رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«لاند كروزر» وزير الصحة


أنت مواطن صالح. ماشى بنور الله، فصدمك حين توقفت أمام «فرشة» بائع صحف، عنوان الصفحة الأولى لعدد أمس من «الدستور»: وزير الصحة يضم سيارة «لاند كروزر» بـ 4 ملايين جنيه لموكبه. وفوق العنوان صورة لسيارة، حروف وأرقام لواحاتها المعدنية واضحة جداً (س ف ى | 3917).

ماذا ستفعل؟!

طبعًا، ستسب الوزير والحكومة وسيستدعى خيالك ماضى وحاضر الأوضاع الصعبة التى تعيشها ولهيب الأسعار الذى يزداد اشتعالاً كل ساعة (مش كل يوم). وقد تتذكر، بغيظ، تصريحات السيد الرئيس التى طالبك فيها بأن تصبر وتتحمل لشهور ستة قادمة.

عدت إلى منزلك وجلست مع زوجتك، بنتك، ابنك، أختك، أو «أى حد». ووجدته يلعب فى الموبايل، التاب أو اللاب توب، فقررت أن تخرج شحنة غضبك وقلت له: تخيل واحنا فى الأوضاع «المنيّلة» دى، وزير الصحة ابن الـ..... وقبل أن تكمل، قاطعك الـ«أى حد»: لو تقصد العربية الـ»لاند كروزر»، فالخبر طلع «مضروب».

ستسأل: مضروب إزاى؟!

فيجيب بأن الدكتور خالد مجاهد، المتحدث الرسمى باسم الوزارة، نفى لموقع «البوابة نيوز» ما تم تداوله حول شراء وزير الصحة لسيارة لاند كروزر2017. وأن «مصادر بالوزارة»، رجحّت (لـ«البوابة نيوز» أيضًا) أن تكون صورة السيارة المتداولة خاصة بأحد وفود منظمة الصحة العالمية التى تأتى لزيارة الوزارة.

تدريجيًا، قلت شحنة غضبك، وحتى تقضى عليها تماماً، طلبت أن ترى بعينيك نفى المتحدث، فأعطاك الـ«أى حد» الموبايل، التاب، أو اللاب توب، فوجدت ما قاله منشورًا بالفعل، قبل أن تجد فى الأخبار المتحركة أعلى صفحة الموقع (موقع البوابة نيوز) عنواناً آخر عن الموضوع ذاته: «ننفرد بالقصة الكاملة لـ«لاند كروزر» وزير الصحة»، ستفاجأ حين تضغط عليه بتفاصيل مختلفة، لا يبرر فرق التوقيت (أقل من ساعتين) تناقضها مع ما رجحته «مصادر بالوزارة». ستفاجأ بالدكتور خالد مجاهد (تانى) يقول إن منظمة الصحة العالمية أرسلت منحة مجانية لقطاع الطب الوقائى، شملت سيارتين «لاند كروزر» 2017 و13 سيارة «دوبل كابينه» و2 «ميكروباص».

وفى نهاية التصريح، طالب المتحدث الرسمى لوزارة الصحة والسكان، وسائل الإعلام بتحرى الدقة فيما يُنشر، وتحرى الحقيقة لعدم إثارة البلبلة.

ولأن ما انتهى به التصريح أعجبك ودخل دماغك، قررت أن تستجيب للمطالبة/النصيحة ودخلت على محرك البحث «جوجل» لتتحرى الدقة وتفتش عن الحقيقة وتعرف تفاصيل أكثر، وكتبت مثلاً «لاند كروزر وزير الصحة» أو «وزير الصحة لاند كروزر»، فكان بين ما ظهر أمامك خبرًا فى «اليوم السابع» عنوانه: «وزير الصحة يوضح حقيقة ضم سيارة بـ4 ملايين جنيه لموكبه».

فتحت الخبر، فوجدت الوزير (وليس المتحدث باسم وزارته) يقول إنه تم إرسال منحة سيارتين من منظمة الصحة العالمية «ديزل»، لخدمات الطب الوقائى لاستخدامهما فى جولاتها بالمحافظات، واحدة سوداء والأخرى بيضاء، وهما سيارتان عاديتان وليستا لاند كروزر وبنمر جمرك وليست نمر وزير.

حدّثنى عن إحساسك وأنت تقرأ هذا الكلام!

وحتى يحدث وتتحدّث، دعنى أحدثك أنا عن المصيبة كبرى من الـ«لاند كروزر» ومن موكب سيارات الأستاذ الوزير كله، عن ذلك الارتباك والتخبط وحالة «الدهولة» الواضحة فى تصريحات الوزير ومتحدثه أو المتحدث ووزيره!

نفى مائع، من «المتحدث» الذى ترك (غالبًا باتفاق مع كاتب الخبر) تبعية/ملكية السيارة لترجيحات/تخمينات «مصادر مجهّلة»! ثم توضيح من المتحدث بأن السيارة ضمن منحة شملت سيارة أخرى مثلها، بالموديل نفسه (2017) مع سيارات أخرى! ثم يأتى كلام الوزير «شخصيًا» مخالفًا لكلام المتحدث ونافيًا أن تكون السيارتان «لاند كروزر»!

هل نصدق الوزير أم متحدثه؟!

وبما أن الصورة المنشورة ذات الأرقام السابق ذكرها، لسيارة «لاند كروزر» فعلاً، يكون الواجب (أقل واجب) أن ننصح المتحدث بأن يطالب نفسه ووزيره بتحرى الدقة والحقيقة فيما يصرحّان به، لعدم إثارة البلبلة.

خطأ «الدستور» يسهل تداركه، بتصحيح المعلومة الخاطئة إن كانت كذلك، لكن كيف يمكن تدارك وجود وزير أو متحدث يتعاملان مع شأن يخص وزارتهما بهذا الارتباك أو الاستخفاف؟!

صحيح، هل يمكن استيعاب أو هضم اختيار منظمة الصحة العالمية لـ«لاند كروزر» من بين كل أنواع السيارات فى العالم لتقدمهما «منحة» للوزارة؟! ما لها الـ«جراند شيروكى» أو حتى الـ«كيا كارينز»؟!