رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الانقلاب الفاشل في «أنقرة» يعمق الخلافات مع «واشنطن».. «جولن» محور الصراع.. ونتيجة الانتخابات لن تمس العلاقات

جريدة الدستور

عمقت محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا، الخلافات بين أنقرة والولايات المتحدة الأمريكية، وخصوصًا بعد أن سعت إلى انتقاد السلطات التركية والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بسبب الإجراءات المشددة التي اُتخذت بعد فشل المحاولة الانقلابية، واستمرار حملة الاعتقالات والفصل التي طالت عشرات الآلاف في مختلف دوائر الدولة المدنية والعسكرية، ما أثار غضب واستياء السلطات التركية، التي دافعت عن إجراءاتها واتهمت الولايات المتحدة بالوقوف مع الانقلابيين ومساعدتهم.

وشهد تاريخ العلاقات الأمريكية التركية خلافات دبلوماسية عديدة خلال العقود الأخيرة، وكان الخلاف الأخير حول «فتح الله جولن» الذي تعتبره تركيا العقل المدبر لمحاولة الانقلاب، حيث تعد عدم موافقة «واشنطن» على طلب تسليمه يمكن أن يسهم بزيادة التوتر الحالي، وقد يدفع الرئيس التركي إلى اتخاذ قرارات وإجراءات جديدة، ربما تكون لها تأثيرات سلبية على العلاقة الدبلوماسية بين أنقرة وواشنطن.

كما اتهم الرئيس التركي أمريكا بدعم الإرهاب والوقوف بجانب الانقلابات، وقال إن "نص محاولة الانقلاب الفاشلة كُتب في الخارج"، وأن المدارس المستقلة في الولايات المتحدة هي المصدر الرئيسي للدخل لشبكة جولن المقيم في الولايات المتحدة».

ويرى الكاتب والباحث السوري «عمر كوش»، أن مستقبل العلاقات بين البلدين مرهون بموقع تركيا الإستراتيجي وثقلها في المنطقة، بما فيه موقعها الجغرافي، وامتلاكها حدودًا طويلة مع كل من العراق وسوريا، الأمر الذي يزيد من حاجة الولايات المتحدة لها، ومن ضرورة تخفيف التوتر معها، وذلك في حال فوز أي من المرشحين للرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب أو هيلاري كلينتون.

وقال «ترامب» في حوار له مع صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، عقب محاولة الانقلاب الذي تعرضت له حكومة الرئيس رجب طيب أرودغان: «إن الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا مفبرك.. ولكني أثمن قدرة أردوغان على دحر تلك المحاولة».

وتابع ترامب: «أعتقد أنه بوسع تركيا فعل الكثير ضد داعش، وإذا ما حدث وتعاملت مع الأتراك، فسيفعلون الكثير بخصوص تنظيم داعش الإرهابي، لافتًا إلى أنه في حال انتخابه رئيسًا فلن يمارس أي ضغوط على أي دولة حليفة توصف بأنها ذات نظام استبدادي لحثها على وقف ما يعتبره البعض قمعا للمعارضين السياسيين أو كبت الحريات المدنية، مضيفًا أن بلاده حال أصبحت تحت رئاسته فلن تهب بالضرورة لنجدة حلفاء الناتو، مشيراً إلى أن قرار التدخل ونجدة الحلفاء سيسبقه أولاً تقييم لمدى إسهامات تلك الدولة المستغيثة في الحلف العسكري لدول شمال الأطلسي.

وقال الدكتور صلاح لبيب، الباحث المتخصص في الشئون التركية، إنه من المتوقع «عدم حدوث تغيير حاد في العلاقات بين تركيا و الولايات المتحدة الأمريكية، بالفترة القادمة وفي حين فوز أي من المرشحين ترامب أو كلينتون، ستظل أمريكا على سياساتها تجاه تركيا، ولكن ربما يحدث تغير في الأسلوب المتعامل بيه بين الطرفين أو في أحد الملفات المستخدمة بينهم».

وأضاف لبيب أن العلاقات بين تركيا وأمريكا مرتبطة بـ«الناتو» أكثر منها علاقات مشتركة، نظرًا لأن تركيا عضو في حلف الشمال الأطلسي، ولذا لن تتغير الإستراتيجية السياسية الأمريكية، مشيرًا لاحتمالية حدوث خلافات في عدد من القضايا الفرعية، ولكن من المتوقع عدم وجود خلافات إستراتيجية.

وقال الدكتور، كرم سعيد، الباحث في الشؤون التركية بالمركز الإقليمي، إنه في حال فوز «كلينتون» فإن العلاقات بين الولايات المتحدة و تركيا، ستظل في السياق الطبيعي كما هي عليه الآن، حيث إن أمريكا لا يمكنها التخلي عن تركيا، علي الرغم من الخلافات بينهم، مؤكدًا أن «واشنطن أدت قدر من المرونة في علاقتها بتركيا بالفترة الأخيرة، كما أن هناك حديث ما وراء الستار حول تسليم جولن».

وأضاف سعيد أنه في حال فوز كلينتون «قد يكون هناك قدر من المراوحة والشد في العلاقات، ولكن لن يكون هناك قطيعة نهائية، على النقيض في حال فوز ترامب ستتأثر العلاقات الإسلامية جميعها في أمريكا وضمنها العلاقات التركية»، مشيرًا إلى أن ترامب لديه العديد من العداءات تجاه الإسلام والشعوب الإسلامية، وبالتالي فإن مسار العلاقات سيكون في وضع «مختل» ومتذبذب مع العديد من الدول وليست تركيا وحدها.