رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ترامب»..معارك رجل الأقدار الغامضة

دونالد ترامب
دونالد ترامب

بحذر شديد يستقبل الشعب الأمريكى اليوم 20 يناير أهم حدث سياسى فى العالم، عندما يتم تنصيب الرئيس رقم 45 فى تاريخ الولايات المتحدة، الجمهورى «دونالد ترامب»، والذى يعد أكثر الرؤساء إثارة للجدل فى التاريخ الأمريكى ومثار قلق وتوتر فى العالم أجمع، لما شهدته عملية انتخابه من صراعات وأزمات وتصريحات تسببت فى قلق وتوتر عالمى غير مسبوق.


منذ اللحظة الأولى لإعلان فوزه فى نوفمبر الماضى بدأت الاستعدادات على قدم وساق داخل أمريكا وخارجها للحظة التى سيعتلى فيها ترامب منصة التنصيب ويقسم اليمين، ليصبح رسميا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، خوفا من تنفيذ تهديداته وتحقيق وعوده السابقة المتعلقة بتغيير سياسات أمريكا تجاه حلفائها فى أوروبا والخليج وآسيا، فضلا عن توجهاته الاقتصادية المبشرة بصدام مع الصين.


اليوم.. هيلارى و4 رؤساء أمريكيين سابقين يحضرون التنصيب

يأتى حفل تنصيب الرئيس الأمريكى هذه المرة مختلفا فى كل شىء، سواء من ناحية تأمين الحفل أو الحضور أو الغائبين أو الخطاب الافتتاحى، والذى أكدت بعض وسائل الإعلام أنه سيتضمن خطة ترامب خلال 100 يوم عمل، وهو نفس ما فعله الرئيس الإخوانى محمد مرسى قبل عزله من منصبه.


ولم يكن التنبؤ بمحاور خطاب ترامب الافتتاحى أمرًا هينًا، وذلك بسبب تصريحاته غير المتوقعة التى يدلى بها دائمًا وتسبب صدمة فى بعض الأحيان لخلوها من الدبلوماسية المعهودة لرؤساء أمريكا، وتنبأت وسائل الإعلام الأمريكية بمحتوى الخطاب، الذى قد يتضمن التحدث عن السياسة العامة للولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الوعود المقرر تنفيذها خلال الفترة المقبلة.


وفى هذا السياق، أكدت صحيفة «بلوتيكو» الأمريكية أن ترامب سيستغل ستيف ميلر لكتابة خطابه الأول الذى طال انتظاره، حيث خدمه كثيرًا خلال خطابات الحملة الانتخابية، وأوضحت أن المناقشات حول الخطاب تركزت على المشاكل الهيكلية للولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى وضع برنامج عمل لأول 100 يوم عمل لترامب فى الداخل الأمريكى والخارج.


وفى هذا الصدد سخرت صحيفة «برومر» من الرئيس الأمريكى المنتخب، مؤكدة أن الجميع يتساءل عن الوقت الذى سيستغرقه ترامب فى إلقاء خطابه الافتتاحى، خصوصًا أن الخطاب سيتضمن وجود فقرة للألعاب النارية، كما أن الرئيس المنتخب لم يتعامل مع الشعب الأمريكى إلا خلال الفترة الأخيرة فقط، لذا على الجميع توقع الأسوأ.


وأوضحت أنه من المقرر أن تبدأ مراسم حفل التنصيب فى تمام الساعة التاسعة من صباح يوم 20 يناير، على أن يبدأ الخطاب الأول للرئيس المنتخب فى تمام الساعة 12 ظهرًا بتوقيت الولايات المتحدة الأمريكية.


وقال المؤرخ الرئاسى دوجلاس برينكلى، فى تصريحات لشبكة «سى إن إن» الإخبارية الأمريكية، إنه من المتوقع أن يكون خطاب الافتتاح لترامب قصيرًا بعد أدائه اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية.


