المؤامرة الصهيونية العالمية الكبرى على آثار مصر"6".. أثريون يطالبون "الوزراء" بإسقاط قرار تدويل المتحف الكبير.. والكشف عن مصير القروض اليابانية المخصصة لبنائه
خبراء: قرار شريف إسماعيل خالف مواد الدستور وقانون الآثار وملحقاته لسنة 1983
تساؤلات: أين اختفي مبلغ 150 مليون دولار عائدات متحف توت عنخ آمون الذي أعلن عنه د. حواس أنه ذهب للمتحف الكبير؟!
أين ذهبت و في جيب من استقرت منحة مركز البحوث الأمريكي للمتحف و قدرها 50 مليون دولار؟!
مصادر: تعيين سيدة أجنبية كـ"مديرة أمن للمشروع" سلوك غير مبرر ويثيرعلامات الاستفهام والشك
د.صلاح هريدى: الأسماء المقترحة للعمل بالمتحف.. هى ذاتها المسئولة عن المشاكل التى تواجهها الآثار حالياً
فاروق حسنى و زاهى حواس هما من أقرا اللائحة المالية غير القانونية للمتحف دون موافقة وزارة المالية
فاطمة الرفاعى تحذر من المخاطر التى ستترتب علينا إذا سحبت "الجايكا" اليابانية قرضها بسبب الفساد المستشري فى المتحف
د.زاهى حواس يكشف:عاطف عبيد أصدر قرارا بتشكيل شركة قابضة لإدارة الآثار لكنها توقفت !!
وشهد شاهد من أهلها.. د.محمد عبد المقصود لـ "الإعلام":لا يشرفنى أن أعمل فى أكبر مشروع فساد فى مصر
سؤال موجه لرئيس الوزراء: كيف تسمح بسلخ 100 ألف قطعة أثرية عن الإدارة المصرية إلى إدارة مختلطة؟!
الوثائق تكشف إهدار ملايين الدولارات على أجهزة ومعدات وبناء معامل لا تصلح للاستخدام إطلاقاً
رأى الرحل د.عبد الحليم نور الدين عن الأجانب المرشحين لمجلس أمناء المتحف: إما أمريكان أوألمان أو فرنسيين!!
ومناشدات للدولة المصرية بمراجعة ملف قضية تهويد عمارة المتحف الكبير
أحمد عوض: "مجلس الدولة" حكم بقبول الدعوى شكلاً وإحالتها إلى مكتب خبراء وزارة العدل.. ورد وزارة الأثار كارثة علمية
الباحث: إستندت فى القضية على دراسات علمية موثقة في رسالة ماجستير بجامعة حلوان
الرئيس عبد الفتاح السيسي يكرم الباحث المهندس أحمد عوض على تميزه العلمى
"نور الدين" سبق وحذر من وجود أياد أجنبية لنقل رمسيس الثانى من مكانه إلى المتحف الكبير
إذا كان استحقاق فوائد القروض اليابانية للمتحف منصف2011.. فهل تم تسديدها بالفعل أم تم جدولتها بفوائد مركبة؟!
أؤكد دائما وأبدا بأننى لم ولن أقصد الإساءة لشخص أى موظف فى الدولة بشكل عام ووزارة الآثار بشكل خاص فيما أكتبه.. بداية من رئيس الوزراء.. مرورا بالوزير د. خالد العنانى أوالعاملين معه .. ختاماً بالقيادات الأثرية التى أُحيلت على المعاش رغم أنها مازالت تضع أنفها فى كل صغيرة وكبيرة داخل هذه «العزبة» .
لذا وجب التنويه إلى أن كل ما نشرته وسأنشره عن تدمير وسرقة وتهريب تراثنا الأثرى للخارج أو الفساد المستشرى فى هذه الوزارة .. إنما يأتى من وازع ضميرى تجاه بلدى .. فمصلحة الوطن-خصوصا فى هذه الفترة الحاسمة-تقتضى علينا جميعاً كشف الفساد وفضح المفسدين الذين «يسرحون ويمرحون» فى أهم قطاع من قطاعات الدولة .. إنهم فئة من المنتفعين الذين باعوا ضمائرهم مع كل لوحة فنية أو قطعة أثرية أو مومياء تسرق من المتاحف أو المخازن أو تستخرج –خلسة- من باطن الأرض لتتلقفها مافيا الآثار فى الداخل والخارج.. سواء أكان ذلك بعلم تلك الفئة أو من خلف ظهورها.. فهم فى نهاية الأمر مسئولون عن هذه الجرائم أمام الله والشعب.. وحتماً سيأتى اليوم الذى يحاسبون فيه .. وأظنه أقرب مما يتصورون بإذن الله تعالى.
إدارة أجنبية
أكتب تلك الكلمات ولا أدرى ما الذى أقوله تعقيباً على مشروع إنشاء المتحف المصرى الكبير وقرار رئيس الوزراء الذى ورد به النص التالى: «يكون للمتحف المصرى الكبير مجلس أمناء يصدر بتشكيله قرار من رئيس الوزراء يضم مجموعة من الشخصيات العامة الوطنية والعالمية ومن ذوى الخبرة»!!.. على أن «يختص هذا المجلس بوضع السياسات العامة بما يحقق أهداف المتحف وكذا الإشراف والرقابة على أنشطته ووضع برامج عمله وآليات تنفيذها واعتماد الهيكل التنظيمى له وإدارة أمواله وقبول المنح والتبرعات والوصايا والهبات والهدايا التى تحقق أغراضه من داخل البلاد وخارجها»!!.. الكلام ده معناه ببساطة أن «إدارة المتحف سيكون لها حق الوصاية على أثارنا فى الشئون الفنية والإدارية والمالية»!!.. بمعنى «إلغاء سلطة الدولة على المتحف لتصبح فى يد مجلس إدارة مصرى-عالمى».. وهذه الخطوة –بحسب- الأثريين تعتبر «تنازلاً واضحاً عن ثوابت الدستور المصرى الذى أكد على أن «آثارنا من أموال الدولة العامة ولا يحق التصرف فيها بأى وجه من الوجوه».. وعليه طالب الأثريون بـ «إلغاء قرار رئيس الوزراء الذى اعتبر المتحف المصرى الكبير صرحاً حضارياً عالمياً».. بمعنى «انتقال الولاية على آثارنا إلى هيئة محلية-دولية لا تخضع قراراتها للحكومة المصرية دستورياً وقانونياً».. أى أن هذا المرفق سيتم تسليمه علناً لإدارة دولية!!.. لذا تناولنا هذه القضية من عدة جوانب لعل وعسى أن نجد من يقرأ ويبت فى هذا الحدث الجلل.
وحتى تتضح الرؤية أكثر فأكثر.. كان لابد من متابعة تصريحات السادة المسئولين سواء الحاليون أو السابقون داخل «الآثار» وخارجها عن المتحف الكبير لتكون المحور الأساسى لهذا التحقيق.. فعلى سبيل المثال لا الحصر.. سبق وأكد فاروق حسنى-وزير الثقافة الأسبق-أن المتحف الكبير سيفتتح عام 2011.. فيما شدد د.زاهى حواس-وزير الآثار الأسبق عن افتتاحه عام 2022.. أما د.محمد إبراهيم-وزير الآثار الأسبق-فخالف كلاً من «فاروق وزاهى» متوقعاً أن عملية الافتتاح هذه لن تتعدى عام 2015.. فيما ذهب أخونا د.ممدوح الدماطى-وزير الآثار السابق-إلى ما لا تحدث عنه غيره عندما صرح بأن المتحف الكبير سيتم افتتاح جزء منه عام 2018.. ليأتى إلينا الوزير الحالى ولسان حاله يؤكد عدم علمه بعملية الافتتاح!!.
