رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيادة الرئيس.. هل سمعتنا؟!


أعيد نشر هذا المقال لحرصى الشديد على هذا البلد ورئيسه وشعبه الأبى..نجح أعداء الاستقرار بشكل ملفت فى اتساع الهوة بين النظام ومعظم الإعلاميين والصحفيين !! ..عن نفسى لا أنكر أن هناك من لا يستحق أن يُطلق عليه لقب إعلامى أو صحفى لأسباب لم تعد خافية على أحد..كما أعترف أيضاً بأن هناك قلة تعمل وفق أجندة خارجية وداخلية ضد مصالح البلاد والعباد..لكن على الطرف الآخر هناك مخلصون فى هذا المجال وهم كُثر..مثل هؤلاء حينما يكتبون أو يذيعون فساداً هنا أوهناك.. فهم لا يريدون إلا الإصلاح ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً فمثلاً لجنة تقصى حقائق القمح بالبرلمان كشفت منذ أيام أن لديها مستندات تُدين جميع المسئولين عن هذا الملف..مستندة فى ذلك إلى تقارير سرية للرقابة المالية التى «فضحت» الشركة العامة للصوامع التابعة لوزارة التموين..ورغم ذلك لم نسمع أو نقرأ عن أى إجراء تم اتخاذه تجاه الوزير وحاشيته..الوزير يدعى من وقت لآخر أن وزارته والشركات العاملة معها أبرياء من ظلم المواطن..وأنا أؤكد-عن تجربة شخصية-أن الوزارة تتستر على جرائم كثيرة بالاتفاق مع شركة سمارت بحق «الغلابة»..أقول ذلك من واقع تجربة حية قابلت فيها وكيل أول الوزارة وكيل وزارة التموين بالدقهلية-ومسئولى شركة سمارت بالمنصورة..إلى جانب سكرتير عام محافظة الدقهلية آنذاك اللواء أحمد الإدكاوى..وبكل صراحة يمكننى القول إن جميعهم لا يصلح حتى أن يكون موظفاً عادياً فى مجلس محلى قروى..وما كتبته حينها فى مقال موجه إلى الرئيس والمهندس إبراهيم محلب يفسر ذلك !!.

التموين يا سادة فى أى دولة تحترم مواطنيها هو المقياس الحقيقى لهيبة الدولة..لكن ما نراه الآن من التجار أو ممن يطلقون على أنفسهم «رجال الأعمال» الذين أصبحوا- بقدرة قادر- مليونيرية ومليارديرية بعدما كانوا «.....»..لهو أمر محزن حقاً..فمثل هؤلاء..نهبوا البلاد وأذلوا وأمرضوا العباد تحت مظلة حكم استمر أكثر من ثلاثة عقود..وبعد ثورتين قام بهما الشعب ضد الفساد والخيانة..نراهم الآن فى مواقعهم وكأن شيئاً لم يكن!!..ومثل هؤلاء أيضاً لم يخشوا الله فى فقير أو مريض أو جائع أو عارٍ فى ظل المؤامرة التى تتعرض لها مصر على يد قوى الشر العالمية.. والآن يجب أن نسألهم: ألم يحن الوقت أن تكتفوا بما سرقتموه من ثرواتنا ؟؟!!..وهل يمكن أن تساهموا فى رفع معاناة الشعب المكلوم فى هذه الظروف القاسية؟؟!!..وهل صحيح أنكم تشعرون مثلنا بأن مصر فى خطر.. أم أنكم محصنون ضد هذا الشعور؟؟!!..أسئلة كثيرة ومحيرة بحاجة إلى إجابات شافية..فحقيقة لا أدرى ما سبب صبر النظام على رجل أعمال كان عضواً بارزاً فى لجنة سياسات مبارك وهو يتجاهل وأمثاله من المنتفعين تجاوزات الخسائر التى تكبدناها من وراء توقيع اتفاقية «الرورو» مع تركيا.. ليقف حجر عثرة أمام الدعاوى المطالبة بإلغاء هذه الاتفاقية؟؟!!.

أكتب عن هذه الآلام بعدما سمعت حواراً من زوجة صديق لى وهى تعتذر لزوجها عن عدم مقدرتها على شراء ما يلزم بيتهما من خضار وفواكه بسبب ارتفاع أسعار السلع والأسماك واللحوم البيضاء والحمراء..لحظتها نظر إلىَّ صديقى متسائلاً: هو السيد الرئيس مش حاسس بينا ؟!.. وهل الأجهزة الرقابية لديها علم بما يتعرض له عامة الشعب من ارتفاع أسعار فواتير المياه والكهرباء والغذاء والدواء والملابس والمواصلات و.....؟!..وأثناء حديثنا تدخلت الزوجة بصوت حزين، مكلوم، وهى تضرب كفاً بكف بسبب تقاعس الجهات المعنية عن بمراقبة أسعار تلك السلع وغيرها – على الأقل – من الاحتياجات الأساسية للمواطن..وأضافت:لقد تركت هذه الجهات السوق مفتوحة لجشع وطمع المحتكرين حتى وصل المواطن إلى حالة من الضنك فى المعيشة جعلته ينقم على الدنيا ومن فيها.