وأضافت الصحيفة أنه من المتوقع أيضًا أن يكون الخطاب أكثر إيجابية من باقى خطابات ترامب، وكان أبرزها خطابه فى المؤتمر الوطنى بالحزب الجمهورى بعد ترشيحه بصفة رسمية لانتخابات الرئاسة خلال الصيف الماضى، والذى حمل الكثير من السلبيات مع القليل من الإيجابيات.


بينما قال بوريس إيشتاين، المتحدث الرسمى باسم فريق ترامب، إنه من المتوقع أن يركز الخطاب الافتتاحى لترامب على ملفات التعليم وتأمين الحدود والجيش والاقتصاد.


ويأتى حفل تنصيب ترامب وسط استعدادات أمنية مكثفة بصورة غير مسبوقة، حيث تعد السلطات الأمريكية نفسها لاحتمال وقوع اعتداء إرهابى بواسطة شاحنة على الرغم من عدم وجود تهديدات صريحة فى هذا الشأن، إلا أن الاعتداءات التى وقعت فى فرنسا وألمانيا بنفس الطريقة قد أثارت قلق قوات الأمن الأمريكية، وأكدت شبكة «سى إن إن» الإخبارية الأمريكية أنه من المقرر نشر القوة الكاملة لجهاز الأمن الداخلى الأمريكى، وسط توقعات بحضور أكثر من 900 ألف شخص لحفل التنصيب. وأوضحت أنه سيتم نشر 100 كتلة حديدية لغلق مساحة تصل لـ 2.7 ميل مربع أمام حركة مرور السيارات، بواسطة السلطات الفيدرالية والمحلية، حيث سيتم خلق فقاعة واقية حول مكان تأدية اليمين الدستورية والاحتفالات، وإبقاء الاحتجاجات المعارضة بعيدة عنها، ومن المتوقع أن تتجاوز تكلفة تأمين الحفل الـ 100 مليون دولار.


وأشارت الشبكة إلى أنه على الرغم من عدم وجود تهديدات لحفل التنصيب، فإن وزير الأمن الداخلى جيه جونسون قد أكد أنه سيتم التركيز على الأفعال الفردية من التطرف والعنف، كما سيتم وضع أمر الشاحنات فى الاعتبار بعد ما حدث فى فرنسا وألمانيا.


كما سيتم تشديد القيود على المجال الجوى فوق العاصمة الأمريكية، وتعديل نماذج الطيران وإجراءات الطيران المحلية، بالإضافة إلى تقييد حركة القطارات، حتى ظهر يوم السبت.

وأكدت شبكة «سى إن إن» الإخبارية أنه من المقرر أن تنطلق مسيرة نسائية ضخمة تندد بتولية دونالد ترامب منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وستجوب شوارع العاصمة واشنطن، ومن المتوقع أن يصل عددها لأكثر من 200 ألف سيدة.


وأعلنت السلطات الأمنية الأمريكية عن الأشياء الممنوع اصطحابها خلال حفل التنصيب، وهى الأسلحة النارية والألعاب النارية والبالونات والعصا المستخدمة لالتقاط صور «السيلفى» والصافرات والطبول والحقائب التى تحمل على الظهر، وذلك وفقًا لما أوردته «سى إن إن».

لأول مرة فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الحديث، يرفض هذا العدد الكبير من المشاهير حضور حفل تنصيب الرئيس الجديد، وأعلن عدد من الشخصيات العامة الأمريكية، رفضهم حضور الحفل، وعلى رأسهم النائب جون لويس، أحد رموز حركة الحقوق المدنية، ممثل جورجيا فى مجلس النواب، وتعد هذه المرة الأولى التى لا يحضر فيها حفل تنصيب الرئيس الجديد.


