عرض العمل الفنى أو نشر الكتاب، وبالتالى يتم كسر المقاطعة ويحدث التطبيع.
شبه الاتفاق، هذا، قد يكون منطقيًا ومقبولًا لو كانت تلك المصنفات مملوكة لنا أو كان قرار الموافقة على عرضها (هنا أو هناك) من عدمه فى يدنا، غير أن هذا الوضع لم يعد قائمًا، بعد أن آلت (ولا تزال تؤول) ملكية غالبيتها (إن لم يكن كلها) إلى غير المصريين وربما غير العرب.
وتبقى الإشارة إلى أن «يناير» الذى شهد الحدثين (التحاق رمضان بالجيش المصرى.. وعرض مسلسله فى التليفزيون الإسرائيلى)، شهد أيضاً نشر تسيبى ليفنى (20 يناير) صورة فى حسابها على «تويتر»، جمعتها بالأمير تركى الفيصل، مدير المخابرات السعودية الأسبق، على هامش مشاركة الاثنين فى منتدى «دافوس»، ومن تعليقها على الصورة، عرفنا أنها كانت تناقش معه قضايا الإقليم وعملية السلام!
وليفنىـ لمن يعرفـ كانت وزيرة الخارجية الإسرائيلية سابقًا، وهى حاليًا عضو بالكنيست، وهى من أبرز النساء اللاتى «يمارسن» العمل السياسى فى إسرائيل. ولعلك تتذكر اعترافها (أواخر 2012) لمجلة «تايمز» بأنها عندما كانت تعمل فى «الموساد»، أقامت علاقات جنسية مع شخصيات عربية مهمة بهدف ابتزازهم سياسيًا، وفى الحوار نفسه، أكدت أن هذا أمر مشروع، وستقدم عليه من جديد إن كان فى صالح بلدها!
وكل «يناير» وأنتم بخير!