مجاملات التعيينات
ونتيجة لهذا التخبط وعدم الإلمام بتفاصيل المشروع وما يحيط به من «لغط».. بدأنا نسمع ونقرأ عن شبهة المجاملات فى تعيين موظفيه.. سواء أكان ذلك من الأجانب أو المصريين المحظوظين من ناحية.. أوالعراقيل الفنية والمالية والادارية من ناحية ثانية.. أو وجود شبهه فى تصميم هذا المبنى-بحسب كلام-الباحث أحمد عوض-أحد شباب مصر الذى كرمه «السيسي» على أبحاثه من ناحية ثالثة.. وليت الأمر قد وقف عند هذا الحد.. بل علمنا من مصادرنا أنه تم إسناد عمليات العرض المتحفى للمشروع إلى شركة ألمانية وتجاهل شركاتنا الوطنية.. وأن من فاز بتصميم المبنى «شاب وشابة» تعلما بجامعة ألمانية.. وأن من يتولى إدارة المتحف حالياً أستاذ مصرى يحمل الجنسية الألمانية.. والسؤال: هل كل ذلك جاء مصادفة ؟!.. الإجابة هنا متوقفة على ما سيكشفه هذا الملف من فساد أزكم أنوف الأجانب قبل المصريين.. كما كان سبباً رئيسياً لمد فترة بناء المتحف حتى يتمكن الفاسدون من نهب ما تبقى من مخصصات مالية للمتحف-بحسب ما نشرته وسائل الإعلام المحلية على لسان اليابانيين والأثريين والخبراء المصريين.. إلى جانب عدد من الوثائق الأخرى التى أكدت أن الفساد المالى والإدارى هما السبب الرئيسى والأهم فى تعطيل سير عمل المتحف.
ومن هذه الوثائق مذكرة من التفتيش المالى والإدارى لوزارة الآثار تؤكد رفض صرف المستحقات المالية لـلسيدة «ص. ل» -مدير عام الشئون المالية والإدارية للمتحف-تحت مسمى حوافز الإثابة والجهود غير العادية بناء على الطلب الذى تقدمت به إلى قطاع التمويل.. وأوضحت الوثيقة أن واقعة «ص.ل» ليست فردية.. بل معها مخالفات عديدة فى لائحة المتحف التى أسسها فاروق حسنى منفرداً دون عرضها على إدارة المجلس الأعلى للآثار.. ضارباً بموافقة وزارة المالية المنوطة بها تنفيذ ذلك عرض الحائط.. وهذا النهج اتبعه من بعده د.زاهى حواس-رئيس المجلس الأعلى للآثار آنذاك ووزير الآثار فيما بعد-بالمخالفة لجميع النصوص والقواعد والقوانين المعمول بها.. الأمر الذى ترتب عليه استنزاف أموال المشروع بفتح باب الإنفاق على مصراعيه من خلال قنوات وهمية كــ«المجالات البحثية».
50 مليون دولار
ومن وقائع فساد المتحف ذات العيار الثقيل.. تجاهل وزارة الآثار الكشف عن اختفاء مبلغ 50 مليون دولار قُدمت كمنحة من مركز البحوث الأمريكى.. تبين فيما بعد اختفاؤها بين قطاعات الوزارة المختلفة فى ظروف غامضة.. كما رفض مسئول المركز الأمريكى للبحوث، التعقيب على هذه المنحة.. مكتفياً بأنه غير مسموح لأى من العاملين بالمركز أن يصرح لوسائل الإعلام.. كما ادعى عدم وجود أى علاقة لمركزه بالمتحف الكبير!!.. ناصحاً فى الوقت ذاته بالتعامل مع وزارة الآثار كطرف أصيل مخول له الرد على تلك التساؤلات.. ومن الغريب حقاً ما أبداه هذا المسئول عن معرفة الإعلام المصرى بهذه المعلومات.. متناسياً أن زيارة واحدة لموقع المركزالإلكترونى الأمريكى ستكشف عما لايتوقعه.. إلى جانب مساهمة بلاده فى عمليات ترميم متحف الفن الإسلامى، وفى أرشفة التراث المصرى وفى تطوير المتحف المصرى بالتحرير!!.
كما كشفت مستندات أخرى تلف جهازين وإهدار ما يقرب من الـ 70 مليون جنيه على أجهزة ومعدات وبناء معامل لا تصلح للاستخدام.. حيث اشترت «الآثار» جهازاً للأشعة السينية من شركة أوروبت.. تبين فيما بعد أن إدارة المتحف طلبته بمواصفات خاصة لاستخدامه فى أغراض فنية متعلقة بالقطع الأثرية.. وتم توريده بمبلغ 7 ملايين جنيه.. وقد رفضت الشركة الموردة تركيبه فى مكان غير مطابق لمواصفاته القياسية-بحسب ما ورد فى الكتالوجات المصاحبة للجهاز-ومن ثم رفعت الشركة تقريرها للقائمين على المتحف تعلن فيه عدم مسئوليتها عن تركيب الجهاز.. وهو ما يطرح السؤال حول كيفية استلام المكان المخصص للجهاز من استشارى المشروع دون مراجعة القياسات ومدى صلاحية تلك الغرفة.
فساد للركب
وأفاد مستند آخر إهدار ما يقرب من الـ 9 ملايين جنيه من المال العام، بسبب حدوث عطل فى جهاز «الميكروسكوب الماسح الإلكترونى» بعد توقف عدسته الرئيسية عن العمل.. مما أدى إلى ارتفاع حرارته نتيجة سوء التهوية.. لذا توقف الجهاز تماماً عن العمل أثناء عملية الفحص، وهو جهاز متخصص فى تحليل عينات من قطع أثرية، لمعالجتها بطريقة فنية ومعرفة نوعها، ووقع العطل بحسب تقارير رسمية رفعت لوزير الآثار نتيجة لقيام إدارة المتحف بإرسال غير متخصصين للحصول على دورات تدريبية على استخدامه، وهو ما أدى إلى حدوث أعطال فنية تجاهلت الإدارة تلافيها.
نتيجة لكل ما سبق وما سيأتى فقد صرح اليابانى تكادو كنجو-مسئول المشروعات بمؤسسة «الجايكا» للإعلام.. أن مسئولى المتحف يتعاملون معهم بغموض.. كما أكد أن هناك مجموعة من الاستفسارات أصبحت تمثل لغزاً فى مشروع المتحف المصرى الكبير.. أولها أن مصر حصلت على ما قيمته 40% فقط من قيمة القرض الأساسى الذى اتفق عليه عند بداية المشروع، والبالغ 400 مليون دولار يستحق الدفع فى 2016 بفائدة 1.5% ممتدة على 30 عاماً.. موضحاً أن مصر لم تطلب رسمياً القرض الإضافى الذى أبدت رغبتها فى الحصول عليه شفهياً عبر وسائل الإعلام.
القرض الإضافى
كما انتقد «كنجو» حينها تصريح رئيس الوزراء عندما أعلن أنه جارى التفاهم مع الجانب اليابانى لتوفير القرض الإضافى وهو ما لم يتم.. لافتاً إلى أن حكومة بلاده علمت بذلك من وسائل الإعلام ما يطرح علامات استفهام خاصة مع ما كشف عنه القرار الوزارى الصادر فى 2012 بإبطاء وتيرة العمل فى المتحف نتيجة لعدم توافر تمويل كافٍ.. وتساءل «كنجو»: إذن كيف تعلن الحكومة المصرية ذلك فيما لا ترسل طلب تمويل من جهة التمويل؟.. ولماذا تعلن عن قرض إضافى ولا تطلبه وتبطئ فى وتيرة العمل دون مبرر بالرغم من تيقنها أن الإبطاء سيرفع القيمة مع زيادة الأسعار عالمياً، لتصل تكلفة إنشاء المتحف إلى مليار دولار.. أى ضعف المبلغ المرصود لذات الغرض.. وهو ما سبق وأعلنه د.ممدوح الدماطى فى تصريحات صحفية.. إذن كلام مسئول «الجايكا»، دفعنا للبحث عن منافذ استنفاذ هذا القرض ومنها تشييد حائط لصد الرياح بطول 600 متر من مواد استخدمها المصرى القديم بقيمة 100 مليون دولار وهو مبلغ كبير جداً.