كما أكد 30 نائبًا فى البرلمان عدم حضورهم الحفل، لاعتبارهم أن ترامب لا يعد الرئيس الشرعى للبلاد وأنه نجح بمساعدة روسيا، بالإضافة إلى 40 عضوًا فى الحزب الديمقراطى، وقال النائب لويس جوتيريز إنه لن يذهب لحضور الحفل، وسيذهب مع زوجته لحضور المظاهرة المناهضة لتنصيب ترامب، كما رفض عدد من المطربين إحياء حفل التنصيب، ومنهم إلتون جون والمطربة البريطانية شارلوت تشرتش والفنانة ريبيكا فيرجسون.


ورغم الغيابات الكثيرة عن الحفل، فإنه من المقرر حضور رؤساء أمريكا السابقين، باستثناء بوش الأب، حيث أكدت هيلارى كيلنتون أنها ستحضر مع زوجها بيل كيلنتون، كما سيحضر جورج دبليو بوش وزوجته لورا بوش والرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما والرئيس الأسبق جيمى كارتر.


مراكز الحكم.. الجنرالات يسيطرون

منذ بدأ الساكن الجديد فى البيت الأبيض فى إعلان أسماء فريقه الرئاسى بدا جليا أن الجنرالات السابقين سوف يكون لهم دور بارز فى السيطرة على مراكز الحكم فى الإدارة الجديدة، فقد اختار ترامب الجنرال «ماتيس» الذى يطلق عليه اسم «الكلب المجنون» لمنصب وزير الدفاع، وهو المنصب الذى يشغله دومًا مدنى للإشراف على الجيش.


أعد مركز الدراسات العربى الأمريكى، دراسة مفصلة حول المراكز التى تكشف عن خريطة السياسة التى ستتبعها إدارة الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، حيث أشارت إلى أنه حافظ على أولوية حضور الجنرالات فى مراكز صنع القرار، وارتكازه أيديولوجياً على مراكز أبحاث هامة تمثل التيارات اليمينية والمحافظين الجدد.


«مستشار الأمن القومى».. منصب جرى العرف على أن يتولاه مدنى، وهو أعلى منصب فى البيت الأبيض يقوم بالتنسيق مع الجيش والشؤون الخارجية، ووقع اختيار «ترامب» لهذا المنصب على الجنرال «فلين»، والذى سُرِّح من البنتاجون من قبل، وزير الخارجية المحتمل الجنرال المتقاعد «ديفيد بترايوس»، والذى خدم كقائد فى العراق وأفغانستان وهو أيضًا المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية.


رئيس الأمن الداخلى الأمريكى.. وضع ترامب الجنرال المتقاعد «جون إف كيلى» فى الاعتبار لهذا المنصب، أما مدير الاستخبارات الوطنية، والذى ينسق بين جميع أجزاء نظام المخابرات الأمريكية، فقد وضع «ترامب الأدميرال «مايكل روجرز»، وهو الرئيس الحالى لوكالة الأمن القومى تحت الميكروسكوب.


ورغم أن التجربة تثبت مع كل محطة انتخابية أنَّ التعويل على تغيير الإدارة الأمريكية لمواقفها وسياساتها فى المنطقة مجرد سراب ووَهمٍ تصنعه عقولُ النُّخب العلمانية فى المنطقة، فإنَّ داءَ التَّعلُّقِ غَلَب على البيئة العربية، حتى باتت تنعكس على النخب والشعوب ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية.


الإرهاب.. رؤية ضبابية حول محاربة التنظيمات المتطرفة

فى محاولة فهم ما يجرى فى عقل الرئيس الأمريكى الجديد فإن بعض الأسئلة ومنها ما يتعلق بقتال حركة الشباب الصومالية على مدى عشر سنوات، ولماذا لم يربح الأمريكيون هذه الحرب، فى إشارة إلى الجماعة الإرهابية التى تتخذ الصومال مقرَّا لها، والتى كانت خلف هجمات وستجيت مول، فى كينيا عام 2013.


وعلى الرغم من أن الوثيقة تقدم نظرة أولى عن الطريقة التى قد يكون عليها النهج السياسى للإدارة الجديدة تجاه إفريقيا، وهو الأمر الذى نادرًا ما تم تداوله خلال الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، إلا أن المسئولين فى فريق ترامب لم يجيبوا عن الأسئلة بشكل واضح.


