رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" تدق ناقوس الخطر.. إسرائيل تنفّذ أخطر مخطط لتجنيد العقل العربى وتسميمه بأكثر من 200 محطة فضائية.. خبراء يحذرون: الاحتلال يغزونا فكريًا وإعلامنا ضعيف

جريدة الدستور

أخطر مخطط تنفذه إسرائيل حاليًا، هو مخطط اختراق العقل العربي، بهدف تجنيده والسيطرة عليه، فيما يعرف بمفاهيم التأثير الهادئ، وذلك عبر محورين أساسيين، أولهما الإعلام الإسرائيلي الموجه للعرب باللغة العربية، حيث تمتلك إسرائيل ماكينة إعلامية قوية، أكثر من 200 محطة إعلامية، وصحفيين، في جميع أنحاء العالم، وثانيهما ترجمة الأدب العربي ووضع برامج للتعايش مع العرب.

الكارثة الحقيقية، أن دولة الاحتلال تسمم عقول الأطفال والشباب العربى، بما تبثه من تضليل عبر هذه الآلة الإعلامية الضخمة، لكن الصدمة أن ذلك بات يتم بمساعدة العرب أنفسهم، وفقًا لما يقوله الدكتور أحمد حمّاد، أستاذ الأدب العبرى بجامعة عين شمس، الذى دق ناقوس الخطر، محذرًا مما يسمى بالتأثير العكسي، أى التأثير على العرب بالثقافة الصهيونية.

وأكد حمّاد، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن ترجمة الأعمال العربية، لا تهم القارئ الإسرائيلي بقدر ما تهم صانع القرار، حيث أن هناك محللين للشأن العربي، وأجهزة مخابرات، تعمل على التحليل العقلي للبرامج العربية، مهمتها انتقاء الأعمال الأدبية بعناية شديدة، بحيث تخدم الفكر الإسرائيلي، وهناك استراتجية عالية تنتقي خلالها الأعمال التي من المقرر أن تترجم، فلم تتم بشكل عشوائي، بل تترجم أعمال معينه بهدف توصيل صورة لصانع القرار للتعامل مع الآخر، ولمعرفة كيفية فهم طرق تفكيره بهدف إخضاع تلك العقلية والسيطرة عليها.

ويضيف، إن الإعلام العربي، المسلسلات المصرية، على سبيل المثال، بدأت تتجه ناحية التعاطف مع اليهود، والتعايش معهم، لكن من أين جاءت هذه الفكرة، وهذا التعاطف تجاه اليهود؟ بدأت تتسرب من خلال اللاوعي، دون أن نشعر، حيث بدأ العرب يخدموا المخطط الصهيوني الذي يعمل وفق ما يسمى بـ "مفاهيم التأثير الهادئ" التي يعمل عليها الاحتلال منذ عدة عقود، أي أننا كعرب ننفذ المخطط الصهيوني ولكن بشكل غير مباشر دون أن ندري.

ومن جانبه قال الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، إن إسرائيل تسعى بكل ما تملك إلى تضليل الشعوب العربية، عبر ما يقارب 200 محطة فضائية، مؤكدًا أن تأثيرها على العرب بعد أن كان جزئيًا، أصبح كليًا، فهى تبث محطات فضائية باللغة العربية، كما أن لها العديد من مواقع السوشيال ميديا، بدافع حب الفضول يقبل عليها الكبار والصغار وحتى الأطفال، ويكمن خطر تأثيرها على الشخص غير المستنير سياسيا، خاصة وأن هذه المواقع تهدف إلى شرح قضايا "دولة الاحتلال" من وجهة نظرها، أي من وجهة نظر أنها "المعتدي عليه" بحيث يكون تأثيرها قوى على السامع.

