رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هذا الرجل يليق بكرسى رئيس الوزراء


فى بلادنا البعيدة..  تلك القرى التى لا تعرف عن الحكومة سوى أنها «اللى مالوش ضهر.. الحكومة ضهره».. علمونا أن السلطان هو البعيد عن السلطان.. ربما لهذا لم يحدث أن التقيت الرجل.. ومعلوماتى عنه قليلة جدًا ربما بحكم منصبه.. أو الأماكن التى عمل بها من قبل.
لكننى مثل معظم المواطنين فى مصر.. انتبهت إلى كلمته منذ أشهر قليلة فى افتتاح أحد المشروعات المهمة أثناء زيارة الرئيس للقناة.. واندهش الكثيرون مثلى من «حضور الرجل وفاعليته».. ثم كان أن صحيت مصر على وقائع قضية رشوة كبرى.. لم يخمد ضجيجها بعد.. وإن انصرف الناس عن متابعة تفاصيلها بعدما أصدر معالى النائب العام قرارًا بحظر النشر فيها.
شعر الناس فى المقاهى.. ومكاتب الوزارات.. ووسائل المواصلات بحضور مختلف لأجهزة الرقابة الإدارية، والصحف توالى نشر وقائع عمليات ضبط «المرتشين».. صغارًا.. وكبارًا.. وقضية وزارة الزراعة ليست «الواقعة الوحيدة».
وحسنًا فعل الزميل أسامة كمال عندما استضاف الرجل فى إطلالته الأولى عبر قناة dmc العامة فى سهرتها الأولى فى يومها الأول.. يتحدث الرجل ونعرفه.. نعرف كيف يفكر.. ولماذا حدثت الطفرة التى تشعر بها فى عمل جهاز رقابى مهم.. فى وقت نحن فى أشد الحاجة لبدء حملة حقيقية لمجابهة ذلك الغول الذى استشرى حتى صارت أقصى أمانى قطاع كبير من المصريين هى «تقنين الفساد» لا محاربته.. «واسأل نفسك كام مرة.. سمعت أحدهم وهو يمدح نظام مبارك بقوله.. «حرامية حرامية.. بس كانوا محترفين.. وكنا عارفين نعيش».
الرجل الذى أقصده هو اللواء محمد عرفان، رئيس جهاز الرقابة الإدارية.. المنوط بها الآن القيام بدورين هما الأخطر فى عملية مفصلية تحدد شكل أيامنا القادمة.
المهمة الأولى التى أقصدها هى عملية التحريات عن المرشحين لتولى مناصب وزارية فى حكومة قادمة ينتظرها أهلنا فى الريف والحضر، ويتعشمون ألا تكرر ما فعله فينا بعض وزراء حكومة المهندس شريف إسماعيل.. نفس الأمر بخصوص عدد كبير من القيادات القادمة لمؤسسات إعلامية واقتصادية يجرى تشكيلها بحكم الدستور والقانون.
المهمة الثانية وهى الأصعب.. وتكاد تكون الأهم لبلادنا.. هى مهمة تكوين جهاز قوى أشبه بالمفوضية إن لم أكن مخطئًا لمحاربة الفساد.
سمعت الرجل يتحدث باقتضاب شديد.. يحسب كلماته ويوزنها جيدًا.. لم يتطرق لتفاصيل أى قضية منظورة أمام القضاء رغم إلحاح أسامة كمال، وهو الأمر الذى يعنى أننا أمام قيادة تعرف جيدًا حدود التعامل مع القضاء وسلطاته.. وتحترمها أيضًا.
وكشف الرجل ببساطة عن الدور الذى يلعبه جهاز الرقابة الإدارية الآن فى متابعة المشروعات القومية التى تشارك فيها المؤسسة العسكرية باعتبارها مشروعات مدنية لينهى جدلًا مهمًا وسخيفًا دار لفترات فى أذهان الكثيرين.
وكشف الرجل عن أمر اعتبره الأخطر.. وهو ما سيحدث فى طريقة اختيار القيادات فى الفترة القادمة بعد تنفيذ لائحة قانون الخدمة المدنية.. وترسيخه أكثر من مرة وبإلحاح على مبدأ أننا لن نتقدم إلا بتبوؤ الأكفأ.. وإن كانت مخاوف الناس لا تزال قائمة من عمليات التطبيق وخشية تسلل «المحسوبية» لعمليات الاختيار.
المنهج الذى يتعامل به الرجل مع مرؤوسيه.. وتشجيعهم.. ومنحهم الضوء الأخضر والثقة لدحر أى عملية فاسدة.. صغيرة كانت أو كبيرة.. يُبشر بالكثير.. والأهم أنه يكشف عن قيادة نحتاجها ليس على قمة ذلك الجهاز الرقابى المهم.. ولكن فى مقعد رئيس الحكومة.