وفى هذا السياق قالت موند موانجوا، مدير برنامج إفريقيا فى معهد ودرو ويلسون: «العديد من الأسئلة التى يسألونها هى الأسئلة الصحيحة التى على أى إدارة طرحها»، ولكنها أضافت: «تأطير بعض أسئلتهم يشير إلى وجود تعريف أضيق لمصالح الولايات المتحدة فى إفريقيا، واتباع نهج قصير للسياسة والارتباطات مع الدول الإفريقية»، وتشير موانجوا إلى أن الأسئلة قد تكون علامة دراماتيكية على تحول سياسة الولايات المتحدة وارتباطها مع القارة.


الالتباس فى الرؤية لا يقف عند الإرهاب فى الصومال فقط، بل يمتد إلى الموقف من تنظيم داعش، ويقول الدكتور جون أسبوسيتو أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة جورج تاون إن سياسة ترامب الخارجية لم تتضح بعد بسبب عمومية تصريحاته الفضفاضة، مشيرًا إلى أنه رغم تصريحاته المتكررة بمحاربة الإرهاب ودحر داعش إلا أنه لم يحدد أى خطة دقيقة يمكن أن ينتهجها، لذلك فإن السياسة الخارجية بالنسبة له لا تزال غامضة، وتنبئ بمساندته لهم ضد المسلمين العرب.


وأوضح جون بولتون الدبلوماسى الأمريكى السابق أن صعود ترامب رغم فقره السياسى كان بسبب النقمة الشعبية على الأوساط السياسية، إلا أنه يشكل قيمة مضافة فى ذلك الأمر من خلال عقد تحالفات والوصول إلى استراتيجية مشتركة ضد الإرهاب فى المنطقة وفى العالم.

قال الدكتور جون أسبوسيتو أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة جورج أسبوسيتو فى مقابلة مع سكاى نيوز: «أعتقد أن ترامب ليس لديه أى خبرة فى مجال السياسة الخارجية، كما أن خبرته فى الإدارة الداخلية محدودة، والأمر يتوقف على مستشاريه وحاشيته من حوله».


وبات ترامب معروفا لدى الأوساط الدبلوماسية الأمريكية والخارجية بافتقارة إلى السياسة الخارجية، ليصبح وجبة رئيسية للتندر فى المناسبات الدبلوماسية.


إسرائيل.. لا تراجع عن نقل السفارة الأمريكية للقدس

أكد الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، أمس، لصحيفة «إسرائيل اليوم» الإسرائيلية، أنه سينفذ وعوده بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة فور توليه منصبه الجديد كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، وقال: «لن أخلف بوعدى الذى قطعته لإسرائيل حول نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس».


وقال ترامب لصحيفة «إسرائيل اليوم»، ردًا على سؤال عن وعده بشأن القدس: «بالطبع أنا أذكر ما قلته لك عن القدس، بالطبع أنا لم أنسَ، وأنت تعلم أننى شخص لا يخلف الوعود».


ورجحت مصادر سياسية إسرائيلية الإعلان عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الأسبوع المقبل، مشيرةً إلى أن طاقمًا أمريكيًا تفقد الموقع المخصص لإقامة مبنى السفارة فى القدس.


ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن المصادر التى لم تسمها أن طاقمًا أمريكيًا تفقد مؤخرًا الموقع المخصص لإقامة مبنى السفارة فى القدس.


 من جانبه، أعرب الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته باراك أوباما عن «قلقه العميق» إزاء النزاع الفلسطينى - الإسرائيلى، محذرًا خلفه دونالد ترامب من مدى قابلية الوضع لـ«الانفجار».


