رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"دماء على طريق الفكر ".. الشيخ الذهبي أول ضحايا صراع الآراء.. ومناظرة الشريعة القشة التي قضت على فرج فودة.. وناهض حتر آخر المنضمين

فودة و الذهبي و محفوظ
فودة و الذهبي و محفوظ

ادعوا صلتهم بالإسلام شكلًا وهو منهم براء، فاتخذوه طريقًا لسفك الدماء، بعد أن غلبتهم الظنون، وتمكنت منهم الهواجس بأن ما يفعلونه الهدف منه نصرة الدين، لكن في نهاية المطاف يرحلون، ويجد الإسلام نفسه بات عرضة للطعن والقذف نتيجة تلك الأفعال الشيطانية.

ورغم أن الثابت في الشريعة الإسلامية، بأن الكلمة تواجه بالكلمة، والرأي يجابه بالرأي، والحجة تقارعها الحجة، لكنهم اختاروًا تضييق الطريق علي أنفسهم بالمضي قدما في طريق الاغتيالات وتصفية المختلفين معهم كنوع من الجهاد والقربي إلى الله.

ولا يختلف كثيرون على وجود العديد من الكتاب والمفكرين، اختاروا دغدغة المشاعر علي طريق العزف علي وتر إثارة الجدل، عبر التشكيك في الثوابت الدينية والطعن في الرموز الدينية، فإنه في النهاية تبقي إراقة الدماء أمرا مرفوضا شكلًا ومضمونًا.

من جديد عادت ظاهرة اغتيال الكتاب والمفكرين للظهور، عبر جسد الكاتب الأردني "ناهض حتر"، والذي لقه مصرعه على خلفية نشره رسومًا تسىء إلى الذات الإلهية، وهو ما جعله صيدًا ثمينًا مطلوبا للاغتيال.

وباغتيال "ناهض حتر" ينضم الكاتب الأردني إلي سلسلة طويلة من الكتاب ممن لقوا مصرعهم نتيجة الصراع الفكري والمذهبي ومن أشهرهم.

الشيخ " محمد حسين الذهبي"

يعد الشيخ محمد حسين الذهبي من الأوائل الذين أرقيت دماؤهم تحت ستار دعاوي التكفير، والتي تدور في فلك ظاهره الرحمة وباطنه العذاب.

شغل الشيخ الذهبي منصب وزير الأوقاف في منتصف السبعينات من القرن الماضي، في حقبة تعد بمثابة بداية الانطلاق الحقيقي لجماعات التكفير والدم، الناجون من مقصلة الستينات، والذين تمكنوا من إعادة ترتيب صفوفهم من جديد، عقب إطلاق الرئيس السادات لسراحهم، فكان الناتج ظهور جماعة التكفير والهجرة بزعامة شكري مصطفي، والتي تمادت في الضلال، بإعلانها تكفير المجتمع، بحجة عدم تطبيق الشريعة، وبأن صلاة الجماعة لا تجوز لجماعة المسلمين الحالية، ولاقت دعوتها رواجًا كبيرًا، وهو ما دفع الشيخ "الذهبي" للرد علي أفكارها من خلال كتابه " قبسات من هدي الإسلام"، مفندًا بالحجة والبرهان أكاذيب تلك الجماعات، معتبرًا أفكارها بمثابة سموم تستهدف تخريب عقل وحياة الشباب المسلم، مطالبًا الدولة بالتصدي لهم بكل حزم.

جماعة التكفير والهجرة اعتبرت نقد الشيخ "الذهبي" لمذهبهم، بمثابة الرخصة التي تبيح قتله بأبخس الأثمان.

تمكنت جماعة التكفير والهجرة من وضع خطة نفذتها بعض العناصر المنتمية لها، تمثلت في مهاجمة منزله بضاحية حلوان بجنوب القاهرة، ثم الإدعاء بأنهم عناصر تنتمي لجهاز أمن الدولة، قبل أن تكتشف أحد بنات الإمام الراحل زيفهم، وهو ما تبعه قيامهم بتنفيذ موجة شرسة من الانتهاكات بحق أفراد أسرته من خلال الإعتداء علي أبنائه الذكور، وإشهار الأسلحة في وجه بناته، ثم خطف الشيخ الذهبي في أحد السيارات الموجودة بحوزتهم.

وعقب الهروب بالشيخ "الذهبي" بدأت مرحلة من المساومات بينهم وبين الدولة، عبر طلبهم الإفراج عن معتقليهم، ونشر اعتذار رسمي لهم في الصحف القومية، ودفع تعويض تقدر قيمته بمبلغ 150 ألف جنيه نظير ما لحق بهم من أضرار وغيرها من المطالب، وهو ما رفضته الدولة، لتنتقم الجماعة بإغتيال "الذهبي" في جريمة بشعة هزت بر مصر آنذاك.

نجيب محفوظ

الكاتب والأديب نجيب محفوظ لم يسلم هو الآخر من طعنات التكفير، فمثلما منحته رواية أولاد حارتنا جائزة نوبل وفتحت الطريق أمامه نحو العالمية، كادت أن تمنحه صك الوفاة، لكن العناية الإلهية تدخلت لإنقاذه، وذلك في أعقاب تعرضه لعملية طعن، أقدم علي تنفيذها شاب يدعي "محمد ناجي"، والذي أكد أن الدافع وراء محاولة اقدامه علي اغتيال "محفوظ"،عائد إلى تلك الفتاوي التي صدرت بحقه والتي تصنف كأحد الكفار المرتدين عن الدين، مستشهدًا بفتوى الأب الروحي للجماعة الإسلامية عمر عبد الرحمن.

فرج فودة

واحد من أكثر الكتاب، الذين غاصوا في أعماق العلاقة بين الدين والسياسة والدولة بشكل عام، خاض في ذلك معارك شتي، فتحت عليه نيران العديد من الجهات والجبهات في آن واحد، أبرزها وقوف الشيخ جاد الحق علي جاد الحق في وجه أفكاره الند بالند.

وتعد القشة التي قسمت ظهر "فودة" هي مناظرته الشهيرة مع الدكتور محمد عمارة والدكتور محمد سليم العوا، والتي دار معظمها حول آليات تطبيق الشريعة، والتي كانت أحد الأسباب، التي عدتها جبهة علماء الأزهر سببًا كافيًا لتكفير فرج فودة ومعاملته كمرتد، لتأتي الجماعة الإسلامية من بعدها وتسطر المشهد الأخير في حياته، وذلك باغتياله على أيدي بعض الشباب المنتمي إليها.