رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" داخل أول مركز أبحاث لأمراض القلب في "أسوان".. بناء قاعدة بيانات جينية لمرضى القلب..مجدي يعقوب: نحلم باختفاء عمليات "فتح الصدور" بالعلاج الآمن.. والمركز بوابة مصر للقارة الأفريقية

جريدة الدستور

"بالبحث العلمي سنقضي على مشاكل أمراض القلب".. بتلك العبارة بدأ جراح القلب العالمي مجدي يعقوب حديثه، مؤكدا أن مصر بها حوالي 200 ألف مريض في حاجة ماسة إلى تدخل جراحي لإنقاذ قلوبهم، وأنه من 20 إلى 25 ألف طفل يولدون مصابون بأمراض في القلب سنويا، مبينًا أنه يحلم باليوم الذي يتمكن فيه العلم الحديث والأبحاث العلمية المتقدمة من إنهاء عمليات "فتح الصدور" بالعلاج الآمن الحديث.

جاء ذلك خلال افتتاح أول مركز متخصص في أبحاث القلب بمؤسسة مجدي يعقوب للقلب بأسوان، ومبنى العيادات الخارجية الجديد، ومركز للأبحاث يُعد طفرة كبيرة تخدم علاج مرضى القلب، من خلال مجموعة من الأبحاث العلمية الحديثة، يعدها كوكبة من الأطباء والباحثين العالميين في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية، بهدف رفع نسب النجاح لعمليات وجراحات القلب داخل مركز مجدي يعقوب بأسوان.

وأوضح الدكتور يعقوب أن المركز يضم مبنى العيادات الخارجية المقام على مساحة 5 آلاف متر مربع، ويحتوي على 4 طوابق، و20 سريرا جديدا، كما تم تدعيم الموقع الجديد بـ 9 وحدات رعاية مركزة، واستقبال حالات قسطرة تشخيصية وجراحة، مشيرا إلى أن المركز القديم والجديد يضم 570 عاملًا من بينهم 210 من طاقم التمريض، و150 طبيبا، ومجموعة بحثية.

في البداية أكدت الدكتورة ياسمين عجيب أستاذة العلوم الطبيعية ورئيس قسم علوم الحياة، أن الهدف من مركز الأبحاث وعلى الأخص قسم الجينات محاولة فهم جميع العوامل الوراثية التي تؤدي إلى إصابة المصريين بأمراض القلب المختلفة، من خلال فهم الخلية المصابة، مبينة أن الهدف الأكبر أن يكون لكل مريض قاعدة بيانات ضخمة بكل الخلايا المصابة، وكل أشكال الخلل والعوامل المسببة للمرض، لتطوير عملية العلاج وتحسين الأداء الطبي داخل غرف العمليات.

وقالت الدكتورة ياسمين، إن مركز الأبحاث يسير وفق استراتيجية بحثية تحترم مبدأ الأخلاقيات الطبية، وان تلك الاستراتيجية تعتمد علي طريقة تواصل مبسطة بين الأطباء المُعالجين، والباحثين داخل المركز، علي أن يوافق المريض بإجراء ذلك البحث الجيني علي خلاياه، موضحة أن الهدف من نتيجة الأبحاث علي الجينة تصل الي الطبيب قبل إجراء أي تدخل علاجي وقادرة علي تسهيل العمل علية.

أما عن عدد الباحثين فأكدت "عجيب" أن الباحثين وصل عددهم إلى 18 باحث مُقيم مرشح للزيادة خلال الفترة القادمة، بالإضافة إلى الباحثين العاملين من جامعات وأكاديميات ومستشفيات خارجية، موضحة أن هناك 3 معامل بحثية مجهزة على أعلى مستوى عالمي، مشيرة إلى أن أغلب الأجهزة البحثية تم تمويلها بتبرعات من بعض المؤسسات وعلى رأسها مؤسسة البنك الدولي الذي تبرع بحوالي 15 مليون جنيه، بالإضافة إلى 10 ملايين جنيه من الحكومة المصرية.