وحذر أوباما فى معرض تعليقه على الوعد الذى قطعه ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس من «تحركات أحادية مفاجئة فى مناخ متفجر»، وتابع فى المؤتمر الصحفى الأخير له: «أنا قلق لأننى أعتقد أن الوضع القائم لا يمكن أن يستمر، وأنه خطر على إسرائيل وسيئ للفلسطينيين وسيئ للمنطقة وسيئ لأمن الولايات المتحدة».


ولم يخف الرئيس الأمريكى الذى يسلم السلطة إلى ترامب اليوم الجمعة خشيته من أن يذهب حل الدولتين أدراج الرياح بعدما استثمرت ادارته «الكثير من الوقت والكثير من الجهد» فى سعيها لتسوية النزاع استنادًا إلى هذا الحل. مضيفًا: «لست أرى كيف يمكن حل هذه المشكلة عندما نجعل إسرائيل دولة يهودية وديموقراطية فى آن معًا».


وحذر أوباما من أن «عدم قيام دولة فلسطينية يعنى أن إسرائيل تواجه خطر توسيع الاحتلال لتصبح فى النهاية دولة فيها ملايين الناس المحرومين من الحقوق».


وبرر الرئيس الأمريكى سبب امتناعه عن استخدام الفيتو للحؤول دون صدور قرار عن مجلس الأمن الدولى يدين الاستيطان الإسرائيلى فى الاراضى الفلسطينية المحتلة بأنه وجد أنه من الضرورى «إطلاق جرس الإنذار» فى هذه المسألة، وهى خطوة عادت عليه بانتقادات شديدة من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ومن ترامب أيضًا.


وقال أوباما إنه «يجب على الناخبين الإسرائيليين والفلسطينيين أن يدركوا أن نافذة (حل الدولتين) على طريق الإغلاق».


روسيا.. تقارب مع بوتين

حول علاقة ترامب وروسيا، ذكر مركز دراسات «كاتيخون»، أن فوز «ترامب» سيساعد على التقارب مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وأن مشاعر «بوتين حول ترامب إيجابية»، وكان من أول زعماء العالم الذين قدموا تهانيهم لترامب.


وذكر المركز أن «ترامب» لديه إمكانات للتغيير والتخلص من العقوبات التى فرضها الرئيس باراك أوباما ردا على تدخل روسيا عام 2014 فى أوكرانيًا، مضيفا أنه مع مواصلة روسيا حربها على الإرهابيين فى سوريا، سيكون أمام ترامب وسيلة أخرى لإظهار أنه سيتعامل مع روسيا بطرق مختلفة تماما عن أوباما، لا توجد أية وسيلة لمعرفة فيما إذا كان ترامب سيعتمد أيًا من هذه الأفكار بمجرد توليه منصبه.


كما أن لديه ما يسمى بخيارات القوة الناعمة لتغيير الطريقة التى تنظر فيها روسيا نحو أمريكا، فعلى سبيل المثال، يمكنه أن يطالب الكونجرس الأمريكى باستعادة تمويل الباب الثامن، وهو البرنامج الذى يسمح لعلماء الولايات المتحدة بالمشاركة فى الأبحاث حول روسيا واكتساب الكفاءة فى اللغة الروسية، وقُطع التمويل لهذا البرنامج قبل ثلاث سنوات.


واختتم المركز دراسته أنه ليس من المرجح أن يقوم ترامب بإظهار نواياه لتحسين علاقات واشنطن مع موسكو، لكن الخيارات الموضوعية التى سيختارها ستحدد ما ينوى كسره فى وقت قريب من خطط أوباما.


قبل أن يغادر الرئيس باراك أوباما موقعه، حاول إفساد هذه العلاقة مع روسيا من خلال ما يعرف بقضية التسريبات إذ أقر أوباما بأنه فشل فى فهم تأثير الهجمات الإلكترونية الروسية على المجتمع الأمريكى، وكانت وكالات الاستخبارات الأمريكية قد أصدرت تقريرا يحتوى على أدلة تثبت تدخل روسيا فى انتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة فى محاولة لتقويض فرص فوز المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون ومساعدة دونالد ترامب علىالفوز.


