كثر اللت والعجن.. واختفى الطحن
وتحولت مصر من دولة مصدرة للقمح إلى دولة مستوردة له، بفعل بعض السياسات الخاطئة وأصبحت مصر الدولة الأولى فى استيراد القمح على مستوى العالم، فهو من أهم المحاصل الاستراتيجية الغذائية فى العالم، و زرع الفلاح الكانتلوب والفراولة والبرسيم الذى كان من المفروض استخدامه كعلف للماشية وللأسف تم تصديره، وأكلت الماشية القمامة وأوراق الشجر، كمااستخدمت الهرومانات لتثمينها. وفى عام 1989 استطاع بعض علماء مصر بقيادة الدكتور أحمد مستجير، العالم الشهير وأستاذ الوراثة بكلية الزراعة جامعة القاهرة، ونتيجة لعمل شاق فى المعامل استغرق حوالى 15 سنة تم إنتاج بعض سلالات القمح التى تتحمل ملوحة البحر والجفاف والتغيرات المناخية والبيئية، وتوفر هذه الطريقة ملايين الأمتار المكعبة من المياه، وكالعادة دفنت هذه الأبحاث فى الأدراج، وتعددت الأسباب فى تفاقم هذه المشكلة منها أسباب عالمية وأخرى محلية، اذ تضاعفت أسعار القمح من عام لعام وانخفض المخزون والإنتاج العالمى نتيجة بعض التغيرات المناخية وغيرها، وتلتهم العصافير وحدها حوالى 15% ونتيجة لسوء التخزين فى الشون الترابية علاوة على الجهل الإدارى والنقل الذى يهدر أكثر من 40%، كما انخفضت المساحة المزروعة من ست ملايين فدان إلى 4٫5 مليون فدان بسبب البناء العشوائى على الأراضى الزراعية دون رقابة، ناهيك عن مشاكل الفلاحين، فندرت الإرشادات الفنية وقلت القروض منخفضة الفائدة التى تمنح للفلاح نتيجة توريد القمح للحكومة، علاوة على عدم استخدام الميكنة الزراعية.
ويذكر أحد الخبراء الزراعيين أن عدم الإعلان المبكر عن سعر استلام القمح لتشجيع الفلاحين على زراعته وتأخر استلام المحصول عدة شهور وانخفاض سعر توريد المحصول عن أسعار القطاع الخاص، كل هذا أدى إلى خلق سوق سوداء، بالإضافة إلى عديد من التعقيدات لموقف بعض مسئولى شون بنك الائتمان الزراعى والمطاحن فى استلام القمح من الفلاحين. وأعتقد أن جميع مشاكل مصر فى حاجة لدراسة علمية عميقة وحقيقية لأرض الواقع.
■ عضو اتحاد المؤرخين العرب