رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حلب الشهباء.. تحت معاول الأعداء


أكتب هذه الكلمات مصحوبة بسيل من الدموع على «حلب» ذات الكمال الكامل التى تتعرض للاندثار والاختفاء بتخطيط أعداء الحضارة وأغبياء الحروب، مدينة أوتيت من كل شىء ولها آثار رائعة، وتمتلك من الكنوز الحضارية والأثرية المتنوعة والفريدة، وتنوعت التضاريس بها، فهى تجمع بين الهضاب والسهول والجبال، بالإضافة إلى الغابات والأراضى الزراعية الخصبة، هذه المدينة تعانى الفقد الغالى الذى لا يعوض، فكلهم أعداء للمدينة سواء المهاجم أو المدافع أو المتآمر، فهى غنية بالآثار الفريدة والمواقع الأثرية، وقد صمدت هذه الكنوز طوال القرون الماضية، أمام المخربين فالله وحده يعلم مصيرها اليوم، مدينة مانعة جامعة، مانعة لأنه لا يضاهيها مدينة أخرى من حيث الأصالة التاريخية والأثرية والبيئية، وجامعة لأنها تجمع تراثالحضارات التى عاصرتها البشرية ما قبل التاريخ وما بعده، وتركت كل حضارة من هذه الحضارات بصمتها الواضحة، فبجانب قلعة حلب التى بناها الإسكندر المقدونى، وتعد من أكبر قلاع العالم، نجد أثراً إسلامياً عظيماً وهو الجامع الأموى الكبير، وشهدت المدينة، حضارة الأكاديين، والبابليين والآراميين، والحيثيين، والسومريين والأغريق والرومان، والبيزنطيين وأخيراً العرب والمسلمون، وأخطر نتائج هذه الحرب الغبية، هو محو التاريخ فى أعظم بلاد الشرق، بعد انهيار وتصدع آثار لا يمكن تعويضها فقد تضررت قلعة حلب، وتم القضاء على سوق المدينة القديمة، فهى أكبر المدن وأهمها وأعظمها فى سوريا، وعاصمة محافظة حلب أكبر محافظات سوريا، من حيث عدد السكان إذ يبلغ عدد سكانها حوالى ٤٫٥ مليون نسمة، وتقع فى شمال سوريا، وبجانب أنها حافلة بالآثار النادرة والمزارات الأثرية، فبها صناعات تصل إلى أكثر من أربع وعشرين صناعة فبجانب الصناعات القديمة التقليدية كصناعة النسيج والصابون، يوجد بها الصناعات الحديثة والمتطورة مثل صناعات البرمجياتوقطع الحاسب الآلى، ولا نبالغ إذا قلنا إنها جوهرة بلاد المشرق. لقد فقدت حلب الكثير من جمالها وآثارها وإمكانياتها المادية وخاصة فى السياحة، فكان يزور معالمها السياحة الرائعة أفواج من سياح كل الدول الأوروبية، مثل إيطاليا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإنجلترا وغيرها من دول العالم. وتوقف كل هذا، فالغارات الكثيفة بين والجيش السورى وتنظيم «داعش» و«الجيش الحر» مستمرة فى التدمير، ودمرت المستشفيات والمساجد الأثرية، وتحول القتال للأحياء والشوارع، وحبكت القوى العظمى الدور،فتدخلت القوات الروسية والأمريكية بأحدث الأسلحة كأن داعش العظمى أقوى من الكل.

وأظن أن انتهاء القتال الشرس فى حلب يمثل النقطة الفاصلة فى هذه الحرب الخبيثة بين الأغبياء والمتآمرين، ونهايتها ستؤثر على كل المناطق الأخرى فى سوريا، بل قد يمتد للدول المجاورة، كالعراق وغيرها، ولكن هل الشرق والغرب يريد ذلك؟

 عضو اتحاد المؤرخين العرب