مني علوبة المتخصصة في علوم الجينات في مختبر بيولوجيا الخلية والمرشحة للدكتوراه الجيل الثاني من التسلسل الجيني وتحليل المؤشرات الحيوية، أكدت أن مؤسسة مجدي يعقوب ركزت على علوم الجينوم باعتبارها علوم مستقبلية يمكنها خدمة العلاجات الحديثة لمرضي القلب في مصر، مبينة أهمية تلك الدراسات في جمع معلومات أكثر عن المريض ليس من الناجية فقط ولكن من الناحية العلمية.

وقالت علوبة إنه ليست كل أمراض القلب وراثية الطابع، وان كانت منطقة الصعيد علي مستوي العالم من أكبر المناطق المُصابة بأمراض القلب نتيجة للإصابة بالحمى الروماتيزمية، وأنه لهذا السبب اختار "يعقوب" أسوان لتصبح مقراً لمركز القلب وأبحاثه، مشيرة الي أن تخصص علوم الجينوم يمكنه أن يفحص DNA لكل مريض، وعمل ما يسمي بحافظة للصفات الوراثية للعائلة، لمعرفة تطور المرض وتنقله الوراثي، خاصة وأن مصر بشكل عام تتفشي فيها ظاهرة زواج الأقارب.

أما آلاء عفيفي المتخصصة في علوم الجينات وتحليل المعلومات البيانات المؤشرات الحيوية وتأكيد صحة البيانات، فتقول أن أبحاثها لها علاقة بجينات مرضي القلب للشعب المصري، خاصة وأن جينات الشعب المصري تختلف عن أي جينات لشعب أخر، مبينة أنها تسعي وفريق علوم الجينات لمسابقة الزمن لمنافسة الأبحاث العالمية، وأن كانت تري أن الباحثين المصريين يصلون الي نفس القدرة العلمية للباحثين الغربيين، وفي بعض الأحيان يتفوقون عليهم.

وأوضحت عفيفي أن أبحاثها تسعي للحصول علي خلية DNA من المرضي والوصول بها إلي أن تصبح خلية قلب متكاملة لدراستها وقراءة بياناتها والتسلسل المرضي لها، مشيرة إلي أنها تقوم بتلك الأبحاث داخل مصر وخارجها بجامعة "امبيريال كوليدج" بلندن، كواحدة من أهم الجامعات التي بها فرق متخصصة لأبحاث مرضي القلب.

في حين تري سارة حلاوة والمتخصصة في علوم تكنولوجيا الأحياء، والحاصلة على الماجستير في هندسة الاتصالات من الجامعة الأمريكية، والتي تعمل تحت إشراف مؤسسة مجدي يعقوب بالتعاون مع الجامعة الأمريكية، أن أبحاثها في مجال علوم "البايوانفورمتيكس" تفيد أطباء وجراحي مرضي القلب، من خلال تحليل جميع البيانات والمعلومات التي يمكن أن تواجههم أثناء فترة العلاج، مبينة أن تلك النوعية من العلوم قادرة علي تحليل الجينات المسببة للمرض، بل والتنبؤ بما يمكن أن تفعله، ما يعني أن تلك الأبحاث يمكن أن تقدم للطبيب تقدير موقف للحالة المرضية التي يعالجونها.

وأشارت حلاوة إلي أن الهدف من أبحاثها عمل ما يشبه شبكة جينات للمريض، أو ما يشبه بقاعدة بيانات جينية لمرضي القلب، كما يمكن أن يساهم في تقديم تقرير وافي عن الحالة المرضية للمصاب، لافتة في الوقت نفسه الي أن قاعدة البيانات المرضية تُعد أهم مصدر معلوماتي للطبيب والجراح المعالج لمرضي القلب.

