رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوجيز في الرد على محافظ البنك المركزي المصري

البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري

أكد محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، في حواره لمجلة "إنتربرايز" الاقتصادية، أن "نتائج قرارات تعويم الجنيه المصري فاقت توقعاتنا، ونحمد الله أن الأمور سارت بشكل جيد ومررنا من الوضع، قام فريقنا بجهد كبير والطريقة، التي تم تنفيذ القرار بها والإعداد له هي نموذج للمعايير العالمية".

كما أوضح أن هناك ثلاثة أمور أدت إلى هذا النجاح، وهي القناعة والدعم السياسي على أعلى المستويات والاستعدادات الجادة، "ما فعلناه نموذج للمنطقة بأكملها، وأنا اعتقد أننا الاقتصاد الوحيد في العالم العربي، الذي حرر سعر صرف العملات الأجنبية فيه".
 
كما سبق وأن شبه محافظ البنك المركزي، قرار التعويم بقرار حرب أكتوبر، "وهذا بالتأكيد لا يجوز واستخفاف بالعقول، وقد ذهب بعيدًا بقوله أن سعر الدولار سيصل إلى 4 جنيهات"، كما أن تصريحاته السابقة قبل التعويم بتخفيض قيمة الجنيه المصري كانت سببا رئيسيا في ارتفاع سعر الدولار في السوق المصرية وأدت إلى التكالب على شراء الدولار كنوع من المضاربة وللافلات من انخفاض سعر العملة المحلية فلم يكن تصريحه موفقا بأي حال من الاحوال ، وتصريحاته الأخيرة لمجلة " انتربرايز " مستفزة فقد حكم بنجاح تعويم الجنيه ولم يمضى شهر على التعويم رغم أن آثار وتداعيات هذا التعويم ظهرت بعد يومين فقط من القرار وهي تداعيات خطيرة ، فالثابت من هذه التداعيات والآثار أن القرار لم يكن مدروسا بدقة وعناية بتحديد ايجابياته وسلبياته وتعظيم الايجابيات وتقليل السلبيات لحدها الادني والاستعداد لها بخطط مدروسة ووضح هذا جليا في القطاع الصحي تحديدا بارتفاع اسعار الأدوية واختفاءها ووقف العمليات بالمستشفيات لعدم توفر مستلزماتها الطبية وتوقف مراكز الغسيل الكلوي وتهديد حياة مرضى الهيموفيليا لنقص عقار الفاكتور بالاسواق ومازالت تداعياتها مستمرة حتى الآن .
واعتقد لو أن السيد محافظ البنك المركزي تابع التداعيات والآثار التي ظهرت سريعا وفي اليوم التالي لصدور القرار ماكان له أن يصرح بمثل هذه التصريحات وأذكر منها :

أولا : تأثيرات التعويم على الدولة
- إرتفاع تكلفة المشروعات القومية الحالية والمستقبلية بل توقفت المشروعات وهو مادفع بعض أعضاء مجلس النواب لتقديم مشروع قانون " تعويضات المقاولين والموردين " وطلب تعديل قانون المناقصات ، وقد وافقت لجنة الاسكان بالبرلمان نهائيا على مشروع قانون التعويضات في عقود المقاولات في اجتماعها يوم الثلاثاء الموافق
13/12/2016 م ومن المنتظر إحالة مشروع القانون للأمانة العامة للبرلمان لعرضه على البرلمان في الجلسة القادمة .
- مازالت وزارة المالية تدرس آثار التعويم وزيادة سعر الوقود على الموازنة العامة التي ستحتاج إلى تعديلات واعتمادات إضافية واعتماد ذلك من مجلس النواب ، وهذه دلالة قوية على أن القرار لم يدرس فدراسة التداعيات والآثار تسبق القرار وليس بعده وهذا من المسلمات والبديهيات .

- ستتحمل خزانة الدولة 90 مليار جنيه فرق ارتفاع سعر الفائدة على الدين العام حسب تصريحات وزير المالية .

- تعويم الجنيه رفع قيمة الديون الخارجية لمستويات خطيرة مقومة بالجنيه المصري فالديون الخارجية المصرية

حوالي 54 مليار دولار قيمتها قبل التعويم 475 مليار جنيه ( سعر الدولار 8,8جنيه ) أصبحت بعد التعويم 918 مليار جنيه ( سعر الدولار 17 جنيها ) .