خطوب ونوازل
ما سبق كان جزءاً من كل مما يدور فى وزارة الآثار.. وفى هذا السياق جاء تعقيب الخبير الأثرى أحمد السيد كشاهد عيان على هذه الوقائع فيقول: فى سابقة هى الأولى من نوعها وتدعو إلى العجب والاندهاش فاقت إلى حد بعيد.. تلك الكارثة التى تعرض لها آثارنا فى صالات المزادات وعلى أرصفة الشوارع بنيويورك ولندن وطوكيو.. لافتاً إلى أنه رغم ما تعانيه وزارة الآثار بشكل يومى من الخطوب والنوازل ما جعلها تستصرخ القريب والغريب يومياً لمد يد العون والمساعدة بأى شكل كان فى داخل أروقتها التى قضت على البشر والحجر فى آن واحد.
وأضاف: فى أثناء ذلك خرج علينا حلم بإعادة ترتيب البيت الأثرى من الداخل.. ففى عام 2002 وضع حجر الأساس للمتحف الكبير على يد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك.. ومنذ تاريخه دخل ذلك الحلم مخاض ولادة عسيرة لمولودة ترجى الجميع أن تخرج وزارة مستقلة.. لكن فوجئنا أنها مديونة حتى أذنيها.. وأصبح الحلم أو العمل بالمتحف الكبير شأنه شأن كل المشروعات داخل الوزارة.
ويواصل «السيد»: ومرت السنون على أمل خروج ذلك المولود إلى النور.. ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.. ليصدر رئيس الوزراء قراره بإنشاء هيئة عامة للمتحف المصرى الكبير يديرها مجلس أمناء يضم شخصيات عامة وطنية وعالمية مع إعطاء هذا المجلس جميع الصلاحيات المالية والإدارية والإشرافية.. على أن يكون لتلك الهيئة الصفة الاعتبارية كهيئة مستقلة.. موضحاً أن هذا القرار قد اعتبره الكثيرون اعترافاً صريحاً من أعلى سلطة تنفيذية بعد رئيس الجمهورية بالفشل الذريع لوزارة الآثار وكوادرها بجميع تخصصاتهم فى إدارة أهم متحف أثرى فى المستقبل الواعد.
ويتابع «السيد»: قرار «الوزراء» نص أيضاً على أن يكون تشكيل مجلس أمناء المتحف من الشخصيات العامة الوطنية.. الأمر الذى ألقى ظلالاً من الشك على مصطلحى العامة والوطنية.. وذلك لكونهما مصطلحين فضفاضين لا معنى لهما.. بل ولا يمكن اعتبارهما معيارين لاختيار شخصيات ستحمل على عاتقها شأن أهم وأكبر متاحف مصر على الإطلاق...فمعيار الوطنية هنا نسبى ولا يمكن الاعتماد عليه.. لافتاً إلى أن ذات القرار نص صراحة أيضاً على اختيار شخصيات عالمية فى تشكيلة مجلس الأمناء.. وكأنه يدفع بإدارة المتحف إلى عملية تدويل متعمدة.. وتساءل «السيد»: هل أعقمت مصر من الرجال المتخصصين لنستعين بشخصيات أجنبية؟!.. بالطبع لا.. ولنا ذكريات بغيضة مع الأجانب فى مجال الإدارة.. كما لنا فى المحاكم المختلطة ذكريات لا تنسى.. والسؤال فيما يخص طبيعة الشخصيات العالمية هنا: من سيكونون.. أهم سياسيون.. فنانون.. أدباء.. أو ربما أثريون؟!.. فالقائمة تتسع لمصطلح لا معنى لها.. مطالباً بالكشف عن الجهة التى ستؤول إليها إيرادات وديون المتحف.. كما أوضح أن مصر حصلت على قرض من اليابان بقيمة 300 مليون دولار وبفائده ميسرة.. وقرض آخر بقيمة300 مليون دولار لتشييد بعض المبانى الملحقة.. ثم قرض أخير 460مليون دولار من ذات الدولة وقعت عليه د.سحر نصر-وزيرة التعاون الدولى-والدكتور خالد العنانى-وزير الآثار مع مسئولى منظمة الجايكا.. وتساءل: هل سستتحمل وزارتنا المكلومة كل هذه الديون مع ملاحظة ارتفاع قيمة العملة الدولارية أمام الجنيه؟!.
ويكشف الخبير الأثرى بأن قرار «الوزراء» ما هو إلا بداية حقيقية لتهميش دور «الآثار» فى أهم معاقلها وهناك ما يؤكد ذلك.. محذراً من خطورة إلغاء وزارة الآثار واستبدالها بمجلس يتبع رئاسة مجلس الوزراء.. ويكرر تساؤله: لمصلحة من يتم كل ما يحدث.. ولماذا اختيار هذا التوقيت بالذات لاتحاذ ذات القرار؟!.. موضحاً أن رئاسة الوزراء لم تقترح ذلك.. بل هناك من قدم إليها مشروعاً أو اقتراحاً بهذا المشروع حسب العرف السائد فى مثل هذه الأمور المريبة.. ويختتم «السيد» قائلاً: لن يجيب عما يدور برأس كل شريف ومهتم بآثار مصر سوى الأيام المقبلة بما سيتمخض عنها ما تخبئه لنا الأيدى الخفية التى تعبث بمصيرنا وتراثنا الحضاري.
الاختيار بالتبعية
بهذه المناسبة.. كنت دائم الاتصال بالدكتور عبدالحليم نور الدين-أمين عام المجلس الأعلى الأسبق للآثار- لأستفسر منه عن عدة قضايا تخص ذات المجال.. منها رأيه فى الشخصيات المرشحة لتولى قيادة المتحف الكبير بعد قرار مجلس الوزراء بتشكيل مجلس أمناء مصرى-أجنبى لإدارة المتحف.. حينها ابتسم الرجل ابتسامته المعهودة معى للحظات.. ثم فاجأنى قائلاً: إذا فكرت القيادة السياسية أن تختار د.زاهى حواس لهذا المنصب.. فسوف يقع اختياره على عدد من الأمريكان بجوار المصريين الذين سيعملون معه.. ولو أتى د.ممدوح الدماطى فسيختار أحبابه من الألمان.. أما لو وقع الاختيار على د.خالد العنانى فلن يتوانى لحظة عن اختيارهم من فرنسا!!. وبسؤاله عن اللغط الذى درا بسبب نقل تمثال رمسيس الثانى من مكانه بوسط العاصمة إلى المتحف الكبير.. توقع «نور الدين» وجود أياد إسرائيلية خبيثة تقف خلف هذه الخطوة.. كاشفاً فى الوقت ذاته عن إهدار حوالى 6 ملايين جنيه مصرى على عملية نقل التمثال!!.
إدارة شفافة
بدوره يضيف د.صلاح هريدى-أستاذ العمارة بكلية الفنون الجميلة وأحد المهمومين بالشأن الأثرى- أن كثيراً من المصريين المقترح أسماؤهم لتمثيل مصر فى هذا المتحف.. هم أنفسهم ذات المسؤلين الذين تسببوا فى جميع المشاكل التى تواجه التراث المصرى منذ وجودهم فى هذا القطاع.. وقال «هريدى»: إذا كان لدينا فعلاً النية لإصلاع قطاع الآثار والحفاظ على تراثنا.. فلابد من وجود نظام إدارى شفاف فى هذه الوزارة يحاسب المسيء ويكافئ المخلص.
