رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحكومة.. وفضيلة الإمام وبابا الفاتيكان


فى حديثه لرؤساء تحرير الصحف القومية خلال لقائه بهم فى الأسبوع الماضى، أشاد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بالمهندس شريف إسماعيل كواحدٍ من أفضل رؤساء الحكومة فى مصر، وهى إشادةٌ أراها فى محلها مهما تباينت الآراء فى كيفية ومستوى الأداء الحكومى، فهو وحكومته لم يدخروا جهداً فى هذه المرحلة الصعبة التى توارى فيها الكثيرون عن تحمل تلك المسئولية من هذا المنطلق يأتى حديثى اليوم للسيد رئيس الحكومة، وهو حديثٌ ليس انتقاداً لأداء ولكنه عرضٌ لوجهة نظرٍ فى بعض الأمور المتصلة بالمسار السياسى للدولة المصرية وما يجب الانتباه إليه فى هذا المسار حتى وإن بدا هيّناً أو بسيطاً، فاعتقادى أن المسئولية الوطنية تفرض على المهتمين بالشأن العام الاجتهاد وطرح أفكارهم ورؤيتهم فى شتى المجالات دعماً للحكومة والقيادة السياسية اللتين يبقى لهما اختيار ما يساعد فى تحقيق الأهداف القومية.

فى هذا الإطار والتزاماً بمساحة النشر سوف أعرِضُ لموضوعين اثنين فقط، الأول يتعلق بهيبة الحكومة وقدرة أعضائها على بث وترسيخ الاحترام الواجب لهم فى الوجدان الشعبى بحسبان ذلك ركيزة رئيسية من ركائز نجاح الحكومة وقدرتها على تحقيق الأهداف القومية وضبط ايقاع العمل العام وترويج صورة الدولة القوية فى المحيط الخارجى، وهو أمرٌ يستلزم توافر الحس السياسى المحترف والشخصية القوية المحنكة لدى كل وزراء الحكومة - فضلاً عن مسوغات المنصب الأُخرى - حتى يحسنوا مفردات وشكل أحاديثهم وتصريحاتهم وكيفية وتوقيت الإدلاء بها وانتقاء وسيلة النقل عنهم للجمهور. وفى هذا السياق فإننى أستاء كثيراً حينما أرى مسئولاً فى حوارٍ مع وسيلةٍ إعلامية وكأنه تلميذٌ مرتجف يجيب برهبةٍ وتلعثم على أسئلة الامتحان، أو حينما يَرِدُ ذكرُ أىٍ من المسئولين فى الفقرات الإخبارية باسمه مجرداً من أى لقبٍ من ألقاب التوقير والاحترام مع أن شرائعنا الدينية أوجبت أداباً لمخاطبة الحكام والدخول عليهم. كما أنه من مقومات الهيبة الواجبة للحكومة أن تبادر بالرد المباشر على كل ما يمكن أن ينال من سمعة أعضائها أو يشكك فى قدرتهم وأدائهم، وكمثالٍ على ذلك تلك القصة التى تناولها الإعلام بغرابةٍ شديدة تحت عنوان «معركة المحافظ مع الوزير» حتى تم تصويرها على أنها صراعٌ بين من يحارب الفساد ومن يتستر عليه، وهى أبعد ما تكون عن هذا التوصيف الخاطئ ولكن الرأى العام لم يجد من يشرح له بوضوحٍ ومصداقية.

أما الموضوع الثانى فى حديثى اليوم فهو يتعلق بالحرب الضروس التى تخوضها مصر وبعض الدول العربية الأُخرى تحت شعار الحرب ضد الإرهاب، وهى فى حقيقتها حربٌ ضد دولٍ كبرى نخوضها دفاعاً عن الوجود وليست مجردَ حربٍ ضد عصاباتٍ مارقة أو جماعاتٍ متطرفة وإلّا لكان الأمر قد انتهى فى غضون شهورٍ قليلة. ومن المثير للدهشة أن الحكومة رغم ادراكها لهذهالحقيقة وما لديها من الأدلة والمعلومات الأمنية التى تؤكدها فإن خطابها السياسى لم يحدد بوضوح رؤية وموقف الدولة المصرية تجاه الصراعات الإقليمية الجارية، كما تلاشى خطابها السياسى الداخلى الذى يوضح للشعب حقيقة وأبعاد تلك الحرب المقدسة التى تخوضها مصر، حتى صار الاعتقاد السائد لدى الغالبية من الشعب أنها حربٌ ضد جماعةٍ بعينها لاعتناقها أفكاراً متطرفة وأن جرائمها الإرهابية هى فقط نتيجة ذلك الفكر المتطرف، وهذا فيما أرى اختزالٌ معيب للموضوع يمكن أن تترتب عليه آثارٌ مستقبلية سيئة للغاية. ويحضرنى فى هذا السياق حديثان لرمزى الإسلام والمسيحية، الأول كان لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف خلال زيارته لإندونيسيا يوم 23/2/2016، حيث أوضح أن الحرب فى سوريا واليمن ليست حرباً بين السنة والشيعة فهم أخوة ولا عداء بينهما، ولكنها حربٌ تؤججها دولٌ عظمى وينزلق فيها المضلَلون. ثم كان حديث البابا فرنسيس بابا الفاتيكان يوم 31/7/2016، حيث قال إن العالم يشهد حروباً إرهابية وأعمالَ عنفٍ ولكنها ليست بدوافع دينية. إن هذه الكلمات الدقيقة الواعية تُعد شهادة حقٍ تعضد ما لدى الحكومة من معلومات وتحتم عليها منهجاً آخر فى خطابها السياسى على هذا المحور.. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.

■ كاتب