ظهرت قضية التجسس الروسى على أمريكا بشكل كبير من خلال تدخل روسيا فى انتخابات الرئاسة الأمريكية التى عقدت فى نوفمبر الماضى. بحسب وسائل إعلام أمريكية، تعرضت الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية السابقة للرئاسة الأمريكية هيلارى كلينتون لهجوم إلكترونى اعتبر الأكبر ضد مؤسسات الحزب الديمقراطى، حيث تم اختراق بيانات اللجنة الوطنية الديمقراطية ولجنة حملة الكونجرس الديمقراطية.


وقبل إجراء الانتخابات بأقل من شهرين، اتهمت واشنطن روسيا بالقرصنة على الرسائل الإلكترونية لعدد من المؤسسات والمنظمات السياسية الأمريكية؛ بهدف التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية.


ففى أكتوبر 2016، قام المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست، بعقد مؤتمر صحفى فى واشنطن تحدث فيه عن الإجراءات التى ستتبعها الولايات المتحدة للرد على التجسس الروسى، مشيرًا إلى أن الردود لن تكون محدودة بالإطار الإلكترونى «القرصنة» فقط، بل ستشمل عقوبات اقتصادية. وفعلاً فى نهاية العام، أعلن البيت الأبيض طرد 35 دبلوماسياً روسياً من واشنطن وسان فرانسيسكو خارج الولايات المتحدة، وأمهلتهم 72 ساعة لمغادرة البلاد، إلى جانب الإجراءات العقابية ضد أفراد روس ومؤسسات روسية ردا على قرصنة روسيا للانتخابات الأمريكية والتضييق على الدبلوماسيين الأمريكيين فى موسكو، مؤكدا أن هذا التدخل الروسى لم «يعد مقبولا ولا يمكن التسامح بشأنه».


الصين.. انتقادات لاذعة للسياسات الاقتصادية واختيار «صديق بكين» سفيرًا

تعتبر العلاقة مع التنين الصينى محورًا أساسيًا فى محاولة فهم ما يدور فى قلب وعقل الرئيس الأمريكى الجديد، كمدخل إلى فهم مستقبل الصراع فى العالم، وخلال حملته الانتخابية اعتمد ترامب سياسة عدائية تجاه الصين، وصرح بالعديد من التصريحات ضدها والتى تسببت فى جدل كبير بين البلدين، واعترضت الصين على سياسة ترامب وتوجهاته السياسية والاقتصادية والعسكرية فى جنوب شرق آسيا وبحر الصين الجنوبى.


هاجم ترامب الصين مرارًا فى حملته الانتخابية وتعهد بإعلان الصين دولة «متلاعبة بالعملة» فى أول يوم من رئاسته، ما سيدفع وزارة الخزانة الأمريكية لفتح مفاوضات مع بكين حول الرنمينبى (الاسم الآخر لليوان)، وقال الرئيس الأمريكى المنتخب فى تغريدتين «هل سألتنا الصين إن كنا نوافق على خفض عملتها (وهو ما يعقد مهمة شركاتنا فى مجال المنافسة) وعلى أن تقوم بفرض ضريبة مرتفعة جدًا على موادنا المصدرة إليها (الولايات المتحدة لا تفرض ضرائب عليها) وعلى بنائها مجمعا عسكريًا ضخمًا فى بحر الصين الجنوبى؟ لا أظن ذلك!».


ولم يسبق لأى رئيس أمريكى فعلى أو منتخب أن تحدث إلى رئيس تايوانى منذ قطعت واشنطن علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان الجزيرة المستقلة بحكم الأمر الواقع عام 1979، غير أن وزارة الخارجية التايوانية أعلنت الأسبوع الحالى أن وفدًا تايوانيًا يرأسه رئيس الحكومة السابق يو شى كون ويضم فى عضويته مستشار الأمن القومى وعددًا من النواب سيشارك فى مراسم تنصيب ترامب.