اليابانيون مستاءون
بدوره يقول أسامة كرار-أحد المهتمين بالملف الأثرى- إن المتحف الكبير يُسمى الآن «اللغز الكبير».. وأضاف: فمنذ الإعلان عن إنشائه.. ولا أحد يستطيع أن يعطينا تاريخاً محدداً لافتتاحه نظراً لحالة التخبط التى تُدار بها وزارة الآثار.. فضلاً عن حالة الفساد المنتشرة به أيضا.. متسائلاً: هل يعقل أن يتم خداعنا عدة مرات عن موعد افتتاحه على ألسنة عدد من الوزراء ثم نفاجأ بعدم صحة ما يعلنونه؟!.
ويتعجب «كرار» من التناقض اللافت فى مواعيد افتتاح المتحف الكبير.. وذلك عندما يعلن أحدهم بأنه سيكون فى عام ٢٠٠٩.. ثم يتم تأجيله إلى عام٢٠١١ حتى يوهمنا الوزير الأسبق د.محمد إبراهيم بعداد تنازلى لهذا الافتتاح.. ونفاجأ بمن أتى بعده د.ممدوح الدماطى ليبلغنا أن عملية الافتتاح الجزئى لن تتجاوز عام ٢٠18.. وأخيراً يدعى الوزير الحالى د.خالد العنانى أن عملية الافتتاح الكلى للمتحف ستكون فى عام ٢٠١٨.. لكن حسب علمى ومعلوماتى المستقاة من مصادرى داخل «الآثار» فالله وحده هو العالم ببواطن الأمور.
ويفتح الناشط الأثرى النار على قيادات المتحف قائلاً: نأتى بعد ذلك للناحية المالية.. فعند بداية المشروع تم تمويله من قبل اليابان بمبلغ ٣٠٠ مليون دولار.. وقيل وقتها إن هذا القرض وفوائده سيتطلب أن يعمل المتحف لمدة ٢٠ عاماً لكى يتم تسديده.. وفوجئنا بأن المبلغ المرصود قد نفد.. بالطبع دون أن نعلم-كمصريين-أين ذهب؟!.. لنتابع بعد ذلك وجود طلبات ملحة من إدارة المتحف باستدانة مبلغ آخر من اليابان قدره ٤60 مليون دولار!!.. وفى خطوة تعتبر صفعة على وجه المفسدين فى «الآثار» أبلغنا اليابانيون أنهم لن يمدونا بالمال.. بل سيقومون بشراء مانحتاجه نحن.. وكأننا أصبحنا من فاقدى الأهلية الذين لا يحسنون التصرف فيما يؤتمنون عليه.
ويواصل «كرار» حديثه قائلاً: اليابانيون يريدون إجابات محددة من قيادات الآثار عن مصير الـ٣٠٠ مليون دولار الأولى التى خصصوها للمبنى؟!.. كما طالب «كرار» بالكشف عن إهدار ملايين الدولارات على تعيين بعض مدعى الخبرة الأجانب دون الحاجة الملحة إليهم.. ضارباً المثل بتعيين ديبار دونلى ما أسموها «خبيرة» أجنبية للعرض المتحفى فى الوقت الذى لم يكتمل فيه بناء المبنى.. كما انتقد تعيين عدد من الأجانب فى أماكن حساسة بالمتحف كـ «مديرة أمن» مثلاً.. وأضاف: إن هذا السلوك غير المفهوم من قبل قيادات المتحف أصبح محل شكوك.. وهو ما اعترضنا عليه ونبهنا الدولة من خطورته فتم بالفعل استبعاد هذه المديرة من المتحف.
وأكدت مصاد أثرية لـ «كرار» إن القطع الأثرية التى تم اختيارها للمتحف الكبير لاترتقى لمستوى العرض فيه.. وذلك لرفض بعض مسئولى المتاحف والمخازن مد المتحف بالقطع المطلوبة واستبدالها بقطع دون المستوى.. مدللاً على ذلك بالفضيحة الكبرى بين مسئولى متحفى «سقارة و المصرى الكبير» بسبب الاتهامات المتبادلة بين الطرفين عن ضياع مئات القطع المختارة.. وذلك دليل واضح على الفساد والفشل الذى تمر به وزارة الآثار دون حسيب أو رقيب.
إقالة مخزية
ولأن طريق السطوة والجبروت الوظيفى غالباً ما يعترضه عقبات.. فقد رد د.محمد عبد المقصود-المشرف العام على اللجنة العليا للمتحف الكبير سابقاً-على قرار إقالته الصادر من أمين عام المجلس فى تصريح صحفى قائلاً: لا يشرفنى العمل فى أكبر مشروع فساد فى مصر.. لافتاً إلى أن المتحف به مجموعة من المستشارين الذين يتقاضون ملايين الجنيهات شهرياً، ولا يقدمون أى عمل يفيد المتحف.. مطالباً بفتح ملفات الفساد فى المشروع لمعرفة المسئول عنها ومحاسبته!..
إهدار القروض
فيما حذرت فاطمة الرفاعي-مدير التفتيش المالى والإدارى بوزارة الآثار-فى تصريحات صحفية سابقة من المخاطر التى ستترتب على مصر إذا فكر اليابانيون سحب المبلغ الذى قدموه لإنجاز المشروع ويقدر بـ300 مليون دولار فى ذلك الوقت بسبب الفساد الضخم الذى تم إثباته فى المشروع.. وكذلك التباطؤ المتعمد فى العمل بسبب نفاد اعتماداته التى تم إهدارها على حوافز وإضافات وما يسمى بالجهود غير العادية للعاملين تحت مظلة اللائحة المالية غير القانونية التى أقرها كل من : فاروق حسنى ومن بعده د. زاهى حواس منفردان دون موافقة وزارة المالية.. موضحة أن هناك كوارث أخرى تواجه هذا المتحف أهمها احتمالية مطالبة الجانب اليابانى من مصر بامتلاك المتحف عن طريق حق الانتفاع.. وفى هذا الحالة لن تتجاوز نسبة أرباحنا الـ 10% من المتحف.. وهذه هى الفاجعة الكبرى لأحلامنا!!.
متحف التحرير
فى الوقت الذى يعانى فيه 12 ألف أثرى من أكفأ أثريى العالم من البطالة والجمود والعزل والاستبعاد الوظيفى المتعمد.. وفى خضم الفوضى الحالية فى «عزبة» الآثار وجهل معظمنا بما يدور فى أروقتها.. خرج علينا د.زاهى حواس بتصريح غريب-عجيب يطالب فيه بإخضاع المتحف المصرى بالتحرير لقرار مجلس الوزراء ليكون هيئة مستقلة مثل المتحف الكبير ومتحف الحضارة نظراً لأهميته مقارنة بمتاحف العالم قائلاً: «إحنا مابنعرفش نغير لمبة محروقة بالشهور بسبب الروتين.. لذا يجب تعيين أمناء متاحف أجانب لأن المصريين غير مؤهلين».. مدعياً بأن هذا المطلب هو ما ينادى به كثيرون من الأثريين.. ورداً على هذا الطرح.رفضت مصادرنا داخل «الآثار» هذه الفكرة جملة وتفصيلاً.. ووصفوها بـ»استكمال سيناريو التدويل للسيطرة على ما تبقى من آثار مصر».. وتساءلت المصادر عن مصير مبلغ الـ 150 مليون دولار «عائدات معارض توت غنخ آمون بالخارج».. والتى أعلن د.حواس للإعلام مراراً أنها أنفقت على استكمال المتحف الكبير؟!.
وأضافت أن د.حواس انتهى دوره فى العمل العام ولا حيلة له الآن إلا أن يشتكى من البيروقراطية التى عرقلت مسيرة حلمه فى إنشاء متحف مصرى كبير يعيد للآثار المصرية مكانتها التاريخية ويعيد إلى مصر مكانتها السياحية، فضلًا عن العوائد المادية من هذا المشروع.. وتساءلت المصادر عن سبب اتهام د.حواس بيروقراطية الحكومة بعد أن ترك منصبه.. ولماذا لم يكشف عن هذا النشاط والحماس والاقتراح عندما كان يتولى مسئولية الآثار؟!.
