رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسئولية رئيس الحكومة فى مكافحة الفساد


مع اطلالة عام 2017 لا يسوغ أن نبدأ حديثاً قبل أن نهنئ أنفسنا وأمتنا العربية بالعام الميلادى الجديد الذى ندعو الله سبحانه وتعالى أن يكون عام أمنٍ وأمان ورخاءٍ ونماء لمصرنا الغالية ولسائر الدول العربية ، وأن يحفظ قائد مسيرتنا الذى قيّده لنصرة بلاده وإعلاء شأنها وبناء نهضتها الحديثة .

وبطبيعة الحال وبحكم ظروف تلك المرحلة التاريخية الفارقة التى تجتازها مصر ، فلن ينقطع حديث المخلصين المهتمين بالشأن العام ، عن التحديات الجسام التى تواجه مصر بعد أن اختار شعبها أن يخوض ملحمتين عظيمتين فى آنٍ واحد ، الأولى التصدى لتآمر القوى الخارجية المعادية والمواجهة الباسلة لجحافل الارهاب دفاعاً عن وجود الدولة واستقرارها ، والثانية هى ملحمة اعادة البناء والتنمية من أجل مستقبلٍ أفضل يليق بمكانة مصر وحضارتها . ومما لا شك فيه أن انتصار الشعب فى تلك الملحمة الأخيرة فضلاً عما يتطلبه من تضحياتٍ وصبرٍ ومثابرة،فإنه يعتمد على دعائم عديدة من أهمها إعلاء وتفعيل قيم العمل والبذل والعطاء وشحذ الهمم واستنفار الطاقات واستنهاض كل الامكانيات المتاحة مع الاجتهاد والابداع فى حل المشكلات وازالة العقبات ، ثم ترشيد الانفاق على المستوى العام والخاص بادراكٍ ووعىٍ وطنى لأولويات المطالب والحاجات . وتتوازى مع ذلك كله دعامةٌ رئيسية مهمةٌ وهى مكافحة الفساد بكل صنوفه وأنماطه ، لأن استمراره  واستشراءه كفيلٌ بهدم كل دعائم ملحمة البناء والتنمية وذلك ما تناولناه فى مقالاتٍ سابقة.

 ونظراً لأهمية هذا الموضوع وارتباطه ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومى بمفهومه الشامل ، يأتى حديثى اليوم عن صورة من صور الفساد الادارى والتى أعتقد أنها الأكثرُ خطراً على كيان الدولة ، وهى اعتلاء الشخص الأسوأ لأى منصب فى الدولة أو اسناد القيادة إليه أو حتى مجرد اضطلاعه بأى وظيفةٍ عامة ، لأن ذلك الشخص الذى تتواضع فيه المقومات الخاصة اللازمة لتولى المنصب العام أو قيادة العمل الوطنى لن يستطيع مهما كانت مؤهلاته العلمية أن يقدّر ضرورات واعتبارات الصالح العام ولن يستطيع الاضطلاع بمسئولياته الوطنية ، بل وقد يجنح عن عمدٍ أو عن جهالةٍ إلى حد الاضرار بالمال العام أو اهداره ،ولنتذكر جيداً أن التآمر الذى انتهى بانهيارالاتحاد السوفيتى اعتمد على هذه الصورة الخبيثة من الفساد على مدى فترةٍ وجيزة ، وهذه الصورة طالما اتفقنا على خطورتها فلابد أن نتفق على أن أجهزة الأمن ليست هى الوحيدة المسئولة عن مكافحتها والقضاء عليها ، ولكن هذه المسئولية تقع فى جانبها الأكبر على السيد رئيس الحكومة بحكم صفته السياسية وصلاحياته الوظيفية ، فهو صاحب الولاية فى اختيار الأشخاص لتولى المناصب العليا ومتابعتهم وتقييم صلاحياتهم وأدائهم وانجازاتهم وكيفية ومعايير اختيارهم لمعاونيهم ، ومن ثَمَّ فإن رئيس الحكومة فى هذا الاطار هو القوة الفاعلة فى مكافحة الفساد وعليه يقع العبء الأكبر فى تتبع أوجه الخلل والقصور بمواقع العمل المختلفة والتى تنم عن فساد العمل أو فساد المسئولين ، وهى أوجهٌ كثيراً ما تكشف عنها وسائل الاعلام ولكن أحداً لا ينتبه إليها ، فعلى سبيل المثال فقد تناولت احدى القنوات الفضائية المصرية بتاريخ 16/4/2016 موضوعاً فى غاية الأهمية عن عدة صورٍ للفساد بداخل المركزالقومى للبحوث الذى يُعدُ قلعة ومنار البحث العلمى فى مصر ، وتحدث بعض أساتذة المركز عن وقائع تشكل جرائم اضرارٍ بالمال العام ، فضلاً عن الممارسات التى انحرفت بالمركز عن مساره الصحيح وأدت إلى اخفاقه فى تحقيق الهدف الذى أُنشئ من أجله ، وبغض النظر عن الرد التليفزيونى للسيد رئيس المركز فقد كنت أظن أن السيد رئيس الحكومة سوف يبادر بنفسه بتقصى أحوال المركز وما قيل بشأنه وتقييم قياداته ، إلّا أننا للأسف لم نسمع شيئاً من ذلك ، بل إنه من المضحكات المبكيات ما سمعناه عن انفاق المركز خلال هذا الأسبوع لمبالغ طائلة ليس فى مجال البحث والتطبيق ولكن لاحتفالٍ وهمى باليوبيل الذهبى للمركز رغم أن هذه الذكرى مضت منذ عشر سنوات لأن إنشاءالمركز كان فى عام 1956 ، فهل كان اهدار هذه الأموال لمجرد التواصل الاجتماعى والتلميع الاعلامى ولتذهب رسالة المركز إلى الجحيم >>حفظ الله مصرنا الغالية , وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل ،،