رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطر.. خطر.. أنقذوا الخزانة العامة


الأرقام لا تكذب.. الخطر الأكبر الذى نتعرض له الآن يأتى من الارتفاع المذهل للدين العام.

خلال أسبوع حصلت الخزانة العامة على 20 مليار جنيه أذون خزانة وهى بفائدة أكبر من الفوائد البنكية.. ثم تقوم الخزانة بطبع أوراق نقديه.. ثم يتم فرد ومضاعفة الرسوم فى جميع المجالات لدى كل المواطنين. بعد ذلك كله يرتفع الدين العام ليقترب من.. ثلاثة تريليونات جنيه.. وهذا الدين لم يتم عبر تاريخ الشعب المصرى كله.. بل وصلت فوائد هذا الدين إلى ما يفوق كل إيرادات مصر السيادية.. وهذا يعنى أن كل ما نملكه من ثروات أصبح مرهوناً لفوائد الدين العام فقط!!...

... هل يمكن أن يعيش مجتمع وثرواته أصبحت أقل من فوائد ديونه؟؟ هذا هو الخطر الأكبر الذى يتعرض له الوطن الآن. إن مسئول الخزانة العامة أصبح يتجه الآن لبيع ما نملكه من أسهم مملوكة لأصحاب المعاشات، حيث تقوم بإدارتها الآن الهيئة القومية للتأمينات والتى تبلغ أكثر من مائة مليار جنيه.. فى شركات استثمارية وبنوك.. وهى أسهم تم شراؤها منذ سنوات طويلة.. وهى تقدر الآن بأكثر من قيمتها مرات عديدة. لم يعد الدستور يهم.. حيث نصت المادة 17 منه على أن أموال التأمينات أموال خاصة بأصحابها.. أى أصحاب المعاشات. وفوائد الأموال تعود إلى أصحابها.. وتستثمر استثماراً آمناً.. هكذا نصت المادة 17.

لكن ما يتم الآن هو الالتفاف حول المادة 17 وبيع ممتلكات أصحاب المعاشات والاستيلاء على أموالهم وتحويشة عمرهم وتحويلها إلى صكوك وسندات بالخزانة العامة إن ما يرتكب الآن ضد ممتلكات الشعب وأمواله وثرواته جعلنا نشعر بالخطر الكبير. لا توجد دولة فى العالم لديها خزانة عامة.. وخزائن خاصة، لقد أصبحت الصناديق الخاصة تمثل خطراً شديداً على إيرادات الدولة حيث يتم استقطاع نسب كبيرة من الأموال المحصلة كرسوم وضرائب والمتجهة إلى الخزانة العامة.. ولم يستطع أحد أن يقترب من هذه الصناديق الخاصة لأنها تمثل مستحقات ودخول الكبار فقط!!

أصبحت كل الإجراءت والقرارات توجه فقط إلى الطبقات الشعبية.. وأصبح الكبار بعيدين تماما عن هذه الإجراءات.

أن الثقافة المالية التى تحكمنا الآن تحمل كل الطبقات الشعبية من الطبقة الوسطى حتى من هم فى قاع المجتمع المسئولية المالية رغم أن هؤلاء لم يعد يملكون حتى قوت طعامهم.. بل هناك نسبة كبيرة بينهم تعجز الآن عن شراء الدواء والعلاج.. أننا نعيش الآن فى خطر داهم يأتينا مما تمارسه علينا الخزانة العامة.. لم يعد هناك من يسألهم أو يحاسبهم أو يرقب ما يحدث.. وهذا هو الخطر الكبير.

كيف يمكن لوطن يمتلك كل هذه الثروات وديونه أصبحت ترتفع يومياً حتى وصلت إلى إلى نقطة اللا عودة!!

ليس صحيحا أن الدولار هو الذى يرتفع.. بل الحقيقة أن الجنيه هو الذى ينخفض بفعل هذه السياسات.. لقد خرجت البنوك عن مهامها الاقتصادية فى الاستثمار.. وهو الواجب الرئيسى والمهمة الوطنية للبنوك المصرية.. لقد أصبحت أذون الخزانة العامة الطريق السهل للحصول على أرباح وفوائد أكبر لصالح البنوك مما تعرضه الخزانة العامة من فوائد أكبر لسندات الخزنة. إن أموال المودعين لدى البنوك أصبحت الآن أذون خزانة وليست أموالاً مستثمرة.. إن هذا يعنى أن استثمارات البنوك فى بناء المصانع والشركات والخدمات لم تعد تتم بالطريقة التى يجب أن تقوم بها البنوك فى مجال التنمية والاستثمار. لقد دفع أصحاب المعاشات الثمن غالياً الآن.. وضاعت حقوقهم القانونية والدستورية بسبب استيلاء الخزانة العامة على أموالهم، لقد استغلوا فينا كبر سننا ونسبة كبيرة من المرضى بيننا.. أيضا يعلمون تماماً أن قدرتنا على المقاومة أصبحت محدودة.. استغلوا كل هذا وحصلوا على أموالنا وحولوها إلى حزمة ورق بالخزانة العامة. إن الشعب المصرى كله بكل فئاته وطبقاته يدفع الثمن الآن من ارتفاع هذا الدين العام الذى أصبح يهدد أمن وسلامة الوطن كله وبرغم من هذا لم ولن يستطيع أحد وقف هذه المأساة. إن ارتفاع حاله الاحتقان الشديد داخل المجتمع الآن من جراء هذه السياسات المالية يوكد أننا نسير فى طريق خطأ تماماً. إن نسبة كبيرة من المواطنين أصبحت ترفض هذه السياسات حيث تتعرض لتجويع ممنهج ومقصود!!

إن وزيرة التضامن أصبحت تقدم حاضرنا وكل مستقبلنا إلى الخزانة العامة دون مراعاة لحقوق أصحاب المعاشات.

فى ظل هذا كله يعيش ملايين من المصريين يتقاضون معاشات 500 جنيه و600 و700 ومع ازدياد التضخم والارتفاع الجنونى للأسعار تنخفض هذه القيمة حتى جعلت الملايين فى حالة «زعل» واستنكار شديد لما يرتكب ضدهم.

إن الحل الوحيد لوقف ما تقوم به الخزانة العامة من تهديد الوطن كله بخطر لا يمكن منعه أو وقفه هو إجراءات حقيقية تعيد للمجتمع حقوقه وتأمن سلامته.

إن وزارة المالية ومن يديرون شئونها ووزيرة التضامن وأنصارها ووزارة التخطيط ثلاثة وزارات أصبحت تمارس سياسة تجعل وطننا كله فى خطر شديد. إن هذه الثقافة السائدة الآن لا يمكن أن تحقق أى تنمية.. بل لن يأتى أى مستثمر وهو يرى أن الدين العام أصبح يمثل خطراً شديداً على المجتمع كله. إننا نطالب بإعلان حقيقى عن الدين العام من خلال لجان مستقلة قضائية واقتصادية حتى يعلم الشعب أننا دخلنا فى كارثة بل أصبحنا مهددين بالإفلاس وهذا هو الخطر الكبير.. علينا أن ننقذ ما تبقى من الخزانة العامة قبل أن نصل إلى نقطة اللاعودة!!