ورفضت بكين مشاركة وفد تايوانى فى مراسم تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب، اليوم، وطلبت من الولايات المتحدة منع تايوان من المشاركة، وكان ترامب اتخذ خطوة غير مسبوقة منذ عدة عقود الشهر الماضى عندما اتصل هاتفيا برئيسة تايوان تساى انغ وين، كما أثار غضب بكين بقوله إن سياسة «الصين الواحدة» خاضعة للتفاوض.


منذ انتخاب ترامب تولدت الأزمات مع بكين فى نقاط عديدة أهمها حول مبدأ «الصين الواحدة» وكما قال المتحدث باسم مكتب شئون تايوان التابع لمجلس الدولة: «مبدأ صين واحدة ليس أساسًا لتطوير العلاقات بين الصين والولايات المتحدة فقط، بل هو أيضا حجر الزاوية للسلام والاستقرار عبر مضيق تايوان. وفى غياب هذا المبدأ ستتأثر التنمية السليمة للعلاقات الصينية الأمريكية وكذلك السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان بشكل سلبى».

عندما تم انتخاب ترامب كان قد صرح بعدم الاعتراف بعد الآن بمبدأ «الصين الواحدة» الذى دفع واشنطن إلى قطع علاقاتها مع تايوان فى 1979، إذا لم تقدم بكين تنازلات خصوصا فى قطاع التجارة، وردًا على هذه التصريحات، حذرت صحيفة صينية من أن «سياسة الصين الواحدة غير قابلة للتفاوض» مؤكدة أن التخلى عنها قد يدفع بكين إلى تقديم الدعم لأعداء الولايات المتحدة.


وعلى الرغم من انتقاداته الحادة للصين، فقد عين الرئيس المنتخب تيرى برانستاد حاكم ولاية أيوا الذى تربطه علاقات جيدة مع الرئيس الصينى شى جينبينغ منذ 1985، سفيرا لواشنطن فى بكين.


إيران.. خطة لتعديل الاتفاق النووى

مع الفوز المفاجئ واللافت للمرشح الجمهورى القادم من قطاع الأعمال والتجارة دونالد ترامب، تدخل الولايات المتحدة الأمريكية ومعها العالم مرحلة من التخمينات والتوقعات حول مستقبل السياسة الداخلية للرئيس المنتخب وكذلك السياسة الخارجية.


هذه التخمينات تسعى إلى فهم ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنقاد فى سياساتها إلى مقولات ترامب خلال الحملة الانتخابية أم ستتغلب فيها المؤسسية، بحيث يظهر أن حجم القلق العالمى من ترامب كان مبالغا فيه؟.


للتوصل إلى فهم أقرب إلى الدقة لاحتمالات العلاقات الأمريكية الإيرانية يجب النظر إلى جملة من المحطات المهمة القادمة والتى تبدأ بتولى الرئيس المنتخب صلاحياته.


مع تولى ترامب الرئاسة رسميا فإن إيران ستبدأ التحضيرات للانتخابات الرئاسية الثانية عشرة، والتى ستجرى فى شهر مايو، هذا التطور سيؤثر بشكل مباشر فى سياقات الأحداث المتعلقة بالانتخابات الرئاسية الإيرانية، وقد تمثل أول التأثيرات فى إعلان أحد القيادات السابقة لقوات التعبئة والحرس الثورى، ووزير النفط السابق رستم قاسمى نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، وبالتزامن مع ذلك أعلن وزير الاتصالات السابق المحسوب على التيار المحافظ التقليدى نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.


بالنظر إلى خطاب الرئيس المنتخب، فقد أعلن أنه سيعمل على إعادة فتح باب التفاوض بخصوص البرنامج النووى الإيرانى، وأنه يعتقد أن الاتفاق أعطى لإيران ما لا تستحق. بالطبع الحديث عن إعادة التفاوض يعنى وقف جميع الإجراءات التى كانت إيران تركز عليها فى بناء ثقة مع المجتمع الدولى. هذه الإجراءات تركز على رفع العقوبات حتى يستطيع النظام السياسى الإيرانى الحصول على الحد الأدنى الذى يمكن أن يقدمه للرأى العام الداخلى الإيرانى الذى كان يشكك فى الاتفاق ويرى فيه استسلاما للغرب.