وفى معرض حديثه لجريدة يومية رداً على إعلان رئيس الوزراء السابق نية الحكومة لإنشاء شركة قابضة للآثار؟!.. أجاب د.حواس قائلاً: هذه خطوة مهمة، رغم أنها ليست جديدة، فقد طرحناها من قبل، وأصدر د.عاطف عبيد-رئيس الوزراء الأسبق- قراراً بإنشائها لكنها لم تنفذ.
القرار الكارثى
أما عن قرار رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل رقم 2795 بتاريخ 30/10/2016 بإنشاء وتنظيم المتحف الكبير طبقاً لما نشر بالجريدة الرسمية فى عددها 43 مكرر فى صفحته الأولى- إلى الدستور والقانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإدارى وقانون الهيئات العامة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1963.. وعلى قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية.. وعلى قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999
فالمادة الأولى من القرار ورد فيها عبارة تثير الدهشة ونصها «مع عدم الإخلال بأحكام قانون حماية الآثار المشار إليه تنشأ هيئة عامة تسمى المتحف المصرى الكبير».. لذا فقد أخل قرار رئيس الوزراء بمواد قانون الآثار على النحو الذى سيرد تفصيلاً أدناه.. بينما نصت المادتان الثانية والثالثة على «اختصاص المتحف ووظيفته».. وهى للأسف الشديد ذات الاختصاصات التى نص عليها القرار الذى أصدره الرئيس الأسبق حسنى مبارك رقم 82 لسنة 1994 الخاص بإنشاء المجلس الأعلى للآثار!!.. بما يعنى ازدواجية جديدة لإدارة جزء كبير من تراث الشعب المصرى بطريقة مختلفة عن إدارة الجزء المتبقى فى حوزة وزارة الآثار!!.
كما نصت المادة الرابعة على أن «يكون للمتحف مجلس أمناء يصدر بتشكيله قرار من رئيس الوزراء ويتكون على أن يتكون المجلس من الشخصيات العامة الوطنية والعالمية من ذوى الخبرة الدولية أو المكانة المرموقة ويتكون من 15 عضواً على الأقل ولا يزيد على واحد وعشرين عضواً.. ولا يزيد عدد الأجانب عن الثلث فى جميع الأحوال».. وتعقيباً على هذه الفقرة نفترض أن عدد أعضاء مجلس الأمناء 15 عضواً منهم 5 أجانب.. فإذا حضر من المجلس 9 أعضاء.. فيكون بذلك انعقاده صحيحاً.. فما الحل لو حضر منهم 5 أعضاء أجانب؟!.. فى هذه الحالة سيصبحون هم الأغلبية.. ويكون لهم حرية اتخاذ القرار بالتصرف الكامل فى تراث الشعب!!.. أما المادة الخامسة فنصت على أن «يكون للمتحف مدير ونائبان يصدر بتعيينهم وتحديد معاملتهم المالية قرار من رئيس مجلس الأمناء»!!.. وهذا الأمر فى منتهى الخطورة.. فيما نصت المادة السادسة أن «يكون اجتماع المجلس صحيحاً فى حالة حضور أغلبية الأعضاء وتصدر قراراته بالأغلبية المطلقة لأصوات الحاضرين».. بينما نصت المادة السابعة على أن «يكون مجلس أمناء المتحف هو السلطة المهيمنة على شئونه وتصريف أموره.. على أن يكون لهذا المجلس اختصاصات حسبما يلى:
أولاً: وضع السياسات العامة بما يحقق أهداف المتحف وكذا الإشراف والرقابة على أنشطته ووضع برامج العمل وآليات تنفيذها... ثانياً: إصدار اللوائح الداخلية للمتحف الخاصة بالشئون المالية والموارد البشرية والشئون الإدارية والمشتريات ولائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال وغيرها من اللوائح التى تتطلبها طبيعة عمل المتحف.. ثالثاً: اعتماد الهيكل التنظيمى للمتحف.. رابعاً: الموافقة على الموازنة السنوية للمتحف واعتماد الحساب الختامى.. خامساً: قبول المنح والتبرعات والوصايا والهبات والهدايا التى تحقق أغراض المتحف من داخل البلاد وخارجها طبقا للقرارات والقواعد المنظمة لذلك وبالتنسيق مع الجهات المختصة... سادساً: إدارة اموال المتحف ووضع القواعد الخاصة لاستخدام صافى الفائض الناتج عن نشاط المتحف بعد أخذ رأى مدير المتحف... سابعاً: وضع أسس التعاون بين المتحف والمتاحف الإقليمية والعالمية.. ثامناً: النظر فى كل ما يرى رئيس مجلس الأمناء أو الوزير المختص بشئون الآثار عرضه من مسائل تدخل فى اختصاص المتحف.. وبهذا يعتبر مجلس الأمناء بمثابة دولة داخل الدولة.. حيث سيصبح هذا المجلس مستقلا ويدير المتحف إدارة كاملة من الألف إلى الياء بعيداً عن سيطرة مصر ومؤسساتها!!.
كما نصت المادة الثامنة من قرار «الوزراء» على أن «يقوم مدير المتحف بتنفيذ قرارات مجلس الأمناء».. أى أن مدير المتحف مجرد موظف لدى مجلس الأمناء ينفذ ما يملى عليه!!.. ونصت المادة العاشرة على أن «يكون للمتحف موازنة مستقلة على نمط موازنات الهيئات الاقتصادية».. وهذا يعنى تحول الأثر إلى سلعة تجارية تسرى عليها الأحكام السارية بالفعل على أى سلعة متداولة فى الداخل والخارج!!.
انتقاد الحكومة
وتعليقاً على هذا القرار لخصت مصادرنا انتقادها فى الآتى: أولاً: قرار رئيس الوزراء خالف الدستور فى مادته رقم 49 والتى نصت على «تلتزم الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها وترميمها» كما جاءت المادة 50 فى نفس السياق والمعنى.. ومن ثم تصبح إسناد إدارة الأثر والمسئولية عنه لجهة مستقلة أو كيان مستقل عن الدولة مخالفاً للدستور.. مستندة إلى أحكام القضاء الصادرة عن مجلس الدولة والمحاكم الجنائية بسمو التراث الأثرى المصرى عن كونه مالاً عاماً ولا يجوز إخراجه من حوزة الدولة تحت أى ذريعة أياً كانت.
ثانياً: لقد خالف قرار المهندس شريف إسماعيل قانون الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته فى مادته الخامسة والتى نصت على أن «تكون وزارة الآثار هى المختصة دون غيرها بشئون الآثار وكل ما يتعلق بها سواء أكانت متاحف أو مخازن أو مواقع أو مناطق أو فوق سطح الأرض أو فى باطنها أو فى المياه الداخلية أو الإقليمية المصرية أو أى نشاط ثقافى-سياحى-دعائى.. أو حتى ترويجى يتعلق بشئون الآثار».. وبحسب المادة الخامسة من قانون الآثار 117 لسنة 1983 فإن قرار رئيس مجلس الوزراء قد سلخ آثار المتحف عن وزارته وجعل له إدارة مستقلة فى جميع المناحى.. فنياً وإدارياً ومالياً وتنظيمياً وقضائياً.. خاصة مع وجود عناصر أجنبية تدير المشروع.. وهو الأمر الذى ينتقص من السيادة الوطنية ويجعل أثارنا عرضة للمخاطر بكل أنواعها.
