رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطلاق فى الإسلام.. وقانون الست


إن التردد فى الاختيار للزواج يعد عاملا مؤثرا فى احتمالات حدوث الطلاق وتفكك الأسرة، لان وجود عدة مبررات تلعب الدور الفاعل فى اختيار الشاب المصرى لشريكة حياته التى يرتبط بها، ومنها المركز والتكافؤ الاجتماعى والثروة وتقارب العمر، والانسجام والتفاهم، إضافة إلى عامل الحب كأساس للعلاقة الزوجية والواقع الآن...


... إن الاختيار أصبح يرتكز بشكل أساسى على الغنى والثروة والمركز الاجتماعى أكثر من العوامل الأخرى وهذا السبب كان وراء اكتشاف الدراسة بأن 52 فى المائة من المطلقات تغيرت وجهة نظرهن تجاه من طلقهن وعدم قناعتهن بمن ارتبطن به.

إن مدى استمرارية الحب بعد الزواج يلعب دورا كبيرا كعنصر وجدانى قوى فى دوام الأسرة والتقليل من حدوث العنف والتفكك الأسرى. إن 22.5 فى المائة من المطلقين والمطلقات أكدوا عدم استمرار الحب بينهما أكثر من سنة فقط، وإن 14.8 فى المائة أكدوا أن الحب استمر ثلاثة شهور فقط، وإن المشاجرات جرت وإن الخلافات كانت دائمة وأكد 7 فى المائة منهم أن الحب لم يستمر أكثر من عامين.

كما أكد 6.5 منهم أنه لم يستمر أكثر من ثلاث سنوات. إن المشاجرات والخلافات الزوجية تتوقف على مدى التفاهم والتوافق بين الزوجين، والتى تؤثر سلبا أو إيجابا، فقد يقع الطلاق بسبب الغيرة والشك والانفصال العاطفى وعدم الإنجاب أو تأخره أو تدخل الآخرين، نتيجة غياب التفاهم أصلا بين الزوجين. إن 50 فى المائة من المطلقين والمطلقات انتشار الخلافات والمشاجرات الدائمة حول كل صغيرة وكبيرة بينهما ما يمهد لاحتمالات وقوع الطلاق وتفكك الأسرة، ويلى ذلك انتشار الغيرة والشك بين الزوجين بنسبة 47 فى المائة ما يدعم استمرارية الخلافات والشجار بين الزوجين داخل الأسرة المصرية ومن ثم حدوث الطلاق والتفكك.

لذا هناك 10.5 فى المائة من المطلقين والمطلقات وقعت بينهم حالات انفصال قبل ذلك بالإضافة إلى عدم الإنجاب كعامل مساعد على زيادة التوتر والقلق وخلق الشجار بين الزوجين ومن ثم حدوث الطلاق. إن ما يقرب من نصف المطلقات أكدن أن تدخل الأهل فى الحياة الزوجية كان سببا من أسباب الانفصال والطلاق بنسبة 44.6 فى المائة ثم يأتى عامل الخلافات الدائمة والخصام بين أسرتى الزوجين بنسبة 21.9 فى المائة ما يؤدى إلى زيادة اضطراد التوتر فى العلاقة الزوجية.

كما تلعب عملية إفشاء الأسرار الزوجية للأهل والأصدقاء دورا فاعلا فى تفاقم الخلافات والشجار داخل الأسرة بنسبة 10.7 فى المائة ومن ثم الطلاق. إن هناك أسبابا أخرى ترتبط بالزوج وتكون وراء الطلاق وأهمها إهمال الزوج لحقوق الزوجة وهجرها بنسبة 24 فى المائة وتأتى بعدها عوامل أخرى هى: عدم تحمل الزوج للمسئولية والتقليل من شأن الزوجة والسخرية منها وعدم احترام آرائها وإحراجها أمام الآخرين، بالإضافة إلى العنف والضرب والاهانة ثم تأتى بعد ذلك العوامل الاقتصادية وبالتحديد الوضع الاقتصادى للزوج ثم علاقات الزوج المشبوهة وتعدد الزوجات وزواجه عرفيا من أخريات.