والواقع أن وقف تلك الإجراءات سيؤدى تدريجيا إلى صعوبات اقتصادية ويمكن أن يهدد كل ذلك احتمالات عودة الرئيس الإيرانى الحالى حجة الإسلام حسن روحانى فى فترة رئاسية ثانية.


يشير الخطاب السياسى للرئيس المنتخب ترامب وتصريحاته القليلة حتى الآن إلى وجود حالة من عدم اليقين الأقرب إلى التشاؤم بخصوص استمرار مسار الانفتاح على إيران والذى أُقر وفق الاتفاق النووى. مثل هذا السيناريو سيرسل رسائل سلبية للجمهورية الإسلامية؛ وهو ما سينعكس فى عودة إيران إلى مربع ما قبل الاتفاق، من حيث إخفاء أنشطتها من جهة والتعاون مع وكالة الطاقة النووية من جهة أخرى.


المهم فى هذا السياق هو أن ترامب وفريقه مقتنعون بأن الاتفاق لم يكن ليحصل لولا رغبة المؤسسة السياسية الأمريكية التقليدية التى انتقدها بشكل شديد. من هنا فإن القوى الأخرى لا يمكنها أن تنفذ أى التزام بمعزل عن الولايات المتحدة التى يريدها أن تعود قوية.


 كما أن تلك الدول ستحتاج واشنطن للتوصل إلى مخرج دبلوماسى بشأنها. وللتذكير فإنه وخلال الفترة ما بين عامى ٢٠٠٣ و٢٠١٤ كان غياب مشاركة واشنطن الفاعلة عن عملية التفاوض بين الأوروبيين وإيران أحد أهم العوامل فى عدم التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووى.


ثمة ما هو لافت بالنسبة لموقف ترامب من إيران، وهو أن الإدارات السابقة بما فيها إدارة باراك أوباما تأخذ بعين الاعتبار -ولو بالحد الأدنى- قلق حلفائها من سياستها نحو إيران، لكن ترامب لا يبدو كذلك. مثل هذا الأمر سيعقد وسائل الرد الإيرانية التى كانت تختفى دائما وراء إدانة بعض حلفاء واشنطن، لا سيما فى منطقة الخليج العربى فى التحريض على إيران.


إن خيارات ترامب المحدودة بالنسبة لمعالجة العلاقة مع إيران لا سيما الملف النووى الإيرانى ستدفع النظام السياسى فى إيران إلى اتباع سياسة أكثر عدائية وربما ستنعكس فى رفض أى مقترحات أمريكية بخصوص إعادة التفاوض أو حتى إبطاء خطوات تنفيذ الاتفاق. مثل هذا الخيار ربما يدفع إلى تصعيد كلامى وسياسى، الأمر الذى قد يعيد الخيار العسكرى المحدود ضد المنشآت النووية الإيرانية بعد غياب لحوالى عامين إلى دائرة التوقعات، مثل هذا السيناريو ستكون له ارتداداته الإقليمية من قبل إيران لا سيما فى ملفات مثل الملفين السورى واليمنى.


ما هو مهم فى هذا السياق هو أن الإدارة الجديدة قد تلجأ إلى مزيد من شيطنة إيران داخليا وخارجيا، وهو ما سيضيف تعقيدات أكثر على طريق تنفيذ الاتفاق النووى. 


من المتوقع أن يتلقى ترامب مساعدة فى هذا المجال من الكونجرس الذى يسجل حضور الأغلبية الجمهورية فى مجلسيه وكذلك من إسرائيل وربما من الغاضبين من سياسة إيران فى الشرق الأوسط.