ثالثا: رأت المصادر أن مواد قرار م.شريف إسماعيل تتعارض وتتناقض مع المادة السادسة من قانون الآثار والتى تنص على أن «جميع الآثار من أموال الدولة العامة».. ومن ثم فلا يجوز إسناد أمور إدارتها لمشارك أجنبى.. لأن فى ذلك انتقاصاً وتنازلاً واضحاً عن ملكية الدولة للآثار ووضعها تحت تصرف إدارة مستقلة بعيداً عن الدستور والقانون.. كما نصت المادة 28 من قانون الآثار على أن «وزارة الآثار هى المسئولة دون غيرها عن متاحف ومخازن الآثار وتتولى جميع شئونها».. أما المادة 29 فقد نصت هى الأخرى على نفس السياق خاصة فى تأكيدها على «مهمة وزارة الآثار دون غيرها فى الحفاظ على الآثار والمتاحف والمخازن» كما «تتولى الوزارة تدبير الحراسة الخاصة للآثار مع الشرطة المختصة».. وتنص المادة 30 على «اختصاص وزارة الآثار دون غيرها بأعمال الصيانة والترميم».. فيما أكدت اللائحة التنفيذية لقانون الآثار على نفس المبادئ التى أقرها قانون حماية الآثار حيث نصت المادة 1 من اللائحة على أن «وزارة الآثار هى الجهة الوحيدة المختصة بشئون الآثار والحفاظ عليها وحمايتها وترميمها وصيانتها وفحصها».
الحجز الإدارى
للأسباب السابقة اتفقت المصادر مع العديد من المهتمين بالشأن الأثرى على أن قرار م.شريف إسماعيل كارثى بمعنى الكلمة.. مستندين فى ذلك لكونه نص فى ديباجته على اعتماد القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإدارى!!.. كما أوضحوا أنه فى هذه الحالة قد ظهرت النية الحقيقية من وراء تعطيل افتتاح المتحف وتبديد القروض الأجنبية التى أبرمت بشأنه وإطلاق يد الفساد داخله حتى يثقل كاهل النظام المصرى ولا يستطيع تسديد القروض فى مواعيدها المتفق عليها.. وأوضحوا أنه كان من المفترض ان يبدأ تسديد أول قسط الديون من عائدات المتحف بعد افتتاحه عام 2011.. ولكن تم تعطيل ذلك بشكل متعمد.. وهذا ما حذرت منه فاطمة الرفاعى-مدير عام الشئون المالية والإدارية بالمتحف- عندما قالت إن دولة اليابان من حقها المطالبة بالحجز على المتحف وإدارته طبقا للقانون الدولى والمصرى.. والذى وافق عليه م.شريف إسماعيل فى أول جملة من ديباجة قراره المطعون فيه دستورياً وقانونياً.
وزاد من تعجب المصادر إصرار م. شريف إسماعيل فى قراره المعيب-ربما بحسن نية-على سلخ أكثر من 100 ألف قطعة أثرية عن إدارة مصر وتسليمها لإدارة مختلطة.. وذلك بحسب نص فى قراره على «خضوع المتحف لقانون التجارة رقم 17 لسنة 1999».. موضحة أن هذا الكلام يعنى «خضوع المتحف للأحكام التى تطبق على الشركات التجارية العاملة فى مجال السلع».. ومن ثم ستصبح الآثار مثل أى سلعة فى السوق.. حيث تنص أبواب قانون التجارة المذكور فى ديباجة «مقدمة» قرار رئيس الوزراء على «خضوع المتحف لأبواب قانون التجارة بما تتضمنه من عمليات البيع والشراء وجميع الأعمال التجارية المتعلقة والالتزامات والعقود التجارية والرهن التجارى والوكالة والسمسرة والإفلاس والصلح الواقى منه»!!.
قضية التهويد
ولأن الفساد المنتشر فى المتحف الكبير منذ 2012 وحتى الآن ظل عالقاً بذهنى.. فكان لابد من متابعة كل صغيرة وكبيرة بهذا المبنى العالمى فى وسائل الإعلام المختلفة.. وبالصدفة البحتة اطلعت على قضية تخصه فى الجرائد والمواقع الإلكترونية.. والمعروفة إعلامياً بـ «قضية تهويد عمارة المتحف المصرى الكبير».. والتى أقامها الباحث الشاب المهندس أحمد عوض برقم «30123» للسنة القضائية «66» بالدائرة الأولى بمجلس الدولة استناداً إلى دراسات علمية جاءت ضمن رسالة الماجستير الخاصة به تحت عنوان «انعكاس مفهوم ديناميكية الرمز المصرى القديم على التصميم الداخلى لقاعات العرض المتحفية» بكلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان.. من هنا كان لابد من الاتصال بالباحث لمعرفة حقيقة جهوده والوقوف على أبعادها.
فأكد «عوض» أن دراسته جاءت ضمن بحث علمى منشور بالمجلد الرابع للدورية العلمية «International Design Journal» وقد حملت عنوان «عمارة المتاحف القومية بين رؤية المصمم والأهداف الثقافية القومية».. لافتاً إلى أنها من أعلى الدوريات العلمية-بحسب تقييم المجلس الأعلى للجامعات-وأضاف «عوض» أن حكم المحكمة بتاريخ (28/1/2014م) حكم قبول الدعوى شكلاً وإحالتها إلى مكتب خبراء وزارة العدل والذى تداول الدعوى فى عدة جلسات بداية من 8/11/2016م وتم تأجيلها إلى جلسة 17/1/2017م لاستكمال عرض ما جاء بمستندات الدعوى.
وبسؤاله عن تفاصيل أدق لهذه لقضيتة التى تمس أمننا القومى فى العمق؟
أجاب قائلاً: بداية يجب التعرض إلى التعريف العلمى لمفهومى الأمن القومى والوظيفة الثقافية للمتاحف، حيث ينصرف المفهوم الحديث للأمن القومى إلى أن الأمن المادى والمعنوى هو محور للسياسات العامة للدولة آى أنه ينظر للأمن القومى كعامل مساعد فى الحفاظ على الأسس والمبادئ التى قام عليها المجتمع فيما يعرف بالثقافة القومية، أما التعريف العلمى للوظيفة الثقافية للمتاحف فتؤكد على أن المتحف يُعد سجلاً للحضارة والتراث القومى، حيث يسهم المتحف فى تأكيد الشخصية القومية والهوية الحضارية للأمة، وعلى هذا تعتبر المتاحف ذاكرة الأمم، حيث لم يعد المتحف مجرد مكان تعرض فيها المقتنيات بل هو مساحة تحكى قصة وتسمح للزائرين بالتفاعل معها، ومن ثم أصبح الدور الرئيسى لمصممى المتاحف هو خلق المساحة أو البيئة ثلاثية الأبعاد التى تحكى تلك القصة.
ويستطرد: من ذلك المنطلق شرعت الدراسة العلمية فى عرض الرؤية التصميمية للمتحف المصرى الكبير كما جاءت فى التقارير المقدمه من مصمميه الأيرلندية «روسين هنجن» والصينى «شو بينج» وكما وثقت فى أكثر من مرجع، وهو ما يمكن إيجازها بأن عمارة المتحف تقيم علاقة بصرية باتجاه أهرامات «الجيزة» والتى تتم بواسطة خلق مخروط رؤية افتراضى منحدر من قمم الأهرامات وممتد إلى أرض المشروع بحيث يضمّ مبنى المتحف ويحدد موقعه على أرض المشروع، ومن ثّم تمّ تنظيم المتحف داخل المحور البصرى المتجه من موقع المتحف إلى الأهرامات، وتم أيضاً تنظيم موقع المتحف برسم علاقة نحو مدينة «القاهرة»، فمن أعلى هضبة الموقع يرسم مسار حديقة المتحف زاوية رؤية إلى مدينة «القاهرة» لخلق فرص للعرض بين كل من «القاهرة» والأهرامات.