- تحمل خزانة الدولة بتكلفة برامج الحماية الاجتماعية للفقراء " نظام تكافل وكرامة " باضافة مليون مواطن جديد
للنظام وماسيتم من برامج حماية اجتماعية أخرى تستجد وارتفاع دعم بطاقات التموين للفرد من 18 جنيها إلى 21 جنيها .

- وجود أزمة بين مصلحة الضرائب والشركات بسبب اسعار الصرف فالضرائب تصر على المحاسبة الضريبية على ضوء اسعار الصرف الرسمية المعلنة من البنك المركزي ووزارة المالية تسعي لايجاد حل خصوصا بعد أن طالت أجهزة وشركات حكومية وتسببت فروقات سعر العملة التي سادت خلال الـ 10شهور الماضية من عام 2016 في تحول عدد من الشركات العامة والخاصة من الربح إلى الخسارة الأمر الذى سيؤثر سلبا على الحصيلة الضريبية وقد وكلت وزارة المالية فريقا من الوزارة ببحث حل قانوني لأزمة فرق سعر العملة وفريق آخر لبحث تعديل معايير المحاسبة المصرية للحد من الآثار السلبية المتوقعة لقرارات تعويم العملة المحلية .

- وزارة المالية والبنك المركزي المصري يدرسان ايجاد حلول لبعض المشكلات المترتبة على تعويم العملة المحلية وفي مقدمتها الديون الدولارية خاصة أن عدة جهات حكومية تعاني من المشكلة وفي مقدمتها الهيئة العامة للبترول وهيئة السلع الغذائية والشركة القابضة للصناعات الغذائية فضلا عن الشركات المملوكة للقطاع الخاص .

- ارتفاع اسعار كل السلع الغذائية والخدمات نتيجة التعويم تسبب في حالة عدم رضى لدى المواطنين .

- عرض مجلس ادارة الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء على وزير الاسكان بمد زمن فترة المشروعات 6 شهور بجانب صرف نسبة زيادة قدرها 15% بصفة مؤقتة تحت حساب فروق الاسعار للمقاولين أسوة بقرار مجلس الوزراء رقم 229 لسنة 2004 والمطالبة بتعويض العقود التي لاتشمل فروق أسعار بنسبة من قيمة الأعمال .

- طلب الشركة القابضة للطرق والكباري من مجلس الوزراء سرعة إقرار فروق اسعار تعويم العملة حتى تستطيع الاستمرار في العمل حيث ارتفعت تكلفة الطرق بنسبة 35% والحديد بنسبة 100% بعد التعويم .

- أرتفاع أعباء تكلفة مصروفات الطاقة " الكهرباء " بـ 50 مليار جنيه ودعم الطاقة بـ 29 مليار جنيه بسبب التعويم حسب تصريح وزير الكهرباء ومجموع الرقمين (79 مليار جنيه ) أي مايعادل 4,6 مليار دولار أي أكثر من ثلث قرض صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار على ثلاث سنوات .

- ارتفاع أسعار شراء قطع غيار مشروعات الطاقة المتجددة حيث يتم شراؤها من الخارج بالعملة الأجنبية وشركة قدرة للطاقة غير قادرة على تحديد قيمة التعاقدات الجديدة بسبب عدم استقرار سعر صرف الدولار ، كما تطالب الشركة وزارة الكهرباء بضرورة زيادة سعر شراء التعريفة الموحدة لشراء الكيلووات التي رصدتها الوزارة عند 1,8 جنيها قبل ارتفاع سعر الدولار " تصريح رئيس شركة قدرة للطاقة لجريدة الشروق 12/11/2016م )

- حسب تصريحات وزير البترول " أنه لايستطيع تحديد اجمالي الزيادة في مخصصات دعم الوقود إلا بعد استقرار سعر الدولار بعد التعويم " .

- المطابع الحكومية تطالب الحكومة بتعديل اسعار طباعة الكتب المدرسية للفصل الدراسي الثاني لارتفاع أسعار الورق والاحبار والخامات لأكثر من 100% فقد ارتفع سعر طن الورق من 700 جنيها إلى 1500 جنيها وارتفاع تكلفة شراء الآلات وقطع الغيار وهذا سيزيد قيمة فاتورة طباعة الكتب المدرسية في الاعوام القادمة .

