رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إسرائيل تقترب من سيادة الشرق الأوسط

جريدة الدستور

طلقات رصاص الشرطي التركي وإن سكنت جسد السفير الروسي في أنقرة غير أن شظاياها ربما تحرق الشرق الأوسط كله بأسرع مما نتخيل.
حركة التحالفات الدولية تتسارع، مع وتيرة الصراعات العالمية على الثروات والنفوذ، وكشفت تحركات القطع البحرية ودعم وتحديث القواعد العسكرية خاصة بمنطقة الشرق الأوسط عن ماهية هذا الصراع، واقتراب الجميع من خط المواجهة العسكرية.

"مقتل السفير الروسي"
إن جريمة إغتيال السفير الروسي بأنقرة تبعها قلق عالمي شديد توقع معه بعض المحللين أن يكون لهذه الجريمة أثرها السلبي على العلاقات الروسية التركية.
غير أن الرد جاء سريعا من كلال البلدين مؤكدين على متانة العلاقات بينهما، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد أن من ارتكب هذه الجريمة أراد الإضرار بعلاقات البلدين.
ومن جانبه بادر الرئيس التركي بالتأكيد على أن الاعتداء الذي وقع على السفير الروسي هو اعتداء على تركيا، وأن بلاده تقبل بمحققين روس في هذه الجريمة.
ثم التقى وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران الثلاثاء الماضي لوضع صياغة لاتفاق بين المعارضة المسلحة والنظام السوري من شأنه إنهاء الحرب الدائرة في البلاد.
ووفق تصريحا الرئيسين الروسي والتركي، واستمرار التنسيق بينهما خاصة في الملف السوري، نجد أن البلدين يسيران نحو تحالف قوي، وأن حادث اغتيال السفير سيكون وقودًا يدفع بعجلة هذا التحالف للأمام وبقوة أكبر.

"القلق الأمريكي"
قبل أربعة أشهر أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن أملها في أن تطبيع العلاقات بين تركيا وروسيا لن يؤثر على المصالح الأمريكية بالمنطقة، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية إليزابيث ترودو تعليقا على مباحثات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في روسيا، إن واشنطن على قناعة بأن شراكتها مع أنقرة قوية.
وأشارت ترودو إلى وجود مصالح مشتركة بين روسيا وتركيا رغم الخلافات بشأن الأزمة السورية، مضيفة أنها لا تعتبر مباحثات أردوغان في روسيا "لعبة ذات مجموع صفري" وأن كلا البلدين يواجهان تنظيم "داعش" الإرهابي ويشاركان في مجموعة دعم سوريا.
ومع ذلك امتنعت الدبلوماسية الأمريكية عن التعليق على الجوانب الثنائية للمباحثات الروسية التركية في سان بطرسبورغ الثلاثاء.
من جهة أخرى أعربت ترودو عن قلقها بشأن لهجة القيادة التركية المعادية للولايات المتحدة في الفترة الأخيرة، داعية الحكومة التركية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام في تركيا إلى تبني موقف مسؤول في تصريحاتها.
وتظل أمريكا الدولة الأولى المستفيدة من مقتل السفير الروسي، وأول المتهمين باغتياله، نظرًا لرغبتها الحثيثة في عرقلة مسيرة هذا التقارب بأي ثمن.
فلماذا تخشى أمريكا تحالفًا تركيًا مع روسيا؟
إن تركيا دولة استراتيجية وهامة للغاية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، فتركيا صاحبة أكبر جيش بحلف شمال الأطلسي بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وهي حجر زاوية في فكرة الدرع الصاروخي الذي ترغب دول "ناتو" بناءه في أوروبا بغرض حصار روسيا عسكريًا، ووأد أي قدرة لها على الردع.

هذا بالإضافة إلى عدد سكان تركيا الكبير وحضور الأتراك الطاغي في العديد من بلدان أوروبا، وإن تحالف تركيا مع روسيا من شأنه أن يقلب كل حسابات أوروبا وأمريكا رأسًا على عقب، وإعطاء الروس مساحة كبيرة جدا للمناورة ومد النفوذ بمنطقة الشرق الأوسط التي هي مسرح الصراع الحقيقي.

"نبوءة كيسنجر"
هذا التقارب التركي والقلق الأمريكي، يقرب من وقوع مواجهة عسكرية كان قد تنبأ بها قبل أكثر من عام مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر بصحيفة «وول ستريت جورنال»، الصادرة يوم 16 أكتوبر 2015.
فتوقع كيسنجر وقوع مواجهة عسكرية بين أمريكا وحلفائها من جهة، وروسيا وحلفائها من جهة أخرى على أرض منطقة الشرق الأوسط، وأن هذه المواجهة سيكون من شأن نتائجها إحكام أمريكا هيمنتها على العالم، وتحقيق الكثير من الأهداف الليبرالية الغربية والعالمية، إضافة إلى دعم إسرائيل، وتمكينها من منطقة الشرق الأوسط، لتهيمن عليها لحساب صهاينة العالم، عبر تحالفها وارتباطها الوثيق بالغرب.
دلائل اقتراب المواجهة .
إن دلائل اقتراب هذه المواجهة كثيرة، وتتشابه كثيرا مع تلك التي كانت قبيل وقوع الحرب العالمية الأولى.
فالوضع السياسي العام بمنطقة الشرق الأوسط مشتعلًا بسبب السياسة التوسعية الإيرانية، والحركات الإرهابية والمتطرفة، والصراعات العرقية والطائفية والمذهبية، والسياسات الاستبدادية ونوعية معظم حكومات الدول المضطربة، والخلافات العربية العربية، والتفكك المجتمعي الموجود في العديد من دول المنطقة.
هذه التهديدات جديرة بأن تعصف بمعظم دول المنطقة وخير مثال لذلك سوريا والعراق واليمن، وتضمنت نبوءة كيسنجر طلبًا للكيان الصهيوني أن: «يقاتل العرب، بكل ما لدى إسرائيل من إمكانات.. وأن تقتل من العرب أكبر عدد ممكن.. وعندما يسير المخطط الغربي-الصهيوني على ما يرام، يصبح نصف الشرق الأوسط إسرائيليا»؟!
كما توقع كيسنجر انتصار أمريكا في هذه الحرب.. إذ يقول: «عندما ننهض من رماد الحرب (نحن الأمريكيين) سوف نبني مجتمعا جديدا، ونؤسس لنظام عالمي جديد، نكون فيه القوة العظمى الوحيدة، المتفردة بالعالم».
ولا شك أن الخلافات العربية والصراعات المذهبية والطائفية والعرقية التي تموج بها دول المنطقة وخاصة البلاد العربية من شأنها تمهيد البلاد لخطط تقسيمها وتمزيقها وتهيئتها لاستقبال سيدها الجديد.. إسرائيل.