أما المهندس محمد دنيا الباحث في قسم الهندسة الطبية بمركز مجدي يعقوب، أشار إلي أن تخصص الهندسة للأبحاث الطبية يختلف كثيرا عن تكنولوجيا تصنيع الأجهزة الطبية، وأنه يضم علوم جديدة تختص بتدفق السوائل وعلوم تحليل الهندسي للقوي، والعمليات الحسابية.

وقال أن الهندسة الطبية مجال يتقاطع به عدد من الدوائر العلمية، ويفيد الكثير من المجالات الصحية وغير صحية، وأن قطاعات مثل صناعات السيارات والبترول تحتاج الي هذا النوع من الهندسة التحليلية، وحجم تدفق السوائل، مشيرا الي أن تلك التحاليل الهندسية يمكنها أن تحدد مسارات الدم داخل الأوردة والشرايين، ودراسة الحقيقية العلمية لعمليات الارتجاع وترسب الدم.

دينا يحيي الباحثة في علوم البايوتكنولوجي وتدرس حالياً الخلايا السرطانية والأسباب الجينية التي تؤدي بالخلية للاعتلال وتكوين سرطانات، وتعمل ضمن فريق علوم الحياة، لفهم طبيعة الخلايا وعلاقة الهندسة الوراثية بالتسلسل المرضي ومدي تطوره داخل الخلية، مبينة أنها تشترك في أبحاث هدفها فهم العوامل الوراثية التي تؤدى إلى أمراض القلب عند المصريين.

وقالت دينا انه من خلال تحليل جينات الأطفال المرضى بالقلب سنتمكن من الوصول للأصل الوراثي للمرض عند المصريين، للتفريق بين الفروق الصغيرة الوراثية بين مريض وآخر وصنع دواء ملائم للمصريين دون غيرهم.

في حين يري الدكتور إسلام عبد الرحمن المختص في دراسة سلوك الخلايا الجذعية، أهمية تلك الأبحاث في معرفة سلوك خلايا القلب المرضية، والتي يحصل عليها عقب الجراحة، مبينا أنه يحصل علي نوع محدد من الخلايا يُسمي "فاي برو بلاست" ويتم تحويلها الي ما يسمي بـ"IBS" عن طريق بعض الخطوات لدراسة نوع الخلايا الجذعية، تمهيداً لحويلها الي العضو المراد زراعته، فيتم تحويلها الي خلايا قلب، وقبل تلك العملية يمكن أن نفهم طبية المرض وتطوره.

وأوضح عبد الرحمن أن أبحاثة لها علاقة بدراسة البروتين الخاص بالخلية، ما يخدم الدراسات الخاصة بإصلاح عيوب الجينات في مرحلة ما قبل تكوين كود بناء البروتينات، مشيرا الي أن تلك النوعية البحثية تفوق ما تقوم به كبري الجامعات العالمية والبريطانية تحديداً، وان تلك الأبحاث أفادت الكثير من الجراحات داغل غرف العمليات.

أما الدكتور فيصل محمد الباحث في علوم العلوم الكيميائية في مختبر التقنيات المتنوعة، فيؤكد علي أن ما يقوم به من أبحاث يساعد في فهم أفضل للمرض وتطوير طرق علاجية أفضل، مبينا أن تلك الأبحاث تقوم باستخلاص الجينات لتحديد طبيعة المرض وسلوك الخلية، لدراسة الأسباب التي أدت الي الإصابة بالمرض.

وأشار فيصل أن تلك الأبحاث تهتم بالعوامل الوراثية للمرضي المصريين، وجميع الصفات والوظائف الخاصة بالمرضي، وعلي الأخص وظائف القلب وظائف الخلايا، موضحاً وجود تغيرات طبيعية وجينية بين الشخص المريض والشخص السليم، وأن تلك الأبحاث تساهم في معرفة تلك التغيرات لمحاولة علاجها في المستقبل.