ثانيا : تأثيرات التعويم على الشركات :

- انخفاض رأس مال الشركات بانخفاض قيمة العملة المحلية وماسيتبع ذلك من تأثيرات على عمل الشركات .


- ارتفاع تكلفة اقامة مصانع جديدة أو إضافة خطوط انتاج جديدة للمصانع القائمة مما سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة المنتج وضعف منافسته في الاسواق العالمية خاصة إن كان المنتج للتصدير .

- إضطرار الشركات ( تحت الانشاء أو التطوير ) باعادة دراسات الجدوى الاقتصادية الخاصة بها بعد التعويم ومايستلزمه ذلك من تكلفة اضافية ووقت مهدر وظهر هذا جليا في زيادة تكلفة تطوير وهيكلة شركات الغزل والنسيج بـ2 مليار جنيه نتيجة تغير اسعار بناء المصانع واسعار الآلات واحتياج مكتب الاستشاري الأمريكي وارنر الذى حصل على مليون دولار أمريكي للدراسة لمبالغ أخرى جديدة لاعادة تحديث دراسة الجدوى الاقتصادية للتطوير بعد التعويم وتغير سعر المنتجات مقارنة بالاسعار العالمية التي لم تتغير وهذا يعني أن فرص المنافسة للمنتجات المصرية انخفضت مقارنة بدول شرق آسـيا .

- مصانع الأسمدة مهددة بالتوقف بسبب ارتفاع التكلفة بسبب التعويم وارتفاع سعر الوقود وضريبة القيمة المضافة ونولون النقل فاصبحت تكلفة الطن للمصانع القديمة 3600 جنيه وللمصانع الجديدة 3100 جنيه ويباع الطن بسعر 1950 جنيها حسب تسعيرة وزارة الزراعة .

- ارتفاع ديون الشركات المقترضة بالدولار والعملات الأجنبية بما سيؤثر على مراكزها المالية وقدرتها على السداد وهذا ماسيجبر البنوك على تكوين مخصصات لمواجهة تعثر العملاء المقترضين بالدولار .

- ارتفاع سعر الدولار بالتعويم وضع الشركات العقارية في مأزق أمام عملائها لارتفاع أسعار مواد البناء بنسبة تجاوزت 30% ، كما ساهم ارتفاع اسعار الوقود في ارتفاع تكلفة النقل وهذا أدى على ارتفاع اسعار الوحدات السكنية بـ 40% وهو مايخشى معه المطورون العقاريون من الركود .

- قرار التعويم كان كاشفا بأن الصناعات المصرية أكثر من 90% منها يعتمد على استيراد الخامات والمواد الأولية من الخارج بالدولار وهو ما أدى لارتفاع الاسعار وانخفاض فرصة هذه الشركات في المنافسة الخارجية .

- الملابس زادت اسعارها بنسبة 50% بسبب ارتفاع اسعار الخامات المصرية المحلية بـ 70% ووقف الاستيراد نهائيا وهذا عبء على المواطن وعلى الشركات لانخفاض مبيعاتها وارتفاع التكلفة عليها ، كما أن العاملين في الملابس المستوردة توقف نشاطهم بوقف الاستيراد .

- معظم المصانع والشركات تأثر نشاطها انتظارا لاستقرار سعر الصرف ، وبعضها أيضا طلب من البنوك عدم فتح الاعتمادات المستندية حاليا لاستيراد احتياجاته حتى يستقر سعر الصرف .

- ستواجه البنوك مشكلة في تكوين مخصصات لمواجهة تعثر عملاء الديون الدولارية والزيادة المتوقعة في قيمة أصولها حيث أن هذه الديون مقومة بسعر الدولار قبل التعويم (8,88 جنيها ) وهذا من شأنه تخفيض صافي ارباح البنوك وتحويل ارباح الشركات للخسارة وتأثير ذلك على الحصيلة الضريبية للدولة .
- الصحف الورقية مهددة بالتوقف بعد ارتفاع اسعار الورق والاحبار ومستلزمات الطباعة والآلات في وقت تعاني فيه المؤسسات الصحفية من ديون أكثر من 10 مليار جنيه ومعظمها مستحق لبنك الاستثمار القومي .