ويواصل «الباحث»: آى أن موقع المتحف يمثل تقاطعاً بين الحداثة والقدِم، حيث يتبيّن تصميم الموقع العام ومساقطه الأفقية بواسطة تقاطع زاويتين رؤيا أفقيتا المستوى، أولاهما تنطلق باتجاه أهرامات «الجيزة» من خارج حدود الأرض المقام عليها المتحف، حتى يلامس امتداد ضلعيها قمت الهرم الأكبر والأصغر وذلك للتعبير الرمزى عن تواصل المتحف مع الأهرامات الثلاثة كأهم معالم الحضارة المصرية القديمة، أما الزاوية الأفقية الثانية فتنظر بإتجاه مدينة «القاهرة» إنطلاقاً من قلب أرض المتحف للتعبير عن تواصله مع ملامح الحداثة والمعاصرة المصرية، ومنها تم تشييد سائر العناصر المعمارية للمتحف على منهج تلكما الزاويتين ذواتا الدلالات الرمزية وذلك للتأكيد على كناية عمارة المتحف ككل عن امتزاج تراث الحضارة المصرية القديمة مع الحداثة المصرية المعاصرة.
وما تفسيرك للزاوية الثانية للمتحف.. والتى تطل على القاهرة؟
بالنظر إلى الزاوية الثانية للمتحف السابق ذكرها- فتنظر إلى مدينة «القاهرة» وتماثلها فى الهيئة الهندسية العامة مع ما يُعرف فى علوم «المصريات» بزاوية «مسار خروج اليهود من مصر القديمة» والتى تصل بين قمة هرم «خوفو» الأكبر وموقع «حائط المبكى» اليهودى بمدينة «القدس»، حيث تدعى بعض الآراء اليهودية أن زاوية صعود الممر الرئيسى داخل الهرم الأكبر تمثل رمزياً مسار خروج اليهود من مصر القديمة إذا ما تم رسمها على مستوى أفقى من قمة الهرم الأكبر وبنفس القياس على محور الشرق باتجاه عكس عقارب الساعة، حيث يصل امتداد ضلعها الثانى بتلك الهيئة الهندسية إلى موقع بنائهم لأول هيكل لهم بموقع حائط «المبكى» حسب ادعائهم، وهو ما اعتبروه دليلاً على بناء أجدادهم للهرم الأكبر وتسجيلاً لبناء أجيالهم الأولى لهيكلهم المزعوم عقب خروجهم من مصر القديمة، وقد جاء أشهر ذكر لتلك الزاوية فى كتاب «The Great Pyramid Decoded with an introduction to Pyramidology» الصادر من مؤسسة «Artisan sales» فى عام 1971م للباحثين «E.Raymond» و«F.S.Scot» وهما باحثان فى «المعهد الأثرى الأمريكي- Archeological institute of America».
> لهذا أريد منك تفسيرا لقصة خروج اليهود وعلاقة ذلك بمبنى المتحف؟
ــ تماثل الهيئة الهندسية بين زاوية مسار خروج اليهود من مصر القديمة.. والزاوية الثانية التى شُيّدت عليها عمارة المتحف يكمن فى تمثيل تلك الزاوية لمسار خروج اليهود نظراً لاستحالة حدوث تلك المصادفة بينهما، وذلك بشرط أن يصل امتداد ضلعها الثانى إلى موقع «حائط المبكى» اليهودى وهيكلهم المقدس مثلما فعل امتداد الضلع الثانى لزاوية «مسار خروج اليهود»، وهو ما تم اختباره وتأكيده من خلال الخرائط والتطبيقات المعتمدة علمياً وتم مراجعته من أساتذة متخصصين فى علوم هندسة المساحة، كما أن الصور الواقعية التى تم إلتقاطها من القمر الصناعى لبرنامج «جوجل إرث – Google Earth» لمراحل بناء المتحف حالياً أكدت ذلك بشكل قطعى لا مجال فيه للجدال، وهنا تجدر الإشارة أن ما يدعم منطقية ما سبق هو تجنب مصممى المتحف معاملة الزاوية الثانية له كنظيرتها الأولى بحيث يلامس إمتداد ضلعيها آى من المعالم المعمارية الحداثية الموجودة بكثرة فى قلب مدينة «القاهرة»، مثل المتحفين القبطى والإسلامي، وهو ما كان سيضفى قوة تعبيرية على رمزية تلك الزاوية وسيدعم بدوره الرؤية التصميمية العامة للمتحف.
وما علاقة كل ما ذكرته بحائط المبكى وموقع الهيكل اليهودى فى مدينة القدس القديمة؟
العلاقة وطيدة جداً.. فتباعاً لما سبق كان من الواجب التأكد من أن إمتداد ضلعى الزاوية الثانية للمتحف لا يتصلا فعلياً بأى من المعالم الثقافية المهمة داخل مدينة «القاهرة» رغم أن تقارير المصممين لم تذكر أى شىء عن ذلك الطرح، وهو ما تأكد لنا دون شك من خلال تطبيقات برنامج «جوجل إرث – Google Earth» بل ومن المدهش هنا أن نجد أن الضلع الآخر للزاوية الذى يستوطن إتجاه الشرق الحقيقى يتصل إمتداده مع موقع ثانى أقدم مقبرة يهودية فى العالم والتى تقع بضاحية «البساتين» فى قلب «القاهرة»، وهنا يجدر الإشارة إلى الأهمية البالغة التى تحتلها مقابر «البساتين» اليهودية لدى الكيان الصهيونى وثقافته الدينية منذ بداية إنشائها أوائل القرن التاسع الميلادي، أما امتداد ضلعيهما الثانى الشمال شرقى فيتواصل امتداده مع موقع «حائط المبكى» وموقع الهيكل اليهودى فى مدينة «القدس» القديمة بكل دقة، ثم يتخطاه ليتواصل امتداده على بعد أمتار- أقل من أربعمائة متر- شمال أقدم مقبرة يهودية فى العالم التى تقع على جبل «الزيتون» خلف «حائط المبكى» اليهودي.
ويستطرد «عوض» قائلاً: مما سبق يتأكد لنا أن مرجعية تصميم تلك الزاوية الثانية تؤول إلى قصد تماثلها مع زاوية «مسار خروج اليهود من مصر القديمة» فى الهيئة وفى الدلالة أيضاً، حيث تكنيّ نتيجة ذلك التماثل عن مسار خروج اليهود الأقدمين من مصر القديمة ومنها يتم تجسيد حدث الخروج اليهودى فى عمارة المتحف «المصرى الكبير» تجسيداً رمزياً إستناداً على تلك الكناية الرمزية وهو ما تم ترسيخه أيضاً فى سائر الملامح المعمارية للمتحف دون مصادفة لذلك، حيث جاء تصميم واجهتى المتحف الرئيسيتين بواسطة تكرار متتابع لوحدة هندسية مثلثة الشكل تعرف بأسم مثلث «سربنسكي- Serpinski» وهى وحدة هندسية جاءت فى أحد المراجع اليهودية كتجسيد رمزى عن بعض المعتقدات الدينية لليهود بخصوص النشأة الآلهية الأولى، وهو ما يكنيّ بدوره عن تحول الشعب اليهودى إلى شعب مختار إقتراناً بآلههم وأرض موعدهم فور خروجهم من مصر القديمة.
ويضيف: كما أن وحدة مثلث «سربنسكي- Serpinski» تماثل كوحدة أولية ما يعرف فى الفنون الشعبية اليهودية ما يسمى «مفتاح سليمان السادس» وهو تشكيل زخرفى هندسى يرمز للحماية الآلهية لليهود.. لافتاً إلى أن النجمة السداسية اليهودية الشهيرة تكونت على الواجهة الرئيسية للمتحف عن طريق تشييد واجهة المتحف بالمثلثات المتعاقبة على ستة مستويات بإستخدام القوائم المعدنية، حيث تظهر النجمة اليهودية جلية للأبصار بجوار المدخل الرئيسى للمتحف بإرتفاع واجهته الكلية، كما يعمل على تأكيد ظهور تلك النجمة بصرياً تشكيلها بثلاث وحدات مثلثة رئيسية من وحدات «سربنسكي- Serpinski» وإنحصار تلك الوحدات الثلاثة بين فتحة المدخل الرئيسى والفتحة المجاورة له على اليسار.
