رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بص ع الحيطة


كالدائرة المفرغة، حلقات متصلة من التكرار، كلما انتهيت فيها إلى نقطة، فإنك بعد دورة كاملة تعود مجددًا لنفس البداية!. يكثر الحديث الآن عن تعديل أو تغيير وزارى مطلوب ومتوقع، كالعادة تبدأ القصة بتقارير مختلفة لأجهزة أمنية تقيس حالة الغضب الشعبى من أداء الحكومة، تبدأ التكهنات، والأخبار المنشورة على ألسنة مصادر، رفضت ذكر اسمها، وتتعالى بورصة الترشيحات، بعض النواب البرلمانيين تأخذهم الحماسة والشجاعة – فجأة – ليتحدثوا عن خطايا الحكومة التى منحوها بأنفسهم الثقة بـ433 نائباً!!، حتى إن بعضهم يتذكر.

فجأة أيضًا- الأدوات الرقابية البرلمانية كالسؤال والاستجواب فيبدأون التلويح بهم!، ولو رجعت بالزمن قد تجده من أكثر الفرحين ببيان الحكومة، وحين تتشكل حكومة جديدة سيكون من الـ433 نائباً الذين سيمنحونها الثقة!، ثم سيتذكر التلويح بالسؤال والاستجواب حين تأتى الأخبار عن قرب تعديل أو تغيير وزارى آخر!، جمعية ودايرة!.
الواقع أن الغضب الشعبى متزايد فعلاً، فالأسعار متذبذبة وفى ارتفاع دائم، دون حتى إن يكون ذلك تعبيرًا أو انعكاسًا لقواعد السوق، وآليات العرض والطلب، لكن يدخل فى الموضوع تلاعب واضح فى تخزين سلع تسربت أخبار ما عن النية فى زيادة أسعارها، وكذلك شبكة من أصحاب المصالح سواء من التجار أو المستوردين وأصحاب التوكيلات والمحتكرين، ولا أفق للحكومة فى التعامل مع هذه الأزمات المختلفة، أما على المدى القصير ونظرية اليوم بيومه، فإن الحكومة منعزلة تمامًا عن الشارع، بل إننى مستعد أن أتحداك لو أجاب أى مواطن مصرى عن أسماء 10 وزراء من الحكومة غير الوزارات السيادية المعروفة، أضف إلى الفشل الاقتصادى فشلاً سياسياً عميقاً، كان آخرها الأداء البائس فى إدارة ملف الجزيرتين المصريتين تيران وصنافير، والإصرار الأعمى أمام حقائق التاريخ والقانون والدستور بمصرية الجزيرتين، وإحالة حكومية باطلة دستوريًا للبرلمان للنظر فى اتفاقية هى والعدم سواء بحكم المحكمة!. وإذا أردنا الخروج من الدائرة المفرغة، فإن الأمر حتمى بتغيير السياسات قبل الأشخاص، والتعامل مع ملف التغيير الحكومى باعتباره ملفاً سياسياً يحتاج لسياسيين قادريين على التواصل مع الشعب، فكم من مرة يقاطع الرئيس وزيرًا ما أثناء افتتاح مشروع ليوضح بنفسه ما يريد النظام السياسى أن يصل من أفكار، وتكرر ذلك مرارًا فبات واضحًا أن الحكومة عاجزة عن إجراء أى اتصال سياسى مع الناس، وهذا أمر طبيعى فى حكومة تنفيذيين موظفين بعيدين كل البعد عن العمل السياسى، بل ستجد بعضهم يعتبرون السياسة سبة!!، وإلا فإننا نكرر ما جرى على مدار سنوات مضت، وسنعود بعد مدة قصرت أم طالت لنفس البداية، ونصف لمريض القلب مسكنًا للصداع!، ونتحايل على المشكلة فى غياب السياسة دون حلها، كعمال بناء يبنون كنيسة، وكعادة العمال الصعايدة يغنون «هيلا هيلا صلى ع النبى»، فحين نبههم البعض إلى أنهم يبنون كنيسة، فوجدوهم يغنون «هيلا هيلا بص ع الحيطة»، فلما نظروا للحيطة فوجدوهم كتبوا عليها: «صلى ع النبى»! لذلك يريد المواطن تغييرا حقيقيا يلمسه فى حياته اليومية، لا أن يتم الالتفاف عليه كالعادة بـ«هيلا هيلا بص ع الحيطة!»