- دعا اتحاد الصناعات المصرية البنوك إلى جدولة الديون الدولارية المستحقة على الشركات والمستوردين بعد قرار التعويم لضمان استمرار الشركات في الانتاج .

- ارتفاع اسعار برنامج أداء العمرة بنسبة 200% وتأثير ذلك على الشركات والأفراد .

ثالثا : تأثيرات التعويم على المواطن
- انخفاض مدخرات المواطنين لانخفاض قيمة العملة المحلية بفعل التعويم بمالا يقل عن 52% وتربح المضاربين بالدولار وكأن التعويم جاء لمعاقبة المدخرين بالعملة المحلية خاصة أن اغلبهم من أصحاب المعاشات والأرامل الذين يستعينون على غلاء الاسعار من هذه الاموال المدخرة .

- ارتفاع أسعار جميع السلع والمنتجات المحلية والمستوردة على المواطنين مع ثبات دخولهم الشهرية .

- أصبح المواطن يواجه الزيادة في كل نواحي حياته ( مدارس خاصة . نقل . علاج . مأكل .ملبس..الخ ) دون أي زيادة حقيقية في دخله الشهري .

هذا ما أسفر عنه مرور 40 يوما على القرار وبالتأكيد هناك آثار أخرى ستكشف عنها الايام . فهل بعد كل هذا تكون تصريحات السيد محافظ البنك المركزي منطقية ؟ فهذا الارتباك للدولة والمواطن والشركات الناتج عن التعويم وباقي القرارات الاقتصادية لأهداف مستقبلية تتمثل في ايجاد سعر واحد للصرف لتشجيع الاستثمار علما بأن هذا ليس السبب الرئيسي والحاكم لقدوم الاستثمارات فهناك أسباب أخرى كثيرة مثل استقرار الأمن والتشريعات ونظام ضريبي مستقر وحرية الدخول والخروج من السوق المصرية وحرية تحويل الارباح ورأس المال وقانون عمل متوازن وشفافية وعدالة ناجزة وعدم وجود فساد وحوافز استثمار ..الخ هي الجاذب للاستثمارات ، وأما الهدف الثاني للتعويم فهو جذب السياحة ونحن نعلم أن السياحة أصبحت تخضع للسياسة وضغوطاتها وليست سياحة من أجل السياحة ، وأما السبب الثالث للتعويم وهو التصدير فقد كشف لنا التعويم أن صناعتنا تعتمد اعتمادا كليا على المواد الأولية المستوردة ومع ارتفاع سعر الدولار أرتفعت تكلفتها وضعفت منافستها الخارجية للتصدير وكذلك الزراعة فالبذور والتقاوي والمبيدات وغيرها مستورد وهو ماسيرتفع معه تكلفة الزراعة وبالتالي ضعف منافستها الخارجية ، أي أننا ضحينا بالحاضر- رغم اتعابه ومشاكله - من أجل غائب قد يأتي وقد لايأتي هذا الغائب إلا متأخرا متمثلا في مستثمر وسائح وتصدير وكما يقول المثل المصري عصفور في يدي خير من عشرة على الشجرة والغريب أيضا أنه في الاجتماع الشهري للشباب والذى حضره الرئيس السيسي ووجه وزير المالية بتبسيط الاقتصاد للحاضرين ولم يفلح الوزير، وفي لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب بجلسته المنعقدة يوم الثلاثاء 13/12/2016 كان تفسير معالي الوزير لمجلس النواب للقرارات الاقتصادية بكلام انشائي من أمثلة " تأجيل اتخاذ الحكومة قرار تحرير سعر الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى الآن كان سيترتب عليه توقف كامل للاقتصاد المصري وانهيار داخل قطاعاته !! وردا على سؤال النائب طلعت خليل عضو اللجنة عن الآثار الايجابية لتعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف قال الوزير : أن سوق الصرف يجب أن يكون بالبنوك والسوق الرسمية والشرعية " ماينفعش اللي يعوز دولار يقف يستنى واحد في الشارع بشنطة " !! – كمن فسر الماء بالماء – والمستغرب أكثر أن لجنة الخطة والموازنة بالمجلس تقبلت هذا الكلام الانشائي .. لك الله يامصر ..