كيف تربط بين البهو الرئيسى للمتحف وقصة مسار خروج اليهود من مصر؟
دعنى أقول لك بأن بهو المدخل الرئيسى للمتحف جاء عن طريق تشكيله بواسطة ضلعيّ الزاوية الثانية للمتحف فى قلب كتلته المعمارية والتى تمثل مسار خروج اليهود من مصر القديمة، ومن ثّم يجسد ذلك الفراغ المعمارى الهائل على هذا النحو صورة رمزية لفالق البحر لحظة إنقسام طوديه إبان عبور «بنى إسرائيل» له، وما يؤكد ذلك التجسيد الرمزى هو تنصيب تمثال الملك «رمسيس الثاني» بوصفه فرعون الخروج حسب بعض الإدعاءات اليهودية فى قلب فراغ بهو المدخل، ومن ثم يستكمل بذلك تجسيد مشهد خروج اليهود من مصر القديمة بصورة رمزية واضحة.
ويستكمل الباحث حديثه قائلاً: الصورة الرمزية السابقة تتأكد من خلال التنسيق العام للحدائق الملحقة بالمتحف بحيث تتكون من متنزهات خلفه وأخرى أمام واجهته الرئيسية، وقد وضع مصممى المتحف أسم «أرض مصر» على الحدائق الخلفية التى تقع داخل حدود الزاوية الثانية للمتحف حتى تجسد أراضى المملكة المصرية القديمة التى خرج منها اليهود قديماً، أما المتنزهات الأمامية فقد تم زراعتها بمجموعة كثيفة من النخيل وهو ما يجسد مجموعة النخيل التى وجدها «بنى إسرائيل» عقب عبورهم للبحر قديماً، وهو ما يتأكد أيضاً فى تصميم مناسيب المتحف على عدة مستويات أفقية حيث تم تسكين المتنزهات الخلفية على أعلى مستوى أفقى للمشروع ككل يعقبها مستوى الكتلة المعمارية للمتحف.. ثم أخيراً تأتى متنزهات المتحف الأمامية فى أدنى مستوى أفقي، ومن ثّم ينتقل زائرى المتحف من المتنزهات الخلفية التى تمثل أرض مصر إلى داخل البهو الرئيسى للمتحف الذى يجسد فالق البحر عن طريق إستخدام درج سلم هائل يهبط بهم من المستوى العلوى إلى المستوى السفلى وذلك تجسيداً للرحلة التى سلكها اليهود فى خروجهم من مصر القديمة، حيث يجسد مستوى البهو الرئيسى للمتحف قاع البحر الذى وطأته أقدام اليهود القدامى لحظة خروجهم، كما تتأكد تلك الصورة أيضاً من خلال تصميم سقف المتحف بواسطة ستة صفوف من الطيات المنكسرة مثلثة الشكل حتى تجسد امواج البحر الذى عبره اليهود قديماً، يضاف إلى ذلك أن باقى العناصر المعمارية للمتحف تأتى على نفس النسق السابق لتؤكد تجسيد المتحف المصرى الكبير لحدث خروج اليهود من مصر القديمة.
حدثنا عن موقف وزارة الآثار من هذه القضية الخطيرة؟
ــ موقف الوزارة جاء فيه التشكيك على نتائج تطبيقات الهندسة المساحية الواردة تفصيلاً فى الدراسة وهو أمر غريب لا يستند إلى أى سند علمى بل ويثبت عدم الدراية بأسس تلك التطبيقات وعدم إدراك الأمور الفنية فى حساب الفروق بين التطبيقات المختلفة للنظم المساحية، ومما يحسم الأمر فى ذلك الشأن أن الصور الواقعية للمبنى بوضعه الحالى قد تم إلتقاطها عن طريق القمر الصناعى لبرنامج «جوجل إرث – Google Earth».. كما تم التأكد من تواصل إمتداد ضلعى الزاوية الثانية للمتحف مع حائط «المبكى» والمقابر اليهودية دون آدنى شك ولا يقبل آى جدال.
ويتعجب «الباحث» من رد «الآثار» عندما ادعت أن مسببات تصميم الزاوية الثانية للمتحف على هذا النحو هو أنها تأتى لتستقبل أشعة الشمس وقت الشروق على مدار العام!.. وأضاف: ومن المثير للدهشة أن جميع ما ورد فى رد الوزارة لم يأت فى التقارير الكتابية لتصميم المتحف المذكور على يد مصمميه أنفسهم وهى التقارير الموثقة فى عدة مراجع معمارية وعلى الموقع الرسمى للمتحف، ومن الامور المذهلة أيضاً أن يأتى رد الوزارة بخصوص النجمة اليهودية على الواجهات بأنها لا يتم إدراكها بصرياً إلا بالإيحاء.. وهو الأمر المثير للدهشة حيث تظهر النجمة بشكل واضح للعين المجردة داخل تشكيل الواجهة بالنسق العام للتشكيل المعمارى المتعارف عليه علمياً، وأخيرا تجدر الإشارة إلى أننى قمت بتفنيد كل ما جاء فى رد وزارة الآثار مدعوماً بتقارير فنية من أساتذة أكاديميين متخصصين فيما ورد به.
وما وجه تشابه التصميم المعمارى لمتحفنا الكبير بالمبانى اليهودية؟
ــ حتى تتضح الرؤية للقارئ العادر والمتخصص فى آن.. يجب الإشارة هنا إلى أن تصميم عمارة المتحف المصرى الكبير على النحو الذى يجسد حدث خروج اليهود من مصر القديمة قد جاء متوافقاً مع تصميم عمارة أشهر المتاحف اليهودية رغم إختلاف مصمميهم، فعلى سبيل المثال نجد أن المتحف اليهودى بمدينة «برلين» للمصمم «دانيال لبسكند» قد استخدم المحاور الأفقية التى تصل إمتدادها نحو أماكن بعينها ذات أهمية تاريخية لليهود لتجسيد رحلة الشتات للأمة اليهودية توثيقاً لمحنتهم إبان الحرب العالمية الثانية، كما جاء فى التقارير الفنية لمصمم المتحف اليهودى أن تلك المحاور الأفقية تشير إلى أهم الأماكن اليهودية فى مدينة «برلين» والتى تشكل بدورها النجمة اليهودية السداسية على خريطة مدينة «برلين».
ويسترسل «عوض» قائلاً: كما نجد أن متحف «ياد فاشيم» للمصمم «موشى صفدي» المقام فى مدينة «القدس» قد تم تصميمه بمفردات معمارية مصرية قديمة على محور أفقى يميل بنفس ميل الضلع الثانى للزاواية التى تجسد مسار خروج اليهود من مصر القديمة وعلى نفس النسق العام للرؤية التصميمية للمتحف المصرى الكبير.. يضاف إلى ذلك أن تشكيل النجمة اليهودية فيه كنصب تذكارى بواسطة بعض التكوينات المعمارية.. ثم أن متحف «التراث اليهودى» للمصمم «روتش دينيكلو» فى مدينة «نيويورك» قد إستخدم تكرار وحدات التشكيل المثلث التراثية المعروفة بأسم «مفتاح سليمان السادس» فى تكوين النجمة السداسية اليهودية الشهيرة فى السقفية الزجاجية للبهو الرئيسى بالمتحف.
أخيرا.. كان لك ملاحظات على شركات السياحة.. ما السبب؟
بعض شركات السياحية تدشن رحلات سياحية بأسم «الخروج اليهودى من مصر القديمة»، حيث يأتى فى السياق المنشور علناً لتلك الرحلات أنها تدعيم للهوية اليهودية وعليها يستهل برنامجها السياحى بزيارة الهرم والمتحف المصرى وينتهى بزيارة متحف «ياد فاشيم» بمدينة «القدس»، ومن الغريب فى الختام أن نجد أن مصممى المتحف المصرى الكبير قد درسا فى ذات الجامعة التى يعمل بها مصمم متحف «ياد فاشيم» كأستاذ أكاديمى وهو المعمارى «موشى صفدي».