تتحمل الزوجة مسئولية الطلاق فى بعض الحالات لوجود عدة عوامل ترتبط بالزوجة وراء الطلاق وهى: عصبية الزوجة وضعف قدرتها على تحمل الزوج وتصرفاته وهذا يمثل 42.3 فى المائة من أسباب الطلاق ويأتى بعد ذلك عدم طاعة الزوجة لأوامر زوجها وعدم احترامها له والاعتراض على توجيهاته المصيرية.، ثم الإهمال وعدم تحمل المسئولية ثم ضعف مشاركتها فى تحمل أعباء الأسرة والشئون الأسرية مع التشاجر مع أهل الزوج وعدم التجاوب العاطفى. من الأسباب وراء الأزمة، منها «عمل الأب فى مهنتين لتوفير احتياجات الأسرة المالية إلى جانب عمل الأم، وحتى الأم غير العاملة تعانى كربة منزل وحدها بغير أب متفرغ، فيجرى تفريغ شحنة التوتر فى الأطفال».

إن الدولة تتحمل سبعة مليارات و950 مليون جنيه تقريبا سنويا من خلال مصروفات التقاضى ومرتبات القضاة والنيابة العامة والخبراء والمستشارين والعاملين فى النيابة العامة من سكرتارية وموظفين وإداريين، هذا فضلا عن تكلفة الحراسات الأمنية الضرورية للمحاكم أثناء نظر هذه القضايا وأثناء تنفيذ الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية، خاصة فى قضايا قائمة المنقولات والنفقة ومصروفات المحاكم. القوانين الموجودة أفسدت الأسرة المصرية يجب تغييرها لأنها تتصف بالفساد التشريعى والمطالبة بوجود المودة والرحمة بها.

كما أن قوانين الأسرة الموجودة بالطلاق والخلع والحضانة والرؤية وإثبات الزواج والنسب دخل عليها تشريعات أفسدت الأسرة المصرية. إن قانون الخلع الذى دعمته سوزان مبارك زوجة الرئيس المخلوع حسنى مبارك ومجموعتها من سيدات المجلس القومى للمرأة، هو أخطر وأهم أسباب ارتفاع معدلات الطلاق فى مصر. إن «هذا القانون لم يؤد فقط لارتفاع مفزع فى نسب الطلاق، بل أدى كذلك لوصول نسبة العنوسة إلى مستوى مخيف»... إن هذا القانون يعطى المرأة حقوقا تفوق كل ما كفلته لها الأديان السماوية، ويتجاهل المودة والمعروف والإحسان حين يفترق الوالدان، فتستطيع بموجبه الأم التى تختار الخلع أن تحرم الأب من رؤية أطفاله وكذلك كل أهله لإذلال الزوج والانتقام منه. ومن ثم تتجاوز مصيبة الطلاق إلى تنشئة أبناء كلهم عقد نفسية واختلال عاطفى ونقص بشع فى المبادئ والأخلاق، وهو ما حدث لمجتمعنا وتراكم على امتداد أكثر من ربع قرن الآن».لذا فإن منظومة الزواج فى مصر تحتاج لإصلاح جذرى، وليست فقط القوانين المنظمة التى أرادت الإصلاح فضاعفت من الأزمة. أن مكاتب حل النزاعات مجرد لافتات دون تأثير، وثقافة هذه المكاتب «كما كل مكان فى البلاد هى عبارة عن قليل من العمل كثير من الكلام»، فكان من المنطقى أن تأتى النتيجة متمثلة فى 14 مليون قضية طلاق متداولة فى المحاكم فى عام 2015، أطرافها 28 مليون شخص، بما يعادل أكثر من ربع المجتمع، وهو ما يعنى أن مؤسسة الأسرة المنتجة للبشر فى خطر. فالطلاق يترتب عليه بعض المشكلات والآثار السلبية على الأسرة والمجتمع، وتنعكس على الأطفال الذى يربون من أب وأم مطلقين من الناحية النفسية والاجتماعية والتربوية، بدءا من الاضطرابات النفسية إلى التشرد والانحراف والجريمة وغيرها، لأن المشكلة تكمن فى تغيير معايير اختيار الأزواج فأصبح الزواج مشروعا استهلاكيا، وسيطرت الماديات بشكل كبير وتراجعت القيم والمبادئ التى يجب أن تقوم عليها الزوجية..إن الطلاق فى الإسلام له أحكام وشروط وآداب، وليس مجالاً للعبث، بل تشريع حكيم وحكمة بالغة، واعتباره محطة لإطلاق الاتهامات والكوارث الاجتماعية، مفهوم خاطئ. فقد حث الإسلام على عدم الإسراف فى الطلاق، وطالب المسلمين على اتقائه ما استطاعوا إليه سبيلا»، مع ضرورة بناء صرح الحياة الزوجية على أُسس قوية ودعائم ثابتة، على الدين والأخلاق ومراعاة مبدأ التكافؤ بين الطرفين والعائلتين، فالزواج السليم أساس الأُسرة الصالحة.

أستاذ القانون العام -جامعة طنطا