وأشار لـ"الدستور"، إلى أن الإعلام العربي غير قوى، كي يتصدى لهذا الزخم الإعلامي الصهيوني، الذي يهدف إلى القضاء على القضية العربية، لافتا الى أن هناك دول كثيرة بينها خصومات ومناورات سياسية، وحالة توتر، مثل ألمانيا وفرنسا، وأمريكا واليابان، أما في حالة إسرائيل فإن القصة مختلفة، لان القضية الفلسطينية لم تنتهي بعد والأزمة مازالت قائمة.

ولفت إلى ما فعله السفير الإسرائيلي الجديد في مصر، ديفيد جوفرين، حين يث فيديو على صفحة سفارة إسرائيل في مصر، على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، موجها للشعب المصري، باللغة العربية، واستخدم فيه العديد من الأمثال الشعبية ، والعامية العربية، وهي خطوة لم يقم بها أي سفير مصري في الخارج.

وتساءل لماذا لم يقم سفراء مصر في الخارج بالترويج والدعايا لبلدهم كما فعل السفير الإسرائيلي، الذي حاول من خلال الفيديو عرض مشروعات من الممكن أن تشارك فيها كل من مصر وإسرائيل؟ مشددًا على ضرورة أن نواجه الآخر بنفس سلاحه.

وتابع صادق، إن المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي ، للإعلام العربي، لا تخلو صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي، بجميع المستجدات على الساحة العربية والإسرائيلية، لكن اين المتحدث العسكري للسلطة الفلسطينية، أين المتحدث باسم حركة المقاومة ، نحن ماذا نفعل، هما فاعل ونحن مفعول بيه.

من جانبه قال، أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، إن هناك موجة منذ فترة طويلة من قبل وزارة الثقافة ووزارة المعارف الإسرائيلية تهدف إلى بث مواقع بالعربية وقنوات تستهدف العرب سواء أطفال أو قصر أو ناضجين، بهدف قبول إسرائيل، في العالم العربي، وتضليل العرب.

وأضاف لـ"الدستور"، أن إسرائيل حين أدركت فشلها على مدار 60 عاما في فرض ثقافتها، بدأت تتجه نحو اختراق العالم العربي بشتى الطرق، لافتًا إلى أن الإعلام العربي مقصر، ولا يوجه إلا القليل للمجتمع الصهيوني، فالبرامج العربية مثل برنامج "بالعبري الصريح"، والبرامج التي تبثها قناة فراعين، جميعها باللغة العربية، موجهة في الأساس للعالم العربي، فلا يوجد إعلام عربي موجه لدولة الاحتلال باللغة العبرية.

وشدد على ضرورة بث برامج توعية تهدف إلى نشر تاريخ اليهود بالتفصيل، حتى اغتصابها حقوق الشعب الفلسطيني، كما انه لابد أن يكون هناك دور قوي لجامعة الدول العربية في إرسال رسائل لدولة الاحتلال تهدف إلى السلام، وحل القضية.

وأكد الرقب أن إسرائيل تستخدم ما يسمى "بالغزو المعاكس" حيث تعمل على ترجمة الأعمال العربية، لفهم هويته، ونقاط ضعفه ، لذلك نجدها تستغل الصراع السني الشيعي في الوطن العربي، كي تؤجج الأقليات ضد الشعوب.

ومن جانبه قال، عبد القادر ياسين، الكاتب السياسي، والمؤرخ الفلسطيني، إن هناك هجمة إعلامية صهيونية شرسة موجهة للعرب، وذلك بالتزامن ارتفاع أصوات تطالب بالتطبيع مع إسرائيل، وتل أبيب باعتبارها دول عدو تحاول اختراقنا بشتى الطرق، لذلك علينا أن نهتم بالمتلقي العربي المشوش.

وتابع ياسن في تصريحات خاصة لـ"الدستور"،أن الحل سياسي وليس تقنيًا، بحجب وسائل التواصل الاجتماعي، بل بتحصين الشباب، واستشهد بمقولة الفيلسوف الصيني، "صن تزو"، الذي قال إذا كنت تعرف العدو وتعرف نفسك فلست بحاجة للخوف من نتائج 100 معركة، فيمكنك أن تحقق ألف نصر في ألف معركة.