وتساءل الزوج: أين جهاز حماية المنافسة وحماية المستهلك من هذا العبث ؟؟!!..واستطرد قائلاً إن الإجابة يؤكدها الواقع الأليم..فجميع الأجهزة الرقابية ما زالت تعمل فى جزر منعزلة عن بعضها البعض.. ضاربة بعرض الحائط – هكذا يبدو لى – بالمهام المطلوبة منها لحماية المستهلك..واستغرب صديقى مما سبق وقرأه عن رجل أعمال يمتلك وحده 8 آلاف فدان من المزارع و1700 فدان أخرى فى السودان وجنوب أفريقيا وتنزانيا فى أسواق الفواكه والخضار..وثان وثالث يمتلكان مساحات زراعية شاسعة بمدينة السادات التابعة لمحافظة المنوفية..ورابع كان وزيراً للإسكان سابقاً وشقيقه يمتلكان أيضاً مزارع شاسعة على طريق «مصر - إسكندرية» الصحراوى بالإضافة إلى عدد من المحافظات كالمنيا وأسيوط والفيوم.

بدورى قلت لهما إننى أيضاً قرأت عن جشع واحتكار عدد من رجال الأعمال..أحدهم معروف بامتلاكه إحدى المزارع الشهيرة بتصدير الفاكهة والخضار.. وثان يمتلك مزارع لإنتاج البطاطس.. وثالث كان رئيساً لغرفة الصناعات الغذائية.. ورابع كان رئيساً للمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية.. وخامس يمتلك شركة تجارية متخصصة فى تصدير المحاصيل المحمولة جواً مثل الفاصوليا الخضراء والبطاطا والبصل.. وسادس كان رئيساً لاتحاد الغرف التجارية.. وهو شريك رجل أعمال آخر متخصص فى تربية النعام وتصدير لحومه وجلوده وبيضه، وكلاهما يستورد الدجاج البرازيلى.. كما يمتلكان مصانع خضار وفواكه مجمدة ويعملان فى تصدير البرتقال والبطاطس والخوخ والفراولة بمشاركة نجلى أحدهما.. نضيف إلى هؤلاء رجال أعمال الإرهابية يتقدمهم المجرمون: خيرت الشاطر المسجون حالياً على ذمة قضايا إجرامية بحق الشعب قد تودى به إلى حبل المشنقة.. وحسن مالك الرجل الذى تآمر على اقتصاد مصر بالاتفاق مع تنظيمه الدولى الإرهابى.. هذان الإرهابيان يمتلكان مع غيرهما من عناصر الإرهابية سلسلة محلات وشركات ومؤسسات غذائية كبرى تتحكم هى الأخرى فى الأسعار..وخيراً فعلت الدولة حينما تحفظت على أموالهما وممتلكاتهما.

لكل ما سبق يجب طرح السؤال التالى : إذا كانت وزارة التموين والتجارة الداخلية بريئة من الاتهامات التى تربطها بكل رجال الأعمال – المعروفة أسماؤهم لدينا وغير المعروفة-فى مجال الزراعة واللحوم والألبان والحبوب و.. فلماذا لا تبدأ الآن بمواجهتهم حتى ترحم المواطنين من جنون الأسعار الذى أكل ما تبقى فى جيوبهم الخاوية أصلاً؟!..ولماذا لا تشترى هى الاحتياجات الأساسية للمواطنين من المصدر مباشرة وتطرحه بالأسواق مثلما تفعل القوات المسلحة سواء عن طريق منافذها المتنقلة أو مجمعاتها الاستهلاكية أو البائعين البسطاء الذين يعتمدون فى معيشتهم على هذه السبوبة.. مع ضرورة تشديد الرقابة على الأسعار لقطع الطريق أمام «الأباطرة» الذين يتحكمون فى الأسعار فيرفعونها وقتما يشاءون ويخفضونها وقتما يشاءون..فهناك من يؤكد أن عدداً لا بأس به من رجال الأعمال يسيطرون على 90% من عمليات الإنتاج والتوزيع فى الأسواق المحلية والتصدير للخارج..وأظن أن هذا هو ما صرح به أيضاً وزير التموين منذ أيام قليلة مضت!!.

وكلمة أخيرة أقولها إرضاء لضميرى وعرفاناً بإخلاص الرئيس وخوفاً على هذا الشعب المكلوم..الجميع الآن يريد أن يعرف سبب صمت الجهات المعنية على ترك وزير التموين فى منصبه رغم ارتفاع هامش الربح الذى يذهب إلى «كروش» معدومى الضمير ممن يتحكمون فى لقمة عيش الشعب؟؟.. فنحن الآن ومن قبل فى حالة حرب شبيهة بحرب الاستنزاف..كانت الدولة هى الشعب..وكان الشعب هو الجيش..وكان الجيش هو الحارس الأمين-كعادته- على الوطن..لذا أناشد الرئيس بالحذر كل الحذر من حملة المباخر وسدنة «المحسوبية» فى تعيين مسئولين عليهم علامة استفهام فى مناصب مهمة لخدمة منظومة الفساد التى تسببت فى ضياع حقوق الشعب ونهب أراضيه والعبث بمأكله ومسكنه وصحته.. سيادة الرئيس نحن خلفك.. ندعمك حتى آخر قطرة دم فى أجسادنا طالما اهتممت بالفقراء والمرضى وأصحاب الحاجات ممن لا يمتلكون لا مالاً ولا أرض..فهل وصلت رسالتى؟!.