رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الثقافة قبل الشعارات أحياناً


تكلم الكثير عن أهمية الثقافة فى صنع مستقبل أفضل لمصر، وأنها قاطرة حركة التنوير، وإذا كان البعض يعتبر ثقافة المجتمع نوعاً من الرفاهية، فلن نبالغ إذا قلنا إن الثقافة هى الحل، فالثقافة لها دورها المهم فى تشكيل السلوك الفردى، وخاصة فى عصرنا الحالى بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة، فما يحدث فى القطب الشمالى، ينتقل بعد فيمتو ثانية للقطب الجنوبى، ولذلك يجب أن تكون الثقافة كالماء والهواء لكل المصريين، فيعرف الإنسان المصرى المحتويات والأنماط الثقافية المختلفة وتعددها، والفنون الجميلة وتذوقها والعلوم الإنسانية والمظاهر العامة للعلوم الطبيعية الرياضية، والمبادئ القانونية والأخلاقية، وتقدم هذه المعارف بأساليب وطرق مختلفة، بعيداً عن الأبراج العاجية، لكى تستوعب جموع المتلقين على اختلاف مشاربهم، وبمعنى آخر أن يخاطب الناس على قدر عقولهم، خاصة بعد أن استطاع البعض القيام بهذه المهمة على خير وجه، وجرت كثير من التيارات ورياح السموم المحتلفة فى نهر الثقافة المصرية بفعل التقدم التكنولوجى وغيره، وتطهير هذا النهر من الشوائب التى القيت فيه من أولى الضروريات، حتى يصبح ماؤه زلالاً سائغاً للشاربين، ويتطلب ذلك مجهودات مكثفة، وتوجهاً للشريحة الشبابية بصفة خاصة، والتىهى دائماً بؤرة خصبة للمحرضين والمتآمرين، فالعقول الشابة متشوقة دائما للمعرفة والاطلاع على كل جديد، والإنسان المثقف لا يأخذ الأمور على علاتها، بل يمتلك ملكة النقد والتحليل، وهو قادر على الحكم الرشيد لما يواجهه من آراء ومشكلات وأفكار، وإذا لم تسارع الجهات المسئولة عن العقول فى مصر، بملء هذه العقول بالمعرفة الحقيقية لتاريخ الإنسانية وتطورها على مر العصور والتركيز على دور مصر فى الحضارة الإنسانية، فسوف يسبقنا الآخرون لحشو هذه العقول بأفكار عفا عليها الزمن تدفع الشباب للتطرف والنظر بعين واحدة. وما داعش عنا ببعيد. ولما كانت مصر بحكم وضعها الجغرافى الفريد، تواجه تيارات شديدة تأتيها من جهاتها الأصلية، ومن كل فج عميق، حتى لا تقوم لها قائمة، وتستعيد مصر دورها التاريخى بين دول العالم المتقدم، ومصر فى مفترق الطرق وفى مرحلة التغيير الحالية، وإما نكون أو لا نكون، فلابد من وضع خطة ثقافية تتواءم مع الطريق الجديد الذى سيقابلنا لنسير فيه، لكى نسهم فى رقى المجتمع مساهمة حقيقية تبعده عن القشور وتقربه من الأصول. ويقول أحد المفكرين إن الثقافة تتسم بصفة التغيير والتغيير هو قانون الوجود، ولا يقتصر التغيير على العموميات الثقافية، بل يمتد إلى الجوانب الأخرى، كالقيم والأخلاق والتقاليد والسلوك واحترام أفكار الآخرين، ومصر دون غيرها من الأمم تنفرد بتعدد الثقافات من فرعونية وقبطبة وعربية وتركية وحديثة وما بعد الحداثة، ويجب أن تحتفظ مصر بهذه الخصوصية والتفرد بين دول العالم..