رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى إرهاب سيناء.. هؤلاء هم الجناة


استكمالًا لمقال الأسبوع الماضى، والذى تناولنا فيه الجوانب المسكوت عنها من قبل مصر الرسمية، بشأن من يقف وراء الإرهاب فى سيناء؟ وهل النشاط المسلح الذى تقوده المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم «أنصار بيت المقدس» منذ عام 2013م، هو من قبيل النشاط الذاتى لعناصره وفق أجندة محلية تخص أعضاءه، أو أن هناك مساحة خلفية مظلمة تقبع فيها أطراف ما يحركون هذا التنظيم ضد الدولة المصرية؟ وهل تملك تلك الأطراف القدرة على الوصول إلى داخل سيناء رغم الاستحكامات الأمنية المشددة التى تشهدها؟ وقد يكون السؤال الشامل: «لماذا سيناء» هو الأقدر على حملنا إلى تلك المنطقة الأكثر عتمة، التى يدار منها إرهاب سيناء وتُجهز فيها مكونات استمراره.

يمكن البدء بـ«حركة حماس» كطرف خيط أولى وظاهر إلى حد ما فى تفاصيل النشاط الإرهابى منذ بدايته، ولم تقتصر بدايته على خدمة المشروع الإخوانى المناهض لثورة 30 يونيو فحسب، رغم أن هذا يشكل مرجعية رئيسية لدعم المجموعات المسلحة بسيناء، إلا أنه لا يجوز إغفال أن الإشراف المباشر على تشكيل بذور تلك التنظيمات كان قد بدأ فى عام حكم الإخوان. لذلك فالمرجعية الأخرى التى تدفع حماس لبذل هذا الجهد الممتد من عام 2011 وحتى اليوم 2017، تتحمل فيها كلفته الباهظة وتناور بكل ما وسعها من وسائل لضمان استمراريته، هى الهدف الذى لم -ولن- يغادر مخيلتها وعقيدتها، المتمثل فى خلق «منطقة رخوة» ملاصقة لحدود قطاع غزة، يمكن القفز عليها مستقبلاً لاستخدامها فى حل القضية الفلسطينية.
هذه المعادلة لا يجوز النظر إليها باستخفاف أو وصمها بالمشروع الخيالى، فهى الإجابة المختصرة لسؤال «لماذا سيناء»؟ فإرهاب سيناء وُلد فى تلك المنطقة ولن يغادرها للداخل، واستهدافه الرئيسى هو تلك المساحة من الأرض، وهو إجابة أيضًا عن سبب نشوء تلك التنظيمات فى عهد الإخوان، فليس الأمر مرتبطًا بعداء السلطة الحاكمة فى القاهرة، بقدر ما هو يصنع واقعًا على الأرض. لكن كيف تكون المراهنة على إمكانية انتزاع قطعة أرض من السيادة المصرية، لتدخل ضمن هذه الترتيبات الإقليمية المعقدة بحجم «حل القضية الفلسطينية»، وهل ينتظر من تنظيم مسلح مهما بلغت قوته وعدد أفراده أن يتمكن من تحقيق هذا الهدف؟ الإجابة تستند إلى ما تتم صياغته فى المنطقة المعتمة المشار إليها.
ليس مطلوبًا من تنظيم «ولاية سيناء» سوى القتال للبقاء «فقط» على قيد الحياة، والاستمرار فى استنزاف تلك المنطقة بعمليات متنوعة، يتم خلالها استهداف جميع مكوناتها «الجيش، الشرطة، المدنيين». حينها ستنتقل إلى مرحلة «المنطقة المضطربة» ويجب الإشارة ووضع عشرات الخطوط تحت كونها «حدودية»، وفى هذه المحطة يمكن محاصرة الدولة المصرية من خلال المجتمع الدولى، ببعض الأطروحات والتدخلات استنادًا إلى «أوضاع متشابكة، ومدى زمنى، وعدد من الضحايا»، وهنا يمكن فرض بعض القيود على القوات المصرية الموجودة افتراضًا «بوضع مؤقت» لمحاربة الإرهاب. حينئذ سيستند التدخل الدولى أو التقييد إلى كون التنظيم الإرهابى فرعًا لـ «داعش»، وعلى بعض الفاعليات السكانية المحلية، وهو هنا سيحتاج إلى بعض الترويج والضغط أو تضمينه داخل ترتيبات إقليمية عامة.
يمكن النظر إلى هذا باعتباره سيناريو خياليًا، أو الاستهانة بمن يقفون خلفه، لكن فى هذه الحالة سيكون مطلوب تجاهل أن هذا بالأساس مشروع إسرائيلى متكامل، اسمه بالملفات الاستخباراتية والأكاديمية «مشروع غزة الكبرى». وحركة حماس الإخوانية لم تنشأ كسكين فى الجسد الفلسطينى إلا لتنفيذ هذا المشروع، لاسيما وخطوته الأولى أن تقوم حماس بالسيطرة على قطاع غزة، وهو ما تم فى انقلاب 2006م، ولن تعود فتح للقطاع ثانية بأى وضع تمامًا كما أن حماس لن تلتفت لمتر من الأرض فى الضفة أو القدس. ويبقى هناك من يرعى هذا السيناريو، فحماس وحدها بإمكانياتها تظل رأس حربة يلزمها كفيل أو مجموعة رعاة .. عنهم وعن أدوارهم يدور حديثنا الأسبوع القادم إن شاء الله.