رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«النمنم - خلاف».. من يحكم وزارة الثقافة ؟

حلمى النمنم
حلمى النمنم

رغم أن وزارة الثقافة تعد من أهم الوزارات فى الدولة المصرية، إلا أن كثيرين لا يعرفون شيئاً عما يحدث فى أروقتها وكواليسها، كما لا يعرفون كيف تدار قطاعات الوزارة ولا من الذى يتحكم فى تسيير أمورها.
عموماً، فإن الظاهر والمعلن أن السيد حلمى النمنم هو وزير الثقافة، لكن القريبين من الثقافة يعرفون أن شخصاً آخر أكثر قوة يحتل مكانة بارزة فى الوزارة هو السيد حسن خلاف الذى يشغل منصب مدير مكتب الوزير.
فمنذ اللحظات الأولى لتولى النمنم حقيبة الوزارة، أصدر قرارًا بعودة حسن خلاف لمنصب مدير قطاع مكتب الوزير بعدما استبعده الوزير السابق عبد الواحد النبوى، ومن هنا بدأ «خلاف» يضع يده على كل صغيرة وكبيرة فى الوزارة، ووصل الأمر إلى التدخل لتعيين أشخاص فى مناصب كبرى كما حدث فى واقعة تعيين «أمل الصبان» التى تولت منصب أمين عام المجلس الأعلى للثقافة بدلا من الدكتور محمد أبو الفضل بدران، وجاءت الصبان ـ كما تردد آنذاك ـ بترشيح من «خلاف».
عمل «خلاف» على دعم الدكتورة أمل الصبان وتحسين صورتها لدى الأجهزة الرقابية كى تتمكن من تولى حقيبة الوزارة خلفًا للنمنم حال إجراء أى تعديل فى الحكومة، وهو ما كشفه وزير الثقافة حلمى النمنم، ودخل فى صراع شديد مع خلاف دام لعدة أيام، مما جعله يفكر فى إقالته وتبديله بأحد الأشخاص، إلا أنه تمت تسوية الأمور وعادت المياه لمجاريها.
نجح حسن خلاف فى أن يكون مسكناً ومهدئاً لموظفى الهيئة العامة لقصور الثقافة كلما خرجوا للمطالبة بحقوقهم المالية المتمثلة فى بدل طبيعة العمل الـ50% التى صرفت لبعضهم وحجبت عن الآخرين. وداخل الهيئة العامة لقصور الثقافة استطاع خلاف أن يقنع حلمى النمنم بعودة الدكتور سيد خطاب إلى منصبه بعدما أقاله الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق من المنصب على خلفية فساد إدارى ومالى، ورويداً رويداً أصبح خلاف الرجل الثانى فى الوزارة بعد أن تفرغ حلمى النمنم لكتابة المقالات فى الصحف وهو ما جعل كل قطاع فى وزارة الثقافة يعمل منفردًا دون تنسيق مع القطاعات الأخرى، وهو ما جعل فعاليات متشابهة تقام فى مكان واحد فى نفس الموعد، كما حدث فى معرض المجلس الأعلى للثقافة، الذى يقام فى الأوبرا، ومعرض صندوق التنمية الثقافية، ومعرض المركز القومى للترجمة، حيث إن المعارض أقيمت فى مكان وزمان واحد.
وضع «خلاف» نفسه رئيسًا للعديد من اللجان بقطاعات وزارة الثقافة، إلى جانب عمله كرئيس قطاع مكتب الوزير، ووضع نفسه عضوًا دائماً فى لجنة اختيار القيادات، وكذلك رئيس لجنة مكافحة الفساد بوزارة الثقافة، التى لا حس لها ولا خبر، فى حين غرقت قطاعات وزارة الثقافة فى برك من الفساد المالى والإدارى.
تسبب «خلاف» فى وضع وزير الثقافة فى موقف محرج للغاية بعد أن أصدر قراراً بإنهاء ندب الدكتورة وفاء صادق أمين من العمل كرئيس للإدارة المركزية للشئون الأدبية والمسابقات بالمجلس الأعلى للثقافة، فى حين كانت الدكتورة «وفاء» تشغل منصب رئيس الإدارة المركزية للشعب واللجان،ولا علاقة لها بالمنصب الذى أُقيلت منه، وكشفت الواقعة إلى أى مدى أصبح الوزير بعيداً عن قياداته، لدرجة أنه لا يعرف أسماءهم.
فى مارس الماضى قرر حسن خلاف إرسال مجموعة من موظفى الثقافة إلى أكاديمية الفنون بروما بحجة إجراء عمليات جرد سنوى لمحتوياتها، وقالت مصادر من داخل أروقة وزارة الثقافة، إن الأشخاص الذين ذهبوا ليسوا متخصصين، وإنهم إداريون ومحاسبون، وأكاديمية الفنون بروما كل إجراءاتها المالية والإدارية تجرى بالديوان العام للوزارة بالقاهرة، وليس هناك ضرورة لسفر شخصين من مسئولى الحسابات بوزارة الثقافة إلى الأكاديمية بروما.
وأضافت المصادر أن حسن خلاف، حدد أسماء هؤلاء الأشخاص وقام بإعداد قرار وزارى بالسفر واعتمده من وزير الثقافة، وضم أربعة أفراد من العاملين، لسفرهم، وكان من بين هؤلاء موظف بالدرجة الثانية بالمجلس الأعلى للثقافة واثنان من العاملين بقطاع مكتب الوزير الذى يرأسه حسن خلاف، والرابع مدير الحسابات بقطاع مكتب الوزير.
وأكدت المصادر أن موظف الحسابات الذى سافر معهم، لا يعمل مديرًا لحسابات الأمانة العامة للمجلس الأعلى للثقافة، بل هو مراقب مالى يتبع وزارة المالية، ومهام عمله مراقبة مدير الحسابات التابع للمجلس الأعلى للثقافة، وقيل إنه تم تزوير المسمى الوظيفى لهذا الشخص للتحايل على اللوائح والقوانين وتسهيل إجراءات السفر وكان يجب أن يأخذ الشخص موافقة وزارة المالية التابع لها!.
كل هذا قد يكون مقبولاً فى ظل انشغال السيد الوزير بكتابة المقالات، وكل هذا قد يكون معتاداً فى الوزارات وكواليسها وخباياها، لكن المثير فى أمر السيد حسن خلاف أن هناك شبهات تحوم حوله منذ تم تحويله إلى المحاكمة التأديبية على خلفية اتهامه بالاستيلاء على المال العام والإضرار، وتمت مجازاته حينها فى القرار رقم «١٩٦»، وذلك لما نسب إليه وثبت فى حقه من خروجه على مقتضى الواجب الوظيفى ومخالفته لأحكام القانون باستخدامه للسيارة رقم ٥١٨٩٩٢ الخاصة بتنقلات الوفود وكان ذلك فى 2008 – 2009 حينما كان يعمل بدار الكتب والوثائق، أى أن هناك ما يجعل الثقة المفرطة فى تصرفاته غير مقبولة من الوزير، أما ما يثار حول مساندة جهات «سيادية» للسيد حسن خلاف فتلك مجرد أقاويل تم ترويجها كغطاء لتصرفات الرجل وهى عادة أصبحت منتشرة فى كثير من الوزارات حيث يتستر خلفها بعض الباحثين عن السلطة والذين يسيئون إلى الجهات «السيادية» المجهولة التى لا يمكن لها أن تقبل كل هذه التجاوزات حتى ولو كانت مجرد جهات سيادية «مجهولة».