رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دور مراكز الأبحاث فى مصر «1-2»


إن مؤسسات الفكر والرأى هى مؤسسات مستقلة، تم إنشاؤها بهدف إجراء الأبحاث المتصلة بالسياسة وهى تسد فراغاً فى غاية الأهمية بين العالم الأكاديمى من جهة، وعالم الحكم من جهة أخرى ومع بروز الولايات المتحدة كدولة عظمى فى العالم، ظهرت هذه المؤسسات كجزء من حركة تستهدف الاحتراف فى العمل الحكومى وكانت رسالتها المعلنة غير سياسية، فهى تهدف إلى تزويد المسئولين بالنصائح السياسية غير المنحازة ويبدو أن الربيع العربى والذى فاجأ الغرب والأنظمة العربية قد عدل قليلاً من دور الصوفية فى هذه المرحلة، فبعد أن كان الرهان على التصوف كبديل للحركات الإسلامية عند الغرب. وجد الغرب نفسه أمام أمر واقع بوصول الإسلاميين لسدة الحكم، فقرر بواقعية وعقلانية التعامل معهم وعدم تضييع الوقت بخلاف الأنظمة العربية، فتم عقد مؤتمر لمؤسسة كارنيجى فى واشنطن بتاريخ «5/ 4/ 2012» والذى جمع ممثلى الإخوان المسلمين من مصر وتونس وليبيا والأردن مع الساسة الأمريكان، وهذا لا يعنى عدم مواصلة دعم ورعاية التصوف ليكون له موضع مستقبلاً فى الساحة السياسية

عاشت مصر فى زمن التطبيع «1979-2011» مسارين متصارعين : مسار التطبيع برجاله وشركاته وسماسرته ، ومسار المقاومة للتطبيع والذى امتد من إعلام شريف مقاوم إلى ساسة ونقابات وأحزاب وصولاً إلى المقاومة المسلحة التى كان أبرز رجالها سعد إدريس حلاوة – سليمان خاطر – محمود نور الدين – أيمن حسن!! التطبيع الدينى مع العدو الصهيونى كان أبرز رجالاته شيخ الأزهر الأسبق محمد سيد طنطاوى ووكيله الزفزاف، والذين التقوا بالصهاينة داخل حرم الأزهر، وأفتوا ضد العمليات الاستشهادية وفى مقابلهم كان أغلبية العلماء والمؤسسات الدينية تقاوم وتقف حجر عثرة فى مواجهة التطبيع!!

أليس هناك فارق بين الغرب وإسرائيل فى مسألة الاحتلال العقلى هذه؟ وهنا تقدم المعلومات قديمها وحديثها فى مجال التعاون العلمى الصلة الوثيقة بين إسرائيل وأمريكا وهناك عشرات الأدلة على ذلك وطالما نحن نتحدث فى هذه الدراسة عن السنوات الأولى للتطبيع بين مصر وإسرائيل فإننا سنذكر نموذجاً لما يؤكد تلك العلاقة الوثيقة والخطر المشترك بين أمريكا وإسرائيل ها هى دراسة مهمة لـ«كولن نورمان» منشورة فى مجلة Sience الأمريكية بالعدد 215 فى 5 فبراير 1982 ص639.

إن الدور التاريخى الذى تلعبه وكالة التنمية الأمريكية منذ بداية التطبيع بين مصر وإسرائيل فى مجال الربط والدعم المادى بين علماء مصر وإسرائيل فى مجال الزراعة والبحث العلمى بـ 15 مليون دولار من خلال ثالثة مشاريع كبرى. والطريف فى الأمر أن الدكتور يوسف والى كان هو المسئول عن الطرف المصرى فى الاتفاق وكان وقتها أستاذاً بكلية الزراعة جامعة القاهرة ومستشاراً لوزير الزراعة ، ثم أضحى بعدها - بعد أن تم اختبار ولائه وصداقته للأمريكيين والصهاينة - وزيراً للزراعة لأكثر من عشرين عاماً تم فيها تخريب الزراعة واختراقها بالأسمدة والمبيدات الإسرائيلية والعلاقات الدافئة مع الكيان الصهيوني. وكان يعد أكبر مسئول سياسى مصرى قام بعقد اتفاقات تطبيعية فى قطاع الزراعة مع العدو الصهيونى خلال فترة حكم حسنى مبارك ، وإذا كان نشاط “المركز الثقافى البريطاني” فى بلادنا مكشوفاً مثل نار على علم، فإن معهد شملان الذى كان يمارس دوراً سرياً رهيباً فى تعبئة وتثقيف الناس، وإعادة قولبة عقولهم تحت لافتة العلم والمعرفة لا يقل عن ذلك إن لم يكن أكثر، فهو الذى خرّج الآلاف من العرب والأجانب منذ تأسيسه وحتى إغلاق أبوابه فى أواخر التسعينيات،